الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


وثائق ويكيليكس تكشف عن فوضى أمريكية لا خلاقة ونظام عالمي إجرامي وحكم قمعي جديد

حيدر نواف المسعودي

2010 / 10 / 31
مواضيع وابحاث سياسية


وثائق ويكيليكس تكشف عن
فوضى أمريكية لا خلاقة ونظام عالمي إجرامي وحكم قمعي جديد
حيدر نواف المسعودي

كان أكثر ما يشتهر به الفيلسوف الصيني منشيوس عقيدته :( بأن الطبيعة البشرية خيِّرة)، كما كان يعتقد بتبرير قيام أفراد الشعب بالإطاحة بحاكم سيِّئ أو حتى قتله. وعرَّف منشيوس : (الحاكم السيِّئ بأنه ذلك الحاكم الذي يهمل مصلحة رعيّته ويحكمهم بقسوة)، ووضع حدودا لما يجب أن يكون عليه الحاكم والتي إن تجاوزها أو تخطاها فانه سيتحول إلى حاكم مجرم سيء وهذه الحدود عبر عنها بالقول : (أن الذي ينتهك حرمات الفضائل البشرية، يدعى قاطع طريق والذي يثلم العدالة يدعى وغداً، ومن كان قاطع طريق أو وغداً لا يصلح لتسنم زمام الدولة لأنه مجرد عضو فاسد في المجتمع، ينبغي بتره).
حينما يقوم الثوار بالثورات والانقلابات في أزمنة التغيير الثوري كانت البيان الثوري الأول يشير دائما إلى إنقاذ الإنسان من الظلم والعبودية والقهر وعذابات الديكتاتوريين والطغاة ، وحينما كانت الدول الغازية تحتل دولا آخر كانت تدعي إنها جاءت محررة لا فاتحة لإنقاذ شعوب تلك الدول من نير وعبودية وقهر حكامها الديكتاتوريين الطغاة .
واليوم تحتل الدول وتذبح الشعوب تحت ادعاء إقامة النظام العالمي الجديد ونشر الديمقراطية والحرية ومن اجل تحرير الشعوب والإنسان.
وأول قيمة تنتهك وتذبح وتهان بداية الثورات والحروب ومعارك التحرير هو الإنسان الذي يقتل أو يعتقل أو يعذب أو يمثل به ، فبعد كل ثورة أو انقلاب أو احتلال أو معركة تحرير تعمد القوة الصاعدة حديثا إلى السلطة والحكم إلى تصفية و إنهاء حكام ورموز ومؤيدي وموالي السلطة السابقة من الشعب أو حتى من تكلم بمفردة إشادة وترحم على الحكم السابق , ومن اجل إدامة الحكم الجديد أو الثورة الجديدة أو المحتل فلابد من الحكم بقوة الحديد والنار والقتل والتعذيب ، تحت مبرر إن للثورة أو للحاكم أو للمحرر أعداء يريدون إفشال التجربة أو الثورة الفتية وإسقاطها ، وتستمر نواعير القتل والدماء والقمع بالدوران وكل تجربة تبدأ بأكل أبنائها وأنصارها حتى تنهض تجربة جديدة تأكل من سبق ، وتدوم دوامة الرعب ، وأداة ووقود كل ذلك هو الإنسان الذي يدعي الجميع أنهم جاؤوا لتحريره من القهر والعذاب وقمع الطغاة .
وما حدث ويحدث ويستمر بالحدوث في العراق لا يخرج عن إطار ما تقدم ، والتجربة العراقية تكاد تنفرد بالتكامل في إحكام دائرة القهر والقمع ، فهناك احتلال ادعى ويدعى انه جاء لإنقاذ العراقيين وتحريرهم من سطوة وقهر ديكتاتورية نظام صدام ، ثم إن هذا الاحتلال وجد انه لم يكن دقيقا في فهم معطيات غزوه للعراق وانه ليس كما كان يتصور فقد تحول إلى قوة محتلة مقيتة لا تلاقي ترحيبا ولا قبولا وهناك كره متزايد لها لدى العراقيين حتى بين اؤلئك الذين استقبلوا قوات الاحتلال بادئ الأمر بالورود والزغاريد لأنهم بدؤا يدركون أن سبب المأساة وتفاقمها بهذا الشكل التراجيدي المحزن هو أمريكا و(فوضاها اللا خلاقة) التي نشرتها في كل العراق ، وبسبب تجريدها للبلد من كل مقومات القوة والدولة وبالتالي تركه نهبا للطامعين والأعداء بلا حول ولا قوة مجرد من أية قوة دفاعية تحميه .
