الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


ما صمتكم أيها الجياع !؟

رضا الظاهر

2010 / 10 / 26
اليسار ,الديمقراطية, العلمانية والتمدن في العراق


يرفل متنفذون، كالعادة، في نعيم، أما ملايين المحرومين ففي جحيم. ولا يعرف أهل النعيم سعياً إلا الى ضمان امتيازاتهم ومراكمة المزيد من مغانمهم.

وفي كل طور هناك هم أساسي تخضع له سائر الهموم، وقد تتوقف تلك الهموم عند حدودها حتى تنضج صورة الهم الأساسي، فيبدأ المتنفذون، بعد أن تيقنوا من جني ما يريدون، بحديث يوحي لفظاً بأن ألماً يعتصر قلوبهم جراء معاناة المحرومين، فيطلقون التصريحات تلو التصريحات لإيهام الآخرين بأنهم سيحلون معضلات الناس وسيملأون الأرض عدلاً حتى قبل أن يظهر صاحب الزمان!

والحق أن الجياع شبعوا من هذه الوعود، اذ سرعان ما يتخلى عنها السياسيون المتنفذون ما أن يحققوا ما يبغون. فهاهم يستمرون، للشهر الثامن على الانتخابات ووعودهم ارتباطاً بها، في صراعهم على النفوذ، دون أن يلتفتوا، حتى للحظة، الى ما يكابده ملايين الجياع الصامتين، المكتوين بنيران العوز والحرمان.

ومادام الصراع على السلطة محتدماً فلا ينبغي علينا أن نبقى أسرى سذاجاتنا، فنتطلع الى مثل هذا النمط العجيب من السياسيين من أجل أن يتحسسوا عوز المحرومين وجوع الملايين، و ... "ما مرّ عام والعراق ليس فيه جوع" !

فقد كشف الجهاز المركزي للاحصاء وتكنولوجيا المعلومات، مؤخراً، أن سبعة في المائة من العراقيين يعانون من سوء التغذية، أي أن هناك ما يزيد على مليونين من الجياع في البلاد التي ستكون ميزانية عامها المقبل 87 مليار دولار، بينما لديها فائض مالي يزيد على 50 مليار دولار تعجز عن متابعته.

وأشارت الاحصائيات الى أن نسبة انعدام الأمن الغذائي موجودة في كل المحافظات، غير أن أعلى نسبة حرمان غذائي سجلت في محافظة ديالى، حيث نصف سكانها يُعَدّون من المحرومين غذائياً.

وكانت تقارير محايدة قد أشارت في تموز الماضي الى أن نسبة الفقر في العراق تقترب من حاجز 40 في المائة، بينما شكّل من هم تحت خط الفقر 23 في المائة، وأن فقراء الريف أكثر من فقراء المدن. ففقراء الريف يشكلون 39 في المائة مقابل 16 في المائة من فقراء المدن. ومن بين الحقائق الصادمة أن نسبة فقراء الريف ترتفع في المثنى الى 75 في المائة وفي بابل الى 61 في المائة وفي واسط الى 60 في المائة.

ومما لا ريب فيه أن معضلة الفقر هي من بين أخطر تجليات الأزمة الاقتصادية، وترتبط بتركة نظام الحروب والاستبداد، الذي فرض سياسة تجويع الناس وتركيعهم وشلّهم عن التفكير بالسعي الى حقوقهم الانسانية الأساسية، حيث كان الاعلان عن حقائق الفقر والجوع من بين المحرمات الكثيرة. كما ترتبط باخفاق حكومات "مابعد التحرير" في حل أزمات المجتمع وبينها الفقر. ولعل من بين تجليات الأزمة الاقتصادية ضعف نظام الحماية الاجتماعية، واشتداد معاناة الناس، خصوصاً في ميدان الخدمات، وفي توزيع مفردات البطاقة التموينية. هذا ناهيكم عن تركيز الحكومات على النواحي الأمنية والعسكرية على حساب الأزمة الاقتصادية التي تثقل كاهل الملايين، وكذلك انتشار البطالة وتفشي الفساد والنهب. ومما يبعث على الأسى والاحباط استمرار الرواتب الخيالية التي يتلقاها كبار المسؤولين في الدولة وأعضاء البرلمان، والتي لا نجد لها مثيلاً في أي بلد آخر، بينما يموت أناس جوعاً في بيوت صفيح وطين فوق تلال من نفايات، في البلاد التي فيها ثالث أكبر احتياطي للنفط في العالم.

