الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


ماوراء الدعوة السعودية

قاسم السيد

2010 / 11 / 1
اليسار ,الديمقراطية, العلمانية والتمدن في العراق


الدعوة التي اطلقها العاهل السعودي عبدالله بن عبد العزيز للساسة العراقيين لعقد مؤتمر تسوية على الأراضي السعودية لحل خلافاتهم هي اشبه ماتكون دعوة للحج السياسي لكون الملك اشترط ان تتم بعد انتهاء موسم الحج القائم الآن وجعل نهاية عيد الأضحى موعدا لإنطلاقها وبدلا ان تكون مكة مكان لهذا الحج اقترح العاهل السعودي الرياض بدلا عنها ولكي ينفي العاهل السعودي تهمة التدخل في الشأن العراقي التي اصبحت ملتصقة ببلاده فقد اضاف لصيغة هذه الدعوة عبارة على ان يتم ذلك تحت اشراف الجامعة العربية ولاادري اي قضية من قضايا امة العرب الشائكة استطاعت الجامعة العربية ان تحلها .
الدعوة السعودية لم تأتي من اية اعتبارات قومية او دولية اوحتى أمنية بل هي تعاملت مع الديمقراطية الوليدة في العراق بحساسية شديدة وتوجس منذ اليوم الأول لسقوط النظام السابق واعتبرتها شر مستطير ورأت فيها خطرا داهما يجب ايقافه عند التخوم ان لم يتيسر لها الأجهاز عليها رغم إن هذه التجربة حافلة بكثير من الأشكالات والاخطاء ولايوجد فيها مايستحق الذعر منه .
الدعوة السعودية لم تأتي متأخرة بسبب الرغبة السعودية عدم التدخل في الشأن العراقي فأمر العراق وشأنه يعد من أولى أولويات السعودية وانسجاما مع هذه الأولوية فإن السعوديون ما ان لمسوا بوادر انفراج الأزمة العراقية حتى اطلقوا مبادرتهم والغرض منها هو تعطيل مشروع الأتفاق الذي غدا على وشك الأنجاز بين التحالف الوطني والتحالف الكردستاني ولم يسبقوه بأي رسالة تطمين للعراقيين لأثبات حسن النوايا خلف هذه المبادرة كأن يوجهوا دعوة لرئيس الوزراء خصوصا اثناء زيارته لدول الأقليم أو ان يعيدوا فتح سفارتهم في بغداد او يقوموا بتخفيض قسم من الديون إن لم يكن إلغائها والتي ترتبت بذمة العراق اثناء الحرب مع ايران والتي كانت محصلتها النهائية لصالح السعودية ولعل مثل هذه الرسائل التطمينية تجعل من المبادرة محط ترحيب واهتمام عكس ما استقبلت به هذه المبادرة من اعتذارات يغلب عليها الدبلوماسية .
طبعا ليس الهم الديمقراطي وحده هو مايؤرق النظام السعودي لكون الساحة العربية قاحلة على هذا الصعيد بالرغم من وجود تجارب ديمقراطية اسلامية في المنطقة خصوصا تركيا وايران لكن لايخشى من تأثيراتها على الداخل السعودي وكذلك لايشكل البعد المذهبي ذلك الدافع القوي للتحرك السعودي ضد التجربة العراقية الفتية على اساس ان الشيعة هم اصحاب القرار الآن والنظام السعودي نظام سلفي والعداء الشيعي السلفي عداء متجذر يعكسه هذا الزعيق الأعلامي الطائفي المتبادل بين الطرفين رغم ان هذا الأعلام لايعكس اية مؤشرات على القلق السعودي في هذا المجال فالخطاب الأعلامي الطائفي السعودي المقصود به هو للتسويق الداخلي لمنع تأثير التجربة الأيرانية للتأثير في الداخل السعودي .
القلق السعودي ينطلق من اعتبارات ذات بعد اخر لها علاقة بالثقل السياسي والتأثير الأقتصادي للعراق الجديد فإنتصار الديمقراطية العراقية بشكل حاسم رغم ان قطاعات كثيرة في الأدارة الأمريكية لم يكن في وارد تطلعاتها مثل هكذا نتائج لكنها رغم ذلك يمكنها ان تستثمر مثل هذا النجاح وتسوقه في حالة حصوله على اساس انه نجاح للسياسة الأمريكية وبالتالي يلزمها مثل هذا النجاح الوقوف خلف هذا النظام الديمقراطي وحمايته خصوصا من دول جواره بل يمكن ان يتعدى نظام الحماية هذا لأبعد من ذلك ليكون ذا بعد استراتيجي يؤمن بقاء هذه التجربة واستمرارها من خلال تسويقها في عموم المنطقة حتى لاتبقى هذه التجربة عبارة عن شتلة يتيمة في غابة من الأنظمة السياسية الشمولية على اختلاف مشاربها ومناهجها لهذا يرى النظام السعودي في النموذج الديمقراطي العراقي تهديدا وجوديا له عمل ويعمل بلا كلل ولاملل من أجل الأجهاز عليه مستغلا كل الثغرات والأخفاقات التي حفلت بها هذه التجربة وسخر كل امكانيته من اجل هذا الهدف حتى اذا وصل الى اليأس من الأجهاز عليها استبدل اساليب تدخله هذه المرة بأساليب اخرى اكثر ايلاما مستغلا فقر التجربة للتاريخ والاخلاق الديمقراطية والذي يسمح بمثل هكذا تدخل ولكي يضرب الديمقراطية العراقية من داخلها من خلال التدخل بأهم مفاصلها الا وهي الأنتخابات حيث لعب المال السعودي دورا محوريا في ماآلت اليه الأنتخابات الأخيرة من نتائج.
