الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الجريمة في مصر والضحايا في العراق

جوزيف بشارة

2010 / 11 / 5
الارهاب, الحرب والسلام


استمرت تظاهرات الإرهابيين في الإسكندربة اليوم الجمعة رغم أن دماء شهداء كنيسة سيدة النجاة ببغداد لم تجف بعد. تخلى الحياء تماماً عن المتظاهرين الجبناء والدولة المتهلهلة التي سمحت لهم بالاستمرار في تظاهراتهم التي كانت المسئول الأول عن العملية الإرهابية التي تعد الأبشع في السنوات الأخيرة لأن الضحايا كانوا من الأطفال والنساء والشيوخ العزل. لم يتمكن النظام الحاكم في مصر من منع الإرهابيين من التحريض على إبادة المسيحيين لأنه يبدو عاجزاً تماماً عن مواجهتهم. لم يشأ النظام إيقاف الإرهابيين خوفاً من سطوتهم التي تهدد وجود النظام الحاكم، فسمح لهم بالعبث في مصر وتحويلها إلى وكر للشر والحقد والكراهية.

يخطيء من يظن أن مذبحة كنيسة سيدة النجاة التي تم تنفيذها في كنيسة بغداد يوم الأحد 31 نوفمبر بدأت وانتهت هناك وعندها. بدأ تنفيذها قبل نحو ثلاثة أشهر في مصر حين سمحت الحكومة للإرهابيين بالتظاهر وتوجيه التهديدات العلنية للمسيحيي والقيادات المسيحية في مصر. تهديدات بالعنف والدم تم النداء بها. تهديدات وبذاءات يعاقب عليها القانون تم الهتاف بها في التظاهرات، ورغم ذلك غضت الحكومة النظر عن الامر وسمحت للإرهابيين بالمزيد من الحرية وفتحت أمامهم الباب لإفراغ ما في جوفهم دناءة وحقارة. وكانت نتيجة الجريمة المصرية ضحايا بالعشرات في العراق.

يدعي الإرهابيون أن الغرض من تظاهراتهم هو الضغط على الكنيسة لإظهار وفاء قسطنطين وكاميليا شحاتة، ولكن الغرض الأكبر لهم والذي لا يخفونه هو قمع المسيحيين وإرهابهم وتكميمهم. يريد الإرهابيون منذ عقود تنفيذ مخططاتهم لأسلمة المجتمع المصري وأسلمة مسيحييها بالإجبار. واجهت المخططات هذه مقاومة كبيرة من المسيحيين الذين طالبوا بحقوقهم ونادوا بتوفير الحماية لهم ولذويهم ولنسائهم اللائي تعرضن للاختطاف. لذا فطنت أذهان الإرهابيين إلى التظاهرات كوسيلة للي ذراع المسيحيين وللضغط على الحكومة حتى تتوقف عن تلبية أي من مطالب المسيحيين.

يقع جزء كبير من مسئولية العملية الإرهابية في كنيسة النجاةعلى كل من سمح للإرهابيين بالتظاهر في مصر. كان تراخي الحكومة المصرية في التعامل مع الإرهابيين الذين لا يرغبون في بقاء المسيحية في موطنها الأصلي بمنطقة الشرق الأوسط عملاً مشيناً. كانت الحكومة المصرية تعي تماماً مخاطر التحريض الذي نشرته تظاهرات الإرهابيين، ولكنها لم تفعل شيئاً لكبح جماحهم. كانت الحكومة المصرية تعرف أن كل الهتافات التي نادى بها الإرهابيون ليست إلا بذاءات وأكاذيب، ولكنها شاءت صمت القبور.

كل ما يحدث حولنا اليوم يشير بجلاء إلى سياسة النظام الحاكم الفاشلة في التعامل مع الاحتقان الطائفي في مصر والذي تسبب في إزهاق أرواح أناس أبرياء في العراق. أناس لا ناقة لهم ولا جمل في ما يحدث في مصر ذهبوا ضحية السياسات الخاطئة في التعامل مع الإرهابيين. لا يساوروني الشك للحظة في أن النظام المصري الحاكم يرتبط باتفاق سري مع الجماعات الإرهابية التي تضم الإخوان المسلمين وتنظيم القاعدة والجماعات الإسلامية وغيرها. يقضي الاتفاق بمنح الإسلاميين الحرية في إفساد المجتمع المصري مقابل عدم تحدي سلطة النظام. وللحق فقد أثمر الاتفاق عن توقف العمليات الإرهابية ضد النظام منذ عام 1997 وبالتحديد منذ مذبحة الأقصر التي راح ضحيتها عشرات من السياح الأجانب.

ولكن الاتفاق الإسلامي/الحكومي أظهر وجهه السيء في جوانب أخرى كان ثمنها باهظاً. كان ثمنها مصر المحروسة. تحولت مصر بعد الاتفاق إلى ساحة من ساحات الجهاد ضد المسيحيين. لم يعد الإرهابيون ينفذون عمليات الإرهابية، فقد أصبحت الأداة التنفيذية للإرهابيين هي عامة الشعب الذي بات يقوم بعمليات الأسلمة ويهاجم مصالح المسيحيين ويهب غاضباً لمجرد ترميم أو بناء كنيسة. باختصار فقد حوّل اتفاق الحكومة مع الإسلامين نسبة كبيرة من الشعب المصري إلى متطرفين مستعدين لارتكاب كل أنواع الحماقات ضد الأقلية المسيحية.

