الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


القبض على الله أخيراً

طاهر مرزوق

2010 / 11 / 10
حقوق الانسان


تابعت النبأ القائل أن قوات الأمن الفلسطينية وقوات المخابرات بالتعاون مع النيابة العسكرية ، حيث قامت أجهزة الأمن الفلسطينية بالقبض على الله " وليد الحسينى " مدعى الألوهية متلبساً بالجريمة أثناء تحديث صفحاته على الفايسبوك أو مدونته ، وذلك بعد مراقبة الإله ذات الخمس والعشرين عاماً أكثر من شهرين .
هل من يعتقد فى نفسه لسبب أو لآخر أنه الله أو بوذا أو المسيح أو موسى يرتكب جريمة ويقبض عليه ، أما من يسفك دماء البشر فى الكنائس والمساجد ووسط التجمعات البشرية فلا يتم القبض عليهم بل ويتركونهم أحرار ويهللون ويكبرون لهم؟ هل هذا هو القانون والشريعة والعدل الواجب تطبيقه بين البشر ؟
لماذا كل هذا الهيجان وتجنيد المئات لمراقبة ومتابعة هذا الشاب الذى لا حول ولا قوة له ؟
شر البلية ما يضحك ، لقد أضحكنى حقاً أن الفلسطينيين تركوا مشاكلهم من ماء وغذاء وكهرباء وحياة وموت ، ليتفرغوا إلى أكبر عملية مطاردة وينجحوا أخيراً فى القبض على الله !!
أعتقدت للحظة أن القبض كان على بن لادن أو الظواهرى أو غيرهم ممن يروعون البشر بالإرهاب وينشرون على الانترنت رسائل تحذيرية بالقتل والدمار لمن لا يسمع لأوامرهم الدينية حسب أعتقادهم ، لكنى أعتقدت خاطئاً فالخبر صحيح ولم يكن القبض إلا على شاب " غلبان " يحلم بأن يكون الله أو غيره من الآلهة أو الأنبياء ، لكن بن لادن وأصحابه يعيشون أحراراً فى حماية الجميع.
هل شاب فى الخامسة والعشرين من عمره أصبح يشكل خطراً رهيباً على من فى السماء ومن يتبعونه على الأرض ؟ لماذا ؟ لأنه أطلق على نفسه الله ؟ إنها دعابة كبيرة لملايين من البشر الذين أصبحوا عبيداً لأفكار عنصرية دينية أبتدعوها لسفك دماء الآخرين المختلفين معهم فى الرأى والعقيدة .
ما هى المشكلة ؟ هل يخافون أن يتبعه ويؤمن به ملايين البشر مما يجعله منافس لإلههم المسلم ؟
إلى هذه الدرجة أصبحت مشاعر وأفكار البشر طفولية وعبثية ؟
إن الحقيقة التى باتت واضحة فى بلاد العرب ، أن الأنظمة السياسية هى التى تتلاعب بالإسلام وتستخدمه لخدمة أغراضها السلطوية والعنصرية والطائفية ، وما على المسلم البسيط إلا السير وراء شعاراتهم وسياساتهم التى تنافق الجميع على حساب الإله الذى يفترض وجوده فى مكان ما !!
مشكلة المسلم أنه لا يتحمل أن يوجه إليه أحداُ النقد ، سواء لذاته أو لدينه أو لرسوله وإلهه ، من هنا نستطيع أن ندرك جيداً مقدار الكارثة التى يعيشها كل فرد فى المجتمع العربى ، لأنه أغلق على ذاته وعلى ذوات الآخرين من حوله بأسم الدين كل نوافذ النقد وحرية الرأى والرأى الآخر بل أغلق نوافذ عقله وعقول الآخرين.
فالمسلم من حقه أن ينقد الآخرين ويتهمهم بالكفر والفساد الأخلاقى وأهل الضلال والقردة والخنازير وتحريف الكتب المقدسة إلى آخر الأتهامات التى يسميها المسلم نقداً إيجابياً للآخرين ، لكن ليس من حق الملحد أو اللادينى أو الدينى أن ينقده ، لأن أقتناعه الأبدى أنه خير البشر ودينه خير الأديان وأخلاقه خير أخلاق البشر وإبداعاته هى خير إبداعات البشر وإعجازاته ومنجزاته العلمية هى خير إعجازات ومنجزات البشر.
لذلك مهما شرحت وأسهبت له فيما يرتكبه من أخطاء أو من فهم خاطئ ، فإنه لن يستمع إليك لأن عقله أقصد قلبه يفكر فى الغيبيات التى يعيشها يقينيات لا تقبل الجدل بالتى هى أحسن أو بالنقاش والحوار البناء
إن تجييش الآلاف أو الملايين حسب إحصاءات البعض ليغلقوا صفحته على الفايسبوك أو للمطالبة بأقصى العقوبة ونحره أو إعدامه إلى آخر تلك الرغبات المرضية ، يدل على أن الله فى أعتقاد العرب مازال حبيس السماء ، لا يستطيع أن يرسل جيوش ملائكته ليدافع عن عرشه الإلهى ويعاقب من يستغل أسمه ولقبه الإلهى فى إضلال الشعوب العربية الإسلامية.
نقطة فى غاية الأهمية تفرضها على العقل الإنسانى الأنظمة السياسية التى تساند رجال الدين ، وهى أن قوى الأمن فى دول العرب تسمح بدخول الشيوخ إلى الشخص المسجون بتهمة وجريمة أنه خرج من الدين الإسلامى أو أعلن إلحاده بغرض النصح والإرشاد حتى يتوب ويرجع إلى الطريق الصحيح من وجهة نظرهم ، ولا ننسى التهديد والوعيد والتعذيب الذى لا يعلم به إلا ولاة الأمر.
هذا العمل من جانب نظام الدولة هو عمل قمعى لحريات البشر فيما يختارونه من أديان أو الكفر بها ، يجب أن نطالب جميعاً بأن تتوقف كل دولة عن هذه السياسة التى ترضخ للقوى الدينية فى قمعها لعقول المؤمنين ومصادرة حرياتهم فى التمييز والأختيار الحر.
وفى أنتظار وليد الحسينى حراً








