الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الرجل الخطأ- الحلقة السادسة

حوا بطواش
كاتبة

(Hawa Batwash)

2010 / 11 / 11
الادب والفن



إلتقيتُ بعامر وأخبرته بكل حزن وأسف بشأن قراري بالعودة الى زوجي، وشرحت له انني أفعل ذلك من أجل سعادة ابنتي ليلى. ثم قلت له إن فراس ربما يكون قد تغيّر، وأني سأحاول ان أكون سعيدة معه بأية طريقة. ولكن عامر بدا غير مصدّق أن ذلك قد يحصل.

وهكذا، افترقنا مرة ثانية فراقا مُرا وصعبا أكثر من ذي قبل، وعدت الى بيتي مع زوجي وابنتي، وفي داخلي أمل مرتقب لبداية جديدة. أحسست ببعض الراحة للتغيّر الحاصل في معاملة فراس لي، وقد شجّعني ذلك لبذل جهد للتفاهم معه، وربما استطعت ان أحبه، بطريقة ما، من أجل ابنتنا... ومن أجلي أيضا.


عدت الى مقاعد الدراسة، بعد ان وافق فراس على اكمال دراستي ونيل شهادتي الجامعية، وقد ساعدني ذلك لتخطي أزمتي النفسية. حاولت جاهدة ان لا أفكّر بعامر، الا أني لم أفلح كثيرا في ذلك. كانت الأفكار تنهال علي رغما عني، وخاصة خلال الليل، ولم تكن ملامح وجهه تفارقني كما رأيتها في لقائنا الأخير. أحسست بالعطف نحوه، وعاتبت نفسي كثيرا وكرهتها جدا، حين فكّرت في مدى الجرح الذي سبّبت له مرة أخرى بعد ان أطلقت العنان لنفسي وتعلّقت به، وعلّقته بي مرة اخرى، في حين كنت ما أزال متزوجة من فراس، وكنت ممتنّة بداخلي بعدم علم احد بما حدث بيننا خلال فترة ابتعادي عن زوجي، عدا عن فادية التي كنت واثقة بأنها لن تخبر أحدا بالأمر.

راودني السؤال: لو علم فراس بالأمر هل كان سيعيدني اليه؟ لم أكن متأكدة، ولم أكن أريده ان يعلم بعد ان قررنا ان نطوي صفحة الماضي ونفتح صفحة جديدة من حياتنا.

جاء أشرف وفادية لزيارتنا وكانت سعادتهما من أجلنا واضحة. خرجنا معا لتناول العشاء في احد المطاعم وأمضينا وقتا لطيفا كما في السابق. كنت ممتنة لهما في داخلي على اهتمامهما الكبير ومساعدتهما لنا، وأحسست انهما صديقين حقيقيين لنا في زمن قلّ فيه الأصدقاء الحقيقيون، او انعدم، فلولاهما لما كان يحدث الصلح بيني وبين فراس. وما حدث، في الواقع، وطّد العلاقة بيننا، على الأقل بيني وبين فادية، التي كانت صديقة حقيقية لي وأختا عزيزة، ولم أعرف كيف يمكن ان أكافئها.

"لا تقولي ذلك!" أسكتتني فادية في الحال عندما قلت لها ذلك. "لم نفعل شيئا، وهذا أقل ما يمكن ان نفعل. المهم ان تكونوا سعداء انت وفراس وليلى."

"آمل ذلك. ليلى هي كل حياتي وسأفعل كل شيء من اجلها."

"ولكن فراس قد تغيّر ايضا، أليس كذلك؟"

"نعم، تغيّر حقا، وهذا يريّحني ويحيّرني بذات الوقت."

"لماذا؟"

"لأنني لا أدري ان كان بإمكان الرجل ان يتغير الى هذه الدرجة خلال وقت قصير، الا اذا كانت في نفسه غاية يريد تحقيقها."

"غايته ان يحافظ على عائلته وسعادة عائلته، فلماذا يحيّرك ذلك؟"

"لأنني أخشى ان يعود الى سيرته الأولى بعد حين."

"صدقيني، انه يحبك ويحب ليلى، وهو حريص على سعادتكما انتما الإثنتين."

"أتمنى من كل قلبي ان تكوني على حق."

ابتسمَتْ لي تُطمئنني، ولم نعد الى ذلك الحديث بعد ذلك.

