الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


مسرح نجيب الريحانى ومسرح على الكسا ر

محمدعبدالمنعم

2010 / 11 / 6
الادب والفن


مسرح نجيب الريحانى ومسرح على الكسار
بقلم : د / محمدعبدالمنعم – قسم المسرح بكلية الاداب – جامعة الاسكندرية




كان من السائد فى ذلك الوقت أن يقوم مدير الفرقة وصاحبها بعمل المخرج من حيث اختيار النصوص المسرحية سواء كانت مترجمة أو ممصرة، واختيار مجموعة الممثلين الذين يشاركونه التمثيل، واختيار طاقم العمل الذى يعاونه من شعراء وزجالين وملحنين وغيرهم، ويعطى لنفسه دور البطولة التمثيلية .


ثم يقوم بتضفير عناصر العمل معاً وتسخيرها لذاته وإخضاعها للتأكيد على نجوميته، بحيث تجرى الأحداث حوله وتمهد لإعطاء فرصاً للغناء، مقدماً عرضاً مسرحياً قوامه الموسيقى والغناء والاستعراضات والكوميديا، ولا مانع من طرح طوائف الشعب وقضاياهم الوطنية فوق خشبة المسرح .


ومن أبرز هؤلاء الذين كانوا يقومون بعمل المخرج على هذه الطريقة نذكر (نجيب الريحانى) و(على الكسار)، وسيوضح الباحث دورهم فى التعامل مع عناصر العرض المسرحى على النحو التالـى:



نجيـب الريحانــــى

أسس نجيب الريحانى فرقة مسرحية تحمل اسمه بدأت الفرقة فى تقديم أوبريتات ومسرحيات غنائية أقرب إلى الأوبريت منذ عام 1916، وكان الريحانى صاحب الفرقة ومديرها وكان يقوم بدور المخرج إذ كان يخرج جميع الأعمال التى تقدمها فرقته بنفسه ويؤدى فيها دور البطولة.


مثل أوبريتات (ولو- إش - فشر) وغيرها من ألحان سيد درويش، وأوبريتات (الليالى الملاح - الشاطر حسن - أيام العز) وغيرها من ألحان زكريا أحمد، وأوبريتات (الفلوس - البرنسيس) تلحين دواود حسنى، و(نجمة الصباح) تلحين محمد القصبجى، باستثناء أوبريت (العشرة الطيبة) الذى أخرجه عزيز عيد واكتفى نجيب الريحانى بدوره كمنتج لهذه الأوبريت.


وإذا بحثنا فى كل هذه الأعمال عن دوره كمخرج مسرحى لن نجد دوراً واضحاً للمخرج كقائد للعملية الإبداعية مثلما كان الأمر عند عزيز عيد، وإنما انحصرت جهوده فى توفير العناصر الفنية التى تمتع المشاهد من نص كوميدى يحتمل لحظات حماسية ويصور طوائف الشعب المختلفة، ويطرح شخصيات كاريكاتورية نفعية هازلة مثل شخصية (كشكش بيه عمدة كفر البلاص) التى كان يؤديها نجيب الريحانى بنفسه، وخادمة (زعرب) وغيرها من الشخوص الهزلية وما يصاحبها من موسيقى مرحة راقصة، وأغانى مسلية، واستعراضات راقصة كوميدية.


لذلك استعان ببديع خيرى ليكتب له الأزجال المناسبة والأعمال الكوميدية الهازلة التى تتيح مساحة كبيرة للمنوعات الغنائية الراقصة، كذلك استعان بأمين صدقى ليقوم بتعريب المسرحيات التى تحتمل تضمينها بالأغانى والرقصات، والأمثلة كثيرة ومتنوعة .


ولنضرب مثلاً من بعض الأعمال التى قام فيها بدور المخرج لنوضح ما سبق ذكره، يقول سامى منير "اتبع الريحانى وبديع خيرى فى مسرحية (إش) نفس أسلوب الكسار من تقديم أغنيات متعددة تشرح حال فئات شعبية مختلفة... وتختلط ألاعيب كشكش بك وأفانينه وحماقاته وهذره مع النساء بالأناشيد الوطنية والاجتماعية مثل لحن الحرية فى مسرحية (رن) الذى يدعو إلى حب الوطن بالأفعال وليس بالأقوال".

