الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


واقع الحق في التنقل والسفر بالأراضي الفلسطينية

صلاح عبد العاطي

2010 / 11 / 8
حقوق الانسان


تعد حرية التنقل و الإقامة فرع من الحرية الشخصية والتي لا يجوز مصادرتها وتقييدها دون مبرر قانوني، وهي تعنى حق الفرد في الانتقال من مكان إلى مكان أخر والخروج من البلاد والعودة إليها، حيث أن الإطلاق هو الأصل، ولذا يقف الحق في إجراءات قانونية عادلة على قمة هرم الحقوق التي يتوجب على الدولة ضمانها، في حال قيامها بأي عمل يقيّد الحرية الشخصية للمواطنين وخاصة حرية تنقلهم.
ونتناول في هذا المقال حرية التنقل والسفر من محاور ثلاث، الأول منها يستعرض النصوص القانونية المنظمة والحامية للحق في السفر والتنقل و يتضمن المحور الثاني سياسات قوات الاحتلال التي تحول دون تمكين المواطن الفلسطيني من الحصول على حقه في التنقل والسفر، ويستعرض المحور الثالث ابرز الانتهاكات الداخلية لهذا الحق .
أولا: حرية التنقل والسفر في القوانين الدولية الوطنية
أ‌. حرية التنقل في المواثيق الدولية لحقوق الإنسان
فقد حرصت المواثيق الدولية لحقوق الإنسان على حماية الحق في التنقل والسفر فقد نص الإعلان العالمي لحقوق الإنسان على حماية هذا الحق وكذلك نص العهد الدولي للحقوق المدنية والسياسية على إرساء هذا الحق في المادة 12 التي نصت على حق كل فرد يوجد على نحو قانوني داخل إقليم دولة ما في حرية التنقل فيه وحرية اختيار مكان إقامته وكذلك حرية مغادرة أي بلد ، بما في ذلك بلده . وأكدت المادة على عدم جواز تقييد الحقوق المذكورة أعلاه بأية قيود غير تلك التي ينص عليها القانون، على أن تكون ضرورية لحماية الأمن القومي أو النظام العام أو الصحة العامة أو الآداب العامة أو حقوق الآخرين وحرياتهم ، وتكون متمشية مع الحقوق الأخرى المعترف بها في هذا العهد . وحظرت ذات المادة حرمان أحد ، تعسفا ، من حق الدخول إلى بلده ."
وقد قيدت المادة بشرط هو قانونية التواجد في إقليم الدولة ، حتى تكفل لها اتخاذ الإجراءات اللازمة حيال المتواجدين بشكل غير قانوني مثال المتسللين أو الدخول بدون الحق تأشيرة دخول صادرة عن جهات الاختصاص.
ب. الحق في التنقل والسفر في القوانين الفلسطينية
كفل القانون الأساسي حق المواطنين في التنقل والسفر حيث تنص المادة 11 من القانون الأساسي على أن الحرية الشخصية حق طبيعي وهي مكفولة لا تمس. كما لا يجوز القبض على أحد أو تفتيشه أو حبسه أو تقييد حريته بأي قيد أو منعه من التنقل إلا بأمر قضائي وفقاً لأحكام القانون، ويحدد القانون مدة الحبس الاحتياطي، ولا يجوز الحجز أو الحبس في غير الأماكن الخاضعة للقوانين الصادرة بتنظيم السجون.وكذلك جاء نص المادة 20 من القانون الأساسي ليكفل حرية الإقامة والتنقل في حدود القانون.وأضاف القانون الأساسي نصا هاما في المادة 28 منه تتعلق بعدم جواز إبعاد أي فلسطيني عن أرض الوطن أو حرمانه من العودة إليه أو منعه من المغادرة أو تجريده من الجنسية أو تسليمه لأية جهة أجنبية.
واقع حرية التنقل والسفر في الأراضي الفلسطينية
أ. انتهاكات الاحتلال لحرية التنقل والسفر
