الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


سباق الفساد

ساطع راجي

2010 / 10 / 26
مواضيع وابحاث سياسية


تنشر هيئة النزاهة دوريا نتائج استبيان شهري تجريه لتكشف عن مستويات الفساد في مختلف مؤسسات ودوائر الدولة العراقية، وخلال عدة اشهر تناوبت على المراكز المتقدمة في احراز سبق الفساد مؤسسات الدولة المركزية او في المحافظات وبشتى اصنافها وواجباتها، ورغم ما تثيره نتائج هذا الاستبيان الشهري من ردود افعال مستنكرة تصدر عن المسؤولين في المؤسسات والدوائر التي تحرز مراتب الفساد المتقدمة، لكن لا احد يعرف الاجراءات اللاحقة التي تتخذ لمعالجة وضع هذه المؤسسات.
الجميع في العراق يعترف بوجود نسب فساد عالية، فهاهي النزاهة تقول ان هناك ستة آلاف مطلوب بقضايا فساد بينهم 250 مدير عام في دعاوى بلغت قيمة الفساد فيها (446.891.000.000) وهذا الرقم من الفاسدين لوحده يكفي لافشال خطط التنمية في عدة بلدان وتدمير عشرات المؤسسات، كما ان وزير الصناعة فوزي حريري يعتبر الفساد في مقدمة الاسباب التي تعرقل النهوض بالقطاع الصناعي، كما ان وزير الداخلية جواد البولاني يعترف بوجود ايدي فاسدة حاولت تأخير اطلاق مشروع تسجيل المركبات واصدار اجازات السوق الذي تأخر فعلا لسنوات، بينما قررت الجامعة المستنصرية ايقاف الدراسة المسائية بعد اكتشاف العديد من الشهادات المزورة، الى غير ذلك من الاخبار والمشاهد اليومية لاستشراء الفساد.
صار هناك اعتراف رسمي وشعبي بوجود واستشراء وديمومة الفساد، وصار اقصى ما يستطاع هو تقديم احصاءات عن الفساد ومحاولة تقديم نماذج استثنائية عن حالات القبض على الفاسدين الذين اصبحوا يشكلون شريحة مهمة في المجتمع العراقي وهي شريحة تتغلغل في كل الشرائح الاخرى وقد اندمج الفاسدون في جسد مؤسسات الدولة وصاروا واقع حال علينا التعايش معه، فاعداد الفاسدين وطبيعة وجودهم المفصلي في المؤسسات المهمة ومستوى عمليات الفساد كلها تدفع الى اليأس من مستقبل ومصير المواجهة، فهؤلاء الفاسدون لا يتورعون عن ارتكاب اي جريمة للتغطية على ما يقترفونه وهم على استعداد لفعل كل شيء، ويبدو انهم تمكنوا من الامساك بمفاتيح سياسية وامنية مهمة واصبح الفساد بذلك هيكلية مترابطة لا تقدر على مواجهتها اي مؤسسة ولا حتى عدة مؤسسات.
الفساد المالي والاداري في العراق يحظى باعتراف اجتماعي يقرب من جعله سلوكا مقبولا واحيانا سلوكا محمودا يحسب لفاعله ولا يحسب عليه، وهناك في المجتمع من يعتبر "تسهيل الامور" خصلة حميدة حتى عندما تكون من الناحية العملية خرقا للقوانين واعتداء على المال العام وهضما لحقوق المواطنين لتفضيل مصلحة احدهم.
يمكن الاستمرار في احصاء عمليات الفساد والفاسدين وبث الاعلانات المؤنبة للفاسدين والناقدة للفساد دون اي نجاح في مواجهته التي يبدو انها تتطلب تفكيرا جديدا ينسجم مع الوضع في العراق، ولذلك لا بأس من التوجه الى البحث عن افكار خارج سياق المألوف من المعالجات الادارية والقانونية والامنية والبحث، حتى خارج العراق، عن خطط لتغيير جذري في مسار وآليات ادارة الدولة وهذه الحلول تحتاج الى قرارات سيادية عليا، ولا احد اليوم يعرف مستوى الفساد وقدرته في مواقع القرار العليا وبالتالي لا احد يعرف مستوى الاستعداد الفعلي لاتخاذ قرارات جريئة في مواجهة الفساد وفيما اذا كانت هناك ارادة سياسية حقيقية لادارة هذه المواجهة، في وقت تبدو فيه الحسابات السلطوية الضيقة هي الغالبة على تفكير الساسة وسط اهمال كبير لبناء الدولة والمحافظة على ادائها وتحسينه.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. نتنياهو: فكرة وقف دائم لإطلاق النار في قطاع غزة غير مطروحة ق


.. استقبال حجاج بيت الله الحرام في مكة المكرمة




.. أسرى غزة يقتلون في سجون الاحتلال وانتهاكات غير مسبوقة بحقهم


.. سرايا القدس تبث مشاهد لإعداد وتجهيز قذائف صاروخية




.. الرئيس الإيراني الأسبق محمود أحمدي نجاد يترشح لانتخابات الرئ