الحوار المتمدن
- موبايل
الموقع
الرئيسي
الرأسمالية وفعالية اليسار العربي
لطفي حاتم
2004 / 9 / 15اليسار والقوى العلمانية و الديمقراطية في العالم العربي - اسباب الضعف و التشتت
حملت المرحلة الجديدة من التوسع الرأسمالي الكثير من الظواهرالدولية المتناقضة بدءا" من التكتلات الاقتصادية والتقدم التكنولوجي مرورا" بعسكرة السياسة الدولية و تآكل مبدأ السيادة الوطنية وانتهاء" بغياب المنظومة الفكرية ـ السياسية المكافحة ضد البربرية الرأسمالية.. وبسبب ذلك الغياب يحاول أيديولوجيو الرأسمالية المعولمة اشاعة الاوهام الفكرية حول فعالية الليبرالية الجديدة وروحها ( الديمقراطية ) المرتبطة بقيم السوق المتحرر من أية رقابة اجتماعية أو دولية.
في مناخ ألشك والضجيج تواجه الباحث كثرة من الأسئلة منها :
ـ هل تشترط العولمة الرأسمالية ظهور نواتات ) لسلطة ( دولية تتخطى الكيانات الوطنية؟ وان ظهرت مثل هذه ) السلطة ( فهل تنشأ على أساس التوازنات الدولية/الوطنية ؟ وان كان الجواب سلبا" فهل تفترض تلك الاختلالات انبثاق حركة أممية متعددة الأطياف الاجتماعية /السياسية مناهضة للوحشية الرأسمالية ؟ .وقبل هذا وذاك
هل هناك ضرورة موضوعية لاغناء وتطويرالمنظومة الفكرية لليسار الاشتراكي تمشيا" ومتطلبات مرحلة الرأسمالية المعولمة ؟ .
اجتهادات كثيرة وهموم متباينة تتصارع في حلباتها الآمال المشرقة والحلول
التشاؤمية . ورغم ذلك الكم الهائل من التحليلات المتفائلة منهاواليائسة
تحرز الرؤى المطالبة بترصين الكفاح المعادي لبربرية رأس المال على اسس فكرية
معللة تقدما" شعبيا" .
بهدف مواصلة الحوار حول آفاق تطور كفاحنا الديمقراطي المناهض لوحشية رأس
المال المعولم أحاول التعرض الى موضوعتين مترابطتين أولهما : ـ محاولة تشخيص
السمات والترابطات الجديدة للتشكيلة الرأسمالية المعولمة . .وثانيهما : ـ
التعرض لأفكار وأراء محددة أزعم انها تساهم في تنشيط الفعالية الفكرية /السياسية لليسارالديمقراطي العربي .
الراسمالية المعولمة وتناقض مسار تطورها
أفضى الطور الجديد من التوسع الرأسمالي الى ظهور ما يمكن تسميته بالتشكيلة
الرأسمالية المعولمة المتجلية بترابط وتناقض مستويات بنيتها الاقتصادية
ـ الكونية التي يسير تطورها باتجهات متباينة بسبب تعارض مصالح مكوناتها الدولية/الوطنية الذي يتحكم في تطور حركتها قانون الاستقطاب الرأسمالي ونوازعه الادماجية ـ التخريبية.من جهة واحتكار المراكز الرأسمالية للتكنولوجيا المتقدمة المدنية منها والعسكرية وسيطرتها على مصادرالطاقة والمؤسسات المالية والمنظمات الدولية , من جهة أخرى .
استنادا" الى تلك الموضوعات يمكننا تحديد مستويات تطور التشكيلة الرأسمالية المعولمة بالمؤشرات التالية :ــ
1 : ــ تواصل عمليات ألاندماج والاتحاد في المراكز الرأسمالية بين الشركات
الوطنية/الدولية وما نتج عنها من ظهور بنية حقوقية ـ ادارية ـ دولية تتخطى قوانين الدول القومية. وبالضد من تلك ألاندماجات والترابطات تجري اعادة هيكلة الاقتصادات الوطنية لاطراف التشكيلة الرأسمالية وربطها باتجاهات تطور ألاحتكارات الدولية .
