الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


صحافة الشعب

محمد منير

2010 / 11 / 6
اليسار , الديمقراطية والعلمانية في مصر والسودان


مسكين الاعلام المصرى فقدره اوقعه بين ملكيتين خيرهما أمر من المر ذاته .. ملكية الدولة وملكية رجال الاعمال .
منذ سنوات قليلة استقبلنا تجربة الصحافة الخاصة المملوكة لرجال الاعمال بتفاؤل مبرره ما عانيناه من تجربة الصحف المملوكة للدولة ومن بعدها الصحف المملوكة للاحزاب .
إلا أن التجربة أكدت سوء تقديرنا فى التفاؤل وربما دفعت البعض منا بشكل ميكانيكى بسيط الى التحسر على ايام الصحافة الحكومية حاملين المثل الشعبى " يا ناكر خيرى بكره تشوف زمنى وزمن غيرى"
صحافة الحكومة صحافة رسمية تبتعد بالتعبير عن تناول أى حقائق تتعارض مع الموقف الرسمى ، وتفرض حصاراً على أى قلم يتجاوز السقف المحدد رسمياً للتعبير وحرية الرأى ، ولكنها لم تتعرض ابداً للابداعات والمهارات المهنية طالما لم تتعارض مع الحدود المسموح بها .. وايضاً كانت القيود المفروضة على أى كاتب أو صحفى يتجاوز الخطوط محدودة بالمنع لا تتجاوز حدود المنع من النشر ذلك بفعل توزان فرضته ترسانة القوانين المنظمة للعمل والعلاقات بين مؤسسات الحكومة والعاملين فيها .. وهو ما ضمن استمرار حياة الكثير من المبدعين والكتاب على قيد حياتهم المهنية رغم قيود النشر فأستمرت الحياة الفكرية مقيدة ولكنها لم تمت ولم تفقد قدرتها على افراز الجديد ..
ظهرت بعد ذلك تجربة الصحف الحزبية حاملة من الامراض والسلبيات أكثر مما تحمله من الايجابيات ، ولأنها احزاب بيروقراطية تحمل كل الصفات الوراثية للسلطة التى سمحت بوجودها سلماً وتفضلاً ، فقد حملت ايضا كل امراضها وتحولت قواعد العمل فى صحفها الى نموذج مصغر من قواعد العمل فى الصحف الحكومية وعرفت صحف الاحزاب مبكراً فكرة الاسقف المنخفضة والتوزانات والمؤامات العليا ..وزيادة عن الصحف الحكومية كانت ادارة الصحف الحزبية أكثر تنكيلاً بالعاملين فيها لعدم خضوعها للتوازنات القانونية التى كانت تضبط بطش المؤسسات الرسمية .. واتذكر رئيس مؤسسة صحفية حزبية وكان رئيسا للحزب ذاته وهو يقف امام صحفيين بالمؤسسة يناقشونه فى عدم قانونية اجراء اتخذه تجاهم قائلاً " أنا القانون .. أنا المالك " !!!
وفى احتفال مهرجانى مبهج ملئ بالالوان الزاهية المفرحة ووجوه صفراء مبتسمة وأذرع مفتوحة على مصراعيها ووعود غير محدودة واغراءات مادية وفكرية ..اقتحم رجال الاعمال ساحة الاعلام وسط تهليلات وتفاؤل رجال الاعلام المدفوعين بما عانوه من قهر التجارب السابقة .. آملين فى مناخ جديد يضمن لهم حرية الابداع والتعبير وقدر من الدخول الانسانية تغنيهم عن الانشغال بالمعايش اليومية وتتيح لهم فرصة التفرغ والتركيز فى هموم وقضايا أكثر عمومية ، فما اروع أن تكون مبدعاً مستوراً تعيش فى مجتمع حر ، وارتدى الوافد الجديد الرداء التاريخى للصحف الخاصة قبل يوليه 1952 وتوج راسه بنجاحات هذه التجارب الخاصة السابقة.
وكانت الصدمة الجديدة وكشف الوافد الجديد عن انيابه ومصالحه التى تتعارض بحكم تكوينه مع المصالح العامة .
