الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


حديث السيدة أم سامي

رشيد الفهد

2010 / 11 / 9
كتابات ساخرة


لبى( أبو خالد) دعوة صاحبه ( عمار) لتناول العشاء في إحدى المطاعم ، قبل أن يغادر الأخير ارض الوطن عائدا إلى محل إقامته بعد فراق بينهما دام طويلا.
و ظن( أبو خالد) أن العشاء تم على الأغلب في مطعم يحمل رتبة خمس نجوم .. بقوله :- ( مع أني لم أََرَ تلك النجوم، ولا اعرف حتى قصتها، إلا أن المكان كان سارا للغاية وأثار في نفسي ارتياحا لم يغمرني مثله منذ أمد بعيد . )
وأفصح عما كان يدور داخل المطعم قائلا:- ( جلس إلى جوارنا شاب ترافقه فتاة يبدو عليهما متزوجان حديثا ، ونظرة خاطفة إليهما تجعلك تذكر عصرك الذهبي، والى هناك عائلة حازت على إحدى الزوايا، كان أفرادها في منتهى الانشراح، وموسيقى هادئة وعذبة تنشر المسرة في الأجواء. وقائمة كانت على الطاولة تحمل أسماء المأكولات الغريبة، و لم أتردد في توجيه الأسئلة للنادل حول فحواها... وتابع يقول :- (ولماذا أتردد؟ فالقضية وما فيها لم اسمع بتلك المأكولات، وهذا أمر لا يثير الخجل عندي، حتى استقر الطلب على تناول (كوردن بلو) على أن تكون المقبلات(اورديف مشكل).
وفيما (أبو خالد) يقص علي رحلته مع (النجوم) وما تلاها، حلت الفكرة التي أطلقها في وقت سابق خبير في الشؤون الاجتماعية-النفسية ،حذر خلالها من مخاطر البقاء في بيئة واحدة دون أن يطرأ عليها تجديد أو تغيير، ويزعم أن تغيير سياقات حياتنا يسهم بحل المشاكل على نحو أسهل،وتغيير هذه السياقات يبدأ من الأطعمة والأجواء المحيطة بها وان ذلك سيخفف إلى حد ما حدة الشد العصبي وينهي القسوة في النفوس وفي آخر المطاف تتهيأ الظروف لحل أزماتنا على نحو سليم وسريع على حد زعم الخبير.
وعلى الرغم من أن صاحبنا الخبير لم تصب ولا واحدة من تحليلاته أهدافها حتى الآن،إلا أني وجدتها فكرة صائبة و ممكنة التطبيق.
فمثلا وأنت تغادر المنزل إلى عملك عند الصباح وتنادي عليك سيدة الدار حول ما إذا كان لك رأي في تسمية وجبة الغداء.. قل لها:- أرجوك (كوردن بلو بالشطة) والتمس منها الإكثار من (الاورديف)، ولا تبالي إذا ما دار بينك وبينها خلاف حول (الشطة) ، فانه سيحسم أولا وأخيرا لصالحها كما في كل مرة،وهذا هو حالنا نحن معشر الرجال نعصف أمامهن في بادئ الأمر ، ثم سرعان ما نهدأ فجأة مثل خيول الشرطة.
وبعد عودتك من عملك لا باس أن تتناول ال(كوردن بلو) برفقة موسيقى(ياني) أو موسيقى(مونامور) ، وإذا كانت هذه الوجبة عند العشاء ينصح أن تكون مع أنغام (السكسفون) ، وإذا سألك ولدك الصغير عن مصير البصل أو الفجل بعد أن يرى صحن ال (اورديف مشكل) قل له كان يا ما كان.
ومما زاد قناعتي بفكرة الخبير وعدم اعتبارها سردا من الخيال ، ما قامت به السيدة (زكيه الخياطة) .
هذه السيدة أثارت سجالا واسعا في محلتها استمر لوقت طويل، وأثبتت أن بالإمكان إحداث التجديد في مجال الأطعمة، و برهنت على أن للعراقيين مهارات في صناعة البهجة، بعد نجاحها قبل عقود قليلة من إعداد وتحضير (المحلّبي) ، وهو صنف من الحلويات لم يكن معروفا إلا بعدما قامت السيدة بالإعلان عنه خلال توزيعها له في شهر رمضان ومناسبات أخرى ، عندها لقي استحسانا واسعا وإقبالا متزايدا، وحاز على إشادات الأكثرية في الحي وسط حسد النسوة والصبايا للسيدة كونها الوحيدة التي ظلت إلى وقت ما، تحتكر إعداده وحرصت على عدم إفشاء أسراره كي تبقى المتألقة الوحيدة في هذا الصدد، وحين تقدم لخطبتها رجل ميسور الحال، اعتقدت غالبية النسوة أن الميسور جاء على خلفية اسمها الذي صار متداولا في كافة أرجاء الحي .
