الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


تمييزٌ عُنصُريٌّ .. أم ماذا ؟

ييلماز جاويد
(Yelimaz Jawid)

2010 / 11 / 6
العمل المشترك بين القوى اليسارية والعلمانية والديمقرطية


مَن همُ البعثيون ؟ بطبيعة الحال أنا لا أقصد البعثيين من أزلام صدّام وحاشيته ولا الذين إرتكبوا الجرائم بحق أبناء الشعب وتلطخت أيديهم بالدماء . نعودُ إلى سؤالنا : مَن همُ البعثيون ؟ هل همُ عراقيون أم أنهم مستوردون ؟ هل هم عربٌ أتَوا إلى العراق لأغراض ليست في صالح العراق ؟ ميشيل عفلق ، شبلي العيسمي ، إلياس فرح والرافعي و ( دادُ وبيداد ) وأقصد بهما قاسم سلام وعلي غنام . كانت لهم جميعاً صولات وجولات ومواقف مؤثرة في إتخاذ القرارات في قيادة حزب البعث العربي الإشتراكي . لقد كان لهؤلاءِ ، بالإضافة إلى موقف الجمهورية العربية المتحدة وقيادة جمال عبد الناصر ، الدور الرئيسي في إنحراف الحزب عن مبادئ جبهة الإتحاد الوطني التي تأسست من تآلف جميع الأحزاب الوطنية العراقية في عام 1957 لتوحيد نضالها لإزاحة حكومة نوري السعيد ورهطه وبناء دولة حرّة ديمقراطية .

إندفع حزب البعث بتأثير أولئك في المطالبة بالوحدة الإندماجية الفورية مع الجمهورية العربية المتحدة على الضد من المطالبة الشعبية الواسعة من أجل الإتحاد الفدرالي . لم يكن عبد الكريم قاسم و لا القوى الوطنية الأخرى ضد بناء أوثق العلاقات مع الجمهورية العربية المتحدة . إنّ إصرار حزب البعث والقوى القومية المتأثرة بالفكر القومي الشوفيني ، وبتأثير من أولئك ومساندة ودفع جمال عبد الناصر قد سلكوا الأسلوب الإنقلابي والتآمر وبذلك إنشق الصف الوطني وضعُف أمام القوى الإستعمارية التي كانت تعمل بالخفاء وتحت الواجهات القومية العروبية حتى أسقطت نظام الحكم الوطني في شباط 1963 .

كان هدف المستعمرين قصم ظهر القوى الوطنية و في مقدمتها الحزب الشيوعي العراقي . وقد كانت الآلة المسخرة لتنفيذ هذا الهدف هو حزب البعث والقوى القومية المتآلفة ومساندة رجال دين أفتوا إباحة دم الشيوعيين . إن المجازر التي نفذت بحقّ الشيوعيين والقوى الوطنية الأخرى قد شوّهت صورة حزب البعث العربي الإشتراكي لدى عامة الشعب ، بينما المسؤولية كانت على قيادة الحزب آنذاك ومن ورائها أولئك الأعراب الطارئون وتدخلات الجمهورية العربية المتحدة التي زوّدت قوى الردّة بالمال والسلاح والعتاد وجهاز إذاعة لتنفيذ مؤامراتهم . إن الجمهرة الواسعة من العراقيين حاملي الشعور القومي والمؤمنين بوحدة مصير الأمة العربية ليسوا مسؤولين عن تلك المجازر ، و لا هم مسؤولون عن الجرائم التي أرتكبت في عهد صدام سواء في أقبية السجون والمخابرات أو في سوح الحربين اللتين زجّ العراق فيهما ، ولا عن الحرب ضد الحركة الكردية وإستعمال أسلحة الدمار الشامل والمقابر الجماعية أو ضد الإنتفاضة التي حدثت في الجنوب والأهوار . لم تكن حركة الثامن من شباط 1963 طائفية بل بالعكس فقد كان أكثرية أعضاء القيادة القطرية للحزب من الشيعة العرب أو الأكراد الفيليين ، إنما الهَوَس الذي صاحب الإنقلاب قد فرض على قيادة الحزب تنفيذ المخطط الإستعماري بأي ثمن .

