الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


كيف نفهم الجرائم الاصولية الاخيرة

محمد البدري

2010 / 11 / 4
مواضيع وابحاث سياسية


حدثان سياسيان احدهما في العراق والثاني بمصر. رفض العراقيون المبادرة السعودية التي سعت فيها المملكة الي احتواء الاشكالية العراقية في تشكيل الحكومة رغم مرور عده اشهر علي الانتخابات. اما في مصر فقد اوقفت السلطات المصرية عدة قنوات فضائية تبث الفكر الوهابي بكل ما فيه من عنف ضد المواطن حتي ولو كان مسلما. ثم فاجاتنا الاحداث بجريمة ارهابية ضخمة في كنيسة سيدة النجاة بحي الكرادة ببغداد. تلاها مباشرة توجية انذار للكنيسة المصرية بشان سيدة مسيحية قيل او اشيع انها تحولت الي دين الاسلام. واعلن تنظيم القاعدة مسؤليته عن الحادث وعن الانذار.

فالعراق بعد ان كابد شعبه الكثير تحت حكم قومي عروبي بعثي هزم مرتين في حربين متتاليتين. الاولي ضد ايران الخمينية لثمان سنوات والثانية بعد غزوه للكويت، حيث جرت الحرب الاولي برعاية امريكية لنظام صدام وجرت الثانية بنفس الرعاية ضده. فالحربين صبا بنتائجهما في خانة امن دويلات الخليج وامن نفطها.

ومرت عشر سنوات قبل أن يقوم تنظيم القاعدة بمساعدات من جهات مجهولة قادرة علي اختراق المجتمع الامريكي بالاموال واللوجستيات بارتكاب جريمة 11 سبتمبر، كان التنظيم من صلب المملكة السعودية وبرعايتها فكرا وتمويلا وكان التنظيم ايضا في خدمة امريكا وبرعايتها تدريبا وتسليحا مدفوع باموال السعودية لمحاربة السوفييت منذ غزوهم الامبريالي التوسعي الاستعماري لافغانستان.

فالسوفييت مثلوا عدوا مشتركا لكل من المملكة والولايات المتحده الامريكية لهذا ازداد تحالفهما القديم صلابة، ذلك التحالف الموقع علي ظهر الطراد كوينسي في 14 فبراير 1945. اما بعد الحادي عشر من سبتمبر فان الامور ربما اختلفت ولو قليلا او ربما اصبح التحالف اكثر قوة. فالاحتمالين قائمين وليس لنا الا التخمين من موقع المشاهد فالجميع لا يرون الحدث الا بعد وقوعه بعكس الدول والانظمة ذات الاجهزة التي تتنبأ بما هو ممكن الحدوث لتوافر معلومات تصب في احتمالات كلها ممكنة الوقوع.

فالاحداث الاخيرة في العراق لا تصب في خانة الوعد الامريكي بحماية نظام المملكة الوهابي الفكر. فالعراق بعد صدام يستحيل عودته ثانية الي الحظيرة العربية او الاسلامية بشكلها التقليدي. وهو ما يخل بالوعد الامريكي للمملكة. وهو ما حاولت المملكة تعويضه بارسال المتطوعين من اهل السنة عبر الحدود المفتوحة بين البلدين بحجة محاربة الاحتلال الامريكي رغم ان كل دول الخايج محتلة بقواعد عسكرية امريكية. فمهام المبعوثين ليس مقاتلة الامريكيين بقدر اخضاع العراقيين وجعل اهل السنة هناك في موقف سيادي او علي الاقل متقدم علي باقي القوي السياسية.

فكما تدخلت المملكة في افغانستان وباكستان وفي السودان والصومال فلماذا لا تتدخل علي مسؤليتها وعلي الطريقة السرية بذات الاسلوب لعدم احداث توافق بين الكتل السياسية وخاصة بعد الرفض للمبادرة السعودية باحتواء كل من نجح في الانتخابات العراقية ولا تفضلها الافكار الوهابية وتري في البيعة بديلا لها.

اما بالنسبة للانذار بشأن المرأة المصرية المشكوك في تغيير دينها فلم تكن اكثر من حجة ومبررا بعد ان اوقفت السلطات اليد الاعلامية الوهابية في عدة فضائيات يملكها اناس تم تدريبهم فكرا ودينا في المملكة ليكونوا جنودها ومبشريها في بلاد حتي ولو كانت مسلمة اساسا. فالعلاقة بين الانتخاب وحق التصويت والاختيار هو ما ترفضه وتحاربه الحركات الاسلامية الاصولية جمعاء. فالديموقراطية عندهم كفر. واي فكر خارج الاصولية الوهابية ايضا كفر. وبالتالي فان اغلاق تلك الفضائيات يصب في خانة الكفر علي الطريقة السعودية.

