الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


في المعرفة الدياليكتيك الماركسي عند لينين الجزء 3

امال الحسين
كاتب وباحث.

(Lahoucine Amal)

2010 / 11 / 4
ابحاث يسارية واشتراكية وشيوعية


لقد حاول الماخيون محاكمة أفكار بليخانوف حسب فهمهم لمسألة الطبيعة و الإنسان ، و طرحوا مسألة الزمن و المكان و السببية في علاقتها بقول بليخانوف :"وجود العالم قبل الإنسان" ، الذي استنتج عبر أن :
ـ فلسفة كانط لا تفيد في هذا الشأن.
ـ المثالية تقر بعدم إمكانية وجود الموضوع بدون ذات.
ـ تاريخ الأرض بين وجود الأرض قبل الذات بزمن طويل ، قبل وجود المواد العضوية التي تملك درجة معينة من الوعي.
ـ التاريخ إعترف بالمادة و الشيء في ذاته.
و أكد أن فلسفة كانط المتسمة باللاعرفانية لا تملك جوابا عن إشكالية الذات و الموضوع لأنها لا تتوافق و العلم المعاصر.
و يقول بليخانوف عن موضوع الطبيعة و الإنسان :
" لا موضوع بدون الذات بنظر المثالية و أن الموضوع يوجد بنظر المادية بصورة مستقلة عن الذات و معكوسا بقدر متفاوت من الصحة في إدراكنا".
و أكد لينين أنه لا يمكن لأي مادي أن يكذب قول بليخانوف هذا لأن :
ـ المادة و الطبيعية موجودتان قبل الإنسان.
ـ المثالية الذاتية هي منطلق المذهب النقدي التجريبي من خلال مقولة أن العالم هو عبارة عن أحاسيس.
و يتم لف مقولة الأحاسيس بمجموعة من الكلمات التي يستعملها أفيناريوس و ماخ ، من أجل التغطية عن تناقضاتها مع العلوم الطبيعية ، و استطاع المذهب الماركسي اللينيني دحض هذا المذهب و جميع المذاهب التي تصب في بحر المثالية الذاتية و السوليبسيسم.
و في نقده للمذهب النقدي التجريبي يستخلص لينين أن هذا المذهب تلازمه على طول الخط المسائل العرفانية الرجعية التامة ، باستعمال جديد للكلمات الحاملة للأخطاء القديمة للمثالية و اللاعرفانية ، و لا يمكن الحديث عن الجمع بين الماركسية و المذهب النقدي التجريبي ، و هذا المذهب لا يشكل إلا مدرسة صغيرة من بين المدارس الفلسفية الصغيرة في العصر الحديث ، حيث انطلاق رواده من كانط محاولين الوصول إلى المادية ليعصف بهم نحو اللاعرفانية الهيومية و البركلية ، و عملوا على تكريس مذهب الماخية الغارق في المثالية في وحدته مع الكمونية أشد إغراقا في الرجعية.
و يقول لينين أن الماخية مرتبطة ببعض العلماء الطبيعيين المنزلقين عبر نظرية النسبية إلى المثالية خاصة في العلوم الفيزيائية ، بعد الاكتشافات العلمية العظيمة التي حطمت النظريات القديمة الكلاسيكية و التي بينت نسبية معارفنا ، مما كرس انتشار المثالية الفيزيائية على غرار المثالية الفيزيولوجية في الماضي في أوساط العلماء الطبيعيين.
و عمل هؤلاء الأساذة البورجوازيون على تكريس صراع الأحزاب الفلسفية عبر السكولاستيك العرفاني للمذهب النقدي التجريبي ، لكون الفلسفة الحديثة حزبية كالفلسفة منذ ألفي سنة مضت حيث المادية و المثالية حزبان متصارعان على طول التاريخ ، هذا الصراع يعبر عن ميول الطبقات المتناقضة و عن أيديولوجيتها ، عبر "جوهر الأمر المستور" كما قال لينين ، و دور المذهب النقدي التجريبي دور طبقي يسعى إلى خدمة "الإيمانية" ضد "المادية" عامة و المادية التاريخية على الخصوص ، و المذهب النقدي التجريبي أيديولوجية التحريفية في العصر الحديث.
