الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


شبابنا في غزة بين الحصار والانقسام

فاطمه قاسم

2010 / 11 / 3
القضية الفلسطينية


شبابنا في غزة
بين الحصار و الانقسام؟؟؟
د.فاطمة قاسم

الجامعات الفلسطينية في قطاع غزة، و بقية الكليات و المعاهد العلمية، تضخ كل سنة قرابة عشرة آلاف خريج جامعي من اختصاصات متعددة، فما هو مصير هؤلاء الخرجين من الجنسين، الذين وصلوا إلى مرحلة عمرية تؤهلهم لبناء عائلات وحياة جديدة؟

هذا الموضوع ليس جديداً في قطاع غزة، و إنما هو مطروح منذ عقود، حتى عندما كان القطاع أقل عدداً في السكان، و أكثر انفتاحاً على العالم، و كانت تكاليف الحياة أقل مما هي عليه الآن كما تؤكده الابحاث والرواة.

فمنذ
نشوء هذا الجيب الجيوسياسي الصغير و الذي اسمه قطاع غزة من رحم النكبة الفلسطينية، ثلاثمائة و اثنين و ستين كيلومتراً من الأرض عديمة الموارد الطبيعية، بهذا الحجم من السكان، والذي يصل عدده إلى ما يفوق المليون و نصف المليون، مع تقلص مساحة الأرض بسبب استهلاكها من قبل مشاريع الإسكان الضرورية، و بسبب الإجراءات الإسرائيلية التي تفرض حزاماً أمنياً بقوة الرصاص يستهلك جزءاً من مساحة القطاع الصغيرة أصلاً، لأن الحزام يتراوح عرضه بين مائة و خمسين و ثلثمائة متراً على امتداد شريط الحدود شرقاً و شمالاً، مع قيود عنيفة حتى على مياه الصيد البحرية، فإن المشكلة تتفاقم أكثر و أكثر.

قبل الاحتلال الإسرائيلي في العام 1967:
كان قطاع غزة بمساحته الصغيرة و انعدام موارده و كثرة سكانه، يعتبر أرضاً طاردة لسكانها، و كانت وسائل الرحيل وراء لقمة الخبز تعتبر خطاً ثابتاً في حياة أبناء القطاع، عشرات بل مئات الآلاف كانوا يتسربون بأشكال مختلفة إلى الخارج، إلى مواقع العمل القريبة و البعيدة في الوطن العربي من مصر إلى العراق إلى دول الخليج، إلى الأردن و سوريا و لبنان، إلى دول المغرب العربي في الجزائر و ليبيا بشكل خاص، و كان أولئك المهاجرون للمرة الثانية، ينشؤون حالة من التكيف، فهم برحيلهم يحافظون على اعتدال نسبة عدد السكان مع مساحة الأرض، و كانوا مصدر إعالة لذويهم الذين يبقون داخل القطاع.

و رغم كل ذلك:
فإن قطاع غزة كان دائماً يضيق بأهله، لدرجة أن مصر استوعبت عشرات الآلاف منهم في العمل في أراضيها في مطلع الستينات سواء كمعلمين في مدارسها و موظفين في إداراتها الحكومية أو عمال في مصانعها و خاصة في منطقة السد العالي.

بل إن مصر، أثناء وجود الإدارة المصرية في قطاع غزة، حولت القطاع إلى منطقة حرة، حيث أتاح ذلك لأبناء القطاع أن يعملوا في التجارة.

و رغم ذلك:
فإن قطاع غزة ظل أرضاً طاردة، لأن فرص العمل قليلة و السكان في تزايد مستمر، و المشكلة تتفاقم، و هذا هو السبب الرئيسي وراء التفكير الإسرائيلي الجدي الذي بدأ منذ العام 1985 بالبحث عن حل لهذه المشكلة المتفاقمة في قطاع غزة، و احتمالات تفاقم هذه المشكلة إلى حد الانفجار ، و حيث أن الإسرائيليين لا يريدون أن تنفجر هذه المشكلة أمامهم أو تحت مسئوليتهم، فإنهم قرروا بعد دراسات مستفيضة أن ينسحبوا من قطاع غزة في العام 2003، و نفذوا هذا القرار في العام 2005.

المشكلة إذن تركت لتزداد تعقيداً، و خاصة مع وجود الانقسام و الحصار، و هما وجهان لعملة واحدة، و هي خنق قطاع غزة، و تدمير أهم المقومات فيه و هم الشباب الذين هم المستقبل، و وضعهم في ظروف صعبة و معقدة، و شاذة، بحيث تصبح الهجرة حتى إلى الجحيم هي حلم الخلاص، و حيث الهروب إلى مستويات متعددة من الهروب الإنساني و النفسي و الاجتماعي تكاد تكون حالة اضطرارية لا يمكن تلافيها.