بعد ما يقارب الخمسين سنة من تلك الأحداث شاملة فترة الخمسة والثلاثين عاماً من سيطرة الطاغية شخصياً وبدون منازع على الحكم وفرضه الدولة الإرهابية للدكتاتور الأوحد ، نرى قوى سياسية معينة تؤجج الحقد على جمهرة العراقيين أصحاب الشعور القومي بحجة قطع الطريق على ( عودة البعثيين ) . تُرى ماذا نعمل بمئات الألوف إن لم نقُل بملايين حاملي الشعور القومي ؟ وإن كان لا بدّ من الحقد على مَن إرتكبوا المجازر في شباط فلماذا نقصره على السنة دون الشيعة وعلى الخصوص أصحاب فتوى إباحة دم الشيوعيين ؟

لا أحد ينكر أن بعض البعثيين من مخلفات أزلام صدام وبمساندة وتمويل دول الجوار قد نفذوا أعمالاً إرهابية بإسم المقاومة رافعين شعار مكافحة الإحتلال ، ولكن جمهرة البعثيين الشرفاء الذين لم يشاركوا في تلك الأعمال لا زالوا في الصف الوطني ولهم الحقوق كمواطنين بغضّ النظر عن معتقدهم . إن شعار مكافحة فكر البعث الذي رفعته القوى الدينية الطائفية إنما هو شعارٌ تمييز عنصريّ رجعيّ الغرض منه تكريس إنقسام الصف الوطني والحفاظ على الدوامة التي تمنع المصالحة الوطنية . إن كانت قيادات حزب البعث الحالية على تعددها وتفرقها ما تزال تتبع الفكر الصدامي الإرهابي وتدعو لإعادة الحكم السابق فلا يجوز أن تجابه بتعنّت مقابل إن كانت مصلحة العراق هي الغاية . إن مجرّد وجود إختلافات بين تلك القيادات يجعلها في طابور يكون جزءٌ منه أقرب للصف الوطني وبعيدًٌ عن الفكر الصدامي حيث يمكن إعادته إلى الصف الوطني . إن إدامة الفرقة الوطنية وعدم تشكيل الوزارة رغم مرور ثمانية أشهر والإنفلات الأمني السائد قد مكّن القوى المعادية من إرتكاب أفضع الجرائم . ولا يجوز تبرئة قيادات الكيانات السياسية التي فازت في الإنتخابات والمتعنة التي تمتنع عن التآلف والإتفاق على تشكيل الوزارة . إن دماء الضحايا من سبع سنوات وعلى الخصوص الثمانية شهور الأخيرة في أعناق قيادات تلك الكتل السياسية .

إن البعثيين الشرفاء اخوان لنا ، لهم ما لنا وعليهم ما علينا ، والعقائد التي يؤمن بها البشر لا تقوى أية قوة على محوها . والديمقراطية وإحترام رأي الشعب ، على إختلاف معتقداته يمهّد للسلام والوئام والمودّة . ( إنما خلقناكم شعوباً وقبائل لتعارفوا . )








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. أنصار ترمب يشبهونه بنيسلون مانديلا أشهر سجين سياسي بالعالم


.. التوافق بين الإسلام السياسي واليسار.. لماذا وكيف؟ | #غرفة_ال




.. عصر النهضة الانجليزية:العلم والدين والعلمانية ويوتوبيا الوعي


.. ما الذي يجمع بين المرشد الإيراني وتنظيم القاعدة واليسار العا




.. شاهد: اشتباكات بين الشرطة ومتظاهرين يطالبون باستقالة رئيس وز