الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


نظرة في أزمة الثمانينيات في سورية / بدر الدين شنن وكتاب - الشهادة

محمود زعرور

2004 / 9 / 15
اليسار والقوى العلمانية و الديمقراطية في العالم العربي - اسباب الضعف و التشتت


يأتي كتاب / الشهادة / كي لا تتكرر الجريمة - طباعة خاصة - بدون تاريخ * لممؤلفه * ، على هيئة اعترافات أو يوميات ، تغطي الفترة الممتدة
من 8 أيار 1983 إلى 21 تموز 1991 وهي المدة التي قضاها معتقلا سياسيا ، لكونه أحد قادة الحزب الشيوعي السوري - المكتب الساسي ، في سجن حلب المركزي ، وفي سجن صيدنايا العسكري ، بالإضافة إلى وقائع سفره إلى فرنسا ، ثم إلى هولندا حيث يقيم الأن . يلتقط الكتاب لحظات إنسانية خاصة ، ويلامس مشاعر
وأحاسيس غاية في العمق والرهافة والفرادة ، وبذلك يقترب من الآثر الأدبي كلون مخصوص من ألوان السرد الكتابية ، ينتسب إلى اليوميات أو الاعترافات ، وهو باب
غير متواتر ، وقليل الشأن ، عربيا ، بخلاف وضعه في الغرب ، ومرد ذلك ، كما أعتقد ، إلى خفوت صوت الفرد في البلاد العربية ، تعبيرآ عن غياب الحريات عمومآ
إن قراءة هذا النوع من الأعمال مهم جدآ ، لجهة الوقوف على طبيعة الأزمات المختلفة ، وهي تقدم مادة متميزة في كشف نظام العقاب وعمل آليات الضبط ومفاعيل الهيمنة ، كما أنها تبين ردود الممانعة والمقاومة عند المعتقلين .
وقد توفر في هذا المجال عدة مساهمات ، منها / الطريق إلى تدمر / < ياسين الحاج صالح ، النهار 1-7-2003 > و / عن الرجل الذي أطعموه فأرآ ميتآ وأشياء أخرى . كوميديا الجحيم في سجن تدمر / فرج بيرقدار - موقع الرأي .
يوفر كتاب / الشهادة / لقارئه فرصة إمكانية النظر إليه كوثيقة حوت مواقف سياسية من أحداث محددة تتعلق بسياسة الحزب الشيوعي السوري - المكتب السياسي في ثمانينيات القرن الماضي ، وطبيعة دوره في فترة ا ستفحال الأزمة العامة ، ومن هذه الزاوية ستكون وقفتنا مع الكتاب .
امتازت تلك المرحلة ، بسيادة النزعة الشمولية في الحكم ، تجلت في سيطرة حزب البعث كحزب حاكم وحيد ، مع جبهة شكلية مؤلفة من عدة أحزاب ، وغياب الحريات
العامة كأثار مباشرة لتطبيق حالة الطوارئ وقانون الأحكام العرفية منذ عام 1963 . لأهداف عديدة ومختلفة قادت قوى دينية [ الإخوان المسلمون ] أعمال عنف مسلح ، قوبلت من قبل النظام بعنف مضاد ، وبتفاقم الآوضاع ، تمت حملات قمع واعتقالات واسعة . وطالت تلك الحملات أيضآ ، الحزب الشيوعي السوري - المكتب السياسي
وحلفائه في التجمع الوطني الديمقراطي ، خاصة إثر بيان آذار 1980 الذي طالب بإلغاء حالة الطوارئ وقانون الأحكام العرفية وبدستور جديد يضمن دولة سيادة القانون والحريات وغير ذلك من مسائل البناء الديمقراطي . لم يقم الحزب بإدانة أعمال الإخوان المسلمين ، كما أنه لم يؤيدها ، وبقيت مواقفه تدور في فلك الدعوة إلى التغيير الديمقراطي . إن عدم إدانة الحزب لأعمال العنف قدم الفرصة لاتهام الحزب بالتعاون مع الإخوان المسلمين ، وينقل < بدر الدين شنن > عن ضابط التحقيق في فرع