2 : ــ تحول الشركات العابرة للقارات بسبب عمليات الادماج والتشابك
الى قاطرات اقتصادية لتوجيه وقيادة مستويات تطور الاقتصاد ـ العالمي , الاقليمي , والوطني ـ وما نتج عن تلك ألقيادة من تأثيرات اجتماعية ـ سياسية يمكن رصدها في مسارات عدة أهمها : ــ
(أ ) : ـ نشوء وتطوراصطفافات سياسية.بين القوى الاجتماعية المناهضة للعولمة الرأسمالية التي فرضتها البنية الاقتصادية ـ الحقوقية ـ الادارية ـ الثقافية للشركات العابرة للقارات على السوق الرأسمالية فضلا" عن تقارب القوانين العامة وآلية عمل المؤسسات الحكومية في المراكز الرأسمالية
) ب ( : ـ تخريب التشكيلات الاجتماعية في الدول الوطنية وما أفرزه ذلك
من توترات عرقية ـ طائفية تهدد وحدة الانسجة الاجتماعية والمكونات الطبقية في التشكيلات الوطنية .
3 : ــ أدت تلك التغيرات الى تحجيم الوظائف الاقتصادية/الخدمية للدولة
الرأسمالية وما يعنيه ذلك من تضخيم وظائفها العسكرية/المخابراتية على المستويين الوطني والدولي تمشيا" وتطور المصالح الاستراتيجية لحركة رأس المال المعولم . وبهذا الاتجاه يمكن القول أن مسار تطور التناقضات الاجتماعية السياسية في الدول الوطنية والتدخل في شؤونها الداخلية باتت تشكل مضمون السياسة الخارجية للدولة الراسمالية .
4 : ــ تترافق التحولات المشار اليها في المراكز الراسمالية وتطورات أخرى
على مستوى أطراف التشكيلة الرأسمالية تتمثل بالعمل على تحويلها الى دول كمبورادورية / حارسة للمصالح الدولية الأمر الذي يعني تضاءل مساهمتها في التأثير على اتجهات تطور السياسة الدولية من جهة , وتنامي فعاليتها القمعية على النطاق الوطني من جهة أخرى .
5 : ــ رغم المساعي التي تبذلها المراكز الرأسمالية لصياغة سياسية( دولية موحدة) تعتمدها لبناء العلاقات الدولية الجديدة ,الا ان تلك المساعي تحدها تعارضات التكتلات الاقتصادية الدولية ومصالحها الاستراتيجية حيث تتبدى تلك التناقضات في أشكال المنافسة المحتدمة والمتبلورة بثلاث مستويات : ـ
أ: ـ منافسة بين الشركات الاحتكارية الوطنية/ الدولية الهادفة الى الامتداد والهيمنة على أسواق المراكز الرأسمالية.
ب ـ صراع بين المراكز الرأسمالية واحتكاراتها الدولية على مستوى صياغة
التكتلات الاقتصادية الاقليمية والهيمنة على مسار تطورها .
ج ـ المنافسة بين الاحتكارات الدولية على أسواق وثروات الدول الوطنية
بهدف السيطرة عليها واعادة بناء تشكيلتها الاجتماعية/السياسية .
ان استعراض مستويات تطور التشكيلة الرأسمالية المعولمة والعلاقات التنافسية بين التكتلات الاقتصادية الكبرى يترابط والتغيرات الجديدة في العلاقات الدولية المتمثلة بتحجيم دور المؤسسات الدولية الضامنة لوحدة المصالح الوطنية/الدولية وتفكك مبدأ السيادة الوطنية الذي شكل الحجر الاساس لبناء العلاقات الدولية منذ ظهور الدولة القومية
حركة التحرر بين الركود والازمة
منذ زمن وحركة التحرر الوطني العربية بتياراتها اليسارية الديمقراطية
والقومية تعاني ازمة شاملة تعددت تاثيراتهاالسياسية/الاجتماعية . لذا فان تحليل المضامين الفعلية لذلك الركود وتحري أسبابه الحقيقية يتمتع باهمية فكرية وضرورة عملية , الأمر الذي يدعونا الى معاينة المصاعب الحقيقية واشكال تجلياتها والتي يمكن وضعها بمحاور ثلاث ــ
اولا" : ــ غياب ألبديل الفكري الناتج عن انهيار البناء الايديولوجي
للتجربة الاشتراكية (الفعلية ) وما تمخض عنه من ضياع ألبدائل الفكرية المقاومة لايديولوجية الليبرالية الجديدة المتسلحة بشعارات جذابة وما رافقها من اشاعة الاوهام حول نهاية التاريخ وخلود الرأسمالية كخيار للتطور ألأجتماعي .
