الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


في ذكرى - المصيبة- وعد بلفور

وليد العوض

2010 / 11 / 1
القضية الفلسطينية


الثاني من نوفمبر عام 1917 يوم حمل في ثناياه مناسبة مؤلمة أسسست لنكبة كبرى حلت بشعبنا الفلسطيني عام 1948، وما زال ينزف جراءها دم ودموع حتى يومنا هذا ، تلك هي مناسبة صدور وعد بلفور المشئوم الذي قدمه اللورد بلفور وزير خارجية البريطانية لزعيم عائلة روتشليد اليهودية الموفد من قبل الحركة الصهيونية كحركة ايديولوجية عنصرية تمثل رأس المال اليهودي الذي كان يبحث عن مكان يستقر فيه و ويزيد استثماراته ، في ذلك تقاطعت مرامي الحركة الصهيونية كممثلة للبرجوازية اليهودية مع اهداف الامبريالية البريطانية الساعية للحفاظ على نفوذها وسيطرتها في منطقة الشرق الاوسط بعد الحرب العالمية الاولى وبدء ملامح الصراع بين الدول الاستعمارية على مناطق النفوذ ، فكان أن قدم بلفور وعده المشؤوم بإقامة دولة لليهود في فلسطين سعيا من بريطانيا لتحقيق غرضها بتعزيز سيطرتها كما أشرت ، وما أن حصلت الحركة الصهيونية على هذا الوعد "المصيبة" في الثاني من نوفمبر عام 1917 حتى كثفت عملها بشتى السبل والوسائل لتحقيقه مستفيدة من التواطىء اللامحدود الذي قدمته بريطانيا الدولة التي كانت منتدبة على فلسطين ، حيث بدات قوافل اليهود بالتوافد الى فلسطين من كل أصقاع الدنيا تنفيذا لنظرية الحركة الصهيونية المسماة "الاحلال والطرد" فاستقدمت اكبر عدد من المهاجرين اليهود واحلالهم مكان اصحاب البلاد الاصليين، وهكذا خلال بضع سنوات ا كان عدد السكان اليهود قد ارتفع من قرابة الخمسين في فلسطين التاريخية الى مئات من الالوف الذين استوطنوا الاروض وعملوا على طرد اصحابها .
الشعب الفلسطيني من ناحيته وقد صدم بهذا الوعد منذ اللحظة الاولى إتجه بكل عزيمة وإصرار لاستنهاض هممه وتعبئة طاقاته و تنظيم صفوفه والبحث عن سبل مواجهة وحش الهجرة اليهودية القادم عبر البحار ، فنظم الاعتصامات والإضرابات العارمة بل وإستخدم كل أشكال ووسائل المقاومة التي كان أوسعها عام 1925 حين زار اللورد بلفور القدس لوضع حجر الأساس الجامعة العبرية ،و في مواجهة هذا الوعد البغيض قاوم الشعب الفلسطيني ببسالة نادرة وسعى بكل الوسائل الممكنة لمنع تطبيقه وإحباط تداعياته الخطيرة التي استشعرها بشكل مبكر ، فكانت هبة البراق وثورة عام 1936 وما بينهما من كفاح عنيد عم كل قرية ومدينة وواد وتل من ربوع فلسطين وتلالها، لكن العصابات الصهيونية المجرمة المدعومة في ذات الوقت من دولة الانتداب بريطانيا، نجحت في تنظيم صفوفها واستقدمت عشرات الالاف من اليهود الذين تدربوا في معسكرات بريطانيا وباتت العصابات الصهيونية تمثل جيشا فاق بعدده 60 ألفا مدعوما بكل صنوف الاسلحة من بريطانيا التي خالفت بشكل صريح نصوص صك الانتداب التي تفرض عليها مساعدة أهل البلاد االاصليين على نيل استقلالهم، بل على العكس من ذلك فقد قامت بريطانيا بالتواطىء المكشوف مع العصابات الصهيونية