وهكذا يتضح لنا حرص نجيب الريحانى على إمتاع المُشَاهِد فى المرتبة الأولى بكافة الوسائل الممكنة من كوميديا ورقص وغناء وغيرها.

كذلك يتضح لنا اهتمامه بإخضاع عناصر العمل المسرحى للتأكيد على نجوميته من خلال تكريس كل ما هو على خشبة المسرح لخدمة كشكش بيه - الشخصية المحورية التى يلعبها - والتى تجرى الأحداث حولها وتُمَهِد لإعطاء فرص للغناء والاستعراضات يكون له فيها الدور الرئيسى.


وعن تعامله مع عناصر العرض الأخرى، فقد كان بطبيعة الحال يحرص على اكتمال المتعة البصرية لدى المشاهد من خلال اهتمامه بالبذخ فى الديكور والأزياء مثل الأزياء الريفية المتأنقة لعمدة كفر البلاص كشكش بيه، والملابس الكوميدية لخادمه زعرب وغيرها، أما عن حركة الممثل فقد "كان الريحانى يؤمن بحرية الممثل فى تمثيل دوره بلا مراعاة لأى ضبط لحركته المسرحية"، أى إنه لم يهتم بتخطيط حركة ممثليه مسبقاً وإنما تركها لارتجال الممثل وإحساسه بما يؤدى.


وهكذا يسجل الباحث أنه لم يتمثل فى شخص نجيب الريحانى ذلك الوجود الحقيقى للمخرج كقائد للعملية الإبداعية فى المسرح الغنائى، لكننا لا يمكن أن نغفل أفضاله على المسرح الغنائى كقائم بدور المخرج، والتى تَمَثِّلت فى تقديمه لأمين صدقى الذى استفاد المسرح الغنائى المصرى من مواهبه فى التأليف والتلحين المسرحى لفترات طويلة، كذلك تقديمه بديع خيرى لساحة مسرحنا الغنائى، ذلك الزجال الذى التقت أزجاله وأشعاره مع رائد التلحين الشرقى سيد درويش إبان ثورة 1919 فقدما معاً أوبريتات ناجحة صَوَّرَت الواقع السياسى من خلال لوحات تجمع كل فئات الشعب الكادحة.



أيضاً لا يمكن أن نغفل فضله فى استعانته بمجموعة من الملحنين الذى قدموا لمسرحنا الغنائى ألحاناً تحتوى على فهم عميق لطبيعة التلحين الدرامى للمسرح أمثال (سيد درويش - زكريا أحمد - داوود حسنى) وغيرهم.



علـــــى الكســـــــار

كان نجيب الريحانى محاكياً فى عروضه المسرحية للكسار، أى إن الكسار كان نسخة متشابهة من الريحانى فى إخراج عروضه المسرحية، فقد أسس فرقة مسرحية حملت اسمه وقدم من خلالها عدداً وفيراً من المسرحيات الغنائية الاستعراضية التى ساهمت فى دعم حركة مسرحنا الغنائى مثل (التلغراف - مرحب - الانتخابات) وغيرها من ألحان كامل الخلعى، و(راحت عليك - البربرى فى الجيش - ولسه) وغيرها من ألحان سيد درويش، و(زبائن جهنم - أنا عارف وأنت عارف) من ألحان داود حسنى، و(الطمبورة) من ألحان زكريا أحمد، وفى كل هذه الأعمال كان يقوم بدور المخرج إذ يخرج أعماله بنفسه ويلعب دور البطولة فيها.



ولم يمتثل فى شخصيته الوجود الحقيقى للمخرج كقائد للعملية الإبداعية لأن جهوده قد انحصرت فى تقديم توليفة مسرحية فنية تدور فى إطار هزلى، عمادها شخصية عثمان عبد الباسط البربرى الذى يقوم هو بأداء دوره.


ويقدم هذه التوليفة فى إطار من الألحان والأغانى والاستعراضات، مصوراً خلالها الطوائف المتعددة ومحملاً إياها غمزات انتقادية فى قالب
مرح من أجل اجتذاب المشاهد وإمتاعه، مكرساً كل هذه العناصر لخدمة نجوميته فوق خشبة المسرح.