اتذكر مقولة على بن ابى طالب " ما اغتنى غنى إلا بفقر فقير " وهى المقولة التى اكدها التاريخ ولهذا فليس من المنطقى أن يقوم الاغنياء، أو رجال الاعمال فى زمننا والذين تستهدف اعمالهم تكديس الثروة ، على حراسة الكلمة وضمان حرية التعبير عن مصالح الفئات الغالبة من الفقراء ، وذلك وببساطة لتعارض المصالح .. فأى حق سيحصل عليه هذا الفقير سيكون انتزاعاً من ثروة الغنى أو رجل الاعمال المكدسة ... ومن هذا فأن مصالح الاغلبية لا يمكن أن تخضع لريادة الاقلية المهيمنة المستغلة .
اما عن التجربة التاريخية الناجحة للصحافة الخاصة قبل يوليه 1952 م والتى استند عليها الوافد الجديد فأذكره انها كانت تجربة موقف وسياق مختلف ..فأصحاب الاعمال فى ذلك الوقت كانوا من رجال الصناعة والنهضة ويحملون مشروعاً تحرريا تنموياً فى مواجهة المستعمر .. ولهذا فأن الصحف التى انشأوها كانت بهدف التعبير عن هذه الاهداف وليس بهدف حماية اموالهم وزيادتها .. والدليل على ذلك أن كل اصحاب الاموال الأن وخاصة الحريصين على امتلاك وسائل الاعلام ، وكلاء للغرب ( المستعمر سابقاً ) وليسوا رجال صناعة تنموية .
وإذا كانت قيود الهيمنة الرسمية على الصحف محكومة بترسانة من القوانين المنظمة لعلاقات العمل وهوما كفل حماية للكثير من العاملين فى هذا المجال من التشرد أو الوقوع تحت ضغط الحاجة .. فأن الوافد الجديد لا يخضع لهذه التوزانات واكثر حرية فى تحديد مصير من يعملون معه بالسلب او الايجاب طبقا لهواه ومزاجه ودون أى قواعد أو معايير .. وهو ما خلق حالة من الاختلال المتعمد فى الوسط الاعلامى فصعد الغثاء وهبط النفيس وانهارت الريادة الاعلامية والفكرية والادبية لمصر بعد أن لبست البوصة واصبحت عروسة وبعد ان نجحت الماشطة فى ضبط الوش العكر.
سادت فى الوسط الاعلامى بعد قدوم الوافد الجديد قيم جديدة بعيدة عن الحق والحرية فتحول البعض منهم الى مسخ مرتديا ثوب الاراجوزات الملون لارضاء ولى النعم مقابل الاغداق عليه بالهبات والاموال .. ووقف البعض ناشدا الحسنيين .. الموقف والمال .. وهذا الفريق انتصب الى حين حتى ارخته لحظة الفصل والحسم... وما تجربة الدستور ببعيدة .. وفى الجزء المضئ من المشهد وقف فريق قابض على موقفه كالقابض على قطعة جمر .. ولكنه للاسف لم يتجاوز موقف المنتظر السلبى .
نداء السفير ابراهيم يسرى للشرفاء واصحاب المصلحة بالاكتتاب لانشاء صحيفة للشعب لاتخضع لمصالح الملكية الخاصة ولا لهيمنة الحكومة ، يُذكر بفكرة نقيب النقباء كامل الزهيرى عن الصحافة التعاونية وهى الفكرة التى ظلت امنية محبوسة حتى أكد ضرورتها بشاعة الواقع وكارثيته .
صحافة الشعب هى الحل .. اضم صوتى لصوت السفير ابراهيم يسرى للاكتتاب لأنشاء صحيفة تعبر عن مصالح الاغلبية ولا تخضع لسلطة رأس المال أو هيمنة السلطة الحاكمة .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. هكذا علقت قناة الجزيرة على قرار إغلاق مكتبها في إسرائيل


.. الجيش الإسرائيلي يسيطر على الجانب الفلسطيني من معبر رفح




.. -صيادو الرمال-.. مهنة محفوفة بالمخاطر في جمهورية أفريقيا الو


.. ما هي مراحل الاتفاق الذي وافقت عليه حماس؟ • فرانس 24




.. إطلاق صواريخ من جنوب لبنان على «موقع الرادار» الإسرائيلي| #ا