الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


معركة بغداد حول الديمقراطية , أشرف المعارك كلها ’ وسيتساقط أعداؤها تباعاً..!!

جاسم محمد الحافظ

2010 / 11 / 9
مواضيع وابحاث سياسية


يتسائل أصدقاء شعبنا بذهولٍ عن سر كل هذا العنف والقسوة في بلاد ما بين النهرين , عند كل منعطفٍ من منعطفات مسيرة تأريخ شعبه , والحقُ , أن السرَ في ذالك هو الموقع الجيوسياسي , الذي أغرى أقواماً وشعوباً خلاقة وحية بأن تَقطُنَ على هذه الأرض الطيبة , وأن تلعب دوراً ريادياً في بناء حضارات أنسانية راقية , تثير حفيظة الكُسالآ المنكفئين على أنفسهم في البراري الموحشة والقانعين بالجهلِ والتخلفِ والعبوديةِ , فلذا يشنون حروبهم البربرية , أما طمعاً في ثمارها أو لأطفاء وهجها , وما الأخيرة التي طالت المؤمنين المسيحيين أثناء تأديتهم الطقوس الدينية في الكنيسة , والمدنيين في أحيائهم الفقيرة ,ألا دليل على مواصلة نهج أضعاف أرادة العراقيين في الأنطلاق ببناء الحياة الديمقراطية الحرة التي يستحقون .
ولفهمِ طبيعة جذور ودوافع هذا الصراع , ينبغي دارسةِ الواقع الأقتصادي – الأجتماعي السائد قبل السقوط المدوي للدكتاتورية , وكيف أن السياسات المغامرة لحزب البعث وحروبه العبثية , قد قوضت القاعدة المادية للتنمية الأقتصادية والتطور الأجتماعي , وحالت دون تنمية تراكم رأس المال والخبرة الأدارية للبرجوازية الوطنية , وأنعشت بهباتِها ومُنحِها الكبيرة طبقة البرجوازية الطفيلية من الأقطاعيين وكبار العسكرين من سارقي قوت الشعب ومُذليهِ , وسحقت بشكل ملفت للأنتباه الطبقة الوسطى , وكبلت العراق بديونٍ قذرةٍ لتغطية تكاليفَ تلك السياسات الرعناء , ووضعته تحت رحمة ابتزاز الامبريالية المتوحشة وحلفائها ومؤسساتها المالية , الأمر الذي أدى الى تدهور القيم الثقافية وتزايد معدلات الفقر والجوع وأستشراء الفساد في جميع مفاصل الدولة , الى جانب الأنتهاكات الخطيرة لحقوق الأنسان والتضييق على الحريات العامة ,فأشتد الصراع الأجتماعي ونضجت الضروف الموضوعية لتزايد التذمر الشعبي , وأنحازت جماعات كثيرة الى جبهة المعارضة الوطنية الواسعة للدكتاتورية , حتى بلغ الأمر حداً أستشعرت فيه الأمبريالية الأمريكية بمخاطر عدم تجريد أحزاب المعارضة – وضع البعض كل أوراقه في سلتها - من أمكانية أنهاء هذا الصراع لصالحها ,والشروع ببناء نظاماً ديمقراطياً وفق رؤآها الوطنية , وبذا ستفقد هي قدرتها على التحكم بالأحداث , وتتعرض مصالحها الحيوية للخطر في المنطقة , فبادرت بأحتلال العراق خارج الشرعية الدولية وبشرت أهله زوراً برغبتها في تأييد أقامة الديمقراطية في العراق – تماماً كما فعل صدام مع الكويت -
ومهما يكن شكل الصراع وتجليات قسوته هذه الأيام ,فهو أمتداد طبيعي للصراع مع البعث حول المشروع الديمقراطي المنشود والمؤَيد من الغالبية العظمى للعراقيين , وأن أطرافه على جانبي ساحة المعركة الآن تتشكل من :
أ – القوى المؤيدة للديمقراطية وهي :