ففي المجال المعرفي العام يصف لينين التحريفية بأنها "النزعة الفكرية لاشتراكية ما قبل ماركس" ، حيث يسعى الأساتذة المدرسون إلى تمرير الفكر الكانطي عبر البرامج التعليمية الرسمية ، في محاولة لإحياء الفكر المثالي زاعمين أن المادية قد تم دحضها ، و هم في محاولاتهم لمهاجمة الديالكتيك الهيكلي يحتقرون الفلسفة المادية ، و هم لا يستطيعون فهم الديالكتيك الماركسي الذي حاولوا تعويضه بالفلسفة المثالية للقرون الوسطى ، و جعلوا "الدين ليس قضية الدول بل كذلك قضية الطبقة الثورية" كما قال لينين ، في محاولة فاشلة لإدخال التعديلات على المذهب الماركسي.
تعتبر مرحلة ماركس مرحلة تطوير المفهوم المادي للتاريخ و التياليكتيك المادي عبر عمله على مراجعة فلسفة هيكل ، التي اعتبرها مهمة باكتشافها للصيرورة الجدلية لكنها بقيت حبيسة "الفكرة المطلقة" التي جعلتها ذات أبعاد مثالية ، مما تطلب جعل الجدلية مادية و ذلك بإخراجها من الفكرة إلى الواقع المملموس ، و أسس الدياليكتيك الماركسي بعد إزالة صفة المثالية من جدلية هيكل منتقدا مفهومها الدولة عند هيكل ، و اعتبر "إنسان" فويرباخ إنسانا مجردا لأنه لم يعمل إلا على تغيير "الفكرة المطلقة" ب"الإنسان" دون الخروج من دائرة المثالية.
لقد قاد ماركس الصراع ضد المناهضين للديالكتيك المادي من البرودونيين و اللاساليين الذين أثارهم المذهب الماركسي محاولين تحريفه ، و وضع أسس الثورة الإشتراكية باعتبار الصراع الطبقي هو المحدد لحركة التاريخ ، و قطع الصلة بالمثالية في صراعه ضد البورجوازية التي ترى في المثالية الملاد الآمن من أجل استغلال الطبقة العاملة ، حيث لم تستطع البورجوازية التخلص من أوهام المثالية .
و يقول ماركس حول الثورة الإشتراكية في القرن 19 :
"إنها لا تستطيع أن تبدأ بنفسها قبل أن تصفي نهائيا كل خرافة و وهم حيال الماضي ، إن الثورات السابقة كانت في حاجة إلى ذكريات التاريخ لكي تخفي عن نفسها محتواها"، برومير للويس بونابرت ، دار النشر الاجتماعية الأممية باريس 1927.
و عمل لينين على تطوير الدياليكتيك الماركسي على مستوى المعرفة ، من خلال الدفاع عن الفلسفة المادية الماركسية في ظل هجوم المثالية الذاتية على المذهب الماركسي ، و بلور الدياليكتيك المادي الماركسي في مجال المعرفة مما يميز اللينينية عن غيرها من المذاهب ، و ذلك بإعطائها للدياليكتيك المادي الماركسي بعد أشمل و أدق على جميع المستويات السياسية و الإقتصادية و التنظيمية و النضالية.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. الانتخابات التشريعية الفرنسية: اليمين المتطرف يتصدر الاستطلا


.. فرنسا: هل يمنع حزب التجمع الوطني مزدوجي الجنسيات من الولوج إ




.. هل يعتمد ماكرون استراتيجية تشوية اليسار في الدورة الأولة للت


.. مظاهرات بتل أبيب والقيسارية ضد نتنياهو هي الأضخم منذ بدء الح




.. الناصرية 1 حزيران 2024 - مشاركات الحضور - ندوة سياسية لمنظم