فما جري في العقود الاخيرة يطرح السؤال ذو الشقين، هل كان التحالف الامريكي من علي ظهر الطراد كوينسي راعيا للايمان ام ان الايمان علي الطريقة الوهابية اصبح في خطر فتحرك في اتجاهين حماية لمكسبة في الاعلام المصري بحجة امرأة مشكوك في امرها وفي اتجاه العراق لوقف عملية ديموقراطية تريد الاستقلال بنفسها عن اي تدخل عربي من جديد بعد ان خذل العرب الشعب العراقي طويلا؟ وهذا هو الشق الاول.

الكنائس في مصر والعراق هي جزء اصيل من تاريخ البلدين، بل انهما جزء من سيادة الدولة في كلا منهما. وهما ايضا مما لا تحترم الوهابية وجوده، لانها لا تعتقد بان الدولة من صحيح الاسلام. فاغلاق الفضائيات ورفض المبادرة السعودية تضعف الدعوة الوهابية والاسلام الاصولي، ولم تكن الكنائس سوي اضعف الحلقات لتهديد الدولتين الضاربتين بعمق التاريخ قبل ظهور الاديان جميعا. فجريمة كنيسة الكرادة والانذار للكنيسة المصرية اصبح موجهها للدولة الشرق اوسطية المليئة بالكنائس. ام ان الفوضي الخلاقة التي اقترحتها الولايات المتحدة هي السياسة التي يتجدد فيها العهد الذي عقداه المتحالفين من ظهر الطراد الامريكي في لقاء السحاب بين النفط والوهابية؟ وهذا هو الشق الثاني. فياتري ايهما اصدق وعلي اي ساسا ستتقدم بنا الاحدث؟

ومهما كان نوع الطبيخ الذي يتم في الخفاء من سموم فان الوقوف ضد الجريمة هو مطلب عالمي لا يجوز السكوت علي ارتكابه في اي مكان غربا او شرقا في كنيسة او جامع.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - مقال رائع
عهد صوفان ( 2010 / 11 / 4 - 07:02 )
منذ القدم والتحالفات تقودها المصالح وتيجان الكراسي المذهبة وهذه من أبسط مفاهيم السياسة التي باتت في عصرنا متشابكة ومموهة بألف لون ولون. لذلك يصعب أحيانا فهم الدوافع الحقيقية لأن المخفي من الاتفاقات السرية أكبر بكثير من المعلن. ولكن قراءة كل الأحداث تقول بأن المتفقين على شيء يتصارعون في الخفاء لتحسين مواقعهم وفرض ظروف جديدة وهذا واقع يعلمه المتفقون انفسهم لذلك ما تفضلت به صحيح مجتمعا وأضف إليه اللاعبين الصغار احيانا وهم خارج الاتفاق وغالبا ما يصبحون من اصحاب القرار
ففي العراق هناك عشرات اللاعبين اليوم من إيران إلى سوريا وتركيا والسعودية وأمريكا وروسيا والقاعدة وغيرها من المنظمات الدينية التي نشرت اليوم فكرة الأعمال الانتحارية بين الأبرياء في الشوارع والمحال
ولكن اخطر ما في الأمر عندنا انتشار الأفكار المؤدلجة التي تسهل على الأفراد والجماعات تنفيذ الأعمال الاجرامية بحق الأبرياء وخاصة الأدلجات الدينية التي سيطرت وصارت حاليا اللاعب الأول في كل ساحاتنا
وهنا تقع مسؤولية كبيرة على الحكومات لمحاربة هذه الأدلجات الخطيرة على بنية المجتمعات
اشكرك مقال رائع


2 - مداخلة أولى
رعد الحافظ ( 2010 / 11 / 4 - 12:53 )
عزيزي الكاتب الرائع / محمد البدري
بالطبع كل الإحتمالات واردة والإتفاقات السرّية وإطلاق الأيدي في العبث والقتل والتدمير
ولن أحاول هنا تبرئة أمريكا من حصتّها في إطلاق يد الوهابية المتخلفة بهذا الإتساع في العالم
فكونها الدولة الأعظم , نفترض جميعنا أنّها تستطيع تقليم أظافر المسخ الوهابي أينما حلّ , حتى كهوف تورا بورا أصبحت تثير فينا التساؤل / هل فعلاً , بن لادن , رجل لايمكن لأميركا بجلالة قدرها القبض عليه ؟
بدأتُ أشكّ بالكثير , اليوم بتصفحي موقع الأمم المتحدة بإنتظار نشر ندائي ورسالتي المفتوحة للأمين العام / بان كي مون حول الإرهاب في منطقتنا البائسة
فوجئتُ بوجود عشرات من الأبواب التي تهتم بكل قضايا الدول الأعضاء والبشر عموماً , لكن لايوجد باب متخصص لقضايا الإرهاب والتبليغ عن معلومات او إقتراحات حولهِ
على كلٍ مع كل ماتقدّم وأركز على عدم تبرئة أحد , بما فيه الغرب
لكنّي من خلال معايشتي وإطلاعي أجد أنّ الغرب لا يتفق على قتل الناس أبداً
حتى صدّام وأمثالهِ , هم يتعامون عنهُم لفترة تشبه إثبات الحالة ولمصلحة لهم
ثمّ يعودوا ليفضحوهم
أقول اللوم الأوّل يقع على حكامنا البائسين والإرهابين


