الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الحكومة الالكترونية والاهداف الكبرى وجدوى المبادرة

عبد الرحمن تيشوري

2010 / 10 / 29
الادارة و الاقتصاد


الحكومة الإلكترونية.. كم يكلف عدم وجودها؟
دراسة في جدوى المبادرة والاهداف الكبرى

عبد الرحمن تيشوري
شهادة عليا بالادارة


لقد اخترع المتطورون من الناس وسائل كثيرة لتوفير كل ما يمكن توفيره من الجهد المهدور في غير محله والوقت الضائع به وذلك لخلق الوقت الفائض (الذي تقاس به رفاهية الامم المعاصرة) من اجل المزيد من الاستمتاع به بالقراءة والتفكير والتامل والابداع والاختراع والتطوير والفن والموسيقى..الخ فاخترعوا وانتجوا وطوروا المواصلات السريعة والاسرع والاكثر سرعة من الطيارة والباخرة والسيارة والقطار TGV ..الخ الخ وكذلك اوجدوا وسائل الاتصال السريعة والمريحة من الايميل والفاكس والتيلكس والهاتف والخليوي..الخ والات الطباعة والخياطة والتعليب والتغليف والنقل...الخ وكل وسائل الانتاج عالية الانتاجية والمردود وحتى المؤتمتة والمربوطة منها...الخ وكل ذلك لزيادة هامش الوقت الحر لدى الانسان المعاصر لاستغلاله فيما تقدم
وكذلك طوروا الحاسوب ( الكمبيوتر ) للاسراع بواسطته في الانجازات العلمية والتقنية والفنية والابداعية..الخ وتخزين اكبر كمية ممكنة من المعلومات واستدعائها باسرع وقت ممكن عند اللزوم


منذ الحلقات الأولى في دراستنا لجدوى الحكومة الإلكترونية، ونحن نحاول
تحديد المعايير التي يمكن الاستناد إليها لقياس جدوى هذه المبادرة، وقد
ارتكزنا في هذا السياق إلى سؤال جوهري مفاده؛ هل سيكون العائد الاجتماعي
المتأتي من الجهود والاستثمارات الحكومية الضخمة لإقامة الحكومة
الإلكترونية كبيراً بما يكفي للحديث عن وجود جدوى اجتماعية واقتصادية
للمشروع؟
لقد وفقنا في طرح معادلات قياس تمثل أدوات ملموسة لتقييم التجربة.
وتفادينا في هذا السياق الخوض في الوعود المثالية أو التخيلات التقنية.
وكان من أهم تلك المعادلات القياسية: معادلة حساب تكلفة ساعة العمل
للموظف الحكومي؛ ومعادلة تكلفة المعاملة الحكومية على الفرد؛ ومعادلة
تكلفة المعاملة الحكومية على الشركة؛ ومعادلة قيمة المعلومة التي تحتويها
المعاملة الإلكترونية بالنسبة لمتخذ القرار.
وفي هذا العدد سنتعرض بعض ملامح جدوى الحكومة الإلكترونية على المجتمع
ككل، ونعتذر لمحبي الأرقام إذ لن نقدم لهم معادلة جديدة، وإنما نكتفي
بمناقشة الخلاصة النهائية لكافة المعادلات التي توصلنا إليها من خلال
الحلقات السابقة، كما أن هدف رفع مستوى حياة الأفراد يمثل قيمة اعتبارية
لا يمكن قياسها بأدوات الأرقام والمعادلات، لكننا سنحرص على أن نقدم
طرحاً موضوعياً بعيداً عن أي مبالغة أو تخيلات بشأن جدوى مبادرة الحكومة
الإلكترونية.