في إطار استمرار تنكرها لحقوق الشعب الفلسطيني وتهربها من تطبيق إحكام القانون الدولي الإنساني وقرارات الشرعة الدولية ذات الصلة بالقضية الفلسطينية ، لا تزال دولة الاحتلال تمنع وتعيق حرية سفر وتنقل الفلسطينيين تهدف من خلالها سلطات الاحتلال إلى منع تواصل الفلسطينيين في قطاع غزة والضفة وكذلك منع وإعاقة تواصلهم مع العالم الخارجي وتمثل ابرز انتهاكات الاحتلال في الصور التالية :
1- استمرار فرض الحصار الشامل والمشدد على قطاع غزة الأمر الذي أدي إلى تدمير منظم لكافة القطاعات الاقتصادية الحيوية في القطاع وأثر سلباً على مجمل حقوق المواطنين الفلسطينيين وتسبب في كارثة إنسانية في القطاع.
2- استمرار عزل القدس الشرقية عن محيطها الفلسطيني في الضفة الغربية حيث تقوم سلطات الاحتلال الإسرائيلي بوضع قيود شديدة على حرية تنقل المواطنين في القدس الشرقية، مما يهدد بفقدان حقوقهم في الإقامة بالقدس .
3- فصل الضفة الغربية عن قطاع غزة ومنع تنقل المواطنين والبضائع من والى القطاع والضفة في خطوة تستهدف تكريس فصل قطاع غزة عن الضفة جغرافيا وسياسيا.
4- تقطيع أوصال الأراضي الفلسطينية المحتلة وخاصة الضفة الغربية وتحويلها إلى شبه معازل منفصلة من خلال إقامة ما يزيد عن خمسمائة حاجز عسكري ثابت ومتحرك وبوابات إلكترونية، تعيق حركة المواطنين والمركبات وتجعلها مستحيلة في بعض الأحيان.
5- الاستمرار في سياسية إبعاد عدد من المواطنين الفلسطينيين من الضفة إلى القطاع أو الخارج وإعاقة " لم شمل" المواطنين الفلسطينيين المتزوجين من غير فلسطينيين الذين أتوا للإقامة مع أزواجهم بتصاريح زيارة ولم يخرجوا منها منذ ذلك الوقت.
وتشكل ممارسات الاحتلال الإسرائيلي المشار إليها أعلاه انتهاك وخرق فاضح لاتفاقية جنيف الرابعة التي تكفل حماية المواطنين في أوقات النزاعات المسلحة، وخاصة إحكام المادة 33 من الاتفاقية والتي "تحظر على قوات الاحتلال الحربي القيام بمعاقبة الأشخاص المحميين على جرائم لم يرتكبونها، كما تحظر على تلك القوات اتخاذ تدابير اقتصاص من الأشخاص المحميين وممتلكاتهم" . كما تتناقض هذه الأعمال العدوانية غير المبررة مع العهد الدولي الخاص بالحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية للعام 1966، بموجب المادة (1)، حيث تنص على أنه "لا يجوز في أية حال حرمان أي شعب من أسباب عيشه الخاصة." وبموجب المادة (5) من نفس العهد " تحظر على أي دولة أو جماعة أو شخص مباشرة أي نشاط أو القيام بأي فعل يهدف إلى إهدار أي من الحقوق أو الحريات المعترف بها في هذا العهد…" حيث أدت انتهاكات الاحتلال لحرية التنقل والسفر إلى انتهاكات عديدة في مجمل الحقوق الأخرى، والتي تتمثل في منع تمتع المواطنين الفلسطينيين بحقوقهم المدنية والسياسية، فضلاً عن تمتعهم بحقوقهم الاقتصادية والاجتماعية والثقافية. تلك الحقوق التي كفلها القانون الدولي الإنساني وقانون حقوق الإنسان، فقد سببت سياسات الحصار والإغلاق الداخلي الذي تفرضه قوّات الاحتلال إلى مضاعفة أعداد العاطلين عن العمل في صفوف الفلسطينيين، حيث حال الحصار والإغلاق دون تمكن المئات من الموظفين والعاملين من الوصول إلى أماكن عملهم في الداخل والخارج ، ما دفع أرباب العمل إلى الاستغناء عن عدد كبير منهم، أو استبدال من يتأخرون في الوصول إلى أماكن عملهم. كما حرم عدد كبير من طلاب قطاع غزة من إكمال تعليمهم في جامعات الضفة الغربية أو الوصول إلى جامعاتهم في الخارج ، وكذلك حرم مئات المرضى من العلاج في مستشفيات الضفة الغربية والقدس الشرقية أو الخارج ، وتم منع وإعاقة التواصل الاجتماعي والعائلي وممارسة الشعائر الدينية.