في الأيام القليلة التالية، تبيّن لي وجه آخر لفراس لم أكن أراه من قبل، وأحسست بالرضا تجاهه لأول مرة منذ زواجنا، وكبر الأمل في نفسي كي أعرف شيئا من السعادة معه. وجدته يبادر لنخرج معا للترفيه والإسترخاء، فكنا نخرج ومعنا ليلى لتناول الأكل في احد المطاعم او التسوق في المراكز التجارية او مجرد السير قرب شاطئ البحر. وكان يعاملني بلطف لم أعهد فيه من قبل، ويحاول ارضائي طوال الوقت، حتى بدأت أحس تجاهه بشيء من الإرتياح... وربما بدأت أستلطفه.

وهكذا مضى علينا شهر أشبه بشهر العسل الذي لم أعِشه في حياتي... الى ان تلقيت اتّصالا ذات يوم على هاتفي عندما كنت في الجامعة.

"آلو؟"

"كيف حالك صوفيا؟" عرفت صوت المتصل في الحال. انه كان عامر.

فوجئت به كثيرا. "... عامر؟؟"

"يسعدني انك ما زلت تتذكرين صوتي." قال.

ارتبكت قليلا، ولم أعرف بماذا أرد! وماذا أقول!

سألته بعد سكوت طويل: "هل هناك شيء؟"

"أردت فقط ان أسمع صوتك." قال بنبرة يعتريها الحزن.

ارتبك الكلام في فمي والحيرة لفّت تفكيري. ولكنني عرفت ان عليّ ايقافه عند ذلك الحد. قلت له: "عامر، لا يجوز ان تتصل بي وتقول لي هذا الكلام بعد ان عدت الى زوجي."

"أعرف ذلك. لا تتصوري كم قاومت نفسي ولكن..." لم يكمل كلامه، الا انني أحسست بالكمالة خلال صمته.

"انا آسفة." قلت. "ولكن يجب ان أنهي المكالمة الآن."

"لا! انتظري! لا تقفلي الخط!"

فعلت كما طلب دون قول شيء. قال بعد لحظة: "آه لو كنت تعلمين ما أحسّ به! ألم تشتاقي الي؟"

لم أرد بشيء.

"أنسيت كل شيء بهذه السرعة؟"

بقيت صامتة أقاوم الغصة التي في حلقي. فقال هو: "هكذا؟ بهذه البساطة رميت كل شيء وراءك؟"

قلت متضايقة: "عامر، انا آسفة. ولكننا لا نستطيع ان نكون معا. يجب ان تقبل بذلك. يجب ان تنساني."

"انساك؟؟؟ بعد كل ما كان بيننا؟"

"أرجوك! لا داعي لأن نضيف شيئا. لقد اتّخذت قرارا بالعودة الى فراس، وقد شرحت لك وضعي واعتذرت منك. أعرف اني ظلمتك، ولكن... أرجوك! أرجوك ان تسامحني... وتنساني."

"ليتني كنت أستطيع فعل ذلك! انت لا تعرفين العذاب الذي أعيش فيه... وعشت فيه من قبل. آه لو تعلمين كم أحببتك!"

"أرجوك لا داعي لهذا الكلام الآن. لنكن واقعيين وننهي ما كان بيننا بود."

"كم انت باردة! بهذه السهولة نسيت حبي؟"

"يجب ان ننسى! لماذا لا تريد ان تفهم ذلك؟! اننا لسنا لبعض. هكذا شاءت الظروف، وهذه حال الدنيا. لا يمكننا فعل شيء. لقد عدت الى زوجي وانتهى الأمر."

"صوفيا، انت تضحّين بنفسك وسعادتك من اجل رجل لا يستحقك!"

هبط علي الصمت وقبض على قلبي شعور عميق بالضيق، ربما لأني عرفت انه على حق.

يتبع...








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - شيق
سهيل كيوان ( 2010 / 11 / 13 - 04:53 )
شيق ومشوق ..ننتظر ...


2 - شكرا
حوا بطواش ( 2010 / 11 / 13 - 07:13 )
استاذي العزيز سهيل كيوان
اشكر لك مرورك واتمنى دائما ان اكون عند حسن ظنك وانتظر مني المزيد عن قريب
تحياتي لك
دمت بخير وسعادة

اخر الافلام

.. استشهاد الطفل عزام الشاعر بسبب سوء التغذية جراء سياسة التجوي


.. الفنان السعودي -حقروص- في صباح العربية




.. محمد عبيدات.. تعيين مغني الراب -ميستر آب- متحدثا لمطار الجزا


.. كيف تحول من لاعب كرة قدم إلى فنان؟.. الفنان سلطان خليفة يوضح




.. الفنان السعودي -حقروص- يتحدث عن كواليس أحدث أغانيه في صباح ا