الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


حسن العلوي

شفيق المهدي

2010 / 11 / 4
الادب والفن


في عام 1979 وبعد اغتصاب صدام حسين للسلطة في العراق قررت ان اكتب للعلوي رسالة كانت الفكرة الاساسية فيها هي : (( ياضيف اقفر بيت المكرمات - فخذ بضم رحلك واجمع فضلة الزاد)) وهو بيت شعر لاحد الشعراء العرب في الاندلس، وكانت هذه الرسالة ردة فعل مني على مقابلة بثتها قناة (7) العراقية بين العلوي والشيخ الحنفي انذاك بدى لي العلوي نزقاً ومغالياً وهذا هو الذي حيرني والمني … ولكي ارسل هذه الرسالة وللرعب الذي انتابني وقتها عما كتبته فيها، اضطررت ان أسافر الى مدينة المسيب - جنوب بغداد بستين كيلو متر - لكي الصق الطابع البريدي عليها وارميها في صندوق البريد وكان معي صديقي صالح ابراهيم سعود وعدنان عاشور - اذ اطلعا على هذه الرسالة واصيبا بالرعب، مما ضاعف رعبي، كانت الرسالة تحمل اسما ً مستعاراً هو “عمر احمد سفيان” انقضت الليالي والرعب يذبحني خوفاً من ان تكتشف - السلطة - المخابرات - الرسالة ومن ان يعرفوا صاحبها عن طريق مطابقة الخط فأذهب الى الاعدام ويذهب اهلي الى السجون !! مرت على هذه الرسالة (31) احدى وثلاثون سنة، لم التق العلوي ولم أراسله .. وذهب كل الى غايته . العلوي في المنفى - بعد اعدام ابرز شخصيات حزب البعث القيادية بمجزرة قادها صدام حسين واشرف على تخطيطها وتنفيذها بنفسه ، هكذا : العلوي في المنفى وانا في الجحيم .. جحيم العراق ، جهنم الارض التي لاتميز بين طفل او شيخ او عجوز .. اذن ما من طريقه للقاء العلوي، هوهناك وانا في سجن اسمه العراق والسفر ممنوع على الجميع .. حتى على صدام حسين !! هو الاخر سجين حروبه وخوفه ورعبه .. وكان اللقاء مع العلوي يتم عن طريق “ الاستنساخ” في سوق السراي او في شارع المتنبي، اظن ان الكثير من تجار وباعة الكتب قد حصدوا اموالاً كثيرة، جراء استنساخ دواوين مظفر النواب وكتب حسن العلوي ومؤلفات علي الوردي, وربما تم عقد صفقة مع بعض من رجال الامن لتيسير امر هذا الاستنساخ الواسع مع تجار الكتب , خصوصا في ايام الحصار اذ استطاع بعض من رجال الامن من الحصول على جزء من ارباح “استنساخ” هذه الكتب وكان بعض طلبتي في الجامعة يطلعون عليها بحكم العلاقة الخاصة “جداً جداً” في شقتي التي كنت استأجرها في منطقة الشعب حيث اعيش بعيداً عن اهلي وعن ازلام السلطة من رجال الامن … وكان اكثر الكتب تداولاً”العراق دولة المنظمة السرية” و”الشيعة والدولة القومية” و”عمر والتشيع” وطال انتظاري للقاء العلوي ثلاثة عقود وعام .. حتى زفّ لي صديقي الرائع ابن الديوانية وضميرها”علي الطرفي البشارة الكبرى وعبر التلفون: ياشفيق , حسن العلوي ينتظرك في بيت اخته في حي الحارثية اليوم مساءاً.. مع غروب الشمس “ .. يا الهي متى تغرب الشمس ؟؟.. لأول مرة أغادر مكان عملي في دائرة السينما والمسرح بهذه السرعة ، لكي اصاحب علي الطرفي الى حيث يكون العلوي.. إتصلت بالعلوي عن طريق الموبايل .. أ يها العزيز أنا قريب من البيت الا اننا لا نعرف العنوان بالدقة اللازمة .. فقد تقطعت منطقة القادسية الى اوصال عن طريق المفارز والصبّات، هكذا وجدناه يرتدي دشداشة بيضاء عند الباب , قفزت من السيارة لاعانقه .. لاعانق كل عمره الشريف وكل أعوامه الحنظل … كل مافيه من صواب وخطأ , كل هذا الاجتهاد والنور والمسك .. وطبعت على وجهه الكريم قبلة اولى وثانية , ثم عانقته … صرخ بي حسن العلوي ليقول لي ,شفيق أريد ان اقبلك من رقبتك .. شلون ما طار راسك ليهسة”لحد الأن” ثم ضمني اليه … ياالهي .. أ قسم بالله العظيم شعرت بسخونة دمعته وهي تلسع روحي وضميري , حاولت ان أفهم كلامه بكل طاقتي , لكنها لم تكن كلمات .. بل مقاطع من تمتمات مقاطع صوتية لم افهم منها ولاكلمة يتخللها نحيب خفي , بكاء دفين … وكان لي ان اجلس معه في حديقة الدار على طاولة وكانت ضيافته لي عبارة عن “استكان شاي وخبز العباس” هذه مائدة هي من اشهى الموائد ...والذها .. واطعمها … قال لي “ ماذا تريد شاي وخبز العباس الحار” .. لم استطع الا أن اكون هذه الساعة , وهذه الدقيقة ضيفا على أشرف مائدة قدمت لي في حياتي المرّة … وانهالت عليّ أسئلته … وكان أولها وأشدها غرابة … وهو يسأل عن ضابط الايقاع .. ونسى اسمه … وعرفت ماذا يقصد فأجبته .. سامي عبد الاحد .. قال نعم: سامي عبد الاحد .. اشرف الاصابع التي قدمت حضارة بغداد الحديثة .. أشرف يد وهي تقدم لنا روح بغداد” …
حسن العلوي … عندما ظهرت لاول مرة على الشاشة قلتُ أن امرأ ما سيحدث لهذا تتحدث الناس الان - جميع الناس - عن مشروع حسن العلوي الذي يعدَّ انتصاره انتصاراً للمشروع الوطني كله ..








