الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


كبوة أوباما .. والتسوية

محمد السهلي

2010 / 11 / 8
القضية الفلسطينية


انتهت الانتخابات النصفية في الولايات المتحدة الأميركية. وكما كان متوقعا، خسر «الديمقراطيون» الأغلبية في مجلس النواب وتقلص الفارق فيما بينهم وبين «الجمهوريين» في مجلس الشيوخ. وحتى الآن، ركز المحللون السياسيون على أن هذه النتائج ستنعكس بشكل أساسي على ملفات القضايا ذات الصلة بالشأن الأميركي الداخلي بعد أن فقد الحزب الديمقراطي حرية الحركة التي كان يمتلكها نسبيا في تمرير مشاريع قرارات هامة. لكن محللين آخرين تحدثوا قبيل إجراء الانتخابات عن تأثير متوقع لخسارة حزب أوباما على زخم الجهود الأميركية تجاه عملية التسوية في الشرق الأوسط.
ولفت الانتباه أن الأوساط الإعلامية والسياسية الإسرائيلية القريبة من بنيامين نتنياهو حاولت أن تتفادى التعليق على النتائج المحتملة للانتخابات الأميركية وانعكاساتها، بل أن رئيس الوزراء الإسرائيلي واصل طرح مبادرات إضافية حول العروض الأميركية التي قدمت له مقابل التجميد الجزئي والمؤقت للاستيطان.
لم يغب العامل الأميركي الداخلي عن حسابات بنيامين نتنياهو وخاصة في ذروة التجاذبات التي وقعت بين واشنطن وتل أبيب على خلفية العطاءات الاستيطانية التي أعلنت في القدس في بداية شهر آذار (مارس) المنصرم. وراهن على دور مراكز قوى منافسة لإدارة أوباما من أجل التخفيف من حدة المطالبات الأميركية المتكررة بتجميد الاستيطان. وقد لعبت هذه القوى وأصوات أخرى من داخل الحزب الديمقراطي دورا كبيرا في تخفيف مساحة التوتر في العلاقة بين الجانبين. وأدى ذلك إلى جانب عوامل أخرى إلى توجيه الضغوط نحو الجانب الفلسطيني بخصوص موضوعة تجميد الاستيطان.
لكن نتنياهو في هذه المرة يذهب إلى أبعد من ذلك. فيضيف إلى اقتراحاته «التطويرية» للضمانات الأميركية المقترحة على إسرائيل مقايضة تشكل حساسية لدى الإدارة الأميركية وهي المطالبة بإطلاق سراح الجاسوس الإسرائيلي جونثان بولارد المعتقل في الولايات المتحدة والمحكوم عليه هناك بالسجن مدى الحياة بسبب نقله معلومات وصفت بالخطيرة إلى الاستخبارات الإسرائيلية وإلى دول أخرى. ومقابل إطلاق بولارد يعرض نتنياهو الموافقة على تجميد جزئي للاستيطان في الضفة الفلسطينية لأشهر عدة. مع العلم أن الإسرائيليين طالبوا بذلك كل رئيس أميركي سابق من غير جدوى.
مراقبون عدة رأوا أن مثل هذا الطرح يشكل استفزازا للإدارة الأميركية من حيث طبيعة الطلب وتوقيته في غمرة الانتخابات النصفية، في الوقت الذي توقعت فيه أوساط أميركية سياسية أن يخفت اهتمام إدارة أوباما بعملية التسوية السياسية بعد إعلان نتائج الانتخابات.
ربما من المبكر الحديث عن وجهة الصوت اليهودي في الانتخابات الأميركية، لكن نتنياهو يبدي حرصا على التواصل مع اللوبي اليهودي هناك، حيث من المفترض أن يحضر اجتماع جمعية الطائفة اليهودية مستفيدا من الأجواء التي ولدها الحديث عن استهداف كنيس يهودي في شيكاغو في محاولة لتوظيفه من أجل كبح بعض الأصوات اليهودية التي صدرت في أميركا تطالب نتنياهو بالتعامل الإيجابي مع الطلبات الأميركية الخاصة بتجميد الاستيطان. ومع ذلك يبدو أن رئيس الوزراء الإسرائيلي في وارد السير قدما في مواقفه الرافضة للتجميد ضمن قناعة تقول بأن ما استطاع تثبيته قبل الانتخابات النصفية الأميركية سيكون من الأسهل عليه الاستمرار في تثبيته بل و«تطويره» بعد ظهور نتائج الانتخابات.