الأمكانات الأقتصادية التي يمتلكها العراق والتي كشفت عنها عقود زيادة انتاج النفط الأخيرة والتي تؤشر ان العراق في غضون السنوات القليلة القادمة سيكون صاحب الثقل الأقتصادي الأول في المنطقة وبالتالي سيزيح السعودية من هذا الموقع وهو مايشكل أرقا حقيقيا للنظام هناك حيث سيرتب تبوأ العراق هكذا مكانة اقتصادية من انه سيمسك بقيادة المنطقة بحكم هذا الثقل وبالتالي سيطيح بكل النتائج التي قطفتها السعودية من خلال انفرادها بالمركز الأقتصادي الأول على مدى العقود الأخيرة وانسحاب ذلك على كل الصعد السياسية والثقافية والاجتماعية وكذلك الدينية ولربما ستصبح قضية الديمقراطية في حالة ترسخ الديمقراطية العراقية وديمومتها هما اجتماعيا داخل مجتمع السعودية سيؤدي لاحقا الى انضاج وعي سياسي سيلقي بظلال تأثيراته على المستقبل السياسي لأسرة آل سعود الحاكمة خصوصا اذا رافق تطور هذه الديمقراطية هذا بحبوحة اقتصادية .
الذهاب الى السعودية يعني نعي التجربة الديمقراطية كذلك يعني اعتراف ضمني من سياسينا بضعف المواطنة العراقية لديهم ان لم نقل انعدامها تماما ولاادري ماالذي يدفع هؤلاء الساسة للاستجابة لمثل هذه الدعوة ان حصلت هذه الأستجابة فعلا فهم قد حصلوا على مقاعدهم في مجلس النواب عبر انتخابات ديمقراطية لم تحظى كثير من دول المنطقة ومنها السعودية بفرصة مماثلة لها والدولة الداعية لأستضافتهم من اشد دول العالم عداء وحقدا على التجربة العراقية والتي كانت لها اليد الطولى في اعاقة نموهذه التجربة وتطورها وكانت وراء كل عمليات الأرهاب بشكل وأخر وإن مجرد انطلاق هذه الدعوة من اعلى منصب قيادي في السعوديه لعقد هكذا مؤتمر يعني الأقرار الضمني بالفشل والأعتراف على رؤوس الأشهاد بالهزيمة في المواجهة مع الديمقراطية العراقية رغم تواضع امكانياتها قياسا لأمكانات الدولة السعودية التي يصطف معها النظام السياسي العربي برمته مناصرا ومساندا لوأد هذه التجربة ولاادري ماهي التصورات التي داعبت خيال العاهل السعودي وهو يطلق دعوته هذه فأن نظن خيرا بمثل هكذا دعوى فهذا أمر لايستقيم مع المنطق اما اذا ظن البعض من سياسينا من انهم سيجدوا هناك شيئا يمكن ان تضيفه الدولة السعودية للتجربة الديمقراطية العراقية وهي التي لم تشهد منذ تاريخ انشائها في ثلاثينات القرن الماضي اية انتخابات حتى على صعيد الطلبة او غيرهم من الفئات الأجتماعية كما ان كلمة نقابة او اتحاد تعد مفردات اعجمية في القاموس السياسي السعودي وكلمة الديمقراطية تعد الأصعب لفظا في المجتمع السعودي لأنه لايدرى ماكنهها فما أخيب ظن البعض حين يستجدي حلولا من نظام يعد الأعتى دكتاتورية وشمولية على وجه الأرض .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - الاقتصاد العراقي مشلول
جعفر آل منصور ( 2010 / 11 / 1 - 19:34 )
الأمكانات الأقتصادية التي يمتلكها العراق والتي كشفت عنها عقود زيادة انتاج النفط الأخيرة والتي تؤشر ان العراق في غضون السنوات القليلة القادمة سيكون صاحب الثقل الأقتصادي الأول في المنطقة وبالتالي سيزيح السعودية من هذا الموقع وهو مايشكل أرقا حقيقيا للنظام هناك حيث سيرتب تبوأ العراق هكذا مكانة اقتصادية من انه سيمسك بقيادة المنطقة بحكم هذا الثقل وبالتالي سيطيح بكل النتائج التي قطفتها السعودية من خلال انفرادها بالمركز الأقتصادي الأول على مدى العقود الأخيرة وانسحاب ذلك على كل الصعد السياسية والثقافية والاجتماعية وكذلك الدينية ولربما ستصبح قضية الديمقراطية في حالة ترسخ الديمقراطية العراقية وديمومتها هما اجتماعيا داخل مجتمع السعودية سيؤدي لاحقا الى انضاج وعي سياسي سيلقي بظلال تأثيراته على المستقبل السياسي لأسرة آل سعود الحاكمة خصوصا اذا رافق تطور هذه الديمقراطية هذا بحبوحة اقتصادية .
هذا حلم عراقي . لن يتحقق في غضون سنوات قليلة قادمة هذا يحتاج إلى اكثر من ربع قرن للوصول إلى الخطوة الأولى على الطريق . ما زال العراقيون المهاجرون في دول الجوار يعانون من العوز وقد شاهدنا وسمعنا ممن التقى بهم