على جانب أخر، كانت جريمة كنيسة سيدة النجاة دليل على ارتباط إسلاميي مصر بعلاقات قوية مع تنظيمات إسلامية إرهابية في دول أخرى وعلى رأسها تنظيم القاعدة الذي تبنى أحد فروعه الإقليمية في العراق مسئولية مذبحة كنيسة النجاة. تحاول الحكومة المصرية باستمرار نفي اختراق تنظيم القاعدة للمتطرفين في مصر. ولكن نفي الحكومة غير صادق لأن العلاقة بين تنظيم القاعدة والتنظيمات الإرهابية حول العالم علاقة تفاهم فكري تتخطى بمراحل العلاقات الشكلية والتنظيمية.

يمكن تشبيه تنظيم القاعدة بشبكة الويب أو الإنترنت التي هي شبكة هلامية غير محسوسة وغير ملموسة ولكنها موجودة في كل بقاع المسكونة ويمكن الانضمام إليها طالما تم امتلاك الوسائل اللازمة كالحاسوب وخط الاتصال. هكذا تنظيم القاعدة اليوم فهو شبكة هلامية ليس لها وجود يذكر كتنظيم هرمي. ولكن القاعدة موجودة ومنتشرة في مختلف أرجاء المسكونة، وهي تبث أفكارها الإرهابية وكل من يؤمن بالفكر القاعدي هو عضو في التنظيم حتى وإن لم يكن له بطاقة عضوية. ربما كان للقاعدة في الماضي وجود كتنظيم ملموس في أفغانستان، ولكن العمليات الامنية حولته من كيان ذي وجود محسوس كتنظيم إلى أفكار إرهابية يعتنقها المتطرفون حول العالم.

لقد ضرب الإرهابيون الإسلاميون ضربتهم واستشهد العشرات من المسيحيين وأصيب المزيد من الأبرياء في جريمة خطط لها وجرى التحريض عليها في مصر وكان ضحاياها في العراق. ماذا نحن فاعلون أمام وحش شرس تركع أمامه الحكومات ولا يرفضه للأسف الشديد عامة المسلمين.

لست أظن بأن أمامنا شيء نفعله. مجتمعاتنا أصبحت موبوءة ولا أمل في إصلاحها في الوقت الراهن. حتى الأمل الذي كان معقوداً على التيار اليساري بدأ يتبخر بسبب انحسار اليسار في الشرق الاوسط. فضلاً عن هذا فالمناخ الدولي لا يسمح بعمل موحد لإيقاف الإرهاب الإسلامي. الجميع حول العالم أصبح يخشى بطش الإسلاميين الذين ازدادوا صلابة بوجود باراك أوباما في البيت الأبيض، هذا الرئيس الذي فتح الباب أمام الإرهاب والإرهابيين بسياساته الخاطئة والتي كان منها رفضه الإشارة لمسيحيي العراق في بيانه بشأن مذبحة كنيسة سيدة النجاة. ليس لنا أخيراً إلا الرب لينقذنا مما يحمله لنا الإرهابيون.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - قلمك صادق وتعبيرك صحيح
لطيف شاكر ( 2010 / 11 / 6 - 03:19 )
هذا الرئيس الذي فتح الباب أمام الإرهاب والإرهابيين بسياساته الخاطئة والتي كان منها رفضه الإشارة لمسيحيي العراق في بيانه بشأن مذبحة كنيسة سيدة النجاة. ليس لنا أخيراً إلا
الرب لينقذنا مما يحمله لنا الارهابيون
وهل يأتي من الشوك عنبا هذا هو اوباما الذي صوت له الامريكان بحماقة بسبب رعونة بوش الغبي لكن ليس العتاب علي اوباما الذي انكشف امره لكن عتابي علي المؤسسات القادرة ان تصنع شيئا ولكن لااعرف لماذا الصمت بعد ان اتضحت صورة الاسلام الحقيقي لتدمير العالم !.


2 - انقذو تراث العراق من الارهاب
سمر كرم الخميسي ( 2010 / 11 / 6 - 06:17 )
كانت وما زالتالاقليات في العراق هي مهد الحضارات فالطائفة المسيحية والطائفة الصابئية هم من اقدم الناس الذين سكنو وادي الرافدين ومن دونهم انا باعتقادي سوف نقضي على حضارة العراق واننا نرى انهم في تناقص سريع ومستمر لا لانهم لايريدون ان يبقو بهاذا الوطن وانما هم مجبرون على ذلك وان قسوة الارهاب جعلت منهم التهافت المستمر الى الدول التي يعتقدون انها توصلهم الى بر الامان ---انهم محقين بذلك --من يحب الارهاب والعنف ؟فهم اقوام مسالمة ولا راينا على مد العصور شيء يسيء الى اخوانهم المسلمين ---فالعراقيون هم خليط متجانس لا يفرقه شيء ---فرقهم الارهاب وتنظيم القاعدة فقط ---لننادي بحماية الطوائف المسيحية والصابئية (مهد الحضارات) ولننادي بدحر الارهاب وكشف الحكومات العميلة ومقاطعتها

اخر الافلام

.. قيادي بحماس: لن نقبل بهدنة لا تحقق هذا المطلب


.. انتهاء جولة المفاوضات في القاهرة السبت من دون تقدم




.. مظاهرة في جامعة تورنتو الكندية تطالب بوقف حرب غزة ودعما للطل


.. فيضانات مدمرة اجتاحت جنوبي البرازيل وخلفت عشرات القتلى




.. إدارة بايدن وإيران.. استمرار التساهل وتقديم التنازلات | #غرف