ب‌. الانتهاكات الداخلية للحق في التنقل والسفر
تعرض الحق في التنقل والسفر لجملة من الانتهاكات تتمثل في استمرار معاناة المواطنين في قطاع غزة بسبب استمرار نفاذ الدفاتر الخاصة بجوازات السفر منذ تشرين الثاني 2008 وحتى الآن، فبالرغم عن القرار الصادر عن رئيس السلطة الوطنية الفلسطينية في آب من العام 2008، والقاضي بتكليف الجهات الحكومية في الضفة باتخاذ الإجراءات الإدارية اللازمة لاستئناف صرف الدفاتر الخاصة بجوازات السفر،إلا أن وزارة الداخلية في رام الله لا تقوم بإرسال دفاتر الجوازات لمواطني قطاع غزة وكذلك فقد رصدت الهيئة امتناع وزارة الداخلية في رام الله عن إصدار جوازات سفر لبعض المواطنين في قطاع غزة لدواعي سياسية . ومنع اصدرا جوازات السفر من قبل الحكومة في رام الله لبعض المواطنين في قطاع غزة المحسوبين على حركة حماس.
وفي المقابل واصلت الحكومة المقالة بقطاع غزة إصدار قرارات تنتهك حق المواطنين في التنقل والحركة حيث ألزمت أفراد الأجهزة الأمنية السابقين، والموظفين المتوقفين عن العمل، بالحصول على عدم ممانعة قبل السفر، إضافة إلى ممارسة المنع من السفر لعدد من المواطنين من قبل جهاز الأمن الداخلي الذي منع سفر عدد من المواطنين من خلال معبر رفح أو معبر بيت حانون بدون مبرر قانوني أو قضائي، إلى جانب مصادرة جوازات السفر من قبل الأجهزة الأمنية التابعة لوزارة الداخلية بغزة لعدد من المواطنين المحسوبين على حركة فتح في قطاع غزة .
في الختام: نؤكد على ضرورة أن يدرك الجميع مخاطر عدم تمكين المواطنين من تمتعهم بحق التنقل والسفر، الأمر الذي يتطلب العمل الجاد من قبل الأمم المتحدة والمؤسسات الدولية في الضغط علي دولة الاحتلال من اجل إلزامها بأحكام القانون الدولي الإنساني والقانون الدولي لحقوق الإنسان، وسرعة ملاحقة مجرمي الحرب الإسرائيليين على ما اقترفوه من جرائم بحق الشعب الفلسطيني، والعمل على رفع الحصار وفتح المعابر في قطاع غزة وضمان حرية حركة المواطنين والبضائع، ووقف عزل مدينة القدس عن محيطها وضمان إزالة جدار الفصل العنصري ورفع حواجز العسكرية وتسهيل حرية حركة المواطنين في الضفة الغربية.
مطلوب أيضا الإسراع في إنهاء حالة الانقسام وإعادة بناء وتوحيد النظام السياسي الفلسطيني لضمان التفرغ لإنهاء معاناة المواطنين من جراء سياسيات الاحتلال العدوانية، و لحين ذلك مطلوب تجنيب المواطنين تبعات الانقسام، وعلى رأسها وقف انتهاكات حقوق الإنسان الداخلية في قطاع غزة والضفة الغربية، واحترام القانون الأساسي والقوانين المعمول بها في مناطق السلطة والتي تكفل حقوق وحريات المواطنين وعلى رأسها حرية تنقل وسفر المواطنين .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. اعتقال 300 شخص في جامعة كولومبيا الأمريكية من المؤيدين للفلس


.. ماذا أضافت زيارة بلينكن السابعة لإسرائيل لصفقة التبادل وملف




.. لحظة اعتقال الشرطة أحد طلاب جامعة ييل الأمريكية المتضامنين م


.. اشتباكات واعتداءات واعتقالات.. ليلة صعبة في اعتصام جامعة كال




.. تقرير: شبكات إجرامية تجبر -معتقلين- على الاحتيال عبر الإنترن