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - بعد النظر
حافظ خليل الهيتي ( 2010 / 11 / 5 - 05:41 )
مرحبا بك د. شفيق المهدي ومرحبا بحضورك الجميل
ياسيدي الكريم كم هو جميل الاعتدال والابتعاد عن التشنج والانحياز الغير واعي كما نرى نبرة بعض الساسة التي عملت على خندقة الشعب , كل وقد تمترس بافكار اكل عليها الدهر وشرب ليبقى العراق واهله اسيرا وضعه الراهن الذي لايسر الصديق ,
العقود الثلاثة مرت وعلى الرغم من انها اخذت اجمل سني العمر لكن بقي الرأس مرفوعا , ولو اكتفيتم بالحصول على المكاسب الانية في حينها لخسرتم كل شيء لكنكم الان من الرابحين , لذلك نود ان يستفيد من تجربتكم هذه بعض (ساسة العهد الجديد) ويتحلوا ببعد النظر , وان غدا لناظره قريب وكل يحصد ما زرع .
تحية لك ولمن كتبت عنه ودمت بالف خير .
حافظ خليل الهيتي

اخر الافلام

.. محمد محمود: فيلم «بنقدر ظروفك» له رسالة للمجتمع.. وأحمد الفي


.. الممثلة كايت بلانشيت تظهر بفستان يحمل ألوان العلم الفلسطيني




.. فريق الرئيس الأميركي السابق الانتخابي يعلن مقاضاة صناع فيلم


.. الممثلة الأسترالية كايت بلانشيت تظهر بفستان يتزين بألوان الع




.. هام لأولياء الأمور .. لأول مرة تدريس اللغة الثانية بالإعدادي