ثانيا" : ـ تقادم الركائز البرنامجية حيث أدت الانهيارات الكبرى للركائز
الأيديولوجية للأممية الثالثة الى غياب ألبرامج السياسية ذات الأطر الفكرية الأمر الذي يتطلب صياغة رؤية واقعية تتفاعل وطبيعة الترابطات والتشابكات الدولية/الوطنيةالتي أفرزتها الرأسمالية المعولمة , وما يشترطه ذلك من صياغة مواقف فكرية جديدة لكثرة من الموضوهات الفكرية/السياسية التي تحيط بطبيعة الظروف التاريخية الملموسة .
ثالثا": ــ انحسارالقاعدة الاجتماعية لحركة اليسار العربية التي أنتجتها
كثرة من العوامل الذاتية والموضوعية منها : ــ
أ : ــ عزوف الكتل الشعبية عن الانخراط في العمل السياسي الناشط بسبب
الخيبات المتكررة التي أفرزتها البرامج المثالية التي كافحت في ظلها الجماهير
العربية .
ب : ــ القمع السلطوي المتواصل ضد اليسار العربي فضلا"عن دور السلطات
العربية في تزييف وافراغ النشاط الشعبي من مضامينه الفكرية/السياسية بسبب احتكارها لمؤسساته الاجتماعية .
ج : ــ الليبرالية الجديدة وما فرضته من وصفات اقتصادية على الدول الوطنية وما نتج عنها من اقصاء العديد من الشرائح الطبقية الناشطة اقتصاديا" عن مراكز الانتاج الفعليه وتحولها الى قوى هامشية.
لقد أدت عمليات التهميش الجارية للكثير من القوى الطبقية الفاعلة في
التشكيلات العربية القطرية الى بناء محيط اجتماعي واسع تتفاعل في حركته الاحتجاجية المشاعر السلفية والافكارالغيبية .
من التنمية الوطنية الى التبعية الكولونيالية
تتزامن الاشارة الى انحسار التأثير الفكري/السياسي لقوى اليسار العربية على الكتل الشعبية وانهيار ركائز الفكر القومي المتمثل بــ ( الوحدة
القومية ,لاشتراكية العربية , الشرعية الانقلابية , عسكرة الدولة القطريه
.. الخ ) من الركائز الفكرية والاساليب السياسية ورغم تأثرالفكر القومي وحوامله ألاجتماعية بالخصائص القطرية الا أن حركته السياسية وتجربته التاريخية في الحكم أنتجت وبدرجات متفاوتة منظومات سياسية تتسم بالمؤشرات التالية :-
1ـ أنظمة حكم شمولية ذات لون واحد تتسم باحتكار السلطة والحياة
الاجتماعية.
2: ــ سيادة النزعة الاقصائية المناهضة للديمقراطية السياسية .
3 : ــ تطوير النزعة العسكرية ءاستنادا" الى تغليب التحديات الخارجية
4 : ــ اندماج العديد من التيارات القومية في البنية الادارية/الامنية
لسلطة )الشرعيةالانقلابية ) .
ان السمات السياسية/ الاجتماعية لانظمة (الشرعية ألانقلابية)المشار
اليها أفرزت نتيجتيين خطيرتيين على تطور الحياة السياسيةأولهما : ـ تفكك البنية الفكرية ـ السياسية لفصائل الحركة القومية بعد تحولها الى نزعة قطرية . وثانيهما : ـ. افراغ (دولة )التحرر الوطني ) من توجهاتها
الوطنية المستقلة بعد تحول بيروقراطيتها السياسية الى قوى طبقية متحالفة مع الشرائح البرجوازية الداخلية والاحتكارات الدولية.