3 - الوهابية .. الإرهابية
رعد الحافظ ( 2010 / 11 / 4 - 13:06 )
عزيزي محمد البدري
مهما جرى في التأريخ قديماً وحديثاً , في النهاية عندما تعالج خلل أو فشل مُعيّن ستجد نفسك علمياً ومنطقياً توقع الأسباب على الشعب الأصلي في تلك المنطقة
لو سألنا أي إنسان في العالم متوسط المعرفة / لماذا الأوربيين متطورين عن الأفارقة مثلاً ؟
سيكون الخاطر الأوّل للمجيب / بالطبع الفرق بين الإنسان هنا وهناك
***
أعود لمسوخ منطقتنا المبتلية بهم من التزمّت الديني ونصوصهِ السخيفة الى الحكام الدكتاتوريين وتحالفهم السرّي والعلني مع الأشياخ , الى البشر العاديين الذين يؤمنون بكل أنواع السحر والدجل والتخلف أكثر ممّا يؤمنون بإقامة مجتمعات علمية عملية تسعى للرفاهية
لاحظ أنّ الأشياخ يعتبرون الرفاهية نوع من البطر والكفر بينما هم يستحوذون على دراهم الغلابة بحجة الرقيا وباقي الخرافات
***
أتسائل علناً / لماذا لاتجتمع جامعة الدول العربية البائسة لتعلن الحرب على الإرهاب
وتغيير المناهج الدراسية من أساسها وإلغاء كلمة الدين والجنس والقومية في الدساتير
وتحديث تلك الدساتير ومقارنتها مع العالم الحرّ المتطور المرفّه ؟
لماذا لايستثمرون البترودولار في إطعام الصوماليين بدل تحولهم الى قراصنة؟


4 - الوهابية..... الارهابية
اميل وهبه ( 2010 / 11 / 4 - 14:32 )
عزيزي المهندس محمد البدري
مقالة ممتازه ....,وشكرا علي مجهودك
فقط اود ان اشير الي ان احداث 11 سبتمبر اعدت بواسطة المخابرات وشركات البترول الامريكية ..ويجب ان لا ننسي مبدأ فرق تسد الذي تبنته انجلترا ومن بعدها خليفتها الولايات المتحدة.... الولايات المتحدة تحاول السيطرة علي العالم وبالتالي فهي تحاول السيطرة الكاملة علي الشرق الاوسط ومداخل البحر الاحمر والخليج الفارسي حتي تتحكم في طرق الملاحة
... وحركة تصدير البترول وبالتالي تستطيع استغلال البترول كسلاح ضد الصين وروسيا واليابان .... ان الدعايات المفبركة عن محاولات نسف الطائرات ما هي الا
وسائل لارهاب شعوب الغرب وتبرير الجرائم التي يرتكبونها في المنطقة من افغانستان و العراق اليمن صوماليا والسودان الخ الخ الخ خ
الاستاذ رغد الحافظ ذكر ان الغرب لا يستسيغ قتل الابرياء ... اعتقد ان هذا لا يتفق
مع الواقع المرير الذي يعيشه العراق وافغانستان واليمن والصومال
ومذذذذابح جوانتانمو


5 - العشوائية تحكم حركتهم لا القصدية
محمد حسين يونس ( 2010 / 11 / 5 - 07:12 )
هناك فرق بين السعودية والوهابية ..فالاولي حكومة اقطاعية بطريركية متخلفة تحافظ علي استمرار نظامها حتي بالتحالف مع الشيطان الامريكي تنفذ مايملية في مقابل استخراج البترول وتسويقة وضمان استقرار النظام وهو ما يتسق مع ما عرضتة من اتفاقات ..اما الوهابية فلها اجندة مخالفة تتصل بنشر الاسلام الوهابي في اركان المعمورة في مواجهة الوسطية المصرية والشيعة والعلمانية الغربية ..للاسف لم تؤخذ دعوتها بجدية من البداية فشعرت بقوتها وصعدت من اذاها .. الوهابية هي اصل الداء وستقود العلم الي كارثة تعصب مضاد سيكون الخاسر فية علي طول الخط المسلمين لان بيتهم من زجاج ومعرض للاضرار باربعة مليون حاج متجمعين في مكان واحد غير محمي او امن .. ضرب مسالمين يتعبدون في الكنيسة قد يؤدى لضرب مسالمين يتعبدون حول الكعبة

اخر الافلام

.. تحدي اللهجات.. مقارنة بين الأمثال والأكلات السعودية والسورية


.. أبو عبيدة: قيادة العدو تزج بجنودها في أزقة غزة ليعودوا في نع




.. مسيرة وطنية للتضامن مع فلسطين وضد الحرب الإسرائيلية على غزة


.. تطورات لبنان.. القسام تنعى القائد شرحبيل السيد بعد عملية اغت




.. القسام: ا?طلاق صاروخ ا?رض جو تجاه مروحية الاحتلال في جباليا