الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


ملاحظات حول مبادرة السعودية في الشأن العراقي

عدنان يوسف رجيب

2010 / 11 / 3
اليسار ,الديمقراطية, العلمانية والتمدن في العراق


وضعت المملكة العربية السعودية، عن طريق ملكها عبد الله، مبادرة لرأب الصدع وحل مشكلة السلطة في العراق. المبادرة أطلقت في أواخر أكتوبر 2010، وكانت المبادرة تثير في أكثر من موقع منها أن السعودية حيادية في هذا الشأن العراقي وليست لها شروط في مبادرتها، وإن رائدها أولا وأخيرا هو تقديم المساعدة للعراقيين في قضيتهم. كان في حيثيات المبادرة كثير من الإطناب في الإنشائيات التي غمرت هذه المبادرة في كون الدافع لها هو إنساني عربي إسلامي وحرص على العراق والعراقيين.

إن ما يثير الإنتباه في المبادرة عدة نقاط لا بد من إستعراضها للخروج بحصيلة منها:

1) هناك مبادرة داخلية عراقية من مسعود البرزاني سعى الجميع لقبولها والعمل جار لتنفيذ خطواتها، قبل طرح المبادرة السعودية بفترة. إن ما يثير الإستغراب أن توضع مبادرة خارجية في وقت إن مبادرة عراقية موجودة على أرض الواقع.

2) لم تبادر المملكة السعودية ولا الملك عبد الله لأية مبادرة تذكر أثناء الأزمة والإستقطاب المتطرف الذي حصل خصوصا بين القائمة العراقية وقائمة دولة القانون، والتي أدت في بعض الأوقات الى إحتمال القضاء على العملية السياسية برمتها خصوصا بعد تصريحات القائمة العراقية وأياد علاوي بالذات بالتلويح بالعنف الذي سيطال العراقيين إذا لم تتح الفرصة للقائمة العراقية لتشكيل الحكومة. وقد دام ذلك التطرف والإستقطاب أشهرا عديدة لم تبادر السعودية خلالها الى أي مبادرة تذكر.

3) يشير الملك عبد الله الى إن مبادرته لإيواء الأطراف العراقية للتفاهم ستكون بعد مناسك الحج، أي بعد عيد الأضحى المبارك. والآن عيد الأضحى سيهل بعد حوالي عشرين يوما من تأريخ إطلاق المبادرة، فهل معنى ذلك إن الملك عبد الله واثق كل الثقة بأن المسألة العراقية سوف لا تحل أبدا... لا تحل بمبادرة مسعود البرزاني ولا تحل في ضوء الواقع الذي يشير الى إحتمال كبير لإتفاق أطراف عديدة على من سيكون رئيسا للوزراء، على الأقل قبل مبادرة السعودية والملك عبد الله. إذن لابد من الوقوف مليا أمام توقيت هذه المبادرة في هذه الوقت بالذات.

4) إذا كانت المملكة السعودية والملك عبد الله حريصون على العراق والعراقيين، وهم يعرفون تماما إن العراقيين يمانعون تماما أي تدخل خارجي في شؤونهم وأن يكون الحل من داخلهم، فلماذا لم تكن من بنود المبادرة السعودية أن يكون مكان إجتماع الأطراف العراقية في أرض العراق نفسها مع المساعدة الممكنة من السعودية والجامعة العربية. طالما إن الأطراف العراقية التي ستلتقي وتتفاهم هي نفسها (سواء كان ذلك في العراق أو في السعودية)، وإن السعودية ستكون محايدة بدون تدخل، فما سبب الإصرار أن يكون هذا الإجتماع على أرض السعودية بالذات. من نافلة القول إن السعودية لكي تعطي لمبادرتها المصداقية فلا بد لها من تدعي الحيادية التامة في مساعيها وبدون شروط مسبقة لمبادرتها وتقبلها لجميع الأطراف، وتفرش الورود والأزاهير على مبادرتها، فتسويق المبادرة ضروري، وللسعوديون باع طويل في هذا المجال في محاولة إستضافات عربية سابقة.
لابد من القول إنه بدون تدخل السعودية الجدي سيكون كل طرف عراقي على رأيه الذي جاء من أجله، فما فائدة إستضافة الأطراف العراقية في المملكة السعودية،وكيف سيتم رأب الصدع والتفاهم بدون تدخلات السعودية والجامعة العربية.

5) هناك أطراف عراقية عديدة أوضحت بأن المبادرة السعودية جاءت متأخرة، وتحفظت على هذه المبادرة، من هذه الأطراف دولة القانون مجموعة الصدريين أطراف في القائمة الكوردستانية، وحتى أفراد في القائمة العراقية وذلك بتصريح عالية نصيف وآخرون. لكن كان اشد المؤيدين للمبادرة السعودية هو الرأي الرسمي للقائمة العراقية وعلى لسان المتحدثة الرسمية بإسم القائمة ميسون الدملوجي وإسامة النجيفي. هؤلاء أشادوا بشكل طافح بهذه المبادرة وإعتبروها المنقذ العربي وزادوا كثير على محتوياتها في إشادتهم. وبين النجيفي بأن القوى السياسية تحتاج الى رعاية دولية (حارجية) و لا يجب أن يترك العراقيون لوحدهم مع وجود هيمنة خارجية (وهذا تناقض في كلام النجيفي فمن جانب هو يريد التدخل الخارجي– للرعاية وعدم ترك العراقيين لوحدهم – ومن جانب هو ضد التدخل - الهيمنة الخارجية). كما إن عادل عبد المهدي أطنب كثيرا في مديح المبادرة، وقال إنها رسالة مسؤولية لتحقيق الوحدة والعزة والأمن والإزدهار للشعب العراقي.

