الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


كانوا يتكلمون الفصحى

عبدالمنعم الاعسم

2010 / 11 / 9
مواضيع وابحاث سياسية


ليلة الاحد ، السابع من نوفمبر، كانت كنيسة سيدة النجاة في قلب بغداد قد ائتلقت بالشموع والشعر وبصفوف من المصلين والثكلى والشهود. قالت الشموع دموعها الاسيفة، وفاض الشعر بمداده المرتاع، ثم روى خمسون اسما شهيدا ما جرى في ذلك اليوم إذ كان اصحابها يرتلون نشيد السلام والارض قبل ان يداهمهم القتلة الذين كانوا يتكلمون اللغة العربية الفصحى، رسالة الى الذين لا يقرأون جيدا معنى ما حدث، او انهم لا يريدون ان يفرأوا.
مرّ الجميع على صف الشموع الدامعة والاسماء المسجاة. كانت آثار الرصاص لا تزال على اعمدة الكنيسة وصور سيدة النجاة وصلبان المسيح. خصّت سيدة مجللة بالسواد ضحايا من عائلة واحدة، ام وابنتها. آباء وأبناء. اخوة، بالشموع والبكاء، واقترح رجل الابقاء على آثار الرصاص والغزوة الهمجية وعدم محو بصمات الجريمة وتحويل الكنيسة الى متحف تاريخي لاخاء الاديان بمواجهة الغبار الاصفر للمتعصبين الهمج والكراهيات
الشعر وزّع ذهوله بين الشموع والمشاركين، واعلن انتماءه لمصاب انساني بموصوف عراقي، ودعانا الى دحر هذا الاستيطان الغريب الذي يتفنن في تنظيم المذابح المروعة ياللغة العربية الفصحى، وهي، على اية حال، ليست لغة الجاحظ والاصمعي وابراهيم النظام وابن جني والمتنبي والجواهري ، ولا هي لغة الضاد التي جاءت بالتنوير والجدال وفتوحات الفكر والتسامح.
لغة المستوطنين الاغراب الهمج مقعّرة، مفتعلة، منحوتة من الفحم والفضلات. تفتقد الى موسيقى ورحابة الكلام. مثقوبة بالديدان والرطانات المستعارة من عصر الردة والكهوف، لا تخرج من افئدة طليقة بل من بالوعات سحيقة. لا تميل الى كتاب او مؤلـَف له شأن، او له اعتبار، بل تميل الى المنقولات الخشبية. لغة تطلق النار على المارة من غير تعيين، هدفها ايقاع الموت باكبر عدد من الابرياء.
في ليلة الامس الاول جاء الغزاة، مرة اخرى، الى كنيسة سيدة النجاة. قرأوا بيانهم الشنيع باللغة العربية الفصحى. سكتت القصائد. عانقت الشموع بعضها, ثم دوى الغضب النبيل في المكان: يا لحسن الحظ.. انهم لم يدنسوا اللهجة العراقية.
*
" إنا نتسلم علم الوطن الآن فلتكن القامات الصلبة ساريه العالي ولتكن الاعين أنجمه الخضراء".
احمد عبدالمعطي حجازي








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - جرائم ممتدة من زمن الدعوة والردة الي الان
محمد البدري ( 2010 / 11 / 9 - 22:26 )
شكرا وتحية وتقدير لك، وتعازي لكل من طالته ايدي السفلة من قراء البيان بلغتهم الفصحي. اليست اللغة من صنف متكلميها.


2 - متى .. والى متى
احمد الاحمد الكويتي ( 2010 / 11 / 10 - 04:02 )
الى متى نبقى بين القل والقيل . والى متى يفهم المسلمون بان ديننا باطل وهو ليس بدين .. لماذا لا نصرح بحقيقتنا باننا نعبد الشيطان وليس الله.. هل الله يقبل بذبح طفلة على المذبح .. اليس ذلك من عمل عباد الشيطان.. اصحوا يا مسلمين من سباتكم .. واعلموا انكم في طريق الهلاك انظروا بانفسكم وقرروا ...


3 - متى .. والى متى
احمد الاحمد الكويتي ( 2010 / 11 / 10 - 04:04 )
الى متى نبقى بين القل والقيل . والى متى يفهم المسلمون بان ديننا باطل وهو ليس بدين .. لماذا لا نصرح بحقيقتنا باننا نعبد الشيطان وليس الله.. هل الله يقبل بذبح طفلة على المذبح .. اليس ذلك من عمل عباد الشيطان.. اصحوا يا مسلمين من سباتكم .. واعلموا انكم في طريق الهلاك انظروا بانفسكم وقرروا ...


4 - نعم أبو الحارث هذه لغة العراقيين وليس الفصحى
ذياب مهدي آل غلآم ( 2010 / 11 / 10 - 10:52 )
أبو الحارث طاب درك وسلم فوهك وسارية العلم قلمك نعم انها لغة العراقيين وليس الفصحى التي قرأوها!! لكن انهم شياطين الأنس وجراثيم قنوات التصريف الصحي ! نعم ابو الحارث لغة العراق لغتك وانهم لايفقهونها لكوننا نحن من ألسنها؟ لكم محبة القلب وعزائنا للعراق كل العراق انه المصاب الجلل لكنها دماء طاهرات تبجل العراق وتلعن الارهاب ولغتهم الفصحى دمتم يا دراويش العشق العراقي


5 - الشهيد ادم الصغير ثلاثة سنوات
كنعان شـــــماس ( 2010 / 11 / 10 - 21:34 )
كانت اخر كلماتة كافي ... كافي ... كافي بعد ان سكت ابوه وبقيت عمته بجانبه ملتصقة بالارض خوفا لاتستطيع ان تتحرك او تسحبه فخارت قواه وغادر هذا العالم الى الابد من ارد ان يرى صورة هذا الملاك الجميــل فلينظر في موقع عنكاوة ... تحية للا ستاذ عبد المنعم الاعســم وتحية لكل من يصــدح بكلمة حق ويكتب كلمة رثـــاء في هذا الحزن الكبيــــر

اخر الافلام

.. بلينكن في الرياض.. إلى أين وصل مسار التطبيع بين إسرائيل والس


.. طلاب مؤيدون للفلسطينيين يرفضون إخلاء خيمهم في جامعة كولومبيا




.. واشنطن تحذر من -مذبحة- وشيكة في مدينة الفاشر السودانية


.. مصر: -خليها تعفن-.. حملة لمقاطعة شراء الأسماك في بور سعيد




.. مصر متفائلة وتنتظر الرد على النسخة المعدلة لاقتراح الهدنة في