2 - مبادرة الملك النجاة للعراق من مأزقه السياسي
جاسم الشمري ( 2010 / 11 / 1 - 20:16 )
مبادرة جيدة و مرحب بها من كل عراقي ما ننتظره من خادم الحرمين هذه الايام لعودة لم الشمل والعراق عمقه الجغرافي والقبلي والعائلي والترابط الاسري وصلةالرحم مع دول جواره بالخليج وكل منا يتمم الاخر وامتداده الطبيعي وهم الاهل والعشيرة والعز والعزوة وعلى كل العرب ان يعودوا الي العراق ؟ ولاينجروا وراء الحاقدين والضالين ومن فقدو مكاسبهم بالعراق وهاجموا العراق وعملواعلي اقصاءالعراق العراق لاعب اساسي بالمنطقة العربية مهما حاول الحاقدين ان يدمروا العراق ويصدرواا لارهاب وأبادة الانسان العراقي ! ولكن يفشلوا ويستمر العراق عملاقا دائما ولاعزاء للحاقدين علينا

وكل سياسي يعرقل المشاركة في المبادرة هو المسؤول عن عرقلة تشكيل الحكومة

فرصة يحلم فيها العراق مفتاح العلاقات العربية مع العراق هي السعودية والملك عبد الله أب لكل العرب وليس قائد عربي فقط
من أهم الأسباب لهذه المبادة هو أن العراق بلد مهم في المنطقة ويقع على حدود السعودية والبلدالخليجي الوحيد غير مستقر سياسياً ، وأعتقد ان السعودية أدركت بعد الإنتخابات الأخيره التى جرت في العراق أن الإيرانيين يسيطرون وبشكل كامل على مفاصل الدولة العراقية


3 - يطلقون مبادارات السلميه ويمولون الارهاب
هند كريم ( 2010 / 11 / 3 - 02:28 )
كاتبنا المبدع سلمت اناملك لهذا التوضيح للدور السعودي والدول العربيه والاقليميه في اثارة النزاع بالعراق....ماحدث مؤخرا بالعراق من انفجارات وتفجير وقتل الامنيين بكنسية السيدة نجاة فعل وحشي يقصد منه اثارة الفتنه بلاشك وجاء بتوقيت دعوة السعوديه لعقد مؤتمر لتسوية الازمه السياسه بالعراق...اليس الافضل لسعوديه تكف عن دعمها للارهاب هي ومثيلاتها ايران وسوريا بدل دعوتها المنافقه....الم تدرك ان الارهاب لافكر له ولادين وسوف ينقلب عليها وتعاني مثلما عانى العراق منه ولو بعد حين ...

اخر الافلام

.. البيت الأبيض: واشنطن لم تتسلم خطة إسرائيلية شاملة تتعلق بعمل


.. اتفاق الرياض وواشنطن يواجه تعنتا إسرائيليا




.. إسرائيل وحماس تتبادلان الاتهامات بشأن تعطيل التوصل إلى اتفاق


.. خطة نتياهو لتحالف عربي يدير القطاع




.. عناصر من القسام يخوضون اشتباكات في منزل محاصر بدير الغصون في