وعملت على حرمان اصحاب البلاد الاصليين من هذا الحق بل ومنحت أرضهم ومؤسساتهم للوافدين الجدد ، وهكذا فقد كان وعد بلفور كما قيل وما زال يقال عنه "وعد من لا يملك لمن لا يستحق" فقد شكل هذا الوعد الركيزة الاساسية لقيام إسرائيل على أنقاض شعبنا الفلسطيني الذي تم تشريده عام 1948وتحويل معظمه إلى لاجئين في دول شتى من العالم، كما فتح الطريق لاشعال الازمات والحروب الدموية التي عصفت في المنطقة وأمتدت آثارها لتصل لانحاء مختلفة منالعالم، منذ ذلك الحين ورغم كل ما خلفه الوعد المذكور من آثار كارثية ومجازر دمويةلا تعد ولا تحصى ارتكبت بحق شعبنا إلا أنه ما زال صامد يناضل بثبات دون كلل أول من اجل استعادة حقوقه المشروعة وفي مقدمتها حقه في عودته ارضه ونيل حريته واستقلاله الوطني.
اليوم ونحن نعيش الذكرى الثالثة والتسعين لوعد بلفور اللعين ما زال العدوان على شبنا ، يأخذ منحى جديدا لتطبيق ما ورد في نص وعد بلفور من مسعى لاقامة دولة يهودية على اساس عنصري وتبرز في هذا المجال مطالب وشروط حكومة التطرف نتنياهو – باراك - ليبرمان في الحصول على إعتراف بها كدولة يهودية ، إن هذا الطلب يمثل تجسيدا للتطرف والعنصرية الصهيونية التي تيسيطر على الاوساط الحاكمة في دولة الاحتلال ويوضح النوايا العدوانية لديها تجاه أبنا شعبنا الفلسطيني الصامدون فوق ارضهم منذ العام 1948، كما أنه يعكس النوايا الخطيرة التي تهدف الى قطع الطريق على المطالبة بحق عودة اللاجئيين من أبناء الى ديارهم، وفي هذا السياق لابد ن القول إن الانزلاق نحو الموافقة على هذا الطلب الخطير أو التعاطي معه بأي شكل من الاشكال والقبول باسرائيل كدولة يهودية أمر يلحق افدح الضرر بشعبنا وقضيته ويؤدي بدون شك الى تفتت كيانات ودول قائمة ويفتح الطريق لنشوء دول على اساس ديني ومذهبي وعرقي في المنطقة مما يهدد الامن والاستقرار ليس في المنطقة بل والعالم اجمع .
في ذكرى وعد بلفور المشئوم لا يسعنا نحن أبناء الشعب الفلسطيني الذين عنينا وما زلنا من ويلات وتبعات هذا الوعد البائس، إلا أن نشدد بملىء حناجرنا بأن هذا الوعد مثل جريمة سياسية وأخلاقية ترصع جبين بريطانيا، وهي مسؤولية عن ذلك باعتبارها الدولة المنتدبة على فلسطين آنذاك ووزير خارجيتها من قدم هدا الوعد اللعين ، وهي اليوم مدينة ومطالبة بكل وضوح وصراحة بالاعتذار والتكفير عن جريمتها لشعبنا والوقوف إلي جانبه من اجل نيل حقوقه في إقامة دولته وعودة لاجئيه إلى ديارهم حسب القرار 194
*عضو المكتب السياسي لحزب الشعب الفلسطيني
1-11-2010








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. الحوثيون يعلنون بدء تنفيذ -المرحلة الرابعة- من التصعيد ضد إس


.. تقارير: الحرب الإسرائيلية على غزة دمرت ربع الأراضي الزراعية




.. مصادر لبنانية: الرد اللبناني على المبادرة الفرنسية المعدّلة


.. مقررة أممية: هدف العمليات العسكرية الإسرائيلية منذ البداية ت




.. شهداء وجرحى في قصف إسرائيلي على خان يونس