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - فتح دحلاني
محمد الحجاج ( 2010 / 11 / 10 - 19:13 )
لقد صار الله اليوم يدين بخدمة لمحمد دحلان
سبحانه


2 - خدعونا بانهم مقاومة
محمد البدري ( 2010 / 11 / 11 - 02:39 )
من البلاهة الاعتقاد بان حماس او حزب الله او ايا من الفصائل الاسلامية تقاوم احدا اللهم الا مقاومة كل صاحب عقل وفكر. حماس امامها اسرئيل بطول الحدود وحزب الله كذلك من جنوب لبنان. انهم يا سيدي جبناء شانهم شان الارهابيين القتلة الذين يروعون المدنيين ابتغاء مرضاه الله.


3 - سفك دماء الأبرياء هو قضيتهم
طاهر مرزوق ( 2010 / 11 / 11 - 08:22 )

الأستاذ محمد الحجاج شكراً على تعليقك ، وللأسف إن الله هذا يدين بديون كثيرة للشعوب العربية الإسلامية التى تقدم له القرابين البشرية وتسفك دماء الأبرياء ، لكن هذا الإله سيظل غائباً عنهم إلى الأبد.
وشكراً للأستاذ محمد البدرى على تعليقه ، فعلاً أنهم جبناء وكل إرهابى جبان أمام إسرائيل لأنها لسيت قضيته ، قضيته سفك الدماء مرضاة لإلهه ، وكان واجباً على كل مسلم صاحب عقل أن يسأل نفسه : لماذا كل هذا الإرهاب فى العراق ومصر ولبنان والسودان وأفغانستان وباكستان ؟ فى الوقت الذى لم تطلق فيه قاعدة بن لادن وأصحابها عملية واحدة تقول فيها أنها وراءها ؟ إنهم الجبناء عندما يكونون بلا قضية .

اخر الافلام

.. شاهد: المجاعة تخيّم على غزة رغم عودة مخابز للعمل.. وانتظار ل


.. مع مادورو أكثر | المحكمة الدولية لحقوق الإنسان تطالب برفع ال




.. أزمات عديدة يعيشها -الداخل الإسرائيلي- قد تُجبر نتنياهو على


.. وسط الحرب.. حفل زفاف جماعي بخيام النازحين في غزة




.. مظاهرة وسط تونس تدعو لإجلاء المهاجرين من دول جنوب الصحراء