الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


]45[

خالد جمعة
شاعر ـ كاتب للأطفال

(Khaled Juma)

2010 / 10 / 26
الادب والفن


]1[
كأنها الصُّدفةُ
أدخلتني الحياةَ
دونَ حليبٍ
أو شهادةَ ميلادْ.

]2[
أدْرُجُ على الرملِ
في الحديقةِ السحريّةِ
أزرعُ مخلوقاتٍ سريّةٍ
وأقطفُ ذاكرةً من شاي الحطبْ

]3[
مليءٌ بالشمسِ
مليءٌ بالظلِّ
أُركِّبُ مفردةً على الخشبْ
وأملأُ إبريقَ الفخّارِ من عِناديْ

]4[
الحياةُ تلوحُ
فأرى أبي بيّارةً
وأمّي شجرةَ كينا
وجدّيْ مَثَلاً غريباً

]5[
ينزلُ الأعداءُ ساحةَ بيتِنا
يأخذونَ مفرداتي وشجرتي الصغيرةْ
وبديلاً للبيتِ
يمدُّ الجنديُّ قطعةَ حلوىْ

]6[
أوّلُ حصَّةٍ في المدرسة
تعلّمتُ كيفَ أقطفُ التوتَ
دون أن أجرحَ الشجرْ
ومشاعرَ البوّابِ الذي أكَلَهُ الظلُّ

]7[
الأنبياءُ كثيرونَ في كتابِ الدينِ
أحبُّهمْ جميعاً
أتعاطفُ مع يوسفَ في البئرِ
حينَ يجبِرُني المدرِّسُ والإمام

]8[
حربٌ طويلةٌ لا أفهمها
لكنها تُحزِنُني
لأنها منعت والدي
أن يروي لي القصص

]9[
يومها، لم أكن أعرف بعدُ
لماذا أكره هذا اللونَ على الجنودِ
وكانوا يطاردونني دون سببٍ
غير حجرٍ صغيرٍ ألقيتُهُ للتجربة

]10[
أكبرُ قليلاً
وشجرةُ الياسمين على بابِ جارتِنا
تفقدُ سحرَها
فقد هاجرتْ إبنةُ الجيران

]11[
أرى العمرَ طويلاً ما زالَ
ويراني الأولادُ زائراً غريباً
وأرى الكتابَ يفرِّخُ أصدقاءً
وبلاداً أسكُنُها وحدي

]12[
أنتهي من حراسةِ حقيبتي
وتنتهي خيولُ الأعداء من طفولتي
أُصبِحُ ناياً في الطريقِ إلى المدرسةْ
وخطّاً كوفيّاً في طريقِ العودةْ

]13[
تعالي أيتُها الحياةُ
تعالَ أيُّها الرملُ الأبيض
تعالَ أيها الصبّارُ
فأنا لم أتعلّم المجيءَ بعدْ

]14[
يزهرُ نبضٌ في دمي
وتركضُ كلماتٌ على الجدرانِ
لا يراها أحد
ولم يكتبها أحد

]15[
إمرأةٌ تأكُلُني
فأخجلُ من أصدقائي
فيما هم على جمرٍ
لأنَّ واحدةً لم تأكلهمْ بعدْ

]16[
ما هذا الذي يخرج من جلدي
ولِمَ تغطي النساءُ وجوههن
وقد كنت أجلس في حجورهنَّ
وأفعلُ ما أشاء؟

]17[
كثعبانٍ
يتقشّرُ جلدي
وتخرجُ فراشتان
وصوتُ نملٍ على رملْ

]18[
أعدُّ القضبانَ وأخطئ
ففي دائرةٍ كهذه
عليكَ أن تخطئ في العدِّ
كي تستطيعَ النومْ

]19[
أرى الثلجَ والجبل
وحَجَلاً وانتباهةَ انثى
ومدينةً لا تكفُّ عن البلادةِ
وولداً لا يكفُّ عن السؤال

]20[
يخرجُ الشِّعرُ من الخزانةِ
يمشي في وريدٍ وحدَهُ
أبلِّلُهُ كي يمضي
فيغريني وأتبعُهُ

]21[
دمي يشتعلُ بإيحاءات القهوةِ
حينَ يرسُمُها حطبُ البرتقالِ
امرأةً سوداءَ كبناتِ اورشليمْ
في جيدِها حبةُ هالٍ وأغنية

]22[
الشوارعُ ملأى بالشهداء
والشهداءُ طافحون بالأغنيات
وأنا أرمي نومي من الشبّاكِ
وأنامُ مرتدياً كاملَ عدّتي

]23[
رام الله، تُخرِسُ النساءَ جميعهنَّ
ترتديْ زنبقاً في الصباحْ
وخابيةَ نبيذٍ في المساءْ
وتتركُ الليلَ سائباً كغابةٍ بِِكرْ

]24[
جنودٌ على البحرِ، في البحرِ
وقلبي كذلكَ
والرملُ يفهمُ لكنّهُ يصمتُ
فيما لا أملكُ غير غيظي وقصيدتي

]25[
الراقصونَ الذينَ كبُرَتْ أحلامَهمْ
أجبروا الخشبَ على الغناءِ
فيما العازفُ الأعمى
يرى نهرين بين أصابعِهْ

]26[
مُهرُ الوقتِ، يتمرّنُ على القفزِ
أسمّي الندوبَ في الروحِ
حينَ يسقطُ أصدقائي دونَ وداعْ
وأنا أُحصي سقوطَهمْ من النافذة

