الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


النهر والتوتة

محيي المسعودي

2010 / 11 / 6
الادب والفن


النــــــــــــــــــــــــــهــــــــــر والتــــــــوتــــــة

شعر محيي المسعودي
... كان قماط طفولتنا
والماء الغرين فيه , نلبسه ظهرا
كقمص واقٍ
يمنع في الصيف رصاصات الشمس ......
وهو الترياق
اذا عضّتنا "ريح سموم"
نهر .........
كنا في حضرته ..
نعوم عراة , وقداسته اثوابا نلبسها
نغطس تحت الماء
نشرب ماء ممزوجا بالرمل
" ماء عروس"
نروي احلام طفولتنا
نتمنى اشياء واشياء ......!!!!
ذات حريق , غادْرنا النهر سنينا ....
بحثا عن سنبلة القمح وغصن الزيتون ...
فتجرعنا كأس الغربة علقما ...
ظلَّ النهر هنا ...
يجري ... يجري ... يجري ...
ابدا ما غادَرنا !
فقد النهر جميع رفاقه .. الّا اياي
كنت اراقبه , اداعبه ,
اجري قسطرة القلب له, لو ضعف نبض الماء بشرايينه
واذا غص .. بيدي ادفع لقمته
لمّا كبر رفاق النهر ..
وصاروا .. آباء اولاد .. ارباب بيوت
قذفوه بالاحجار وبالازبال وبـ "حفاظات" الاولاد
طعنوه بخواصره
بمياه آسنة من حمامات الدور
دفعوا حُجر الحمامات على النهر
ارقوا فيه خزائنها
ولشدة طهارته هرب النهر ..
لكن, لمّا يجد, أي مفر ..
الّا داري ...
صار النهر يلوذ بجدار الدار
والجيران
تقذفه بالطمم بالاحجار ...
انقض عليه رفاق الامس بكل مقابحهم ...
خنقوه ....
اندفع , مخذولا, مندهشا, يلوذ تحت جدار الدار
هربا من حقد اصابعهم
من زنخ مباولهم
من خُلق دنس كان يلبسهم
كنت اعرف ان النهر
يحب الاشجار وليس جدار الدار
فصرت كلما قذفوا النهر بحجر
او زحفوا عليه بأشر
ضمّدت جراحه بشُجيرة
صفصاف او توت
تفيئ على النهر وتهدهده
واردّ بها على زحف الجيران
لكنْ .. ما ابكاني
انّي رأيت النهر يقتل اشجاري
ويبكي عليها ويقول :
لا مندوحة لي
لا مندوحة لي
ثمة اصابع عُمْيٍ تخنقني ........
ظلّ النهر يزحف هربا
من نفايات حضارتنا
من نفايات علاقتنا القذرة
ببيئتنا ... بهذا الكون .
حتى وصل النهر اسفل – شِجْرة - توت
كانت قد ولدتني امي في فيئها الوارف
ذات ظهيرة من "آب اللهاب " قبل 6 عقود
خجل النهر من التوتة
احترم عمرها الطويل وتجاعيد السنوات على جسدها
وتوقف معتصما , انحى لجذورها العتيدة اكبارا
لكن الجيران سخروا منه .. شتموه
عرّوا جذور التوتة
اغتصبوها . هتكوا كل حياء فيها .
وبلؤم دفعوا النهر ليغتصب التوتة
وما ان حدث المكروه
انتحرت توتنا خجلا, من فعلتهم
وتوقف قلب النهر عن النبض
فانقض الجيران وحوشا
قضموا جسدا التوتة
وعلى قلب النهر اقاموا حفلة عرس








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. طوابير أمام اللجان ودعاء الأهالي .. لحظة دخول الطلاب امتحان


.. الامتحان سهل ولا صعب؟.. مباشر لحظة خروج طلاب الثانوية العامة




.. طلاب الثانوية العامة يستأنفون امتحاناتهم باللغة العربية اليو


.. ‏في عيد الموسيقى… أهميتها و فوائدها (21-06-2024)




.. مباشر.. أسئلة لازم تراجعها قبل امتحان اللغة العربية غدًا.. أ