الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


مونودراما الممثل الواحد في مخفر الشرطة القديم

صميم حسب الله
(Samem Hassaballa)

2010 / 11 / 11
الادب والفن


تعد الاستعارات المكانية واحدة من أبجديات العرض المسرحي وقد أستطاع عرض مسرحية (مخفر الشرطة القديم ) تأليف وإخراج وتمثيل (مناضل داود) أن يستفيد بشكل واضح من بنية المكان الذي تأسس عليه العرض في بناية منتدى المسرح ، ذلك أن بيئة النص الدرامي جاءت متطابقة إلى حد كبير مع بيئة المنتدى بوصف الأخير بيتاً بغدادياً قديماً ، وقد تمكن مخرج العرض من توظيف دلالة (القِدمْ) فيه ليتمكن من تحويله إلى أماكن عدة في لحظات متسرعة كان أبرزها ذلك (المخفر) الذي غالباً ما كان رجال الشرطة يتخذونه مقراً لهم .. وفي ذلك إحالة أخرى إلى زمن آخر لم يبتعد فيه المؤلف عن مرحلة كان فيها الإنسان العراقي يعيش في رعبها ويخشى على نفسه من نسيم هواءها الخانق.
وفي الوقت الذي يركز فيه هذا العرض على مرحلة زمنية لا تنتمي إلى هذا الزمن وإن تكن تشكل ماضياً مأساوياً مليئاً بالأوجاع ، يحيلنا هذا الأمر إلى أن المؤلف قد كتب نصه هذا وهو في رحلة اغترابه الطويلة كما يذكر ذلك في (دليل العرض) ولم يسعى إلى إجراء أية تعديلات تربط أحداث الزمن الماضي ومخفره القديم بمخافر جديدة تتوزع على طول البلاد وعرضها ، الأمر الذي دفع بالمتلقي إلى تكرار المحاولة في التمسك بالجملة الحوارية التي تثير فيه عاطفة جياشة لترتفع يداه عالياً بالتصفيق ، على الرغم من أن حكاية الوجع هذه تعود بذاكرتنا إلى الماضي القريب ، فالطاغية قد رحل إلى غير رجعة وزمان الاستبداد والتهجير قد ولى ، او هذا ماكنا نعتقد لأن همومنا قد تبدلت عن التي رحلت مع جلادينا العتاة لنستبدلهم بآخرين من طائفيين وتكفيريين تغاضى العرض عن كشف اللثام عن جرائمهم التي باتت تفوق تلك الجرائم التي طحنت سنواتنا طحناً.
أن الاعتماد على فرضية أثارة العاطفة لدى المتلقي من اجل صناعة عرض مسرحي يشكل حضوراً لافتاً في عقل وذائقة المتلقي قد لا تساعد في التواصل مع هكذا نوع من العروض ذلك أن الآلام موجودة في كل مكان في هذه البلاد، وبمعنى آخر أن المسرح بات لا يشكل وسيلة أساسية لإثارة العواطف والتعبير عن الآلام ، لذلك فإن توجهات المتلقي قد تحولت هي الأخرى بحثاً عن مسرح يحرك العقل ويثير الجدل بعيداً عن مسرح يثير الدموع التي ينتهي مفعولها مع أصوات التصفيق الأخيرة.
أن محاولات الممثل الوحيد في تجسيد شخصيات عدة موازية للشخصية الأساسية (بغدادي) والذي نعتقد أن المؤلف كان ذكياً في اختيار أسم الشخصية كونه يحيلنا إلى بغداد بكل مافيها من طوائف وقوميات وديانات ، إلا أن تلك المحاولات المونودرامية جاءت متواضعة ذلك ان منظومة الأداء الصوتي للممثل استمرت على نمط واحد ولم نكن ندرك تحول الشخصية إلا من خلال تغيير الإكسسوارات فتارة تلبس الشخصية نظارة سوداء لتحيلنا إلى شخصية رجل أعمى وتارة تصطبغ الشخصية بمعاجين الحلاقة في إحالة إلى شخصية أخرى وقد كان لدور الإكسسوارات أهميته لو جاء الأداء الصوتي متجانساً مع كل تحول ، ولا يمكن ان ننكر أن الممثل استطاع ان يمسك بواحدة من شخصياته الكثيرة التي طرحها والتي كان الأداء الصوتي فيها دالاً ومعبراً عن شخصية (الكوردي) من خلال لكنته وسلوكه مبيناً على مقدرة تمثيلية كان يمكن أن يستفيد منها العرض لو أن المخرج وظف ممثلين آخرين للقيام بأداء ادوار الشخصيات الأخرى ليتمكن كل منهم بالإمساك بشخصية معينة والتعرف على سلوكها وطبيعة الأداء الذي تحتاج إليه ضمن بيئة المكان ، لكي يبتعد بممثلنا الوحيد ويخرجه من نمط الأداء الواحد الذي غالباً مايقع فيه ممثلو (المونودراما) التي باتت تشكل مصيدة وعائقاً للممثل في المسرح المعاصر.
ولا نستطيع أن نتجاهل القدرة الضوئية التي ساهمت في تكوين أجواء العرض المتعددة والمتغيرة ،والتي ساعدت كثيراً في إعطاء الدعم للممثل في رحلته المكانية والعودة به مرة أخرى إلى (مخفر الشرطة القديم).








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. مليون و600 ألف جنيه يحققها فيلم السرب فى اول يوم عرض


.. أفقد السقا السمع 3 أيام.. أخطر مشهد فى فيلم السرب




.. في ذكرى رحيله.. أهم أعمال الفنان الراحل وائل نور رحمة الله ع


.. كل الزوايا - الفنان يحيى الفخراني يقترح تدريس القانون كمادة




.. فلاشلايت... ما الفرق بين المسرح والسينما والستاند أب؟