إن من حق الإنسان العراقي أن يقف ليتساءل عن الأبعاد المخفية في هذه المبادرة، بعد طرح النقاط الخمسة السابقة. أيكون ذلك لإنقاذ ما يمكن إنقاذه لخدمة القائمة العراقية (وحليفها الجديد المجلس الإسلامي الأعلى) بعد أن وصلت بها الحال الى طريق شبه مسدود، فلم تحصل على أي موقع مما كانت تتوجه إليه، لا رئاسة الوزارة ولا رئاسة الجمهورية. كما إن الأطراف العراقية الهامة وهي التحالف الوطني والتحالف الكردستاني قطعوا أشواطا في الإتفاقات، لحد إن مسؤولين في التحالف الكردستاني صرحوا بأنهم سيتوجهون مع التحالف الوطني لتشكيل الحكومة (بدون العراقية) إذا أصرت القائمة العراقية على موقفها بالضد من الإجماع، ومن عدم دخولها في الحكومة القادمة.

إن العلاقات الحميمة بين السعودية وقادة القائمة العراقية، وأياد علاوي بالذات، ترجح قيام السعودية بكل ما من شأنه لإنقاذ القائمة العراقية من الوضع العصيب الذي هي فيه. ولا ينسى العراقيون اللفاءات المكوكية التي قام بها علاوي وأقطاب قائمته للسعودية قبل الإنتخابات العراقية وبعدها، وبوجود رئيس الإستخبارات السعودي في الجلسات مع الملك عبد الله، وقد أثير إستغراب كبير عن معنى وجود إستخباراتي بهذا الحجم في المحادثات مع الملك.

وإذا أضفنا عاملا مهما وهو إن السعودية كانت من الدول الإقليمية السباقة التي كانت ترعى الإرهاب ضد العراقيين والى وقت قريب، وتم فضح هذا السلوك الإرهابي بشكل رسمي وبالمستمسكات الثابتة من تصريحات السعوديين اللذين تم إعتقالهم ومن خبرات القوى الأمنية العراقية وعلى مدى سنوات. ولذا إضطرت السعودية بالتالي الى التقليل من أعمالها الإرهابية (وليس إنهاءه)، ضد العراق، بالأضافة لكون إن هذا الإرهاب قد طالها هي نفسها وفي عقر دارها.
فهل يعقل إن دولة هذا ديدنها في رعاية الإرهاب على العراق وشعبه يمكن أن يشغل إهتمامها بهذا الحجم الواسع وتبادر الى الإخلاص للعراق.

ولعلنا نضيف تقطة – قد لا تكون مسعفة بالمستندات – وهي تصريحات الملك عبد الله نفسه قبل أشهر،في إن السعودية صرفت الملايين للتخلص من عبد الكريم قاسم ثم من صدام حسين والأن لا تدخر وسعا في صرف المليارات من أجل التخلص من الحكومة الحالية.

ألا يحق لنا، نحن العراقيين، في أن نشم رائحة غريبة غير بريئة من مبادرة السعودية الحالية.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - ما اشبه اليوم بالبارحه
عبد الجباررضا عبد ( 2010 / 11 / 3 - 18:29 )
قرات مقالك بتمعن واشعر انك كنت موضوعيا فى التشخيص ولكن غاب عليك شى مهم هو ان العراق بلد محتل وانه واقع تحت البند السابع فى هيئه الامم المتحده
وانت عارف جيدا الاعيب ومخططات المحتل الامريكى كسابقه الاحتلال البريطانى عندما كان يريد تعيين الملك فيصل ملكا على العراق فكان يظهر عدم تدخله فى تعيين من يكون ملكا على العراق ويعلن ان يقف على مسافه متساويه من المرشحين فى وقتها كانوا مضاف الى الملك فيصل --- اخيه الملك عبد الله وعبد الرحمن النقيب والشيخ خزعل امير المحمره وكانت بريطانيا تخطط من الخفاء للملك فيصل ان يكون ملكا للعراق لانها وجدت فيه من يخدم مصالحها
لذا كان الناس يتجادلون ويتناقشون ويضعون ضوابط من يختارونه لعرش العراق ولكن الامر محسوم مقدما وما اشبه اليوم بالبارحه
تمنياتى وتحياتى

اخر الافلام

.. الجامعات الأميركية... تظاهرات طلابية دعما لغزة | #غرفة_الأخب


.. الجنوب اللبناني... مخاوف من الانزلاق إلى حرب مفتوحة بين حزب 




.. حرب المسيرات تستعر بين موسكو وكييف | #غرفة_الأخبار


.. جماعة الحوثي تهدد... الولايات المتحدة لن تجد طريقا واحدا آمن




.. نشرة إيجاز بلغة الإشارة - كتائب القسام تنشر فيديو لمحتجزين ي