الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


مآثر سيد درويش على المسرح الغنائى فى مصر بقلم : د / محمدعبدالمنعم - قسم المسرح بكلية الاداب - جامعة االاسكندرية

محمدعبدالمنعم

2010 / 11 / 13
الادب والفن



على الرغم من قصر حياة الشيخ سيد درويش عامة وقصر عمره الفنى خاصة، فإنه جاهد فى حقل الموسيقى والغناء من أجل رفعة مسرحنا الغنائى حتى وصل به إلى ذروته، تاركاً لنا إرثاً وفيراً وخصباً من الأوبريتات والألحان المسرحية، فقد قدم على مدى ستة أعوام – فورموت سلامة حجازى – ابتداءًا من عام 1917 وحتى عام 1923 حوالى ثلاثين عملاً مسرحياً غنائياً من نوع الأوبريت المسرحى أثرى بها حقل مسرحنا الغنائى المصرى ووصل به إلى ذروته، ليحيا المسرح الغنائى المصرى عصره الذهبى بفضل رائد التلحين المسرحى الشيخ سيد درويش.


وتعتبر هذه الأعمال جميعا – وحتى الآن – هى النموذج المثالى الذى يجب أن يكون عليه التلحين للمسرح الغنائى، والذى هو أحد وسائل تعبير المخرج المسرحى فى المسرح الغنائى.



لحن سيد درويش كل هذه الأعمال بأسلوب حديث متطور من الناحية الموسيقية فيه تأثير بالألحان الكنسية، وفيه تأثير بالفن الشعبى والباعة الجائلين، كما تأثر بالألحان السورية إثر رحلاته هناك، وتأثر فى المقام الأول بتلاوة القرآن الكريم وحلقات الذكر والإنشاد التى كان يقوم بإحيائها فى مبدأ حياته العملية.



نقل التلحين فى المسرح الغنائى من التطريب إلى التعبير الدرامى، فربط بين الكلمة والنغمة، ربط الألحان بمعانى الكلمات وأجواء المناظر والمشاهد التمثيلية، وطوع الإيقاع الشعرى عروضياً إلى الإيقاع الموسيقى كما فى لحن (علشان ما نعلا ونعلا ونعلا..لازم نطاطى نطاطى نطاطى) من أوبريت (العشرة الطيبة)، وخلق تزاوجاً بارعاً بين الموسيقى وجو القصة فى ترابط وتكامل مثل استخدامه إيقاع الفالس فى أوبريت (البروكة).



نقل التعبير الموسيقى العربى من مرحلة الشكل الإيقاعى الواحد المتكرر فى الأغنية والذى كان سائداً قبله، إلى الأشكال الإيقاعية المتنوعة والمتدفقة حيوية فى ألحانه الغنائية المسرحية.



قدم أغلب ألحانه المسرحية خالية من أرباع النغم كى يعمق عنصر التعبير، حيث كان لا يميل إلى مقام معين بذاته، الأمر الذى يؤكد وعيه وإدراكه للتركيب اللحنى لموسيقى الأوبريت.



أدخل أسلوب "الكونترابوينط" فى التلحين لأول مرة فى تاريخ مسرحنا الغنائى، وطور فى أسلوب الغناء الجماعى باستخدامه للتوزيع الصوتى البوليفونى، وكذلك كان أول ملحن مصرى استخدم الهارمونى.



لم يكرر الفكرة الموسيقية فى اللحن بقدر ما استخدم التنويع فى الأفكار الموسيقية، ولم يهتم بالمقدمات الموسيقية لأعماله المسرحية.



طوَّع المسرح الغنائى المصرى تطويعاً صادقاً يتجاوب مع الأحداث الوطنية ويتفاعل معها، خاصة فى ثورة 1919 فأودع العديد من الألحان الثورية فى مسرحياته مقدماً الموسيقى المناسبة للمشهد المسرحى بما يتلائم والموقف الدرامى مثل استخدامه لموسيقى (المارش) فى ألحانه الثورية مثل (إحنا الجنود زى الأسود) من أوبريت (الهلال) الذى لحنه لفرقة الكسار، و(أحسن جيوش فى الأمم جيوشنا) من أوبريت (شهرزاد) الذى لحنه لفرقته الخاصة، و(قوم يا مصرى)، وفى هذه الألحان استعمل السلم الغربى الكبير ليعمق العنصر التعبيرى.