الأمن السياسي قوله : [ لو لم تتعاونوا مع " الإخوان المسلمين " لما اقتربنا منكم . قاطعته بطريقة لم تعجبه لكنه تركني أقول ما أريد :
أولا ، نحن لم نتعاون مع " الإخوان المسلمين " . وهذا الاتهام هو ذريعة للتخلص من حزبنا ومن برنامجه الديمقراطي ، حسب معادلتكم السياسية الراهنة " من ليس معنا
فهو ضدنا " . ومن المضحك أن " الإخوان المسلمين " يهاجموننا أيضا ، لعدائهم للديمقراطية ...] / ص 11 / . إن هذا الموقف وتداعياته كان مثار جدل قبل حملة الاعتقالات وبعدها ، كما في السجن وخارجه ، لفعاليات عديدة في أوساط الحزب ، يقول " شنن " عن تلك الفترة : / إن النظام وأعوانه يركزون في الدعاية ضدنا وضد حلفائنا على أننا متواطئون بالصمت مع العنف الذي يهدد أسس وحدة البلاد . ومن حق التاريخ ومن حق شعبنا علينا ، قبل أي اعتبار آخر ، أن ندين هذا العنف. ..كل العنف من أي جهة جاء . ونركز على الوحدة الوطنية والتغيير الديمقراطي . وإن تكن في نية النظام ضربنا ، فلتكن على أرضية مبادئنا وخياراتنا / ص 20
يفهم من هذا الكلام أن " شنن " قدم مداخلتة هذه في لقاء حزبي تتوزعه مواقف مختلفة وتيارات عديدة ، كما قلت ، وتعليقآ على هذا الاقتراح الذي كان قد قدمه " شنن " في اللقاء المذكور وعلى مجمل الحوارات السابقة في هذا الخصوص ، أعتقد أن مسألة تحديد موقف من أعمال العنف كان من شأنها أن تساهم في تعميق الخط الديمقراطي
كنهج ثالث صاغه الحزب والتجمع وهو نهج افترق عن سياسة النظام وعن برنامج " الإخوان المسلمين " على حد سواء . هذه النقاشات ستستمر مع الرفاق السجناء كذلك
فبالإضافة إلى وجود " تيار ملتزم بالسياسة التي حددها المؤتمر الخامس للحزب والتحالف مع القوى الوطنية الديمقراطية " / ص 43 / ، هناك " تيار يعبر عن ذات الالتزام مع توسيع التحالف ليشمل التيارالإسلامي " / نفس الصفحة / . إن الجدل حول التيار الإسلامي ، سيستمر ، ويتفاعل ، وفي حوار صحفي مع " حكم البابا " يقول
رياض الترك الأمين الأول للحزب الشيوعي السوري - المكتب السياسي ، عن " الإخوان المسلمين "/ وما عليهم سوى القيام بخطوتين صغيرتين ، نقد أنفسهم فيما يتعلق بالعنف الذي مارسه بعضهم أو فصيل منهم ، والاعتذار للسعب ولعائلاتهم وعائلات ضحاياهم ، لو فعلوا ذلك مضافآ لطرحهم الديمقراطي برأيي أنهم لا يشكلون فقط خطوة للمساهمة في حياة البلد السياسية كمعارضين وإنما لعب دور هام في هذا الطيف السياسي العريض / - النهار - 29-9 -2003
إن هذا التوضيح مهم جدآ ، لجهة دعم الاستنارة عند التيار الاسلامي ، ولجهة الحث على المراجعة والنقد الذاتي ، لكن أعتقد ، أن " الإخوان المسلمين " ، بحاجة لخطوة
ثالثة ، وهي إعادة النظر في مسألة المرجعية الإسلامية ، ففي [ الميثاق الوطني في سورية ] المنبثق عن المؤتمر الوطني الأول للحوار / 23-25آب 2002 -لندن / الذي
حضرته شخصيات وطنية حزبية ومستقلة ، بالإضافة إلى الجهة الداعية - الإخوان المسلمين- تم التأكيد بأن الإسلام هو المرجعية ، مقاصد وقيمآ وشريعة . هل يستقيم الطرح الديمقراطي مع هذا التأكيد بخصوص المرجعية الإسلامية ، في المقاصد والقيم والشريعة ؟
