الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


من یقف وراء الارهاب فی العراق؟

كمال سيد قادر

2010 / 11 / 5
الارهاب, الحرب والسلام



د. کمال سید قادر:

الإرهاب ککل أنواع الحروب إنما هو امتداد للسیاسة بوسائل أخري و لكنه شکل دنیء و جبان جدا من الحرب و محرم دولیا تحريما باتا، و هو أيضا فی اکثر الحالات حرب بالنیابة عندما تستخدم أطراف متصارعة طرفا ثالثا بطریقة غیر مباشرة لشن الحرب بالنیابة عنها بدون دخول هذه الأطراف نفسها فی الحرب لتفادی العواقب العسكریة و المادیة والقانونیة و هناک أمثلة كثیرة لحروب من هذا النوع کالحرب الأهلية فی اسبانیا فی ثلاثینات القرن الماضی و التی كانت فی الحقیقة حربا بین الاتحاد السوفیتی و ألمانيا النازیة أجريت فیها تجارب علی أسلحة و وسائل حرب جدیدة و الحرب الأهلية اللبنانیة التی كانت وراءها إطراف خارجیة عدة منها إسرائيل. والعراق بسبب امتلاكه لقدرات بشریة و اقتصادیة هائلة و خاصة مصادر الطاقة، أصبح منذ ثورة تموز 1958 و لحد الآن میدانا للحروب بالنیابة. فی المرحلة الأولي ما بعد الثورة حاول الاتحاد السوفیتی استخدام الشیوعیین لضم العراق إلي المعسكر الاشتراكي و لتسهیل هذه العملیة و إضعاف حکومة قاسم قام الاتحاد السوفیتی عام 1961 بإشعال حرب بالنیابة ضد العراق عن طریق عمیل المخابرات السوفیتیة کی.جی .بی، الملا مصطفی البارزانی حیث زار هذا الأخير الاتحاد السوفیتی قبل اندلاع الحرب بشهور و قامت السفارة السوفیتیة فی بغداد بتمویل الاستعدادات لهذه الحرب و هذا هو ما اعترف به مسعود البارزانی فی کتأبه حول " البارزانی و الحرکة التحرریة الکردیة" و وثائق المخابرات السوفیتیة التی تم الکشف عنها فی الآونة الأخيرة. و عندما شعر الأمريكيون بالخطر الشیوعی علی العراق قاموا بدورهم بدعم البعثیین للإطاحة بحکم قاسم و تدمیر الحزب الشیوعی و هذا ما تم بالفعل فی انقلاب الثامن من شباط 1963 و مجازر الشیوعیین علی أيدي الحرس القومی البعثی الذی كان یستلم قوائم بأسماء و عناوین الشیوعیین من المخابرات المرکزية الامریکیة مباشرة. و حرکة ملا مصطفی البارزانی کانت قد تحولت بعدئذ إلي مؤسسة مخابراتیة تشن حروبا بالنیابة ضد العراق لصالح روسیا و امریکا و إيران و إسرائيل بالتناوب و لکل من کان یدفع الثمن المطلوب إلي ان تدخل الاتحاد السوفیتی من خلال ضابط الکی. جی. بی یفکینی بریماکوف الیهودی الأصل و الذی کان یعمل فی العراق تحت غطاء صحفی لإجراء مصالحة بین النظام البعثی و البارزانی و هذا ما یعرف باتفاقیة الحادی عشر من آذار 1970 کما یذکر بریماکوف فی مذکراته و الأستاذ الدکتور محمود عثمان، عضو البرلمان العراقی حالیا یعرف تفاصیل هذه الأحداث و له معرفة شخصية ببریماکوف منذ ستینات القرن الماضی و بریماکوف کان شخصیا یسلم ملا مصطفی البارزانی راتبه من الکی جی بی حسب وثائق میتروخین من أرشيف الکی جی بی. و فخامة الرئیس جلال الطالبانی له معلومات اکثر لأنه هو کان شخصیا حسب وثیقة صادرة من وزارة الخارجیة البریطانیة فی ستینات القرن الماضی علی قائمة رواتب المخابرات السوفیتیة و المصریة (http://www.twejer.com/pdf/talabanidocs.pdf ) و له أيضا صلات قویة حتى الآن ببریماکوف الذی هو المؤسس الحقیقی للاتحاد الوطنی الکردستانی فی سوریا عام 1976 و ضمن