تحسين الأداء الحكومي

ترتكز مبادرة الحكومة الإلكترونية في خطواتها الأولى على إعادة هيكلة
الإجراءات الحكومية وقلب هرم الخدمات التقليدي، وهذان الإجراءات يمثلان
جوهر عملية التطوير الإداري والإصلاح الحكومي، التي غالباً ما تلقى
معارضة داخل الأجهزة الحكومية بين الحرس القديم وأصحاب الأفكار الشابة.
غير أن مبادرة الحكومة الإلكترونية تمثل نقطة وسطاً وهدفاً مشتركاً يلتقي
عنده كلا الطرفين، وبالتالي فإن فرصة النجاح في إعادة الهيكلة الإجرائية
للدوائر الحكومية تكون أكبر بسبب الحماس الذي تنطوي عليه مبادرة الحكومة
الإلكترونية.
وينعكس هذا التحسين في أداء الأجهزة الحكومية على جوانب عديدة، أهمها
إزالة الوقت المهدور في المعاملات الحكومية، وتوحيد مستوى تقديم الخدمة
للجمهور بغض النظر عن الفوارق الفردية بين المتقدمين لتلك المعاملات، إذ
يتحول قدر كبير من الإجراءات إلى الوسائل الآلية، وتزول المزاجية الشخصية
من قبل الموظف نفسه ترتفع، وتتعزز إنتاجيته بشكل مضاعف مقارنة بما كان
عليه الوضع في النموذج التقليدي للعمل الحكومي، ويقل تداخل الموظفين فيما
بين بعضهم البعض لإتمام الإجراء الحكومي، إذ توفر أدوات العمل الخاصة
بالحكومة الإلكترونية دخولاً لكافة البيانات والمعلومات الخاصة بالمعاملة
مباشرة من دون الحاجة إلى إشراك موظفين آخرين للتحقق منها.
علاوة على ذلك، فإن آلية مناولة المعاملات من موظف إلى آخر، كما من قسم
إلى آخر، تختصر إلى حد كبير، بل إن أدوات تنفيذ المعاملات في الحكومة
الإلكترونية تتخطى نطاق الأجهزة الوزارية بكافة ما تمثله من روتين
وبيروقراطية، كما أنها تكون في بعض النماذج عبارة للحدود، إذ تنتقل من
دولة إلى أخرى، كما يحدث في دول الاتحاد الأوروبي الذي أصبحت فيه إجراءات
الخدمات الصحية والتوظيف الإلكتروني عامة على مستوى القارة ككل.

خفض النفقات الحكومية

هذه نتيجة حتمية من نتائج عملية التطوير الادارى والاصلاح الحكومى التى
ذكرناها سابقا, بالإضافة إلى ما تتضمنة المبادرة من رفع لأداء الموظفين
الحكوميين وانتاجياتهم, وبالتالى تتم محاصرة البطالة المقنعة فى الاجهزة
الحكومية إلى اقصى حدود, ويتوقف الهدر الهائل فى المال العام نتيجة
التوظيف غير المدر وس, والذى يكو ن مفروضا فى بعض الاحيان على الإجهزة
الحكومية كنوع من الدعم والإعانة الاجتماعية لأفراد المجتمع وتخفيف وطأة
البطالة عليهم.
علاوة على ذلك فإن اختصار الوقت الذي تحتاجه المعاملة يتضمن توفيراً
كبيراً في النفقات على كل من الدوائر الحكومية والأفراد أو بالنسبة
للشركات المتعاملة مع هذا القطاع، وقد أطلقنا في مقالات سابقة المعادلات
التي تقيس تكلفة ساعة العمل للموظف الحكومي وتكلفة المعاملة الحكومية في
اليوم على الأفراد والشركات، وقد كانت الأرقام التي توصلت إليها المعادلة
مثار دهشة للعديد من القراء الذين لم يتوقعون هذا القدر من التكلفة إلتي
يتطلبها العمل الحكومي.
إلا أن هناك جوانب أخرى لتخفيض النفقات الحكومية نتيجة للمبادرة
الإلكترونية، أهمها الموارد الحكومية المشتركة، والمشتريات الإلكترونية.
كما هو معروف، فغالباً ما ينتج عن العمل الحكومي تكرار للتجهيزات
والإدارات والأقسام التي يمكن توحيدها ومكاملتها، وبالتالي تخفيض قدر
كبير من هذه النفقات، خاصة فيما يتعلق بالبنية التحتية التقنية، إذ بدلاً
من شراء ((سيرفر)) لكل إدارة للقيام بخدمة معينة أو تخزين بعض البيانات،
يمكن توحيد هذه الأجهزة في جهاز مركزي، يقوم بخدمة كافة الدوائر
والوزارات، وبالتالي يتم توفير قدر كبير من التكاليف والأعباء الإدارية،
وهناك أمثلة عديدة أخرى للتوفير في الموارد الحكومية من خلال التكامل
والمشاركة.
أما الجانب الآخر فهو توحيد المناقصات والمشتريات إلكترونياً، وتمثل هذه
الخدمة التي تفرضها الحكومة الإلكترونية عاملاً من أهم عوامل التخفيض في
النفقات، إذ يتم توفير مبالغ كبيرة على الدوائر الحكومية، من خلال رفع
كفاءة استدراج عروض الأسعار، مما يضمن الحصول على الأفضل والأقل كلفة
لمصلحة الدوائر، إضافة إلى ما توفره وسائل المناقصات الإلكترونية من
رقابة صارمة على عملية المشتريات، ما يمنع أي نوع من الخطأ أو سوء
الاستغلال للمال العام ويقطع الطريق على أي محاولة للانتفاع غير المسموح
من عملية الشراء، وهي آفة تحاربها الدولة وتعاقب عليها بكل صرامة نظراً
لانتشارها في العديد من دول العالم التي تعاني اقتصاديتها من هذه
الممارسات.
رفع مستوى التعليم

