الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


عن أي أمن مُستَتِب تتحدثون ؟

مهند حبيب السماوي

2010 / 11 / 4
مواضيع وابحاث سياسية


لم يفق بعد شعب العراق المسجون بين جدران المِحن والمآسي والارهاب من صدمة الهجوم على كنيسة سيدة النجاة يوم الاحد الماضي والتي راح ضحيتها اكثر من 50 شهيد وجريح مدني بريء، حتى شهدت بغداد مساء الثلاثاء وبعد يومين من حادثة الكنسية المذكورة سلسلة من الهجمات الدامية و" النادرة " بحسب وصف صحيفة الواشنطن بوست الامريكية حصدت أرواح 64 شهيد و360 جريح مدني وبريء ايضا .
زلزال ارهابي مُنسق ومفاجئ ضرب مناطق معينة من بغداد باوقات دقيقة تزامنت مع حالة تكون فيها قوى الامن والجيش متراخيه غير متيقظة ولامنتبه لما حولها، ظنا منها ان الارهابيين لايهاجمون في هذا الوقت، ولهذا تمت عملية استغلال تلك القوى الامنية من خلال أعصار ارهابي دامي كشف بشكل واضح عن تدهور امني خطير انهارت على اثره العاصمة بغداد وتداعت في لحظة ما كل منجزات الامن والاستقرار الذي تتحدث عنها بعض اجهزة الامن العراقية كما شعر بذلك المواطنون في العاصمة الحبيبة الذين فجعوا من هول المصيبة الارهابية الجديدة .
اللافت في الهجمات التي شهدتها بغداد مساء الثلاثاء أنها جاءت هذه المرة على نحو مفاجئ للمواطن العراقي الذي شعر نسبيا بالامن والامان في الفترة الماضية، كما انها باغتت السياسيين حيث لم يتوقعوا ان تُهاجم بغداد بهذه الصورة، مثل قوى الامن التي صدمها ما جرى وهي التي شعرت انها سيطرت على الوضع الامني في العاصمة، كما ان المراقبين للوضع العراقي لم يصدقوا ان تستطع قوى الارهاب والتكفير ان تضرب بغداد بهذا العمق وان تشل العاصمة وتخلق الفوضى والخوف بين مواطنيه كما فعلت يوم الثلاثاء وظهر جليا في يوم الاربعاء التي وصف بعضهم بغداد ان بعض شوارعها غدت كمدينة للاشباح في بعض فتراتها لكل اسف .
الهجوم واضح الدلالة والمعالم ايضا، فهو موجه في اغلبه ضد احياء شيعية لمحاولة واضحة لخلق حرب طائفية جديدة في العراق كالتي حدثت عام 2006 كما قال ذلك وزير الخارجية هوشيار زيباري لصحيفة لوس انجلس تايمز، وهي محاولة مكشوفة وعارية بالنسبة للشعب العراقي الذي لم تعد تنطلي عليه مثل هذه الافعال والخطط الدنيئة التي تحمل اجندات تهدف الى تمزيق الوحدة الوطنية بين نسيجه الاجتماعي، فقد ذاق، عام 2005 و2006 وبما فيه الكفاية، ويلاتها ومآساتها وكل الغيوم السوداء التي غطّت بغداد في تلك الفترة المأوسية الكالحة.
مايُحزن في هذه التفجيرات بعيدا عن حجم المأساة العريضة غير المنتهية للضحايا الابرياء الذي لم ينته لحد الان مسلسل استهدافهم من قبل الجماعات الارهابية، ان العراقيين بداوا بالاعتقاد ان " القاعدة بدأت تعمل من جديد "وهو راي أكده قائد عراقي عسكري كبير رفض الكشف عن اسمه بحسب لوس انجلز تايمز، مقراً بأن " الوضع سيء جدا "، وربما ان لم تستيقظ الحكومة واجهزتها الامنية وتعي خطورة ماحدث فان القادم اسوء وحمام الدم سيستمر من غير ان يتوقف .
ان تضرب، وفي فترة زمنية بدات من السادسة والربع مساءا واستمرت ساعة واحدة، مناطق الكاظمية والبياع والشعلة وأور والزهور ، ومدينة الصدر وحي العامل والكريعات والبياع والراشدية وحي الجهاد وبغداد الجديدة والغزالية والسيدية والحسينية وحي اور، إضافة إلى الكمالية، من خلال السيارات المفخخة والعبوات الناسفة وقذائف الهاون ، وعلى هذا النحو المنسق من غير رادع امني وعلى نحو مفاجئ ...هذا الامر المذهل والغرائبي يعني شيء واحد هو ان قوى الارهاب التي تقاتل الحكومة العراقية وشعبها المغلوب على امره مازالت تملك زمام المبادرة والقدرة على الضرب واحداث التدمير والتخريب في العاصمة بغداد.
ومن الاخطاء الشائعة في هذه الفترة الزمنية والتي تُطرح بعد كل تفجير هي الربط بين عدم تشكيل الحكومة وبين هذه التفجيرات او بين قرب تشكيل الحكومة وبينها في حين ان الحقيقة التي يرفض ان يعترف بها الساسة او قادة الامن في العراق ان الارهاب لم يُجتث من العراق وان قواه وخلاياه مازالت موجودة وتترقب اي فرصة وتتحين اي مناسبة من اجل تسفك دم او تهتك عرض، ولافرق بالنسبة لها اذا ما تشكلت الحكومة او بقت على حالها مادامت تتعامل مع اجهزة امنية غير محترفة .
نعم هنالك عوامل مساعدة ربما تهيئ الفرصة للارهابيين وتجعلها سانحة للقيام بمخططاتهم الدموية، فالغرور الامني والعسكري للحكومة العراقية قد فتح الباب لمثل هكذا عمليات ضربت قلب العراق، فالحكومة تُعلن مرارا وتكرارا انها تسيطر على الوضع الامني في العاصمة وانها قادرة على احلال الامن والاستقرار في ربوعه في حين ان الواقع ومايشهده العراق من تفجيرات يُفند كل ادعاءات الحكومة وقواتها الامنية التي نعتز ونتشرف بتضحياتها في معركتها ضد قوى الارهاب .
التوقيت الدقيق للعلمية والنوعية التي شهدها التفجير والتنيسق ذا المستوى العالي فيها عليه ان يجبر الحكومة ان تُراجع خططها وتقوّم ادائها وتدرس الثغرات التي استطاع من خلالها الارهاب ان يضرب بغداد على هذا النحو الذي يشكل هفوة فضيعة بالنسبة لاجهزتنا الامنية التي استطاعت خلال السنوات السابقة ان تدحر فلول القاعدة وتدمر حصونهم وتقضي على قواعدهم ولكن لن اقل نهائيا ... فالهجمات الاخيرة قد احيت هذه القوى واعادتها الى الساحة وجعلتها تشكل من جديد بالنسبة للحكومة العراقية رقما صعبا يستحق اعادة ترتيب الاوراق الامنية فيما يتعلق بالخطط التي تتعلق بمكافحته .
ساسة العراق ... وقادة اجهزته الامنية ...
نحن لانشك بولاء اي منكم تجاه الوطن ...ولانتردد بالاعتراف بانكم ترغبون ان يستقر الوطن وان يستتب الامن فيه ... لكن ان يحدث ماحدث يوم الثلاثاء وانتم لازلتم تتحدثون عن امن مستقر وامان في العاصفة فهذا امر يحتاج للاثبات والتحقق ومن الصعب تصديقه من قبل المواط العراقي خصوصا بعد الذي حدث، حيث اعادت التفجيرات الى الاذهان لنا تفجيرات عام 2005 و2006 عندما كان الزرقاوي يتزعم قيادة تنظيم القاعدة في العراق وكيف كانت السيارات المفخخة تنفجر في شوارع بغداد باعداد وصلت الى العشرة.
يجب ان نستخلص من هذه التفجيرات درسا مهما لكل قادة العراق يتعلق بالنظر في خططهم لمواجهة القاعدة وقيمتها وواقعيتها وفعالتيها، وسرعة استجابتها للمعلومات الواردة قبل التفجير كما يُصرح دائماً بعض قادة الامن بانهم ابلغوا عن وجود مخططات للقيام باعمال ارهابية.
فهل استوعب الرسالة قادة الامن في العراق وهل هضموا الدرس ؟ ام اننا نحتاج لدماء اكثر لكي يفهموا ماعليه ان يفعلوا ويدركوا حجم المسؤوليات التي تقع على عاتقهم