أما السياسيون المتنفذون فلا يستحون من مشاهد الأطفال الباحثين في القمامة عما يسد الجوع، والمتسولات والمتسولين في شوارع دار السلام.

أيمكن لأحد أن يشير الى طفل سياسي متنفذ يعاني من عوز أو جوع ؟ أو عائلة مسؤول كبير يبحث أفرادها في القمامة عن كسرة خبز ؟ هل جاءكم خبر من يلهثون من أجل أكثر ما يمكن من المال في أقصر الآجال، قبل أن ينقلب السحر على الساحر ؟ هل سمعتم بقصص لا نظير لغرابتها إلا في بلاد الرافدين، وهي تكشف عن البراعة في النهب والثراء الفاحش والصفقات المشبوهة وغسيل الأموال ؟ أي انحدار في نمط السلوك والتفكير!

* * *

يتوهم من يعتقد أن حكومة محاصصات يمكن أن تخفف من الفقر، ناهيكم عن القضاء عليه، فتسهم في إخراج البلاد من أزمتها البنيوية. وكل حديث عما يسمى ستراتيجية لمكافحة الفقر مجرد تضليل ما لم تتوفر الشروط الحقيقية لانجاز هذه الستراتيجية.

ومن دون أن يرى المعنيون حقيقة التفاوت الاجتماعي والطبقي الذي يتفاقم، لا يمكن أن يدركوا جوهر القضية ويبدأوا الخطوة الأولى، "فما جاع فقير إلا بما مُتِّع به غني"، كما قال علي بن أبي طالب.

يا للأسى ! فقد هاجر نخل السماوة واختفى برتقال بعقوبة وأجدبت جنائن الحلة المعلقة وصارت الكوت، المحاطة بالماء، عطشى، وبات أهل الخيرات جياعا!

كيف ينام المتنفذون رغداً، وقد أمسوا شبعانين وجيرانهم جائعين؟

أنَسوا قول الرسول الكريم: "ما آمن بي من أمسى شبعاناً وأمسى جاره جائعاً" .. ؟








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - المصريون ليسوا بأحسن حالا
سيف السيد ( 2010 / 10 / 26 - 21:05 )
الاستاذ/ رضا
كتبت عن معناه الشعب العراقى
و بدون قصد قلت كل ما يعانيه المصريين
ما اشبهها هموم الانسان العربى.لست ادرى اقول المقهور ام الخنوع.؟
بوركت و عز قلمك
كامل احترامى


2 - حسن النوايا لا ينفع
سهيل حيدر ( 2010 / 10 / 26 - 21:12 )
حسن النوايا ياسيدي لم يعد منطلقا لشعوب الارض كي تأخذ زمام مبادرتها في امتلاك حرياتها .. بالحجارة والاطارات المحروقه ، اقتحمت شعوب الدول الاشتراكيه السابقه ما سمي بالبرلمانات الحره ، فهدت انظمتها الفاسده والمنتميه للغرب بعد فشل تجربة الاتحاد السوفيتي .. شعبنا في العراق ، تمزقه حرارة المناخ ولا يحرك ساكنا .. في حين يوجهونه بالملايين لاحياء شعائر لا تغنيه من الم وجوع ولا تساهم في انهاء مأساته السرمديه .. وفي اغلب الضن .. ان الانتخابات القادمه ستحمل في بطون صناديقها ذات الاسماء ، وذات الوجوه المشبعة بملامح السخرية بفقر الجماهير الغافله .. تحياتي لك واتمنى ان تكون كلماتك حجارة تساهم في تحريك البركة الآسنه


