الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


فبركة الصور والصور المفبركة

أحمد سوكارنو عبد الحافظ

2010 / 10 / 25
الصحافة والاعلام


لم يتوقف العالم عن فبركة الصور حتى قبل أن نتوصل إلى الاختراع المذهل المعروف ب"الفوتوشوب" الذى تستطيع من خلاله أن تفبرك أى صورة وتقوم بطباعتها لدرجة أن الضحية تصاب بالذهول عند رؤية الصورة المفبركة. وبالرغم من أن تغيير بعض الصور يتم على سبيل التسلية أو الدعابة غير أن بعضها يتم بغرض تحقيق أغراض دعائية أو لتشويه السمعة. وهذا الأمر دفع بعض الفضائيات المصرية إلى تقديم برنامج تحذيرى "فبريكانو" فى شهر رمضان الماضى حيث كانت المذيعة تقوم باستضافة أحد الفنانين أو الفنانات ثم يأتى فتى أو فتاة مدعيا أنه صديق الفنان أو الفنانة حيث يتم عرض صور "مفبركة" تؤكد هذه الصداقة. وفى الكثير من الأحيان يتشكك الفنان أو الفنانة فى الصور مؤكدا أنه لم ير الفتى أو الفتاة فى أى مناسبة من المناسبات. وفى نهاية الحلقة تكشف المذيعة أبعاد الخدعة والهدف من الفبركة وهو ألا نصدق كل ما نراه فقد يكون مفبركا.

تذكرت هذا البرنامج بعد أن قرأت عن الصورة التى نشرتها جريدة الأهرام العريقة الصادرة فى 14/9/2010م بعد إدخال تعديلات على الصورة التى بثتها وكالة اسوشيتد برس حيث يتقدم صاحب البيت "الأبيض" ضيوفه من الزعماء العرب، الرئيس مبارك والعاهل الأردنى والرئيس الفلسطينى ورئيس الوزراء الإسرائيلى. لقد قام محرر الأهرام بوضع صورة الرئيس مبارك محل صورة الرئيس أوباما. وفى الحقيقة فإنه ليس غريبا أن يتقدم صاحب البيت ضيوفه تماما كما يحدث معنا حين نستقبل الضيوف فى منازلنا.

لعل محاولات القائمين على أمر هذه الصحيفة العريقة لتبرير الأمر كان أكثر ضررا من الصورة نفسها. لقد أنبرى رئيس تحرير الأهرام فى برنامج "آخر كلام" على قناة "أون تى فى" مدافعا عن الخطوة التى اتخذتها الأهرام على اعتبار أن المحرر يرغب فى التعبير عن قيادة الرئيس لقمة المفاوضات الفلسطينية الإسرائيلية القادمة فى شرم الشيخ. وهذا مردود عليه لأن مؤسسة الأهرام التى تحتفظ بأرشيف معتبر تستطيع أن تجد صور عديدة للرئيس وهو يقود المفاوضات بين الطرفين ولاسيما أنها ليست أولى المفاوضات بينهما. ويستطرد رئيس التحرير قائلا إنه ليس خطأ مهنيا. وفى المقابل نقول إنه خطأ مهنى جسيم، خطأ كان يمكن تجاوزه لو تقدمت الصحيفة باعتذار بسيط. فكبرى الصحف العالمية تسارع بالاعتذار وباتخاذ إجراءات تأديبية حتى لا يتكرر الخطأ تماما كما فعلت صحيفة لوس انجيليس تايمز فى ابريل 2003م حين فصلت من الخدمة مراسلها فى العراق لإدخاله بعض التعديلات على صورة لجندى بريطانى يحتجز مدنيين عزل تحت تهديد السلاح فى البصرة. وكما فعلت صحيفة الديلى ميرور البريطانية فى 14 مايو عام 2004م والتى لم تجد غضاضة فى الاعتذار والإعلان عن فصل المسئول إثر نشر صور مزيفة تشير إلى جنود بريطانيين يعذبون أسرى عراقيين.

ما أصابنا بالدهشة والانزعاج معا هو أن رئيس تحرير الأهرام يحدوه إصرار أن الأمر كان اجتهادا يحييه ويشجعه. وفى ظنى أن شباب الصحفيين تلقوا رسالة مفادها أن تعديل الصور على وجه مناف للحقيقة هو صواب وسلوك طيب. كما أن مفهوم الحقوق الفكرية غائب عن الأذهان إذ إن الصورة ملك وكالة الاسوشيتد برس ولا يصح التصرف فيها إلا بموافقة الوكالة. الغريب أن رئيس التحرير استدرك فى النهاية وأعترف أن "الصحافة بطبيعتها عمل يومى، وهى من أكثر المهن المعرضة للخطأ".

أما رئيس مجلس إدارة الأهرام فقد طل علينا فى برنامج 48 ساعة على قناة المحور يوم الخميس 23 سبتمبر حيث صب جام غضبه على صحيفة مستقلة وعقد مقارنات بينها وبين الأهرام فيما يختص بالعراقة والتوزيع وغيرها. لعل رئيس مجلس الإدارة يدرك أن هذه الصحيفة التى يتحدث عنها محلية وتوزيعها لا يتجاوز الوطن العربى. كنا نأمل أن يشير إلى تأثير ما حدث على صورة مصر فى الخارج. فبسبب هذه الصورة المعدلة تعرضت مصر لانتقادات فى الصحف العالمية كصحيفة الجورازاليم بوست الإسرائيلية والتلجراف والجارديان البريطانية والواشنطن بوست الأمريكية وموقع شبكة سى بى أس.

الجدير بالذكر أن الأهرام ليست الصحيفة الوحيدة التى تورطت فى نشر صور معدلة. فالصور المعدلة ظهرت فى صحف ومجلات عريقة كمجلة دليل البرامج التلفزيونية فى أمريكا، التى فبركت صورة لاوبرا وينفرى فى عام 2005م وصور الصورايخ التى زورتها وكالة صباح الإيرانية وصور الرئيس الكورى التى زورتها وكالة ك سى ان ايه الكورية. وحتى الصحف الإسرائيلية خاضت التجربة. فصحيفة ياتيد نيمان قامت بنشر صورة تجمع بعض السياسيين الإسرائيليين منهم نيتنياهو وبيريز بعد أن حل رجلان محل سيدتين فى الصورة المعدلة. الاختلاف يكمن فى سرعة الاعتراف بالخطأ والاعتذار عنه بدلا من محاولات التبرير التى نراها فى مؤسساتنا.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. غزة ما بعد الحرب.. ترقب لإمكانية تطبيق دعوة نشر قوات دولية ف


.. الشحنة الأولى من المساعدات الإنسانية تصل إلى غزة عبر الميناء




.. مظاهرة في العاصمة الأردنية عمان دعما للمقاومة الفلسطينية في


.. إعلام إسرائيلي: الغارة الجوية على جنين استهدفت خلية كانت تعت




.. ”كاذبون“.. متظاهرة تقاطع الوفد الإسرائيلي بالعدل الدولية في