]27[
أمسكُ الورقَ الأسودَ ببهجةٍ ملائكيّةٍ
لم أعرفْ يومَها أن الفَرَحَ الكبير
يجعلُ الآخرين
يعدُّونَ للمعركة

]28[
يأتونَ كطيورٍ تطلبُ الدفءَ والبحرَ
يُفلِتونَ من ضرائبِ الليلِ
يأكُلوننا، نأكُلُهُم
ثم يظهر أن المسرحيّةَ ارتجالٌ منذ البداية

]29[
اغترابٌ بين عالمين توأمين
تنزُّ لغتي من ثعالبَ على الرصيفين
الوردةُ لا تحبُّ الإسمنتَ
ولا ترى الفراغَ كي تشكو للسماء

]30[
يا الله!!!
كل هذا السحرُ مخبّأٌ في خزانة العالمِ؟
لماذا أعطوني علبةً إذن؟
لماذا أخرجوني منها إذن؟

]31[
يعودُ الطفلُ إلى دمي ركضاً
يختبئُ من النساءِ والمدنْ
يقبِّلُ يديَّ:
لا ترسلني إلى رحلةٍ أخرى...

]32[
أنقسمُ إلى جسدين
وما عدتُ أعرفُ أيهما أنا
البحرُ شاهدٌ محايدٌ
يناقشُ كلَّ جسدٍ على حدة

]33[
بغدادُ
تزفّني إلى النهرِ
أجلسُ منتظراً أسطورةً
تدمِّرُها الدبابةُ في الطريق

]34[
أفردُ أجنحةً من صُورٍ
وأخوضُ معاركَ من وهمٍ
وفي آخرِ الليلِ
أجدُ ألقاباً كثيرةً على سريري

]35[
يا أبي
أَخرِجْ لي بُرتُقالةً
من جيبِ قلبِكَ
فقد أدمنتُ البُرتُقال

]36[
أصنعُ شمعةً
من بقايا أحلامٍ على النافذة
وفي القالبِ المُرتَجَلْ
أنسى يَدِي معلَّقةً في الخيط

]37[
عشبةٌ غضّةٌ على القلبْ
ووردةٌ شهيّةٌ في مرمى العين
الهواءُ مصبوغٌ بالحنّاء
والنومُ لم يعُدْ ضرورةً

]38[
تأتيني
كصلاةِ الفجرِ
تلقي بلغةٍ وبحرين في حِجري
وتغيبُ تحتَ وِسادَتي

]39[
أممٌ من حدائق
تشربُ نبيذي
تأكلُ خبزي وتصلبني
ولا تمدحني ببيت شعر واحد

]40[
أخضُّ علبةَ الكلام
تخضُّني
وحوتٌ مهاجرٌ دائماً
يضحكُ دونَ سبب

]41[
تلتقطني قبّرةٌ من منامي
ترفُّ، تلفُّ
تزرعُني في منامٍ جديد
وتطيرُ تبحثُ عني

]42[
صفيرٌ في الأمكنةِ الخالية
يقعُ جبلٌ على كتِفي
وأكتشفُ ضياعي
فما كانَ القلبُ إلا صورةً في مرآة

]43[
أرى العالَمَ وهو يرى العالَمَ
وهوَ يرى العالَمَ ويبكي
الطائراتُ تحرِمُ الشتاءَ من خبزِهِ
وتحرمُ جارَتَنا من أفكارِها

]44[
المكانُ يبحثُ عن ذاكرتِهِ بين الأطفال
لم يعُدْ يعرِفُهُمْ
ما عادوا يذكرونَهُ
ما عادَ يهُمُّهُم

]45[
أزيحُ الليلَ عن مشهدٍ في الشبّاك
يا ألله كم أنت جميلٌ أيُّها الصُّبحُ
يا ألله
الحياةُ ما زالتْ ممكنةْ

26 تشرين أول 2010








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - عقبال الـ 145
جميل السلحوت ( 2010 / 10 / 26 - 18:55 )
اخي خالد
أتمنى لك عمرا مديدا وحياة سعيدة وصحة جيدة وعقبى للمائة والخمس واربعين وأنت في تمام العافية


2 - ]46[
ريتا عودة ( 2010 / 10 / 27 - 06:16 )
الحياة ما زالت ممكنة لأن هنالك شعراء ما زالوا قادرين على صنع الدهشة.
لقد تألقت في المقطع:

يعودُ الطفلُ إلى دمي ركضاً
يختبئُ من النساءِ والمدنْ
يقبِّلُ يديَّ:
لا ترسلني إلى رحلةٍ أخرى...

لو انك لم تشرح مما اختبأ الطفل، تكون الومضة أقوى لأنها تترك مجال التأويل للقارئ.


يعودُ الطفلُ إلى دمي ركضاً
يختبئُ
يقبِّلُ يديَّ:
لا ترسلني إلى رحلةٍ أخرى

بعدما رصدت كل ما في الحياة من وجع، وأتيت بالقرار: ما زالت الحياة ممكنة
توّجتَ الومضات بالألق.
أتمنى أن تبتعد عن الغموض وتجعل كتابتك في متناول كل قارئ.
كن بخير وحبر

اخر الافلام

.. فيديو يُظهر اعتداء مغني الراب شون كومز جسديًا على صديقته في


.. حفيد طه حسين في حوار خاص يكشف أسرار جديدة في حياة عميد الأد




.. فنان إيطالي يقف دقيقة صمت خلال حفله دعما لفلسطين


.. فيديو يُظهر اعتداء مغني الراب شون كومز -ديدي- جسدياً على صدي




.. فيلم السرب للسقا يقترب من حصد 28 مليون جنيه بعد أسبوعين عرض