من جانب متمم، يتصاعد الحديث في أوساط الإدارة الأميركية عن احتمال استبدال المبعوث ميتشل وربما عدد من أفراد طاقمه على أن يأتي السفير الأميركي السابق في إسرائيل مارتن إنديك بديلا له، في حين ذكرت أوساط أخرى أن الذي سيجري هو تقاسم مهمات ميتشل بين أنديك الذي سيتولى مهمة الاتصال بالجانب الفلسطيني وبين مستشار أوباما دينس روس الذي سيتولى مهمة الاتصال بالجانب الإسرائيلي. وبغض النظر عن جدية وإمكانية تنفيذ ذلك، فإن هذه المصادر التي تسرب هذه الأخبار تهدف أولا إلى الإيحاء بأن استعصاءات التسوية تتعلق بالأداء الأميركي وليس كما هي حقيقة الأمر بالموقف الإسرائيلي المتصلب.
ما سبق يؤشر إلى تفاعلات داخل أوساط الإدارة الأميركية ذات الصلة بالمفاوضات حيث تعتقد هذه الأوساط بأن ميتشل يميل إلى تبني خيار الضغط على نتنياهو في حين يدعو روس إلى «التماشي مع الإسرائيليين وتفهمهم أكثر» ربطا بما صرح به مصدر إسرائيلي. وبالتالي يعتقدون أن هذه التغييرات في حال حصلت ستكون انتصارا لنهج روس.
مع كل ذلك، لا يبدو أن فترة الشهر التي منحتها لجنة المبادرة العربية لإدارة أوباما كي تقنع نتنياهو بتجميد الاستيطان ستثمر باتجاه تحقيق هذا الرجاء. وقلنا سابقا أن التعويل على ذلك إنما هو رهان خاسر كما أكدته التجارب السابقة. وكان واضحا أن لجنة المبادرة العربية إنما تتعامل مع ملف التسوية من زاوية الوصول إلى مشهد الأمر الواقع وهذا ربما يفتح الباب على مبادرات تحرك الوضع الساكن دون أن تستجيب للحد الأدنى من المطالب الفلسطينية تجاه استئناف المفاوضات، حيث يجري الحديث عن دعوة قريبة للقاء متعدد الأطراف يبحث في استئناف المفاوضات وتحديد إطارها بقيام الدولة الفلسطينية دون ربط ذلك بمطلب تجميد المفاوضات. وهذا يعني أن ضغطا إضافيا متوقعا سيمارس على المفاوض الفلسطيني لحمله على الدخول مرة أخرى إلى المفاوضات المباشرة. وخطورة هذا الأمر تتمثل أولا في إدارة الظهر للبدائل المطروحة وخاصة التوجه للجمعية العامة للأمم المتحدة والطلب منها تبني إعلان استقلال الدولة الفلسطينية على الأراضي المحتلة عام 1967 وعاصمتها القدس.
مقابل ذلك، ليس أمام الجانب الفلسطيني سوى التأكيد على قرار اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الذي قال برفض العودة إلى المفاوضات دون تجميد الاستيطان وتقديم هذا الموقف إلى لجنة المتابعة العربية في اجتماعها القادم (9/11) أي بعد انتهاء مهلة الشهر مباشرة. ومن شأن هذا الموقف الفلسطيني أن يضع اللجنة أمام التزاماتها المفترضة وتطوير ذلك بالدعوة إلى اجتماع طارئ لمجلس الجامعة العربية يطرح فيه موضوعة التسوية والشروط الإسرائيلية الموضوعة أساسا لهذه المفاوضات وخاصة في حال استنكاف إدارة أوباما عن ممارسة أي دور إيجابي تجاه هذه التسوية.
وطالما أن البدائل الفلسطينية قد طرحت سابقا وعلى لسان الرئيس عباس، فإننا نكرر الدعوة إلى تعميق الخيارات الفلسطينية المتاحة باتجاه تصويب الوضع الفلسطيني الداخلي ووضع مهمة إنهاء الانقسام واستعادة الوحدة على سكة الحوار الوطني الشامل المعطل منذ نهاية شهر آذار (مارس) 2009 وعدم الاسترخاء لما يجري الحديث عنه من لقاءات ثنائية بين حركتي فتح وحماس والتي يقتصر جدول أعمالها على آليات اقتسام النفوذ، وتشكل بحد ذاتها ألغاما مؤهلة للانفجار في وجه الحالة الفلسطينية، حتى في ظل الوصول إلى اتفاقات نهائية ربطا بمصير التجارب السابقة.
من غير ذلك، ستبقى الأزمة الفلسطينية تتفاقم لتصل إلى حد.. ربما لا نرجوه جميعا..








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. فيديو: هل تستطيع أوروبا تجهيز نفسها بدرع مضاد للصواريخ؟ • فر


.. قتيلان برصاص الجيش الإسرائيلي قرب جنين في الضفة الغربية




.. روسيا.. السلطات تحتجز موظفا في وزارة الدفاع في قضية رشوة| #ا


.. محمد هلسة: نتنياهو يطيل الحرب لمحاولة التملص من الأطواق التي




.. وصول 3 مصابين لمستشفى غزة الأوروبي إثر انفجار ذخائر من مخلفا