تقديرا" لشرعية الفرضية الفكرية/السياسية المشار اليها نحاول تفحص السمات الواقعية للقوى الطبقية الجديدة الناهضة في التشكيلة الوطنية لدولة ( الشرعية الانقلابية) وتأشير أدوارها السياسية والتي يمكن حصر قواها بالشرائح الاجتماعية التالية :ــ
ــ تحول الطواقم البيروقراطية المدنية/العسكرية المتنفذة في أجهزة الدولة
القيادية التي تحولت الى فئات طبقية تساهم بفعالية في ادارة وتوجيه الاقتصاد الوطني انطلاقا" من امتلاكها القرار السياسي/الاقتصادي الذي تجسد أخيرا" في تبني مبادئ الليبرالية الجديدة وسياسة الابواب المفتوحه .
ــ البرجوازية الوطنية الناشطة في قطاع انتاج الصناعات الاستهلاكيه والذي يعيق نموها وتطورها تدفق البضائع الاجنبية المماثلة للمنتجات الوطنية التي حررت حركتها ألاتفاقات التجارية الدولية ألامر الذي أجبر البرجوازية الوطنية على التنسيق والترابط مع أنشطة الاحتكارات الدولية وما يعنيه ذلك من تحجيم فعاليتها الوطنية .
ــ القوى البيروقراطية المهيمنة على بقايا قطاع الدولة ( الاشتراكي )
والمترابطة مصالحها و مصالح قوى البرجوازية المحلية والرأسمال الدولي الوافد
من خلال مشاركة الاخير في مؤسسات قطاعات الدولة الاقتصادية/الخدمية ومساهمته
في الانشطة الاقتصادية الخاصة .
ــ برجوازية قطاع الخدمات والعقارات التي اتسعت مديات أنشطتها الخدمية
من خلال مساهمة الرأسمال الدولي في تطوير المرافق السياحية/الخدمية ومن
الملاحظ أن هذه القوى الاجتماعية تتشابك مصالحها مع شريحة طبقية أخرى تتمثل بوكلاء الشركات التجارية الاجنبية/ ومؤسسات الاعلان ألامر الذي جعلها تتصدر المشهد الاقتصادي وأضوائه الزائفة .
ــ ان الاشارة الى هذه الشرائح والفئات الاجتماعية تشترط تأشير مواقع
البرجوازية الريفية التي اتسعت فعاليتها الانتاجية/ السياسية نتيجة لعاملين أولهما : ـ تعديل قوانين الأرض التي أعادت الأراضي المصادرة سابقا" نتيجة لقوانين الاصلاح الزراعي الى ماليكيها الاقطاعيين وما نتج عن ذلك من اعادة الفعالية السياسية/الاجتماعية الى أغنياء الريف. وثانيهما: ـ القوانين الجديدة التي تسمح للشركات الاجنبية شراء وامتلاك الأراضي الأمر الذي أدى الى تطور العلاقات الأنتاجية الرأسمالية في الريف العربي على قاعدة تحالف مالكي الارض الكبار مع الرأسمال الخارجي .
ــ ان تطورالتشابك الوظيفي بين الرأسمال العربي والرأسمال الاحتكاري
من خلال الانشطة المختلفة وبالاخص منها تلك المتمثلة بتوظيفات الاموال العربية في البنوك والمؤسسات المالية الاجنبية , شراء الاسهم في الشركات الاحتكارية ,المضاربة مع الرأسمال الاجنبي في أالاسهم والسندات والعقار تجعل (البرجوازية المالية الريعية) في العديد من البلدان العربية قاطرة لسياسة التحالفات مع الشركات الاحتكارية .
ــ تزامنت التغيرات الاجتماعية المشار اليها مع تحولات في أقسام القاعدة
الاجتماعية للطبقات الوسطى ــ خاصة الاجزاء المدينية منها ــ وذلك بسبب تلاحم فئاتها العليا مع الشرائح الطبقية السائدة اقتصاديا" التي تعمل بدورها على توفير فرص التشغيل لامتصاص كفاءة الفئات المتعلمة من الشرائح الطبقية الوسطى .
استنادا" الى طبيعة القوى الطبقية السائدة اقتصاديا" في المجتمعات العربيه تواجهنا الأسئلة ألتالية : ـ هل تستطيع القوى الاجتماعية التي تتصدر المشهد الاقتصادي العربي انجاز عملية التقارب الاقتصادي بين الأسواق العربية ؟. و هل تستطيع البرجوازية في البلدان العربية بشرائحها المتعددة تطوير تعاونا" اقتصاديا" يشكل منطلقا" لفدرالية سياسية عربية ؟ .
