الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


من هو الضحية الحقيقي

جدعون ليفي

2010 / 11 / 2
الارهاب, الحرب والسلام


هآرتس - مقال – 31/10/2010: كان هذا القميص الازرق ذات مرة. ثم تغيّر وجه الجيل منذ ذلك الحين واسود قميصه وكُتب عليه: "كلنا ضحايا غولدستون".
إن عشرات من رفاق جنديي لواء جفعاتي، اللذين أُدينا بالمخالفة عن الصلاحية مع تعريض حياة انسان للخطر – ابن الحادية عشرة اذا أردنا الدقة – وبسلوك لا يناسب جندي، أتوا مرة اخرى في الاسبوع الماضي الى المحكمة العسكرية مع هذه الكتابة التي تثير الغضب على قمصانهم. أصبح المدينان بطلين يتمتعان بتأييد ضباط كبار فاضح.
تعرض اسرائيل تجديدا عالميا: المُعتدي – الضحية. وُجد في التاريخ احتلالات أشد قسوة من الاحتلال الاسرائيلي بل وُجد أطول منه، ووقعت هجمات أشد هولا على سكان مدنيين من "الرصاص المصبوب"، لكنه لم يوجد قط مُحتل عرض نفسه على أنه ضحية.
منذ ايام غولدا مئير، التي قالت إننا لن نغفر للعرب أبدا أنهم يضطروننا الى المس بأبنائهم، الى ايام خطاب المحاربين "الذين يطلقون النار ويبكون"، وصلنا الآن، بفضل جنود جفعاتي، الى ذروة جديدة للوقاحة الاسرائيلية: "كلنا ضحايا غولدستون".
ليس الولد ابن الحادية عشرة الذي عُرّضت حياته للخطر وأُقِّض مضجعه منذ ذلك الحين، بل الجنود الذين أمروه بأن يفعل كذلك، في خلاف صريح لقرار محكمة العدل العليا؛ ولا عائلة سموني التي قُتل 21 من أبنائها بقصف للواء جفعاتي ذاك، مع القائد نفسه، للبيت الذي أمرهم الجنود بدخوله، بل قائد اللواء ايلان ملكا الذي يُحقق في أفعاله مسؤوليته الآن، في تأخر فاضح؛ ولا كل سكان غزة، الذين اجتازوا "الرصاص المصبوب" على صعابها، وأهوالها، ودمارها وجرائم حربها، بل الجنود، الذين يتحملون المسؤولية مع القادة والساسة.
هذا التقارب حبيب إلينا جدا منذ الأزل. لا ونحن ضحايا حقيقيون فقط، كما كنا حقا في غير قليل من تاريخنا، بل عندما نكون المهاجمين والمحتلين والمُنكلين، ولسنا الضحايا فقط بل نحن وحدنا الضحايا، لا غير. لكن إنتبهوا الى المرحلة الجديدة من تطور نظرتنا الى مظالمنا: بدأ الأمر بالانكار ثم انتقلنا الى الكتْم ومن هناك الى فقد الحياء، وأخذنا معنا في الطريق سلب الانسانية والشيطنة حتى بلغنا المرحلة الحالية وهي مسيرة الفخر.
إن الجنود الذين تُلتقط لهم الصور وهم يرقصون مع مُعتقلين ويُشكلون أجسامهم أشكالا مع الجثث – يفخرون بأعمالهم. وهم يعرضونها في شبكة الانترنت، كي يراها الجميع، ومثلهم ايضا رفاق جنديي جفعاتي اللذين يفخران بأعمالهما. انهما يفخران بسلوك من خالف القانون. ربما نستطيع تفهم التعاطف الذي أظهروه لكن من الصعب أكثر أن نفهم أن يقف قائد لوائهم العميد موني كاتس، واللواء (احتياط) عوزي ديان الى جانبهما.
ماذا يقولان؟ إن الجنديين تصرفا بموجب القانون؟ إنهما لا يستحقان عقوبة؟ انهما ضحايا؟ فلماذا نشكو من الجنود اذا الذين حققوا ريح القائد التي هبّت عليهم من قاعة المحكمة. لكن يصعب أكثر من كل شيء أن نتفهم العطف العام الواسع الذي يحظى به المدينان. انهما مثل مجموعة رجال الشرطة العاصية من نهاريا التي خبأت شحنات ناسفة، فأفرادها ايضا أبطال محليون وضحايا وطنيون في نظر كثيرين.
هل نريد حقا الافتخار بجنود يأمرون أولادا بتعريض حياتهم للخطر خلافا للقانون؟ أهكذا نريد أن يسلك الجيش الاسرائيلي؟ ألن يقبل الرأي العام الاسرائيلي أبدا أن للحرب قوانين واذا خالفها جنود الجيش الاسرائيلي فيجب أن يُعاقبوا ايضا؟ صحيح، ربما نفذا الأوامر العسكرية، وربما كانا مرهقين مسحوقين بسبب ثلاثة اسابيع من الهجوم على غزة، كما زعموا في المحكمة، لكن عرضهما على أنهما ضحايا يشهد بالجنون المطلق العام الذي يصيب اسرائيل.
يجب لذلك أن نعود الى القاعدة: إن ضحايا "الرصاص المصبوب" هم مليون ونصف من سكان غزة؛ و"ضحايا" تقرير غولدستون ايضا ليسوا اثنين من الجنود الآثِمين بل ضحايا أفاعيلهما. والقمصان التي لبسها رفاقهما في المحكمة برهان على أن هذه الحقائق الأساسية قد طُمست وشُوهّت حتى لم تعُد تُعرف.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - جدعون هذا قرضي
يماني مؤمن بالحوار ( 2010 / 11 / 2 - 14:13 )
يعني من بقايا بني قريضة ان بقية لهم بقية

اخر الافلام

.. النزوح السوري في لبنان.. تشكيك بهدف المساعدات الأوروبية| #ال


.. روسيا تواصل تقدمها على عدة جبهات.. فما سر هذا التراجع الكبير




.. عملية اجتياح رفح.. بين محادثات التهدئة في القاهرة وإصرار نتن


.. التهدئة في غزة.. هل بات الاتفاق وشيكا؟ | #غرفة_الأخبار




.. فايز الدويري: ضربات المقاومة ستجبر قوات الاحتلال على الخروج