له التمویل و السلاح عن طریق سوریا و لیبیا و لعل الأستاذ فخری کریم ، کبیر مستشاری فخامة الرئیس لدیه المزید من المعلومات حول هذا الموضوع و مواضیع مخابراتیة أخري حسب مذکرات الأستاذ شوکت خزندار مسؤول تنظیمات الحزب الشیوعی العراقی سابقا والذی تدرب أيضا فی الاتحاد السوفیتی. و ربما ستقوم المخابرات السوریة یوما ما بنشر وثائقها کما قام به جهاز الکی جی بی. و حزب البعث العراقی کتنظیم و نظام حاكم یکن منذ الانقلاب الأول عام 1963 إلا عصابة للمخابرات المرکزیة الامریکیة و علی رأسهم صدام حسین الذی کان عمیلا لهذا الجهاز حتی ‌آخر لحظات حیاته استمر يشن حروبا بالنیابة ضد دول الجوار لصالح الغرب و ابتزاز أموال البترول من دول الخلیج و تفریغ خزاناتها، و حتی أن إنتاج و استخدام الأسلحة الکیماویة من قبل النظام البعثی کان منذ البدایة بعلم و دعم مادی و تکنیکی امریکی- بریطانی کما تؤکده الوثائق البریطانیة و الامریکیة المنشورة أخيرا (http://picasaweb.google.com/100377391374140542368/BabateKurdi#5534299932640645026 ) و سنعرضها فی بحث مستقل انشاءالله قریبا. و لعل الحکومة المصریة تقوم یوما ما بنشر وثائق حول صدام حسین زمن وجوده فی القاهرة و علاقاته آنذاک مع السفارة الامریکیة حیث کان یستلم منها رواتبه. و حتی احتلاله أراضي الجارة الکویت و المناورات السیاسیة و العسکریة التی تلته لم يكن إلا فی إطار نشاطات الحرب بالنیابة مبرمجة لتبریر احتلال و تدمیر العراق و هو برنامج دخلت فیه الحرکة الصهیونیة بقوة بعد تسلم جورج بوش الأب الرئاسة الامریکیة عام 1989. و الأمر لم ینتهی باحتلال العراق عام 2003 لان ما عدا الامریکیین و الحرکة الصهیونیة هناک إطراف أخري لها مصالح فی العراق تحاول أيضا تحقیقها أو علی الأقل إفشال المشروع الامریکی من خلال شن حرب بالنیابة ضد الکل فی العراق. و إذا کانت مصالح امریکا فی العراق اکثرها اقتصادیة کالسیطرة علی منابع النفط مثلا و احتکار السوق العراقی فان الهدف الصهيونی هو سیاسی أي تعبيد أرضية إقامة إسرائيل الکبری و شل قدرات العراق المادیة و البشریة إلي الأبد و هی فی مجموعها مصالح تتناقض مع مصالح دول أخري کدول الجوار و روسیا و حتى الصین. فیما یتعلق بدول الجوار فهی متورطة بشکل متفاوت فی شنها حربا بالنیابة علی العراق و بدوافع مختلفة، منها الخوف من تحول العراق إلي قاعدة امریکیة-صهیونیة تنطلق منها محاولات زعزعة استقرارها کما هو الحال الآن فی إقليم کردستان حیث تشن بعض الجماعات المسلحة هجمات مسلحة علی بعض دول الجوار نیابة عن امریکا و إسرائيل، و قسم آخر من دول جوار العراق أصابه الخوف من امکانیة نجاح التجربة الدیمقراطیة فی العراق و التی لم تکن فی البدایة فی ذهن الامریکیین إطلاقها بل کانت مقترحا عراقیا و بالأخص من رجال الدین الأفاضل و بذلک یشکل تهدیدا لاحتکار السلطة فی هذه البلدان من قبل أشخاص و عوائل تفتقر إلي الشرعیة الدیمقراطیة. و تختلط فی بعض الأحيان النزعة الطائفیة مع المصالح السیاسیة لهذه الدول. و هناک من یساعد أطرافا خارجیة أخري من الناحیة اللوجستیکیة فی شن حربها بالنیابة ضد العراق من خلال السماح بعبور الأفراد و الأسلحة عبر أراضيها إلي العراق. دول کبری کروسیا مثلا لها أيضا دور رئیسی فی هذه الحرب فی العراق لمواجهة المشروع الامریکی و لکن دولا مثل روسیا تتصرف بحذر و ذکاء بحیث من الصعب جدا متابعة أثرها فی هذه الحرب و هی عاد‌ة تستخدم دول أخري لإيصال الدعم المادی و الأسلحة إلي الجماعات المسلحة فی العراق مقابل تزوید هذه الدول بأسلحة متطورة تحتاجها لمواجهة إسرائيل. التحضیرات الروسیة لمواجهة المشروع الامریکی فی العراق تمت قبل عملیة الاحتلال بکثیر أي أن الخطة کانت جاهزة تم تفعیلها فقط بعد الاحتلال.