أما النصف الثاني من دائرة المأساة العراقية الحالية والتي أوجدت وضعا مأساويا وانهيارا للعراق في كافة جوانب حياته ، فهو قدوم قوى وشخصيات تدعي إنها سياسية وطنية عراقية جاء بها المحتل على ظهور دباباته ، وقد طرحها المحتل وقدمت هي نفسها على أنها قوى بديلة عن النظام الديكتاتوري السابق وإنها قادمة من (اجل نشر الديمقراطية والحرية وإعادة كرامة وشرف الإنسان العراقي المنتهكة والمغتصبة على يد نظام ديكتاتوري بائد ، ومن اجل نشر الخير والسلام والأمان ، والعدالة وحقوق الإنسان ...الخ من الشعارات التي أصبح يطلقها المحتل والجلاد والمجرم على حد سواء من اجل تبرير الجريمة وإضفاء الشرعية على الدماء المستباحة).
ولكن وللأسف الشديد فان هذه القوى والشخصيات نسيت أو تناست أن قوى سياسية قدمت مع المحتل وحكومة قامت تحت ظل حراب وحماية المحتل ومباركته لن تنال ثقة الشعب ولن تكون حرة في إرادتها وقراراتها ، وان مصيرها مرتبط بمصير المحتل حين يبقى أو يزول ، وعلى ذلك فان هذه القوى السياسية وهذه الحكومة واجهت وتواجه يوميا رفضا ومعارضة ومقاومة متزايدة ، مما أدى إلى أن تكشف هذه القوى وهذه الحكومة عن وجهها الحقيقي البشع وعن تركيبتها القمعية المتوحشة المدفوعة من غريزة البقاء في السلطة والحكم وفرض الهيمنة والسطوة على الجميع والانفراد ما أمكن ذلك بالحكم والسلطة ، وهو ما لا يقل عنفا ورعبا عن إجرام وقهر وقمع وإرهاب النظام البائد ، بل إن هذه القوى والسلطة الجديدة تحاول الآن دراسة واستيعاب وفهم تجربة النظام البائد والتفوق عليها ، لان هذه القوى والسلطة فهمت بوعيها المندفع بتهور نحو الانفراد والديكتاتورية في الحكم ، إن إمكانية نجاحها في الانفراد والبقاء في السلطة لا يمكن تحقيقها إلا بالاستناد تماما على تجربة النظام البائد والتفوق عليها ومعالجة ثغراتها عن طريق المزيد من القمع والرعب والإرهاب ، لان النظام السابق نجح في البقاء في الحكم لما يقارب الثلاثة عقود بقسوة وعنف وإرهاب وقمع اقل بكثير مما يحدث الآن في العراق .
إن ما سبق من كلام لا يحتاج إلى كثير من الأدلة والإثباتات وهي كثيرة جدا وتتزايد وتنكشف أكثر يوما بعد آخر .
وهنا سأتناول جانبان فقط من جوانب انحدار وسوء التجربة العراقية بعد 2003 وإنها فعلا استمرار وامتداد للماضي السياسي والسلطوي السابق بكل مساوئه وإرهابه :
أولا : على مستوى سعي القوى السياسية والسلطة الحاكمة إلى إعادة النمط الديكتاتوري في الحكم والانفراد بالسلطة والقرار والحكم فهو يتمثل بتلك القوى والشخصيات التي تهيمن على المشهد والواقع السياسي العراقي منذ 2003 حتى هذه اللحظة ، فهل يمكن لأحد أن ينكر أن هناك قوى بعينها تهيمن بسطوة وقوة على الساحة السياسية منذ 2003 وهذه القوى لا تريد مغادرة المشهد السياسي ولا السلطة وهي لا تتيح أو تفسح المجال أو الفرصة مطلقا أمام الآخرين من القوى السياسية للمشاركة أو للتعبير عن رأيها أو إراداتها ورأي جماهيرها ، ثم إن هناك شخصيات سياسية من بين هذه القوى ترفض هي الأخرى مغادرة المشهد السياسي والسلطة ، وهذه الشخصيات تهيمن على السياسة والحكم في العراق منذ مجلس الحكم الذي أسسه الأمريكان وجاءوا بشخصياته ، ومنذ ذلك الحين أدمنت هذه الشخصيات السلطة والحكم ، وأصبحت لا تجيد أدوارا أو عملا غير ممارسة السلطة ، وأسست طبقة حاكمة لا يمكن بل ومن الصعوبة اختراقها أو إزالتها أو تغييرها ، وهؤلاء أصبحوا كأحجار الشطرنج ينقلون من مربع إلى آخر فتجدهم تارة نواب في البرلمان وتارة أخرى وزراء وتارة ورؤساء للحكومة أو للدولة أو مستشارين ... الخ وان لم يجدوا لهم مناصب فانه تستحدث لهم مناصب لاستيعابهم.
