الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


أزمة اليسار في الحقل السياسي الفلسطيني

شيرين الضاني

2010 / 10 / 27
التحزب والتنظيم , الحوار , التفاعل و اقرار السياسات في الاحزاب والمنظمات اليسارية والديمقراطية


يتحدد مأزق اليسار الفلسطيني في هامشية دوره السياسي وضعف تأثيره الاجتماعي منذ بداية عقد التسعينيات، إلا أن هناك أسباب ذاتية في الحقل السياسي الفلسطيني، منها الخروج من بيروت، وظهور الإسلام السياسي، واتفاق أوسلو، وسيطرة "فتح" على السلطة، وتهميش منظمة التحرير، وعدم إدراك المتغيرات الهامة والنوعية التي تمت على ضوء تشكيل السلطة الوطنية الفلسطينية عام 1994م، حيث تعاملت بعض القوى اليسارية بوصفها جزءاً من المشروع السياسي الناتج عن اتفاق أوسلو وانخرطت بالتشكيلات الحكومية والوزارية أو هيكلية السلطة، وتعاملت بعض القوى بتردد وإن انخرطت بالنهاية بالتركيبة الوزارية والحكومية، وتداعيات الانتفاضة الثانية، والانتخابات التشريعية الأولى والثانية، وسيطرة "حماس" على قطاع غزة، وقلة الموارد المالية لتنظيمات اليسار، بالإضافة إلى التحولات الاقتصادية والاجتماعية في المناطق المحتلة عام 1967م بعد قيام السلطة وبعد الانتفاضة الثانية وأثر الحصار على غزة.
وتشتمل المآخذ على قوى المعارضة اليسارية على المشاركة في نظام "كوتا"، الأمر الذي ساهم، في تشريع هيمنة تنظيم واحد على سياسة منظمة التحرير، وساهم في انتقال صيانة القرارات الوطنية إلى خارج تلك المؤسسات، وضعف الممارسة الديمقراطية داخل أحزاب اليسار عبر "تصنيم" مبدأ "المركزية الديمقراطية" داخليا، وفي علاقاتها مع الجمهور ممثلا بروابطه ونقاباته واتحاداته؛ واستعداد بعض قوى المعارضة إلى التنقل بين المعارضة والرفض والدخول في تشكيلات تنظيمية ليست ذات صدقية عالية على الصعيد الجماهيري، واستسهال الاستنكاف عن المشاركة في الأطر الوطنية الفلسطينية القيادية، أو التحالف غير الانتقادي مع قيادة "فتح"، والوقوع في أخطاء تكتيكية ذات أبعاد إستراتيجية كرفض المشاركة في الانتخابات التشريعية عام 1996. والانعزال عن العمل السياسي المباشر، أي المتمحور حول تنظيم الجماهير سياسياً، وعن خوض المعارك السياسية أساساً حول موضوعة السلطة وكل ما يمت لهذا الموضوع بصلة.

وهناك أسباب تتعلق ببرامج اليسار، وأسباب تتعلق بالبنية التنظيمية ودور الهيئات القيادية وما إلى ذلك، وأسباب أيديولوجية أو فكرية تتعلق بفهم اليسار للمرحلة، ومن المآخذ على اليسار الفلسطيني التحالف (سياسيا) مع تيار الإسلام السياسي المعارض للعلمانية والديمقراطية بمفهومها العصري ولمنظمة التحرير وبرنامجها، والمعترض (حتى وقت متأخر) على خطاب الوطنية الفلسطينية وبانت علاقة التحالف تلك كعلاقة تابعة (الاختباء وراء تنظيم له امتداد جماهيري بانتظار متغيرات) وارتباك تكتيكي، لكن المأزق الأكبر للمعارضة العلمانية يكمن في استمرار تشرذمها، وغياب إستراتيجية واضحة للتغيير السياسي والاجتماعي.

إن ما يميز اليسار هو مجموعة من القيم الاجتماعية والسياسية، التي يجب ترجمتها إلى برنامج سياسي، حيث يأتي دور التحليل العقلاني في رسم صورة عن الأوضاع القائمة في المجتمع والدولة، وعن القوة الاجتماعية القادرة على صنع التغيير وطبيعة أهداف المرحلة. ولكي يكون اليسار قادراً على ترجمة ذلك على مستوى التنظيم السياسي يجب ان يجري عملية مصالحة مع قضية الديمقراطية.

من هنا فإن وحدة القوى اليسارية كنواة لبلورة التيار الديمقراطي الواسع والعريض تشكل المهمة الرئيسية ليس فقط لقيادة الأحزاب السياسية اليسارية، بل كذلك إلى الشخصيات الوطنية والديمقراطية الكثيرة العاملة في المجال الديمقراطي أو الأهلي أو الاجتماعي، وكذلك للعديد من المؤسسات المؤمنة بالخيار الديمقراطي والتنويري المستند لقيم الحداثة والمواطنة المتساوية والمتكافئة كبديل للزبائنية أو العشائرية أو المذهبية أو الطائفية. ولا تكمن أهمية بلورة التيار اليساري الديمقراطي في إطار المسألة الاجتماعية بل تتعدى ذلك إلى القدرة على الإجابة عن تحديات الحالة السياسية في ظل انقسام المشروع الوطني والتجزئة السياسية والجغرافية السائدة، وفي ظل انسداد آفاق الدولة المستقبلية وتعثر مسار المفاوضات، الأمر الذي يستلزم الإجابة على أسئلة تستجيب لأهداف النضال الوطني الفلسطيني بالمسألة الوطنية أيضاً.
والإمكانية الوحيدة القائمة للقيام بذلك ضمن أساليب العمل السياسي في الدولة الحديثة هي الحزب السياسي، لأن الحزب السياسي هو التنظيم القادر على الجمع بين القيم السياسية والاجتماعية المنشودة المترجمة إلى برنامج سياسي شامل، وكذلك قادر على طرح مسألة السلطة السياسية في الدولة، بما في ذلك قضيتي الديمقراطية والاجتماعية، وقادر على تنظيم المواطنين سياسياً.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. تغطية خاصة | الشرطة الفرنسية تعتدي على المتظاهرين الداعمين ل


.. فلسطينيون في غزة يشكرون المتظاهرين في الجامعات الأميركية




.. لقاءات قناة الغد الاشتراكي مع المشاركين في مسيرة الاول من اي


.. بالغاز المسيل للدموع وخراطيم المياه..شرطة جورجيا تفرّق المتظ




.. الفيديو مجتزأ من سياقه الصحيح.. روبرت دي نيرو بريء من توبيخ