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - رجال بلا قياده ولا عقيده عسكريه!
علي النقاش ( 2010 / 11 / 4 - 09:56 )
ان اسباب كل هذا التردي الامني هو عدم وجود قياده عسكريه كما هو حال كل جيوش العالم . فبدون هيئة اركان مشتركه لا يمكن ادارة العمليات العسكريه فالقطعات بكل تشكيلاتها يجب ان تمثل بقادتها في القياده العامه للقوات المسلحه من قوات بريه ودروع وقوه جويه وهندسه عسكريه ودفاع مدني .و.و..الخ وبامرة رئيس الاركان الجيش ومعاونيه وبتوجيه من وزير الدفاع المرتبط بالقائد العام للقوات المسلحه من الناحية السياسيه فقط .....كل هذا غير موجود وانما الموجود هو مكتب القائد العام للقوات المسلحه (رئيس الوزراء) وهنا يكمن الخلل فلا يوجد رجل (سوبرمان) يدير كل شيء وسيطر على القطعات وخاصه اذا كان لا يعرف اي شيء عن الجيش ولم يخدم حتى كجندي مكلف ولديه من المستشارين الكثير ولكنهم رجال دين معممون لاغيروالاغرب ان قائد الجيش الفعلي وهو (رئيس اركان الجيش) وهذا لم يرتقى الا الى رتبة ملازم اول ثم انضم الى قوات البيشمركه وهي ملشيات تختلف ادارتها عن قيادة الجيوش النظاميه وفي بلد من اخطر بلدان العالم من الناحية الامنيه وتعقيداته ونرى قيادات امنيه متبعثره كلا يقوم بما يعتقده بشكل كيفي .ونسال اين رئيس اركان الجيش من كل هذا ؟

اخر الافلام

.. -أنا لست إنترنت.. لن أستطيع الإجابة عن كل أسئلتكم-.. #بوتين


.. الجيش الإسرائيلي يكثف ضغطه العسكري على جباليا في شمال القطاع




.. البيت الأبيض: مستشار الأمن القومي جيك سوليفان يزور السعودية


.. غانتس: من يعرقل مفاوضات التهدئة هو السنوار| #عاجل




.. مصر تنفي التراجع عن دعم دعوى جنوب إفريقيا ضد إسرائيل أمام مح