ألاجابة على الاسئلة المثارة تفترض التعرض الى حركتين متناقضتين ألاولى
منهما حركة رأس المال التوسعية/الالحاقية والثانية حركة القوى الاجتماعية
المناهضة للسمات التدميرية لرأس المال المدول .
الاحتكارات الدولية والتكتلات الاقليمية.
من المعروف ان قانون الاستقطاب الرأسمالي باعتباره القانون الآرس في التشكيلة الرأسمالية المعولمة لا تتجلى أثاره التدميرية على الدول الوطنية وتشكيلاتها الاجتماعية وحسب , بل وفي سماته الالحاقية المتمثلة في اعادة ادماج اقتصادات الدول الوطنية بما يتلائم وتطور الاحتكارات الدولية التي تعمل بدورها على اقامة أشكال جديدة من التشابك والترابط مع الدول الوطنية خاصة في مجالات الهيمنة على الثروات الوطنية وحرية حركة رأس المال المدول وفرص استثماره وصولا" الى بناء تكتلات اقتصادية اقليمية تابعة لها..وهنا لابد من الاشارة الى أن الليبرالية الاقتصادية المفروضة بقوة المؤسسات المالية الدولية تلعب دورها في احداث تغيرات هيكلية في مواقع ومكانة المكونات الطبقية للتشكيلة الوطنية , بمعنى أخر تسريع عملية الحراك الاجتماعي لصالح القوى الطبقية الناهضة في هذه البلدان والمتشابكة مصالحها الاقتصادية ومصالح الشركات الدولية .
ان الموضوعة المشار اليها تكتمل عند التعرض الى أثارها التدميرية على
مستقبل الدول الوطنية وشعوبها والتي يمكن تأشيرها بــ : ـ
اولا" : ــ رغم تقدمية عمليات التشابك والادماج وتشكيل التكتلات الاقتصادية الاقليمية قياسا" الى الاقتصادات الوطنية المنعزلة الا أن ترابط تلك العمليات وحركة قوانين التمركز والتركز والاستقطاب تشكل عودة الى (اقتسام العالم ) بين التكتلات الاقتصادية الدولية حيث تتزامن محاولات الاقتسام واعادة هيكلة الجغرافية السياسية التي أفرزتها حقبة المعسكرين لصالح التكتلات الاقتصادية الدولية.
ثانيا" : ــ يفضي اعادة اقتسام العالم بين التكتلات الاقتصادية الدولية
الى اقامة التحالفات العسكرية التي تشكل بدورها عتبة أساسية نحو تسريع الترابطات الاقتصادية وما يفرزه ذلك من بناء أنظمة أمن اقليمية مندمجة مع النظام الامني /السياسي /الاقتصادي لهذا التكتل الدولي أو ذاك .
ثالثا" : ــ يؤدي اقتسام العالم العربي بين التكتلات الاقتصادية الدولية الى اجهاض مشروع التكامل الاقتصادي العربي الذي يشكل ركيزة أساسية نحو تحقيق الامن العربي واستبداله بأمن ءاقليمي يستند الى تعزيز التحالف الاستراتيجي
الامريكي ـ الاسرائيلي ـ التركي وتطويره الى تكتل اقتصادي يشكل قاطرة ءاقليمية لسوق شرق أوسطية .
استنادا" الى التحليل المشار اليه يمكننا صياغة الاستنتاج التالي والذي
يتلخص مضمونه بـ :
يشكل تفكيك وتركيب التشكيلات الاجتماعية للدول الوطنية واعادة بناء
اقتصاداتها لغرض دمجها باقتصادات اقليمية تابعة جوهرالكولونيالية الجديدة المتجاوبة ومصالح المراكز المتقدمة من التشكيلة الرأسمالية المعولمة
حركة اليسار العربي ومضامينها الجديدة
تكتسب حركة اليسار العربي في ظروفنا التاريخية الملموسة مضامين جديدة
تشترطها طبيعة التطورات التي أفرزتهاالمرحلة الجديدة من التوسع الرأسمالي
والمتمثلة بعاملين الاول منهما : ـ تخلخل المنظومة الفكرية ـالسياسية لقوى اليسار الأممي المناهض للعولمة الرأسمالية . وثانيهما : ـ انفلات الرأسمالية المعولمة وتجلياتها المتوحشة الفكرية /السياسية المتمثلة بالعسكرة والييبرالية الجديدة .