إن أول ما تبشر به مبادرة الحكومة الإلكترونية هو القضاء على الأمية
الإلكترونية، إذ يستدعي تحول الخدمات الحكومية إلى النموذج الإلكتروني
تأهيل الأفراد للتعامل مع وسائل الكمبيوتر والاتصالات، لذا فقد أطلقت
الحكومات التي طبقت هذه المبادرة عدة برامج للتأهيل والتوعية الإلكترونية
لمواطنيها، مما يرفع بالضرورة من خبراتهم ومهاراتهم التعليمية.
علاوة على ذلك، فإن الحكومة الإلكترونية تقوم على عدة مفاهيم أساسية،
أهمها توفير الفرص التعليمية لكافة الأفراد وفي كل مكان، لذا أصبح
التعليم الإلكتروني عبر بوابتها الإلكترونية، ومن خلال خدمة التعليم
الإلكتروني (e-learn)، وبالإضافة للكفاءة العالية التي يقدمها هذا النوع
من التعليم، فإن أسعار المساقات والمناهج الدراسية تكون مدعومة من
الدولة، بل إن بعضها مجاني، ولا سيما تلك المتعلقة بالمهارات الأساسية
لاستخدام الكمبيوتر.
وبذلك تفتح الحكومة الإلكترونية أمام الأفراد باباً واسعاً للتعليم
الأساسي أو الأكاديمي، وهو باب لم يكن مفتوحاً من قبل أمام المواطنين، ما
يوفر لهم فرصاً أفضل للعمل والإنتاج لتحسين ظروف حياتهم، كما أن هذه
الخدمة تعتبر بديلاً مجدياً للدولة توفر من خلالها قدراً كبيراً من
النفقات المخصصة للبنى التحتية الخاصة بالمؤسسات التعليمية، لاسيما
المعاهد العليا والجامعات، والتي تمثل في الكثير من الدول تحدياً
حقيقياً.

فرص أكثر للعمل

وخلافاً لاعتقاد البعض بأن الحكومة الإلكترونية ستؤدي إلى تسريح الموظفين
وإحلال الأجهزة الآلية في أماكنهم، فإن هذه المبادرة سيكون لها دور كبير
في تنظيم قطاع التوظيف في الدوائر الحكومية، وذلك من خلال تجميع كافة
المعلومات المتعلقة بالشواغر في قاعدة بيانات مركزية على مستوى الدولة،
إذ تسمح هذه البيانات للأفراد بالتعرف على الوظائف المتاحة في القطاع
العام، وبالتالي تكون الفرص متساوية للتقدم إلى العمل على قاعدة الكفاءة
ووضع الرجل المناسب في المكان المناسب، من دون الخضوع للمحسوبيات أو
الاعتبارات الجانبية التي تأتي على حساب العمل.
والأهم من ذلك أن قاعدة بيانات التوظيف تمثل أرضية أساسية أمام أصحاب
القرار للتعامل معها ودراسة معطياتها، بما يساعد في التخطيط ووضع الحلول
المناسبة بما يتلاءم مع حجم سوق العمل، وماهية التخصصات الفائضة أو
الكفاءات المطلوبة، وتساعد هذه البيانات من خلال تعميمها ونشرها على
الملأ كلاً من الباحث عن عمل والمستثمر على تحديد الاتجاه الذي يمكن
اختياره سواء للحصول على وظيفة معينة، أو لفتح المشاريع التي تتوفر فيها
العمالة المناسبة والماهرة.
دعونا لا ننسى أثر هذه المعلومات على القطاع الأكاديمي الذي ستساعده
الإحصاءات الخاصة بقطاع الوظائف على معرفة أولويات التخصصات الأكاديمية
المطلوبة لتنيمة المجتمع وتلبية متطلباته، وبالتالي يكون الاستثمار في
العملية التعليمية في مكانه الصحيح والمطلوب للتنمية ويحدث ما نطالب به منذ 20 عام وهو توافق مخرجات التعليم مع احتياجات سوق العمل








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. تشيل فلوسك في الذهب أم البنك .. بث مباشر تفاعلي حول أفضل طر


.. انتخابات الرئاسة التونسية... منافسة حقيقية أم إجراء شكلي؟ |




.. جولة داخل القاعة الذهبية للزعيم الراحل أنور السادات.. صوره و


.. الذهب العالمى يغلق تداولات الأسبوع على تراجع بسبب بيانات أمي




.. كيف ستتفاعل أسعار النفط مع حرب شاملة في الشرق الأوسط؟