الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


اغلاق مؤقت باذن الله وباذن السلطة

محمد البدري

2010 / 10 / 25
مواضيع وابحاث سياسية


عائدون، هذا شعار اصحاب الفضائيات الدينية ومشياخها ودعاتها. فالعلاقة بين السلطة وبينهم متشابكة وتبدو عصية علي الفهم من فرط سهولتها. فالاستغناء عن بعضهم البعض مستحيل بحكم طبيعة الايمان وطبيعة نظام الحكم.
لم يفرض المشايخ تواجدهم بالقوة وبالعسف ، لسنوات طويلة، في الاعلام الفضائي المتجاوز للسماوات السبع. إنما السلطة قد فرشت لهم البسط الحمر وربما عزفت لهم الموسيقي وادت ايضا التحية احتراما وتقديرا، بل ودفعت لهم اموالا. خدمت هذه الفضائيات بخطابها التهديدي والوعيدي السلطة بادخال الخوف والرهبة في عقول الناس وتعليمهم عدم الافتئات بشكل عام او النقد بشكل خاص لكل ما يلقي علي اسماع المتلقين. ففي اوقات الراحة من الاجهاد الديني للعقل يمرر السياسي خطابه وقراراته فلا يجد نقدا او اعتراضا اللهم الا من الضالين الخارجين عن طوع المشايخ وحظائر السياسة وما اقلهم رغم كثرة الموعودين بنار جهنم من الضالين والغير منصتين للمشايخ والفقهاء.

تردد السلطات ان المواطن المصري، خاصة والعربي عامة، مواطن صالح. فمواصفات الصلاح عندها ان يكون الفرد مسلوب الارادة، يطيع ولا يعترض، يبرر ولا يفهم، ينفذ ولا يناقش. وإذا سأل فمن أجل معرفه معروفة مسبقا. وهذا اول لغز سهل حله بين السلطة واهل الفضائيات. فالمواطن بفضل الفضائيات الدينية اصبح لحوحا ويطلب الفتوي ليل نهار وفي مستصغر الامور.أصبح المواطن من صناعة المشايخ وليس من تربية السطة السياسية. فالسلطة افقر من ان ترعي مواطنا طالحا. فهل هناك اعظم من الاخضاع الديني عبر المشايخ من اجل صلاحه هذا!!! إنه امر تحتاجة السلطة حاليا بالحاح لأن حجم الفساد والترهل في الاداء للحياة المصرية سيدفع اي مواطن صالح او طالح للانفلات والغضب وليس فقط للسؤال. فمن لا يسال يظل غبيا ابد الدهر. لهذا فان جميع الاسئلة يجب ان تظل حول المعروف من الدين او السياسة بالضرروة، والا تحول الموطن الطالح محليا الي مواطن صالح عالميا. وهو خطر علي الدين والسلطة معا. انه فرط السهولة التي يصعب اكتشافها.

احتاجت الدولة هذا الكم الغث من الفضائيات الدينية لانتاج مواطن بمواصفاتها القياسية للصلاح. لكن ....
عندما أوي السادات نمرا لترويض الشارع السياسي، قتله النمر ثم التهم عقول المطلوب ترويضهم. وتأوي السلطة الحالية حيات وثعابين في فضائياتها التي صرحت بها واعطتها حق البث من قمر دفع المصريون جميعا ثمنه. لم يستطع السادات ترويض أحد الثدييات من اكلة لحوم البشر، وهو ارقي من الثعابين والحيات في المملكة البيولوجية، التي تنتهي بالانسان كارقي مستوياتها. فهل من الممكن ترويض الزواحف؟

بثت الفضائات الدينية الكراهية الزعاف وروح العنف عبر خطاب ناعم واملس كجلد الثعبان ومن اناس لا ينتمون الي مصر حضاريا حتي ولو بدا زيهم ازهريا في نادرالاحيان. نقلوا من مجتمعات اخري كل ما يفتت وحدة الوطن من خارجة الي الداخل وخلقوا جيشا هو وقودا لفتن دينية. واصبح المواطن عدو نفسه وعدو وطنه وعقله وتاريخه. ببساطة اصبح المواطن صاحب سوابق وينتظر فقط لحظة الضبط والقبض عليه. وهذا هو اصلح مواطن من وجه نظر السلطة. فحيثيات الضبط والاحضار والمحاكمة والحكم عليه بالادانة مضمونة بسبب مشايخ نناديهم بفضيلة فلان وفضيلة علان. قدم المشايخ والدعاة المواطن جثة عقلية للسلطة واما متهما بارتكاب الجريمة. كلاهما لا موضع لهم الا بالاحتجاز في مقبرة او الاستبعاد في مصحة. فهل تحلم السلطة صاحبة التوكيل الوحيد لتوليها بافضل من هؤلاء الرجال العظام واقمارها الفضائية. لم تكن الفضائيات التي اغلقت تبث شيئا جديدا او ذو قيمة الا بزرع فكر ديني علي نمط غير وطني و منتهي الصلاحية او علي الاقل فان حقوق النشر والاستخدام اصبحت مجانية لقدمها باكثر من 1400 عام. الم تتفق هنا ايضا اهداف الفضائيات واهداف السلطة؟
الجثة العقلية سهل التعامل معها. فالدفن هو الحل. أما إذا مارس المواطن العدوان بدلا من مواطن فاضل وعاقل وصالح حسب المواصفات العالمية، وهو امر يبدو مضاد للسياسة العربية فلا يبقي الا الضبط والاحضار. فلماذا اغلقتها إذن؟