على أساس هذين العاملين فان المضامين الجديدة لحركة اليسار العربي تتلخص
في وحدة برامجه الوطنية ـ الديمقراطية مع مهامه القومية التحررية.
ان التشابك التاريخي الملموس بين البرامج الوطنية ـ الديمقراطية والمهام
القومية ـ التحررية يستمد مشروعيته من موضوعة يتلخص مضمونها في : ـ أن الدولة القطرية باتت في دائرة التفكك والتهميش التي تعمل على تسريع وتائرهما قوانين حركة رأس المال المعولم والمصالح الاستراتيجية للمراكز الرأسمالية.
ان اعادة بناء العلاقات الكفاحية بين فصائل اليسار الديمقراطي في البلدان
العربية واكسابها المضامين الوطنية الديمقراطية والقومية التحررية تتطلب البحث عن أشكال مؤسساتية ملموسة تؤطر وحدته الكفاحية . وبهذا الاتجاه أحاول تقديم رؤية تنظيمية/ فكرية/ سياسية تستند الى ملاحظتين أساسيتين : الاولى منهما: ـ أن الرؤية التي اطرحها ترتكز على دالات فكرية/ سياسية لم تكتمل بعد بمعنى انها قابلة للنقاش والاغناء والتطوير .والثانية ـ ان الدالات الفكرية /السياسية التي أعتمدها تنطلق من روح تجديدية تتماشى والتطورات الجديدة ( لروح ألعصر ).
أولا": ــ أشكال مؤسساتية
تشترط اعادة اللحمة الفعلية بين أحزاب اليسار الديمقراطي في الظروف
التاريخية المعاشة بناء أشكال تنظمية تشكل أطرا"مؤسساتية دائمة تتماشى ووحدة مهامها الوطنية/ القومية وفي هذا ألاتجاه يتمتع باهميةاستثنائية بناء المؤسسات التالية : ــ
1 : ــ تشكيل مؤتمر اقليمي لتجمع الاحزاب الشيوعية واليسارية الديمقراطية في البلدان العربية يأخذ على عاتقه عقد جلسات دورية تكون بديلا عن اللقاءات الموسمية التي اتسمت بالركود والتبعية للاحداث الكبرى
2 : ــ يتبنى المؤتمرالاقليمي تشكيل لجان تنسيق ومتابعة بين الاحزاب
الاعضاء لغرض تطوير وديمومة النضالات المشتركة واعطاهاطابعا"اقليميا"يتلائم
وطبيعة المرحلة الجديدة من تطور العلاقات الدولية .
3 : ــ تتحدد فعالية لجان التنسيق والمتابعة بمدى ترابطها والنهوج السياسية ـ الوطنية لاحزاب اليسار الديمقراطي الرامية الى استنهاض الكتل الشعبية المناهضة لسياسة التغييب السلطوية والتبعيةالكولونيالية بكلام أخر ان لجان التنسيق والمتابعة ترتكز على فعالية الكفاح الوطني ـ الديمقراطي الذي يشكل مصدرا" اساسيا" من مصادر تطويرالتضامن الكفاحي على المستوى القومي .
4: ــ تشكيل معهدا" للدراسات الفكرية يعني بتنضيج رؤى فكرية / سياسية
نقدية لمواجهة أيديولوجية الرأسمال المعولم واتجهاته التدميرية ونزعاته المعادية لوحدة وتفاعل الحضارة الانسانية .
تلخيصا" يمكن القول أن تشكيل مؤتمر اقليمي عام للأحزاب اليسارية الديمقراطية في البلدان العربية يمكن اعتباره بمثابة رد سياسي فاعل من قوى التغيير الديمقراطي على مساعي الليبرالية الجديدة الهادفة الى حصر القوى الديمقراطية باطارات وطنية منعزلة والقبول بانجازات اجتماعية / سياسية ضيقة لاتمس جوهر علاقات الهيمنة/التبعية .
