الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


قرض المريض وقرظه!

علي شايع

2010 / 11 / 1
حقوق الانسان


أوصى الحكماء، وأهل الرأي والعقل والرشاد، مذ وثّق الإنسان صلته بهذا الاسم؛ الإنسان، وما يحفل به من أنس النفس..أوصوه بالآخر، في ضرّاء ما يكابده. ليكون قريباً منه، أكثر من وقت سرّاء تمنحه نصيب سعادة، قد يتوارى ويغيب في ثنايا مرض يصيبه.

آه من المرض..
ومن ذا منّا من لم تخالجه مثل هذه الآه، من ذا لم تترقرق دموعه بين جفنيه، حزناً على حاله، مغتماً بهذا المرض ولو لأيام معدودات.

أعجَبُ حقاً كيف ينسى الإنسان، أعجب حدّ تصديق من يقول إن تسمية ( الإنسان) جاءت من النسيان!.
أعجب من نسيانه لحظات الألم، كيف ينسى صراع آلامه الخاصة..آلام تشغله، وتنغّص عليه متعة وجوده حياً.
أعجَبُ أن لا يبادر- متطوعاً- بعد تجربة، ربما ظنّ أنها بالغت بإيجاعهُ غاية البلوغ. يتذكّرها ليبذل ما يستطيعه إعانةً لمريض، هو شريكه في الإحساس بالألم.
أعجَبُ أن يتوقف الإحساس بالألم عند حدود الإنسان نفسه. أليس حرياً به أن يستشعر الآخر عن بعد. أليس حرياً به أن يعود مريضاً كأهم موجبات الأخوّة الخمسة، إن كان من أهل الدين. أليس حرياً به، أن يكون مدافعاً عن حق المريض بالمناصرة ضد الألم.
و أعجَبُ أكثر العجب حين يكون الإنسان على حصيلة من قدرة الغوث ولا يغيث. وأعجَبُ العجب لدي أن يكون من أهل السلطة ولا يساند الحاجة إلى حكومة أو دولة إنسانية.

في الدولة الإنسانية، المرضى سواسية، تماماً مثل تساوي استشعارهم بالألم، فلا مستشفيات لأغنياء دون قاصري اليد، والمريض مكفول حقّه في الأمن الصحي؛ أمن شخصي، وعائلي، يجعل الإنسان واثقاً من حياته، يعيش اندفاع الواثق للعمل، مستشعراً أهميته الذاتية، وساعياً إلى ردّ جميل الآخر، حيث يؤدي كلّ عمله، بأقصى ما أوتي من إخلاص ووفاء؛ وفاءً لنفس بتذكّر لحظة آلامها، وإخلاصاً للآخر، يوازي حجم المشاركة بدفع هذا الألم إلى البعيد.
لنتذكّر بعرفان؛ كم من إبداع استحقّ الخلود، لأنه منجز مريض ثابر رغم أوجاعه، هل ننسى السياب مثلاً مريضاً منهكاً. يستحق المديح والتقريظ حياً وميتاً.ويستحق أمثاله كل القرظ، والقرض أيضاً؛ بمعناه المادي، أي دفع الدولة مبالغ لكلّ مريض وفق تقرير طبي مُستحق، شريطة أن يعيده إلى رصيد الدولة بعد حين. قرض تتعهّد به كلّ وزارة لمنتسبيها، حتى لتجدّن قرضاً لمن لا يملك عملاً أو وظيفة في تلك الدولة، لأنه سيجد من يعينه لحيازة هذا الاستحقاق. فهل هذا حلم عصي التحقيق؟!.
هل عصي أن يتحقّق دفع القرض للمريض، دون أن يُفتح باب جديد للفساد والرشوة والمحسوبية، وبقية الأمراض. دون أن نتسارق من جديد، فيأكل بعضنا لحم أخيه مريضاً، ليكون الدواء بالتي كانت هي الداء، ونستجير من الرمضاء بالنار؟!.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. مفوض الأونروا: إسرائيل رفضت دخولي لغزة للمرة الثانية خلال أس


.. أخبار الساعة | غضب واحتجاجات في تونس بسبب تدفق المهاجرين على




.. الوضع الا?نساني في رفح.. مخاوف متجددة ولا آمل في الحل


.. غزة.. ماذا بعد؟| القادة العسكريون يراكمون الضغوط على نتنياهو




.. احتجاجات متنافسة في الجامعات الأميركية..طلاب مؤيدون لفلسطين