كيف يتمحور التشكيل النفسي، لأجيال من الشباب يتراكمون بعشرات آلاف في بطالة قاتلة، و دون قدرة على تفاصيل الحياة، أو الزواج و تكوين عائلات جديدة.

القطاع محاصر حتى على مستوى مغامرة السفر و لو إلى المجهول، و القطاع يرزح تحت حالة الانقسام الفلسطيني، و هو انقسام يعامل كل شاب في القطاع بسببه بأنه مشكوك فيه من قبل العالم.

ما هي التغيرات السلوكية؟
و كيف ينظر هؤلاء الشباب إلى مجتمعهم نفسه؟
و أين هي الثوابت الوطنية التي تم التشدق بها ليل نهار بينما هؤلاء الشباب لا يجدون فرصة عمل، و لا يجدون وسيلة لإثبات الذات،هم عالة على أنفسهم، عالة على أهلهم و على مجتمعهم و على الحياة نفسها.

البطالة في كل أنحاء العالم:
هي أول ناقوس للخطر يدق للتحذير من النتائج السلبية، هذا الناقوس يدق و يقرع بصوت مرتفع و جدي حين تصل معدلات البطالة إلى عشرة أو عشرين بالمائة، فما بالكم بالنسبة لشبابنا في قطاع غزة الذين يصل معدلات البطالة بينهم في السنوات الأخيرة إلى قرابة مائة في المائة؟

ليس هناك عمل، و الفرص تتقلص أكثر، لأن الحياة الزراعية و الصناعية و التجارية و الخدمات التي كانت تستوعب أعداداً من هؤلاء الشباب تتقهقر بشكل مخيف، و خاصة بعد أن دمر الاحتلال الإسرائيلي في حربه الأخيرة النسبة العالية من المصانع و المزارع و مواقع العمل الأخرى،ثم حال الاحتلال الإسرائيلي حتى الآن دون إعادة إعمار ما تهدم و بناء ما تم تدميره.

شعبنا الفلسطيني و خاصة في قطاع غزة، و بسبب تجاربه القاسية، يملك ميراثاً من الصبر و القدرة على التكيف في ظل الظروف الصعبة، و لكن هذا الرصيد يتآكل بسبب استمرار المشكلة لسنوات و سنوات، و الشباب هم المستقبل، و لكن الشباب هم الضحية، فكيف سيكون شكل هذا المستقبل الذي نتطلع إليه.

هذه أسئلة صعبة:
و الإجابات السهلة المحفوظة عن ظهر قلب لا تحل المشكلة، لأنها لا تجيب عن الأسئلة بشكل جدي، و المطلوب هو استنفار وطني في مواجهة هذه المشكلة التي تدمر شبابنا الذين هم مستقبلنا.

ربما لو قمنا بهذا الاستنفار الوطني، فسوف نكتشف أن هذا الانقسام يجب أن ينتهي فوراً، لأن كل المبررات التي قيلت لتبريره لا يمكن أن تصمد أمام الثمن الذي يدفعه شبابنا الذين هم مستقبلنا.

فهل يحدث مثل هذا الاستنفار الوطني لمواجهة المشاكل الخطيرة التي تواجه الشباب.
وعلينا ، بل يجب أن لا نفقد الأمل ، ونستمر في طرح الحلول.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - الصبر على الابتلاءات
فواز محمد ( 2010 / 11 / 4 - 11:42 )
عزيزتي الكاتبة المحترمة لو اراد احد من ولاة المسلمين الجدد في جكومة حماس المقالة لقدم لك حل بمنتهى البساطة وهو ان هذه ابتلاءات انزلها الله عليكم ليختبر صبركم وايمانكم وسيكون الصبر والقبول بهذا الواقع تذكرة الدخول للجنة اما الشعار الذي كانوا يتغنون به ...الاسلام هو الحل..لم يعد نسمعه منهم لانهم لم يقدموا اي حل بل المشاكل تفاقمت ولانه شعار كاذب من اجل جلب التعاطف معهم لا اكثر ولا اقل ..ولك كل الاحترام والتقدير

اخر الافلام

.. الجامعات الأميركية... تظاهرات طلابية دعما لغزة | #غرفة_الأخب


.. الجنوب اللبناني... مخاوف من الانزلاق إلى حرب مفتوحة بين حزب 




.. حرب المسيرات تستعر بين موسكو وكييف | #غرفة_الأخبار


.. جماعة الحوثي تهدد... الولايات المتحدة لن تجد طريقا واحدا آمن




.. نشرة إيجاز بلغة الإشارة - كتائب القسام تنشر فيديو لمحتجزين ي