الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الثاني عشر من أيلول 2004: لا نزال ندافع ولكننا نخسر

باتر محمد علي وردم

2004 / 9 / 12
الارهاب, الحرب والسلام


لم أكتب شيئا عن 11 ايلول 2001، لأنه لم يعد هناك ما نكتبه عن هذا اليوم، ولأن المهم هو دائما اليوم التالي بعد الكارثة. وها نحن بعد ثلاث سنوات من الحدث الفظيع الذي قضى على حياة 3 آلاف شخص منهم 650 من المسلمين في نيويورك وواشنطن نشعر وكأن هذا الحدث كان يوم أمس، لأننا لا نزال نعاني من تداعياته حتى الآن وربما إلى عقود طويلة قادمة!
لا زلنا في الثاني عشر من ايلول 2004 نفعل كما فعلنا في نفس اليوم منذ ثلاث سنوات. لا نزال ندافع عن ديننا وقيمنا وثقافتنا من تهمة الإرهاب ونستحضر كل النصوص التي يحفل بها الدين الإسلامي عن التسامح والحوار والأخلاقيات والإندماج مع المجتمعات الأخرى. ولا نزال نقلب في صفحات التاريخ الإسلامي عن فترات الإزدهار والحضارة والعلم والتي كان سببها الرئيسي الانفتاح على الثقافات الأخرى، ولا نزال نسجل يوميا الجرائم والأخطاء التي ترتكب ضد المسلمين لنضع منها مبررا لما يقوم به بعض المجانين والمجرمين من أبناء ديننا تجاه الآخرين!
لا نزال نقوم بهذا الجهد في كل مكان، وبكل اللغات المتوفرة في معارفنا، ومع كل الناس الذين يمكن أن نتحاور معهم. لا نزال نكتب ونتكلم بآلاف المجلدات عن قيم الإسلام الحقيقية، ولكننا نخسر المعركة، وفي كل يوم يمر نتراجع أمام هذا المد الهائل من الإرهاب الذي ينتشر بإسم العرب والمسلمين.
خلال سنة واحدة فقط، هي هذه السنة التعيسة حطم بعض الإرهابيين كل مقاييس الأخلاق، وسجلوا براءات اختراع جديدة في نوعية الإرهاب وقتل الأبرياء. في مدريد سجلت تنظيم القاعدة اختراع تفجير حافلات القطارات التي تنقل الأبرياء من المدنيين من وإلى أعمالهم، وفي العراق اخترعت مجموعات متطرفة اسلوب خطف الأبرياء وقطع أعناقهم، بل أن الخسة وصلت إلى مستوى اختطاف النساء اللواتي جئن إلى العراق في مهمات الإغاثة. ومن مدينة مسالمة في أوسيتيا في بلاد القوقاز الجميلة، جاءت الكارثة الأخيرة عندما تجرأ بعض المجرمين الذين خرجوا عن تقاليد المقاومة البطولية، باختطاف مئات الأطفال الصغار وتهديد حياتهم ومنعهم من الأكل والشرب قبل أن تأتي القوات الروسية لتكمل المأساة.
هؤلاء كلهم يدعون أنهم يقومون بأعمالهم تحت راية الإسلام، ويقومون بتجهيز اشرطة الفيديو وبيانات الإنترنت ويستخدمون كل أنواع تكنولوجيا الترويج للحقد والموت والقتل، لتلتقط وسائل الإعلام الأجنبية هذه المواد الإعلامية في أفضل استثمار لما يسمى حملة الإساءة إلى الإسلام.
إننا نخسر المعركة، وهذا ما يجب أن نعترف به. سيأتي زمن يكون فيه المسلم متهما ومطاردا في كل مكان، وتكون الصورة النمطية عن الإسلام هي تلك التي يصنعها المتطرفون من اختطاف وقطع رؤوس وتفجير وقتل أطفال ونساء. سوف نخسر كل قضايانا العادلة، ونخسر كل القيم الأخلاقية التي نناضل من أجلها، وسوف نصل إلى وقت تصبح فيه مهمتنا بالدفاع عن الإسلام مستحيلة.
أعجبني جدا ما كتبه عبد الرحمن الراشد في صحيفة الشرق الأوسط قبل أيام وأفاد فيه بأنه على الرغم من إننا نعلم بأن ليس كل المسلمين والعرب إرهابيين، ولكن المشكلة أن كل الإرهابيين تقريبا أصبحوا من المسلمين والعرب. واصجنا نبحث في كل العالم عن تنظيم آخر يقتل ويخطف ويفجر القنابل ضد الأبرياء فلا نجد بعد أن وضعت التنظيمات اليسارية الأوروبية والأميركية اللاتينية سلاحها ودخلت في العملية السياسية السلمية.
نعم أن العرب والمسلمين يتعرضون للقتل والإضطهاد العنيف من قبل إسرائيل والولايات المتحدة وروسيا وإلى بعض التضييق السياسي والثقافي في أوروبا وإفريقيا وآسيا ولكن الواقع أننا نحن الذين نساهم في دفن كل قضايانا العادلة بالتصرفات المهووسة لبعض التنظيمات الإرهابية، ولكن الأسوأ من ذلك محاولات التبرير والسكوت التي يمارسها البعض تحت شعار عدم الإساءة إلى النضال الإسلامي.
نكرر مرة أخرى ونقول أن من خطف الأطفال في أوسيتيا، وقتل المدنيين في مدريد وقطع رؤوس الأبرياء في العراق ليسوا سكان المريخ، ولا هم من الموساد الإسرائيلي ولا المخابرات الأميركية- مع أنهما قد يكونا من غسل دماغ هؤلاء المجانين- بل هم منا، ومهما حاولنا التغاضي عن ذلك فسوف نبقى وبكل أسف نضحك على أنفسنا ونعيش في وهم البراءة والطهارة الكاذب، متناسين الواقع الأليم.
علينا أن نفتح أعيننا، ونؤمن تمام الايمان بأن الذين يقتلون الناس بإسم الإسلام يشكلون أكبر خطر على الإسلام، وإذا كانت هناك بالفعل مؤامرة دولية لتشويه الإسلام فإن الذين يمارسون هذه الأعمال الإجرامية هم أفضل من ينفذ هذه المؤامرة.
إننا ننزلق نحو الهزيمة الحضارية في حربنا للدفاع عن الإسلام والعروبة، والعدو الرئيسي في هذه الحرب ليس الموساد ولا الولايات المتحدة بقدر ما هم القتلة الذين يتحدثون بإسمنا ويمارسون جرائمهم تحت شعارات قضايانا العادلة، والواجب أن نتبرأ منهم لا أن نجد لهم المبرر.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. الرئيس الأوكراني: الغرب يخشى هزيمة روسيا


.. قوات الاحتلال تقتحم قرية دير أبو مشعل غرب رام الله بالضفة




.. استشهاد 10 أشخاص على الأقل في غارة جوية إسرائيلية على مخيم ج


.. صحيفة فرنسية: إدخال المساعدات إلى غزة عبر الميناء العائم ذر




.. انقسامات في مجلس الحرب الإسرائيلي بسبب مستقبل غزة