ولنضرب مثلاً من أوبريت (ولسه) لنرى ملامح دوره فى التعامل مع عناصر العرض المسرحى، يقول سامى منير "فى الأوبريت المسمى (ولسه) يدخل المؤلف أمين صدقى على هيكل الفصل المضحك ما يتطلبه المسرح الاستعراضى من تشويقات، فهناك أغنيات الطوائف المتعددة التى تتخذ وسيلة للترفيه عن المتفرج، كما أنها تحمل شيئاً من النقد الاجتماعى الخفيف يتم فى ثوب موسيقى غنائى".

وهكذا رأينا الكسار يستعين بالمؤلف أمين صدقى ليصوغ له الأعمال المسرحية بالشكل الذى يتيح له الفرصة - كقائم بعمل المخرج - لتقديم الأغنيات والرقصات والكوميديا والترفيه والمرح والموضوع الاجتماعى، حتى يوفر العناصر التى تؤكد نجوميته على خشبة المسرح وتمتع المشاهد.


ومن فرط اهتمامه بعناصر الموسيقى والغناء والرقص فى مسرحه، فقد استعان بمصممة الرقصات فى ذلك الوقت مدموازيل (فيوليت) بما يؤكد على اهتمامه بفخامة عنصر الرقص واتقانه، كذلك استعان بالمايسترو (باستورينو) لإدارة الأوركسترا الذى يصاحب عروضه يومياً، وإلى جانب ذلك لم يهمل العناصر التشكيلية فى عروضه من ديكور وأزياء وغيرها بل اهتم بالعناصر الجمالية فى مسرحه فيقول محمد فكرى "كانت فخامة المناظر وعظمتها، وتابلوهات الرقص هو كل ما يشتمل عليه البرنامج".



•• وهكذا انحصر دور صاحب الفرقة ومديرها والقائم بعمل المخرج فى توفير العناصر الفنية المبهرة وسبكها معاً فى توليفة فنية عمادها الموسيقى والغناء والاستعراضات إلى جانب التمثيل والكوميديا، تستهدف إمتاع المشاهد وإبهاره ومغازلة وجدانه والترفيه عنه وتسليته.


وتستهدف كذلك التأكيد على نجوميته إذ تخرج هذه العناصر من الشخصية التى يؤديها وتدور حولها وتصب فى النهاية عنده.


وبالتالى لم نجد لديهم ما يشير إلى تقنيات المخرج بالمعنى الحقيقى الذى رصدناه عند عزيز عيد، إلا إنهم كقائمين بعمل المخرج قد اهتموا بعناصر المسرحية الغنائية اهتماماً ملحوظاً، واستعانوا بعناصر فنية فى التأليف والأزجال والتلحين ساعدت على إثراء المسرح الغنائى، كما أنهم مهدوا الطريق بدورهم لظهور المخرج المستقل بوظيفة الإخراج المسرحى.

مع تحياتى
د / محمدعبدالمنعم
قسم المسرح بكلية الاداب - جامعة الاسكندرية








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - تعليق
سيمون خوري ( 2010 / 11 / 6 - 08:21 )
أخي الكاتب المحترم ، تحية لك ، وأشكرك على هذا الجهد الثقافي المميز في نشر ثقافة المسرح . لقد قرأت مادتك السابقة حول تطور المسرح المصري . وهي بالمناسبة مادة جيدة تلقي الضوء على جزء مجهول من تاريخ مصر الثقافي في العمل المسرحي , والأن حول الريحاني شكراً لك على هذه الكتابات الثقافية الهامة .

اخر الافلام

.. الأردن يتراجع 6 مراتب في اختبار إتقان اللغة الإنكليزية للعام


.. نابر سعودية وخليجية وعربية كرمت الأمير الشاعر بدر بن عبد الم




.. الكويت.. فيلم -شهر زي العسل- يتسبب بجدل واسع • فرانس 24


.. رحيل الممثل البريطاني برنارد هيل عن عمر 79 عاماً




.. فيلم السرب يتخطى 8 ملايين جنيه في شباك التذاكر خلال 4 أيام ع