وهنا أتفق تمامآ مع ما ذهب إليه " وضاح شرارة " في نتائج التجارب الإسلامية المختلفة / المثال الإسلامي السياسي في إيران والسودان وأفغانستان ، حمل ثقيل ينوؤن به ويثقل عليهم / على طريق العودة إلى المجتمع والناس- الحياة -4-10-2003
ويتوقف " بدر الدين شنن " عند أسباب الضعف في الحزب ، ويرى أنها تعود إلى القمع أولا ، ويقول معلقآ : / والرد على القمع هو الطرح الديمقراطي الذي يوحد المجتمع ، ويجذب إلى طريق التغيير كل أبناء شعبنا بدون استثناء / ص 44 / والسبب الثاني هو / الخلاف حول ما جرى من أحداث ، وعدم التوصل إلى رؤية مشتركة
حول المستقبل / ص 43 / ، وفي استعادته ليوميات سجن صيدنايا العسكري ، يضيف سببآ ثالثآ ، متصلا ومستمرآ : / إن ظواهر العفن المزمنة والسلبيات ، والنزعات اللامسؤولة نتيجة الإرث التاريخي اللاديمقراطي في التنظيم . / ص 139 / . وفي وقائع ويوميات سفره وهجرته إلى فرنسا ، يتصل برفاقه وأصدقائه، وينتقد نمطآ من الممارسة السياسية الخاطئة ، يقول : / لم أستطع بأي شكل من الأشكال، أن أفهم تلك الممارسات المتناقضة .. ممارسات توالي الديكتاتورية في بلد مجاور ، وتدعي استمرار حربها ضد دكتاتورية البلد / ص 171 / . ويلمح في هذا القول إلى دور أحد قادة الحزب في الخارج في التوقيع على [ جبهة الإنقاذ لتحرير سورية ] ، في العراق ، التي ضمت قوى سياسية مختلفة . إن الحزب ، حتى الأن ، لم يقم ، رسميآ، بتقديم توضيح علني مقنع لتلك الواقعة، واكتفى بنشر الخبر في صحيفته أنذاك ، رغم أنه قد تم إعطاء بعض الأجوبة غير الكافية في مناسبات خاصة . لم يجد " شنن " ترحيبآ مأمولا للبقاء في فرنسا من قبل " رفاق الأمس " ، فحزم أمره وعزلته قاصدآ هولندا : / وسط حصار الظروف الجديدة لم أستوعب تمامآ النصسحة التي قدمت لي لمغادرة باريس والإقامة في هولندا إلا بعد أن وجدت نفسي وحيدآ محاصرآ في آخر الطرف من القارة / ص 183 / . تلك هي وقفتنا مع بعض محطات الكتاب ، إلا أن " الشهادة " يقدم لدارسي اليوميات والاعترافات وأدب السجون عمومآ
.امكانيات مختلفة لقراءته ، وللنظر إليه من زوايا عديدة ، درسآ وتحليلا ، لجهة شكله ومحتواه معآ

-----------------------------------------------------------------------------
في حديث خاص مع المؤلف أوضح أنه تم الانتهاء من طباعة الكتاب وتقديمه للأصدقاء ولمنابر النشر عام 2000*
بدرالدين شنن ، كاتب ونقابي سابق ، وكان عام 1979عضوآ في اللجنة المركزية للحزب الشيوعي السوري - المكتب السياسي*








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. تدني تأييد ترامب وسط المستقلين بعد إدانته جنائيا | #أميركا_ا


.. فواز منصر يجيب.. ما خطورة نشر الحوثيين للزوارق المفخخة الآن؟




.. تضرر مستوصف في جنوب لبنان إثر قصف إسرائيلي


.. قادة أوروبا يبحثون مستقبل الاتحاد في ظل صعود اليمين في الانت




.. ما دلالات الكشف عن وثيقة تؤكد أن الجيش والمخابرات كانا على ع