ثانيا" : ــ فعاليات برنامجية مشتركة
ان تفعيل الاشكال التنظيمية لليسار الديمقراطي على المستوى القومي
تشترطها وحدة النشاط المشترك ومضامينه الفكرية/السياسية المناهضة للعولمة الرأسمالية والتي تحددها الموضوعات الفكرية ـ السياسية التالية :
1 ــ اعتبار الكفاح من اجل الديمقراطية السياسية بما تتضمنه من الغاء احتكار السلطة واشاعة التعددية الحزبية و سيادة الشرعية الانتخابية المسيجة بالقوانين والتشريعات الدستورية المهمة الرئيسية في الكفاح الوطني ـ الديمقراطي .
ان بناء الشرعية الوطنية على اسس الديمقراطية والتداول السلمي للسلطة
تشكل عاملا" اساسيا" للوحدة الوطنية التي تتعرض في الظروف التاريخية الملموسة الى التفكك بسبب انبعاث ـ الطائفية., المذهبية , العشائرية ...الخ ـ من الاشكال التضامنية البدائية المتبلورة في أشكال وحركات سياسية.
2 : ــ تطوير الرؤية المشتركة .لاعادة بناء الدولة القطرية علىاساس الديمقراطية والموازنة/القومية وما ينتج عن ذلك من ضمان حق القوميات في تقرير مستقبلها وشكل وحدتها مع الدولة الوطنية .
3: ــ التركيز على دورالدولة في احداث وتطوير التحولات الاجتماعية المعادية للتبعية والتهميش وبهذا الاطار وبهدف تصليب النسيج الاجتماعي للتشكيلة الوطنية يجري الدفاع عن موضوعة التوازن الطبقي والذي يعني في نهاية المطاف المسؤولية المشتركة للمكونات الطبقية في تعزيز وتطوير وحدتها الوطنية وتطورها الديمقراطي .
ان فكرة التوازن الطبقي التي يمكن اعتبارها شكلا" من أشكال التعاقد الاجتماعي تنبع بالدرجة الاولى من التخلي عن موضوعة الطبقة / الدولة التي سار عليها اليسار العربي والانتقال الى فكرة الامة /الدولة بكلام أخر اعتبار الدولة الضامن السياسي /الديمقراطي للصراعات الطبقية السلمية المرتكزة على توازن المصالح الطبقية / الاجتماعية . ان استبدال موضوعة الغاء الطبقات بسياسة توازن المصالح الطبقية
تشكل بدورها اداة سياسية فعالة في الكفاح الاجتماعي لحركة اليسار الديمقراطي في البلدان العربي
ــ النضال من أجل الاتحاد الفدرالي بين البلدان العربية الذي يشكل في نهاية المطاف العتبة الاساسية نحو اقامة التكتل الاقتصادي /السياسي العربي
. وبهذا الاتجاه لابد من الاشارة الى أن الكفاح من أجل الاتحاد الفدرالي
يتطلب البدء بتطوير العلاقات الاقتصادية بين أطراف عربية يشكل سوقها الاقتصادي المشترك أساسا"لانشاء السوق العربية المشتركة
ان الدعوة الى الاتحاد الفدرالي المرتكز على الديمقراطية السياسية تستمد مشروعيتها من التجربة التاريخية المعاصرة التي أثبتت أن الدولة القطرية بنهجها المعادي للديمقراطية والتوازنات الطبقية/القومية لم تعد قادرة على مواصلة احتكار السلطة باساليب قمعية/ انعزالية وما يعنيه ذلك من ضرورة البحث عن أشكال ديمقراطية للمصالحة الوطنية وسياسات اقتصادية قومية / عربية تدفع باتجاه تطويرها الى ترابطات اقليمية .
ان دعوة اليسار العربي الى الاتحاد الفدرالي يدفع البرجوازية الوطنية التي
تعاني الحصار والتبعية الى تقوية مواقعها السياسية ألامر الذي يدفعها للعمل على توسيع نشاطها الاقتصادي/السياسي على قاعدة قومي
. ــ تتمتع اعادة الوحدة الكفاحية بين حركة اليسار العربي والتيارات
القومية وتطويرها الى تحالف سياسي /ديمقراطي بأهمية مستقبلية تعززها الرؤية السياسية المشتركة الهادفة الى بناء فدرالية عربية قائمة على أسس الديمقراطية السياسية والتعددية الحزبية وتوازنات الكتل الاجتماعية/القومية .