فلنتذكر ان السلطة اغلقت منذ عدة اشهر احداها "الرحمة" عندما اعترضت اسرائيل وفرنسا علي فحوي ما يقوله شيخ الدعاة الجدد بها. عادت "الرحمة" علي نفس القمر وبتردد آخر، مؤدبة ومسالمة ضد الخارج لكن اكثر شراسة ضد الداخل لتعويض خسائرها. فبدا الامر واضحا. فضح المشايخ السلطة والعقد المبرم بينهم. بان السلطة باتت تراعي الخارج باكثر مما تراعي مواطنها. وان الدعاة يخافوا ولا يختشوش حسب المثل المصري الشهير. اليسوا صالحين طبقا لمواصفاتها !!!!!!!!!! واكتشف الناس ان الدولة تحرص علي خاطر الاوروبيين والاسرائيليين باكثر مما تحرص علي تنوير وحماية عقل مواطنها الصالح طبقا لمواصفات الدعاة والمشايخ والسلطة ايضا. وفي نفس الوقت ازدادت شراسة الدعاة الفضلاء ضد الرعية. فلا مانع طالما الامر لا يصب لصالح عقل المواطن الرشيد.

لهذا فإن مذبحة الفضائيات الاخيرة تبدو امرا شاذا، طبقا لما سبق بيانه. فلماذا نبحث عن الاسباب ونحلل السلوكيات؟ انه ظرف مؤقت تمر به السلطة ووعكة يمر بها الشارع؟ ظرف السلطة هو تمديد او تجديد عضوية من يملك السلطة تشريعيا وتنفيذيا. وهو أمر لا يحتاج الا مثل هذه الفضائيات. اما الشارع فالفتن الطائفية والتظاهرات السياسية تملا جنباته. من البرادعي الي المطالبة بتسليم نساء يدعي اسلامهن واصبحن من حرائر الفضائيات. اصبح الشارع ساخنا وهو امر غير محمود نتائجة علي الانتخابات.
لهذين السببين تم المنع مؤقتا حتي يخرج النظام من وعكته ويقوم بغسيل الكلي السياسي. وفي نفس الوقت يمنع الشارع من الانفلات برادعيا او دينيا. فالمطلوب من المواطن الصالح الطاعة وليس العصيان. فلم يبق سوي ايام قليلة علي الانتخابات فرصيد الطاعة والخضوع الذي وفرته الفضائيات يكفي بالكاد حتي تمر تلك الايام القلائل الباقية. لهذا جاء القرار سريعا قبل موعد الواقعة بقليل و ازوف الازفة التي ليس لوقعها كاشفة. مع انحسار الغمة وبدعوات الدعاة ومشايخ الفضائيات سوف تعود الفضائيات كما عادت الرحمة. فمنذ متي استغنت السلطة عن الدين لدعمها؟

الم نبدا المقال بشعار عائدون، ولا تتعجبوا ايها المغفلون. يقول الدعاة والمشايخ سنعود علي اسنة رماح السلطة. فلا استغناء لها عنا طالما هي لا تستطيع التخلص منكم.

لا شفاها الله منها وشفانا نحن منها ومنهم.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - الحصاد المُرّ
رعد الحافظ ( 2010 / 10 / 25 - 21:17 )
فعلاً السلطات إضطرّت الى غلق بعض هذهِ الآفات وليس القنوات الفضائية الدينية والعشبية والتي تعيش بالسحر والشعوذة والحسد وبيع الرُقيا , هذا كلّه عن العين حسب مايقول المثل , لأن أيّ ذو عقل بسيط يتسائل كيف يحكم الرئيس الحالي منذ ثلاثين عاماً ولم يستطع فهم أنّ هؤلاء المخلوقات مضرّة للمجتمع وللسلم الأهلي والإجتماعي؟
***
من ناحية أخرى , يمكن أصدّق بسهولة بما أراهُ على الشاشة بترويض الأفاعي
وسوف أصدّق بصعوبة بترويض العقارب أيضاً , وقد فعلها هندي ( إبن الذينَ ) أمام أنظارنا ووضع عدّة عقارب سوداء وصفراء على وجهه وصدره
كل شيء معقول , لكن أن أصدّق وأثق ب وهابي متزمت متطرّف .. فمستحيل
هؤلاء يدخلون في شهر عسل مع أيّ جهة , ويمارسون كل الرذائل ويبيعون كل شيء حتى شرفهم لو كان عندهم منه شيئاً , ثم يقولون لنا / الضرورات تبيح المحظورات
يعني الغاية تبرر الوسيلة
ألم تسمع هذا الفتى / فيصل شهروزي , عندما سألته القاضية الأمريكية , كيف تحاول تفجير الناس؟ ألم تُقسم على الولاء للبلد ؟ أجابها : نعم فعلتُ لكنّي لم أكن أعني ذلك
ههههههههه
تصوّر أخي محمد البدري أين يصل سمّ تلك العقارب ؟ تحياتي لجهدكَ الرائع


