الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الأرصفة ( 1 )

محمد بقوح

2010 / 11 / 11
الادب والفن


الشارع هنا سحبته الريح إلى زنزانة الحيرة . الأرصفة مشروخة الوجه . عيونها أوكار لأجنة ضجر قديم . على متن صهوة جسر السؤال تنتظر عودة البحر من رحلة طالت في أدغال غابة . هذه أجساد كلمات قابعة بين طبول الصمت يكتبها تاريخ المدينة طقوسا جليلة . رؤوس مفروغة من الداخل كما كانت خابيات عهدنا الأصيل . ألسنة طويلة صفراء ممزقة إربا إربا . و قصيرة مزركشة و أخرى ملتوية الشرايين و الأوصال و عظامها المطاطية رايات ترفرف على قلع السواقي . تبحث السواعد المبتورة العين داخل مغارة العدم عن أعضائها الخائنة . تبحث بلا جدوى عن نهار كان هنا ذات يوم ساعدها الأيسر . هناك في الجهة اليمنى من مشهد القيامة أرى أكوام الثلج في شكل دوائر محلقة حول بطون تنبض أو تريد أن تنفض عنها الغبار و الدم . الثلج هنا يأكل بشراهة محتويات بطون الرصيف في مدينة خرج حراسها الأمناء في عطلة نهاية الأسبوع . علامات قف في كل الفراغات و الدروب و الأزقة التي يفترض فيها أن تكون انطلاقة سليمة لطيران ما تبقى من طيور هذه الكائنات المكبلة بجسر أرصفة موهومة . قلت لشاب بعين واحدة تصول و تجول داخل صدره العاري إلا من حروف زرقاء داكنة : " أنتم ضحايا حرب ضروس أليس كذلك ؟ " رد بسرعة دون أن أعرف مكمن فمه . صوته جوهري كصوت عاصفة في ليلة ظلماء هادئة : " أنت غريب عن مدينتنا و أشيائها و تنعتنا بالضحايا . أنت تهيننا بدءا دون أن تفهم " . كنت أبحث مليا عن مصدر الصوت لعلني أكتشف فمه الذي شرع في التصدي لي و أنا أعزل . قلت : " و لمَ هذا الدم في الرصيف و الشوارع مكبلة بأجسادكم و الأزقة موصدة في وجهكم و الدروب صحراء بلا أفق ؟ " رد قائلا : " أنت سيدي ترى ما تريد . رأسك فارغة و لا عيون لك " . استغربت لكلامه . أبصرت في هذه الأثناء ما يشبه فمه يطفو على أحشاء بطنه التي تبدو في وضعية عناق كما لو كانت ماوراء جدار زجاجي شفاف تحتفي بزيارتي لهم . لكن لم أكن أدري لماذا بين الفينة و الأخرى يشير إلي كبيرهم في حجمه بأصبعه الغريبة محدثا صوتا غريبا يصل إلي و كأنه صوت زلزال . لم أتحرك من مكاني و بقيت مسمرا و هادئا .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. فيديو يوثق اعتداء مغني الراب الأميركي ديدي على صديقته في فند


.. فيديو يُظهر اعتداء مغني الراب شون كومز جسديًا على صديقته في




.. حفيد طه حسين في حوار خاص يكشف أسرار جديدة في حياة عميد الأد


.. فنان إيطالي يقف دقيقة صمت خلال حفله دعما لفلسطين




.. فيديو يُظهر اعتداء مغني الراب شون كومز -ديدي- جسدياً على صدي