3 - جماهير شعبنا جاهلة ومضللة
أمير أمين ( 2010 / 10 / 27 - 08:56 )
عزيزي أبو نادية..أن ما قام به النظام المقبور هو عملية شراء الذمم وتجهيل المجتمع وغسل أدمغة الناس وترويضها بالضد من مصالحها الحيوية وأستخدم القسوة الشديدة مع المعارضين وحكام اليوم يسيرون على خطى النظام السابق في كل شيء..إستخدام الديماغوجية والمال وتعليق الصور وعبادة الفرد أو قلة من الأفراد والإغتيالات للخصوم بكاتم الصوت وفي كل الأحوال تبقى نفس الرموز ويبقى العراق أغنى بلد يعيش به أفقر شعب ويزداد به الطفيليون والمجرمون ثراء بينما يتفاقم الجوع والمرض والمآسي لبقية أبناء الشعب والذين يشكلون الأغلبية الساحقة وهم وحدهم المتضررين فلا هم كانوا قد إستفادوا من النظام السابق ولا شملتهم رحمة التغيير إلاّ بالقطارة بينما يكنز المتنفذون الملايين على حساب معانات وفقر سواد الناس ولا ندري متى تتغير هذه المعادلة اللاإنسانية ويشعر الإنسان البسيط إنه قد وقع بيد عصابة للسرقة والنهب والقتل والتجهيل وكيف يمكنه التخلص منها..أنا أعتقد أن هذه الفترة ستطول كثيراً لأنها ستبقى تدور وتلف نفسها داخل نفس الحلقةالمفرغة التي تنتفع من خلالها نفس الكتل.... وسحقاً للشعب الجائع الفقير المشرد في الخارج وداخل وطنه...


4 - الأحتلال اولا وقوى الاسلام الساسي تسايره
ناصر عجمايا ( 2010 / 10 / 27 - 09:49 )
العزيز رضا
من الذي غازل ويغازل الاسلام السياسي ، وتبنى الطائفية ؟ اليس الاحتلال ودروبه الاجرامية؟
الم يكن بامكانه التغيير ومن ثم استكمال البناء للمؤسسات بدلا من هدمها؟
باعتقادي ما خطط ومورس من قبل الاحتلال هو مدروس ومتفق عليه لتجويع الشعب ، وتقليد اساليب صدام السلفية الاجرامية للسيطرة على الشعب ، وجعله يرض وراء لقمة العيش والتفتيش بالقنانة ، والطفولة مشردة والارامل في زيادة والقتل مستمر ، والوضع معقد جدا بصعوبة اصلاحه على المدى القريب ، في بقاء الاحتلال والمحافظة على منفذي سياسته الاجرمية ، من اوجد الارهاب المنظم والعفوي ؟ اليس الاحتلال نفسه ؟ بممارساته المفتعلة في هدم البنى التحتية للوطن والشعب؟
الاحتلال يمارس فعله الأجرامي بعناد مدروس ، بامكانه ان يغيير الوضع الحالي بساعات وليس بأيام
لكننا نسال هل يفعل ذلك؟ وهل مستعد ان تضرب مصالحه جميعها ؟ انني اشكك بذلك وهو غير مستعد ، وهو يعلم يقينا العصابة الاسلامية السياسية والطائفية المقيتة هي التي تخدمه على مدار الساعة في العراق... تحياتي


5 - انهم بحاجة الى قيادة
سعاد خيري ( 2010 / 10 / 27 - 10:01 )
بحاجة الى توعية وتعبئة وتنطيم الى طليعة تخوض النضال الجماهيري من اجل حقوقهم هذه الحقيقة الغائبة حتى الان وان بدأت بعض التحركات الجماهيرية التي قمعت بقسوة

اخر الافلام

.. قوات الاحتلال تخرب محتويات منزل عقب اقتحامه بالقدس المحتلة


.. بلينكن: إسرائيل قدمت تنازلات للتوصل إلى صفقة ونتنياهو يقول:




.. محتجون أمريكيون: الأحداث الجارية تشكل نقطة تحول في تاريخ الح


.. مقارنة بالأرقام بين حربي غزة وأوكرانيا




.. اندلاع حريق هائل بمستودع البريد في أوديسا جراء هجوم صاروخي ر