2 - بزينس وضحك علي الذقون
محمد حسين يونس ( 2010 / 10 / 26 - 03:50 )
هذة الفضائيات في الغالب مربحةوالا ما التفت لها اصحاب الذقون في الارض المحروسة والارض المنحوسة.. وبالطبع لا يهتم اى بزينساوىبالعائد الاجتماعي ..عموما الشعب المصرى اذكي من ان يسوقة هؤلاء الافاقون ويترك هذة القنوات الي قنوات البورنو التي تتمتع باعلي نسب مشاهدة في المنطقة لدرجة اثرت علي الانتاج القومي لان العاملين يسهرون لساعات متاخرة يشاهدون ما لا يقل عن مليون موقع يقدم كل انواع الخدمات بما في ذلك هوم دليفرى ..لاتلق بالا لنباحهم فاليات السوق ليست في صالحهم خصوصا بعد ان ينتهي بترولهم وتتوقف الدولارات ..الهي يتفقروا


3 - غباء السياسة في مواجهة ذكاء الدين
عهد صوفان ( 2010 / 10 / 26 - 07:13 )
كما تعرف يا صديقي نشأ الدين كمشروع سيطرة سياسية ناجح ومع تطور الحياة تضخم الدين وصار مؤسسات كبيرة قائمة بذاتها لها سلطة وقوة كبيرة واحيانا تفوق قوة المخترع الأول. هذه العلاقة صارت كعلاقة القط والفأر يحاول السياسي ان يفوز بها ولكن ليس دائما. لأن المؤسسة الدينية اشترت الكثير من النفوس ووعدتهم بجنان الخلد والنساء والحور وانهار العسل والخمر. وصار صعبا على الأنظمة الغبية ان تواجه ذكاء المؤسسة الدينية المدعومة من السماء
اعتقد ان المعركة ستكون لصالح الدين لأنه موحد حول هدفه ومشروعه بينما الدولة منقسمة ولا تعرف ماذا تريد أحيانا نقول انها تخبط خبط عشواء
تحية واشكرك على المقال القيم


4 - دين السلطة .. ودين الناس !!
سعد فتحي ( 2010 / 10 / 26 - 17:36 )
سيدي محمد البدري كل التحية و الاحترام لما قدمتم ,ان ما افهمه من مقالكم المميز يجعلني افهم ان طبيعة العلاقة بين السلطة و رجالها هي علاقة تامرية علي شعبنا ثقافة و تاريخ .
وهو ما اوفقكم عليه بالكلية – اما ان السلطة تفقر من ان ترعي مواطنا صالحا فهنا وقفة اعتقد انكم توافقوني عليها – ان معاير صلاح المواطن لدي السلطة تم احالتها لرجال دين السلطة ,لتصبح القنوات الفضائية مسئولة عن اعداد المواطن الصالح و الجاهز و الموهل لان يحكم من قبل هذه السلطة و رجالها الذين اتفقوا فيما بينهم علي تهذيب و اصلاح الشعب لان يحكم دون اسئلة الا فيما يتفق مع ما هو معلوم من الدين و السياسة بالضرورة.
اما عن ان المواطن من صناعة المشايخ و ليس من تربية السلطة – فانا اتصور ان المواطن و المشايخ من صناعة و تربية السلطة التي رسمت خريطة ادارتها منذ اغتصاب السلطة و الشعب في عام 52 وهي خريطة واضحة المعالم- خريطة تاميمية – ليس لنا فيها دور للمشاركة في الشئون السياسية و لضمان ذلك اخترعت السلطة الة دينية تلهينا عن شئون دنيانا
سيدي ان السلطة الفاشية لابد و ان تصنع لها كاهنا اعظم لتغيب المحكومين .

اخر الافلام

.. حسين بن محفوظ.. يصف المشاهير بكلمة ويصرح عن من الأنجح بنظره


.. ديربي: سوليفان يزور السعودية اليوم لإجراء مباحثات مع ولي الع




.. اعتداءات جديدة على قوافل المساعدات الإنسانية المتجهة لغزة عب


.. كتائب القسام تعلن قتل عشرين جنديا إسرائيليا في عمليتين شرقي




.. شهداء ومفقودون بقصف منزل في مخيم بربرة وسط مدينة رفح