إما المصداق الأكبر على محاولات وسعي هذه القوى للاستيلاء على السلطة والبقاء والانفراد في الحكم بغض النظر عن رأي وإرادة الشعب هو الأزمة السياسية المستمرة منذ أكثر من سبعة أشهر والمتمثلة في إخفاق القوى السياسية الحاكمة والمتنفذة في تشكيل الحكومة وصراعها المرير على السلطة و المناصب والكراسي متجاهلة تماما إرادة ورغبة الجماهير التي عبرت عنها في الانتخابات وأظهرتها النتائج ، والسؤال هو أية مصلحة وطنية أو شعبية مما يجري منذ أكثر من سبعة أشهر ومن هذا الصراع الأناني على المناصب والمصالح الذي وصل إلى درجات الابتذال والتهتك وعدم الحياء على السلطة ، وأين هو مكمن الخلاف هل هو من اجل مصلحة عامة أو مصلحة شعب ؟ ولماذا هذه التبعية والانقياد والولاء العمى الذي تبديه بعض هذه القوى لدول وقوى خارجية تفرض إراداتها وبرامجها على العراق وشعبه ، في حين تقبل قوانا السياسية والسلطة بكل ما تمليه عليهم القوى الخارجية حتى وان كان ضد المصلحة والإرادة الوطنية والشعبية بل حتى وان كان فيه أذى وضرر بالغ للعراق وشعبه ، بل إن بعض هذه القوى بدأت بتقديم العروض والإغراءات والأموال والصفقات إلى دول وقوى خارجية من اجل نصرتها ودعمها ضد العراقيين للبقاء في السلطة عليهم إلى حد باعوا فيه كل ما في العراق !
هذا من جانب ديكتاتورية هذه القوى وانفرادها في السلطة في محاكاة متفوقة على تجربة النظام البائد .
إما في مجال القمع والإرهاب والقهر والتعذيب ومصادرة الحقوق والحريات وامتهان كرامة وشرف الإنسان ، فالأمثلة كثيرة ولعل مؤسسة ( ويكيليكيس ) قد تأخرت كثيرا في الحديث عن هذه الجرائم وفي كشفها ولعلها وبرغم إن الوثائق قد بلغت ال ( 400000) وثيقة تفضح جرائم انتهاكات لحقوق الإنسان والإبادة والتعذيب والقتل والاغتيالات والاغتصاب وانتهاك الأعراض والكرامة والاعتقالات العشوائية ، برغم كل ذلك وبرغم أن هناك المزيد الذي وعدت ( ويكيليكيس ) بنشره ، ألا أن ما لم تستطع ويكيليكيس قوله هل يمكن استعادة كرامة وشرف وأعراض من عذبوا وامتهنوا واغتصبوا ، وبماذا سيعوض كل اؤلئك ، وأي تعويض يداوي جراحهم وانكساراتهم ، في حين الجلاد حر طليق ولازال هو الحاكم وهو الجلاد ، ولقد ذكر بعض المعتقلين أنهم وجدوا في مراكز الاعتقال والتعذيب نفس الجلادين الذين كانوا عذبوهم سابقا في عهد النظام البائد ، ليس المشكلة في الجلاد فنحن لا نتوقع أن يصبح الجلاد ملاكا ، ولكن المشكلة أن المعذبون لا يزالوا يعذبون في ظل الحكم الديمقراطي الجديد وان أساليب التعذيب المرعبة لازالت بنفس القسوة والعنف إن لم تتطور وتصبح اعنف وأكثر قسوة ورعبا ووحشية إلى حد أن الكثيرين ماتوا من شدة قسوة ووحشية ذلك التعذيب.
ليس من المستغرب أن يرتكب المحتل الجرائم وليس من المستغرب أن تتسم جرائمه بالقسوة والوحشية واللا إنسانية وممارسة أبشع الجرائم والتعذيب بدم بارد وبلا أدنى شعور بالآدمية .
ولكن المستغرب أن يمارس الجريمة عراقي ضد عراقي وباكثر قسوة ووحشية مما يمارسها المحتل نفسه ، وان يمارس انتهاك إنسانية وروح وكرامة وشرف وعرض عراقي آخر .
ومما ورد في وثائق ويكيليكيس حول جرائم العراقيين بحق عراقيين آخرين ما تضمنته التقارير التي تغطي ست سنوات،من إشارات إلى مقتل معتقلين في مراكز الاعتقال العراقية، وقد وقعت معظم هذا الحوادث في السنوات الأخيرة. وأشارت مئات التقارير إلى تعرض معتقلين للضرب والحرق والجلد، مما يعطي انطباعا بأن هذه المعاملة كانت العادة وليست الاستثناء. وفي إحدى الحالات اشتبهت القوات الأميركية في قيام ضباط بالجيش العراقي بقطع أصابع أحد المعتقلين وحرقها باستخدام مادة حمضية. كما كشف الإفادات عن تعرض معتقلين للتصفية في أحد المعتقلات وهم مقيدي الأيدي.









التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. اتفاقية الدفاع المشترك.. واشنطن تشترط على السعودية التطبيع م


.. تصعيد كبير بين حزب الله وإسرائيل بعد قصف متبادل | #غرفة_الأخ




.. نشرة إيجاز بلغة الإشارة - الحكومة الإسرائيلية تغلق مكتب الجز


.. وقفة داعمة لغزة في محافظة بنزرت التونسية




.. مسيرات في شوارع مونتريال تؤيد داعمي غزة في أمريكا