1 – أحزاب الأسلام السياسي النافذة في الحكم والتي غالبية جماهيرها من الفقراء والكادحين المعدمين , اللذين تشكل الديمقراطية مناخً سياسياً مناسباً للدفاع عن مصالحهم الأقتصادية والاجتماعية , رغم جهلهم بحقيقة أن العقيدة السياسية لهذه الأحزاب لا تجيز لهم مواصلة السير في مشوار الديمقراطية الى نهايته بحماسة , وأنها تنطوي على بذور التفرقة والتمييز بين المؤمنين - لو أصدقوا القول بأن القرآن دستورهم الوحيد لما تعددت تشكيلاتهم الحزبية في أطار المذهب الواحد ولما تقاتلوا بهذه البشاعة – ولا شك بأن الزمن كفيل بأستهلاك جُلَ شعاراتهم المخادعة لأصلاح أوضاع الفقراء الحياتية والمعيشية المتردية , وذلك لغياب الرؤية الأقتصادية والبرامج الأجتماعية المستجيبة لمقتضيات الحياة العصرية وأستحقاقات الدولة المدنية المتعددة الأثنيات والأديان , خاصة وأنهم تحت ضغط غياب الكوادر الفنية والأدارية في تنظيماتهم الحزبية سهلوا للبعثيين التسلل الى مراكزٍ حساسة في الدولة , وهؤلاء جُبلوا على الأنتهازية وأقتناص الفرص ومعاداة الديمقراطية , وبناءً على ما سبق سيتنصل في كل مرحلة من مراحل تطور الديمقراطية فصيلاً أسلامياً وسيسطف حتماً مع أعداء الديمقراطية , وهذا مرهونٌ بمستوى التطور الأقتصادي – الأجتماعي .
فظلاً عن ذالك ينبغي التأكيد على أمكانية مواصلة الشخصيات الأسلامية المتنورة أنحيازها للدفاع عن الديمقراطية ,تماماً كما أنحازت رجالات الكنيسة في أمريكا اللآتينية الى الثوار اليساريين هنك لتقاتل من أجل العدالة الأجتماعية والمساواة .
2 – الأحزاب القومية
- ألأحزاب القومية التقدمية , وهي أحزاب برجوازية وطنية تمثل مصالح النخب المتعلمة من البرجوازية الصغيرة , التي لا تتناقض مصالحا الطبقية ومزاجها الثقافي المدني مع تتابع مراحل تطور العملية الديمقراطية والدفاع عنها , ألا في حدود التشابك التداؤبي بين مصالح الأقوام المتآخية وفئآتها المنتجة للخيرات المادية , وعند مستويات تشكيل المبررات المادية لظور هوية وطنية مشتركة بفعل تأثير قوانين التطور الأقتصادي – ألأجتماعي , التي تخلق الضروف المناسبة لأختفاء النعرات القومية وكذا لأنحياز بعض فصائل البرجوازية الصغيرة الى اليسار والآخرى تصير عناصراً معرقلةً للتطور .
- الأحزاب القومية الأنعزالية , وهي تمثل فصائل من البرجوزية الريفية المأخوذة بالفكر القومي الأنعزالى , والتي تسعى لأخضاع التجربة الديمقراطية في خدمة مصالحها الأنانية الضيقة , على حساب مصالح الكادحين سواء من بني جلدتها أو من فقراء وكادحي شركائها في المواطنة من الأقوام الآخرى , وهي حليف غير موثوق به للقوى المناضلة من أجل الديمقراطية المفضية الى دولة العدالة الأجتماعية ,
- التيار الديمقراطي التقدمي , وهو طيف واسع من الشيوعيين وتيارات اليسار والمثقفين التقدميين والمستقلين الوطنيين , وبعض منظمات المجتمع المدني الذين يناضلون من أجل الديمقراطية والعدالة الأجتماعية ويحضون بثقة وأحترام الشعب , وهم أكثر القوى المجربة في ثباتها وصلابتها في معارك الدفاع عن المصالح الوطنية وحقوق الطبقات الأجتماعية المسحوقة , غير أن النظام الأنتخابي المخادع حرمهم من الوصول الى مناطق أتخاذ القرار وجرد بذالك المجتمع من أحد أهم أسلحته المجَربة في الدفاع عن حقوقه المشروعة .
ب - القوى المناهضة للديمقراطية , وجميعها تشترك في العداء المستحكم للديمقراطية والعدالة الأجتماعية ومنها,