ان أهمية بناء التحالف الديمقراطي اليساري / القومي يبرره انهيار المشروع
الايديولوجي المطالب بالوحدة الاندماجية المرتكزة على احتكار السلطة والقمع السياسي من جهةوالسياسات الفاشلة للدولة القطرية التي أضاعت الاستقلال الوطني والثروة العربية من جهة أخرى .
6 : ــ التأكيد على عودة الاموال العربية المهاجرة وفتح الابواب والضمانات التشريعية والسياسية لاستثمارها في البلدان العربية حيث أثبتت التجربة التاريخية المنصرمة أن الاموال العربية المستثمرة في البنوك الاجنبية معرضة لخسائر كبيرة ناجمة عن دورية الازمات الاقتصادية والمضاربات المالية التي تتعرض لها المراكز والمؤسسات الماليةالدولية.ناهيك عن تجميدها وضياعها لاسباب سياسية .
ان الدعوة الى تنشيط المطالبة بعودة الاموال العربية المهاجرة ينطلق من
تحقيق هدفين الاول منهما : ـ العمل على اضعاف علاقات الهيمنة/ التبعية بين الرأسمال الدولي والرأسمال العربي وما يعنيه ذلك من تعزيز النزعة الاستقلالية لدى البرجوازية العربية . وثانيهما : ـ تطوير الروابط الاقتصادية بين القوى الطبقية المختلفة في الاقطار العربية .
7: ــ التركيز على تحجيم سياسة التسلح والعسكرة والعمل على تحويلها الى
سياسة تنموية تخدم تطور الاقتصادات الوطنية و توسيع الروابط الاقتصادية بين الاقطار العربية الامر الذي يؤدي الى تعزيز الاواصر الاقتصادية السياسية بين القوى الطبقية العربية الناشطة في الدوائر الاقتصادية الانتاجية منها /والخدمية .
8: ــ تشديد المطالبة بازالة القواعد العسكرية الامريكية وتحريم التحالفات العسكرية لما تمثله من مخاطر حربية على أمن المنطقة وسلامها والتركيز على جعل الشرق الاوسط منطقة خالية من أسلحة الدمار الشامل
9 : ــ يكتسب ألدعم اللامحدود لقضية الشعب الفلسطيني وحقه في اقامة دولته الوطنية المستقلة ومواصلة فضح وحشية التحالف الاسرائيلي ـ الامريكي أهمية نضالية لقوى اليسار الديمقراطي العربي .
خلاصة القول أن البرنامج الوطني الديمقراطي /القومي التحرري لاحزاب اليسار الديمقراطي يتححد بثلاث مستويات مترابطة : ــ
ــ المستوى الوطني الذي يسعى الى بناء شرعية وطنية تؤطر آلية عملها القوانين الدستورية والمنافسة الديمقراطية . وهنا لابد من الاشارة الى أن المطالبة بالديمقراطية والشرعية الوطنية لا يعني ألاخذ بـ (القفزة الثورية ) بل يعني تصعيد الكفاح الشعبي لانتزاع المكاسب السياسية/الاجتماعية بصورة تدريجية.
ــ المستوى القومي /الاقليمي الذي تشترطه ضرورة توسيع دائرة العمل السياسي المشترك بين القوى والفصائل اليسارية/القومية وصولا" الى بناء تحالف شعبي ـ ديمقراطي تحتل القوى اليسارية فيه المواقع المحركة والدافعة للكفاح الديمقراطي/ القومي.
ــ المستوى الاممي المتمثل بتوثيق صلات اليسار الديمقراطي العربي مع الحركة
اليسارية/الديمقراطية العالمية المناهضة للحركة التدميرية لرأس المال المعولم وتجلياته العسكرية / الارهابية .
|
التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي
.. لـ 6 أشخاص فقط : نتائج أول فرز في الانتخابات الأمريكية | ال
.. الانتخابات الرئاسية: ما هي نوايا التصويت للقاطنين في مدينة د
.. عاجل | انطلاق عمليات التصويت في الانتخابات الرئاسية الأميركي
.. هل يتكرر سيناريو 2021 حال خسر ترامب الانتخابات؟
.. هل ينتزع ترمب ميشيغن من أيدي الديمقراطيين؟