انعكس تأثره بالموسيقى الكنسية فى ألحانه المسرحية، وقد ظهر ذلك فى عدة ألحان نذكر منها لحن (أنا المصرى كريم العنصرين) من أوبريت (شهرزاد)، ولحن (القلل القيناوى) من أوبريت (قولوله) الذى قدمه لفرقة الريحانى.



طوع ألحان المسرح الغنائى للتعبير عن آمال الشعب وآلامه عن طريق تصوير طوائفه المختلفة التى ضمنها بعض مسرحياته كما فى ألحان (النشالين - الموظفين - السقايين - الجزارين الشعراء - المغاربة - الوارثين - الجرسونات - العربجية - التحفيجية) وغيرهم، وتميزت هذه الألحان بالسهولة والبساطة والشعبية ذلك لأنه كان يستلهم مطلع ألحانه من أفواه هذه الطوائف، ومن أبرز الأمثلة على ذلك لحن (السقايين) من أوبريت (ولو) الذى لحنه لفرقة الريحانى.




أول من أدخل الأفكار اللحنية المتطورة والجريئة فى حقل المسرح الغنائى المصرى، إذ كان أول من طالب بحقوق المرأة كما فى لحن (ده وقتك ده يومك يا بنت اليوم) من أوبريت (الإنتخابات) الذى لحنه لفرقة (الكسار).



أدخل على المسرح الغنائى المصرى قالب المونولوج كما فى لحن (يقطع فلان على علان) الذى تؤديه (ست الدار) بمفردها فى أوبريت (العشرة الطيبة)، وكذلك أدخل قالب الديالوج كما فى لحن (على قد الليل ما يطول) الذى يؤديه سيف الدين ونزهه فى شكل ثنائى فى أوبريت (العشرة الطيبة). كما كانت تمتاز أوبريتاته بانطلاقة شاملة فى عملية التمثيل والإخراج وإدماج المناظر الاستعراضية والتى تبرز خلالها الأغنية الجماعية لتقدم صوراً شيقة عن طوائف الشعب المختلفة، وتعتبر أوبريت (العشرة الطيبة) أول مسرحية كاملة تجمع عناصر فنية وإلقائية على جانب هام من التطور.



أضفى على ألحان مسرحنا الغنائى متعة ورشاقة وخفة ظل، وجعلها تتميز فى أدائها وغنائها بالتعبير الحركى لشخصيات كاريكاتورية كوميدية تسعد المشاهدين، فأمست العنصر الأساسى للألحان المسرحية.


استلهم تعابيره الموسيقية المقدمة للمسرح من واقع الحياة مما جعل أسلوبه فى التلحين وثيق الصلة بالواقع المعيش.



قدم للمسرح الغنائى المصرى ثلاثة من فرسان الشعر والزجل وهم (بديع خيرى - أمين صدقى - بيرم التونسى)، وقد ساهم هؤلاء الثلاثة فى دعم مسيرة المسرح الغنائى المصرى والنهوض به، وساهموا كذلك فى تغذية ألحانه المسرحية بالزجل الرائع، والحوار الشيق، والاستعراض الدقيق لمختلف الصور الشعبية، فى فترة لم تزد على ست سنوات، مما يؤكد أن الملحن يبلغ من الإجادة مداها البعيد إذا ما وجد الشعر الصالح، والكلام اللائق الذى يجتذب عبقريته الموسيقية، ويوحى إليه من النغم المعبر المصور ما يسمو بالإنتاج فى جملته.




كان له السبق فى محاولة التأليف الموسيقى للأوبرا، وبالفعل بدأ تلحين أوبرا (كليوباترا وأنطونيو) لفرقة منيرة المهدية لكن الموت عاجله قبل أن يستكمل تلحينها.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. كلمة أخيرة - صدقي صخر بدأ بالغناء قبل التمثيل.. يا ترى بيحب


.. كلمة أخيرة - صدقي صخر: أول مرة وقفت قدام كاميرا سنة 2002 مع




.. كلمة أخيرة - مسلسل ريفو كان نقلة كبيرة في حياة صدقي صخر.. ال


.. تفاعلكم | الفنان محمد عبده يكشف طبيعة مرضه ورحلته العلاجية




.. تفاعلكم | الحوثي يخطف ويعتقل فنانين شعبيين والتهمة: الغناء!