1 – حزب البعث العربي الأشتراكي ,وهو حزب قومي عربي عنصري دموي , لم تزكي الحياة أدعاءاته المنافقة في الوحدة والحرية والأشتراكية , خلال حكمه لأكثر من ثلاثة عقود سوداء , لف فيها البؤس والقهر والأستبداد الناس , وترك وراءه سجلاً أسوداً حافلاً بالكراهية والعداء للحرية والتآخي بين مكونات شعبنا , والشعوب المجاورة , وكان على الدوام معولاً طيعاً بأيدي الغرباء المناهضين لحرية وأستقلال العراقيين .
2 – تنظيم القاعدة والقوى الأسلامية الأصولية المتطرفة , وهي مجموعات من القوى الظلامية المؤمنة بعقيدة العنف في حل صراعها مع الخصوم , ينتشر بين صفوف أعضائها الجهل والتخلف واليأس وأنعدام التوازن النفسي , بسبب المآسي ألأجتماعية التي خلقها النظام السياسي المتخلف في بلدانهم , وهم بذالك نتاج طبيعي لمنهج القسوة ومعادات الديمقراطية لهذه الأنظمة . وليس أبلغَ من شهادات الناجين من مجزوة كنيسة سيدة النجاة في بغداد من التدليل على همجية وبؤس هؤلاء المارقين .
3 – النظام الجيوسياسي العربي والأسلامي , وهو في الغالب الأعم يتشكل من أنظمة دكتاتورية أستبدادية ورجعية قبلية , تتناسل بالوراثة وتشيع أجواء اليأس والأحباط أمام شعوبها من عدم أمكانية التغيير الديمقراطي في بلدانها, لذا لا تتوانى خدمة لمصالحها , من أيجاد أي ذريعة لدعم الأعمال الأرهابية المجنونة لعرقلة جهود العراقيين في أنجاز مشروعهم السياسي الوطني في بناء الديمقراطية . حتى لا يصبح ملهماً لشعوب المنطقة وحجة لتشديد مطالبها بمغادرة عوالم الأستبداد .
أنني أعتقد أن مشكلة عدم حسم الصراع لصالح الديمقراطية رغم كثرة مناصريها , وأستمراردوامة العنف وأراقة هذه الدماء العزيزة , سببه أنعدام الثقة والتناقض بين المصالح الآنية الضيقة والأستراتيجية البعيدة , للقوى النافذة في الحكم وبين الأستحقاقات السياسية والأجتماعية للنظام الديمقراطي – تعطيل تشكيل الحكومة دليل على ذالك – الى جانب ضعف التقاليد الديمقراطية في المجتمع , فمن غير المعقول أن مُنتَهِجي سياسة التجييش القبلي جادين في بناء الديمقراطية .
أما الجبهة المقابلة فموحدة في سعيها المُستَهجن لتعطيل العملية الديمقراطية , رغم أن المستقبل سيكون حليف شعبنا بكل تأكيد وستنتصر أرادته الحرة على خفافيش الظلام .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - تحية للزميل رضا
يوسف علي ( 2010 / 11 / 9 - 13:13 )
مفال جميل وتحليل واقعي
استاذ رضا اتمنى ان تبقى تكتب لنا بالسياسة وان لا تدحم نفسك بالحوار الديني لانك ستدخل في اشكالات وانت في غنى عنها. لان قضايا الدين له مفكريه ودع الخبز للخبازيين. اسمح لي وانت الزميل العزيز .لقد قرات كل تعليقاتك ومقالتك حول مقالات وبحوث الدكتور النجار وكانت اذا سمحت لي ضعيفة وغير مقنعة وارجو ان تقبل تحياتي الاخوية
زميلك بالدراسة الجامعية
يوسف

اخر الافلام

.. 200 يوم على حرب غزة.. ماذا جرى في «مفاوضات الهدنة»؟| #الظهير


.. مخاوف من اتساع الحرب.. تصاعد التوتر بين حزب الله وإسرائيل| #




.. في غضون أسبوع.. نتنياهو يخشى -أمر- الجنائية الدولية باعتقاله


.. هل تشعل فرنسا حربا نووية لمواجهة موسكو؟ | #الظهيرة




.. متحدث الخارجية القطرية لهآرتس: الاتفاق بحاجة لمزيد من التناز