وفيما كان الحديث لا يزال ساريا حول الابتكار الذي قامت به السيدة (زكيه) حتى تردد حديث آخر ،انه حديث السيدة(أم سامي) التي تعلمت طريقة تحضير (الكيكة) وبدورها علمتها لباقي النسوة في الحي بالتزامن مع انتشارها السريع في غالبية مدن البلاد،حتى أضحت (الكيكة ) فيما بعد رمزا للجمال، تطلق على الحسناوات من مذيعات وممثلات ، و دخلت في قاموس التحرش بالفتيات، فصار من المألوف وأنت تسير في شارع ما، ترى شابا يعاكس فتاة يقول لها: (هلو كيك).
إذن بالإمكان تطبيق فرضية التغيير، وبالإمكان أن يعم (الكوردن بلو) الممزوج بالموسيقى الهادئة و بهذا نلطف الأجواء وصولا إلى حل شامل للقضايا.
إلا أن بحثا كلفتني به إحدى المنظمات حول أطفال الشوارع، أيقضني وزال مني نشوة الأحلام الجميلة التي نسجتها مخيلتي .
فحين يخبرني أحد الأطفال انه يحصل على مبلغ ألف دينار(اقل من دولار) بعد أن يتمكن من بيع عشر علب من المناديل الورقية على أصحاب السيارات عند تقاطعات المرور، والله يعلم ما هو الوقت الذي يمضيه من اجل هذا، حتى في النهاية يحمل (رزقه) إلى (بيته) ليثلج به صدر أمه التي تنتظره ،عندها تكون فكرة الكوردن بلو اقل ما توصف بالمستبعدة.
وحين أقف حائرا مخذولا أمام الأعداد المتزايدة للأرامل وهن يصارعن فرسان الرذيلة ووحوش الليل والنهار في دولة توصف بالبخيلة ،عندها تكون الدعوة إلى تغيير الموائد بطرا.
وحين أدرك ويدرك غيري أن النجوم الخمس( المطعم) وعسى أن تكون عشرين، هي اقل عما يجب أن يكون متاحا لكل عراقي ، عندها أكون مع من يدع الله قائلا : -
( اللهم اغفر لشعبي ما تقدم وما تأخر من ذنبه ) .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - ببساطة مقال ظريف
بشارة خليل ق ( 2010 / 11 / 9 - 22:31 )
الله لا يورجيك مرض السكري حضرة الكاتب كل وجبة سمة بدن لا كيكة ولا محلبي (اعتقد هي المهلبية) ولا اشي حلو والخبز عالميزان والرز بعدد الحبات والمصيبه وين ما رحت بقدمولك شغلات فيها سكر من مشروبات الي انواع الحلويات واذا رفضت بزعلوا وبقولولك هو هالشوي رح تضرك؟ يا عمي اتركونا اللي فينا مكفينا يعني ناقصين اغرائات؟ الانكى من هيك انه قبل مرض السكري ما كنت احب الحلويات..الله يعجل بامر الكفار بلكي لاقولنا حل حلو قبل ما نسلم الهوية واللا يصيبنا شغله مش منيحة
لا قال شو معدل اعمار مرضى السكري اعلى ب3 سنين من الباقين!!! انا من جهتي مستغني عن هال3 سنين بس اكل زي الخلق
والا شو رايكو؟

اخر الافلام

.. بعد أربع سنوات.. عودة مهرجان عنابة للفيلم المتوسطي بمشاركة 7


.. بدء التجهيز للدورة الـ 17 من مهرجان المسرح المصرى (دورة سميح




.. عرض يضم الفنون الأدائية في قطر من الرقص بالسيف إلى المسرح ال


.. #كريم_عبدالعزيز فظيع في التمثيل.. #دينا_الشربيني: نفسي أمثل




.. بعد فوز فيلمها بمهرجان مالمو المخرجة شيرين مجدي دياب صعوبة ع