صحیح بان الجماعات الإرهابية فی العراق تدعی کلها بکونها مقاومة شرعیة ضد الاحتلال و لکن مواصفات المقاومة لا تنطبق إلا علی عدد قلیل منهم و ذلک قبل خروج القوات المحاربة الامریکیة من العراق حسب الاتفاقیة العراقیة-الامریکیة و الآن هی کلها جماعات إرهابية عمیلة تشن حربا بالنیابة لصالح أطراف خارجیة و لیس من المفروض بان کل أعضاء هذه الجماعات أو قیاداتها المیدانیة تعلم بهذ‌ه الحقیقة لان إدارتها تتم مخابراتیا و بذکاء. و الإرهاب هو أيضا الذراع الثانی للامریکیین فی العراق لتبریر تمدید محتمل لوجودهم فی العراق أو حتی القیام بانقلاب آخر لنصب حکومة تستجیب لمطالبهم. وإن معلوماتی الشخصیة کصحفی تؤکد بان هناک علاقات للأجهزة المخابراتیة الامریکیة مع الجماعات الإرهابية البعثیة التی تتهیأ للقیام بانقلاب فی العراق و هی معلومات موثقة.
و لا تغیب عن هذه الساحة إسرائيل و أجهزتها المخابراتیة و لعل خیر دلیل علی قولی هذا هو المثال التالی: خلال وجودی فی سجن مخابرات البارزانی فی أربیل عام 2005-2006 و کنت فی الحقیقة معتقلا لدی المخابرات المرکزیة الامریکیة بسبب نشری مقالات معادیة للاحتلال و إسرائيل ، إذ و ضعونی فی غرفة داخل القسم الاداری لجهاز المخابرات بسبب تدهور حالتی الصحیة بعد التعذیب و اضرابی المتکرر عن الطعام و تدخل الحکومة النمساویة ولذلک کان بامکانی مراقبة الکثیر من الاحداث التی کانت تجری داخل مقر المخابرات منها زیارة رجال امن إسرائيليين إلي المقر لغرض تدریب عناصر المخابرات و کذلک حضور أشخاص من أصول عربیة لغرض التدریب علی المتفجرات. فی احدی المرات تکلمت مع احد هؤلاء العرب و هو لم یکن یعرف بأنني سجین قال لی بأنه من محافظة دیالی حضر للاشتراكک فی الدورة أي دورة المتفجرات. و هل یحتاج المرء إلي ذکاء خارق للاستنتاج بان رجال الأمن الإسرائيليين کانوا یدربون إرهابيين من أصول عربیة و النتیجة معلومة کما نراها الآن فی بغداد.
و کاستنتاج شخصی لهذا العرض المختصر لآرائي و مشاهداتی و بعض الوثائق أقول بان الإرهاب فی العراق سیدوم طالما لم تتشكل حکومة قویة تتمتع بصلاحیات استثنائیة واسعة جدا تضرب بید من الفولاذ هذه الجماعات العمیلة و تضع حدا للنفوذ و التدخل الأجنبي فی العراق و إلا فسوف تكون الصوملة مصيرنا ، وقد اقتربنا بالفعل بعد التفجیرات الأخيرة فی بغداد من مثال الصومال.
[email protected]








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. من هم المتظاهرون في الجامعات الأمريكية دعما للفلسطينيين وما


.. شاهد ما حدث مع عارضة أزياء مشهورة بعد إيقافها من ضابط دورية




.. اجتماع تشاوري في الرياض لبحث جهود وقف الحرب في غزة| #الظهيرة


.. كيف سترد حماس على مقترح الهدنة الذي قدمته إسرائيل؟| #الظهيرة




.. إسرائيل منفتحة على مناقشة هدنة مستدامة في غزة.. هل توافق على