الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


ملاحظات حول المجلس الوطنی للسیاسات الاستراتیجیة

كمال سيد قادر

2010 / 11 / 13
دراسات وابحاث قانونية


مشروع استحداث هیئة حکومیة تحت اسم (المجلس الوطنی للسیاسات الاستراتیجیة) کان کما یبدو مفتاح حل مأزق تشکیل الحکومة العراقیة اذ ان رئاسة هذه الهیئة یمکن ان تعتبر تعویضا او منصبا مساویا لمناصب رئاسة الحکومة او الجمهوریة علی الاقل من الناحیة السایکولوجیة و هذا هو کان الهدف الرئیسی من مبادرة مسعود البارزانی التی کانت فی الحقیقة مبادرة امریکیة صبغت بصبغة عراقیة نظرا لحساسیة العراقیین بصورة عامة ضد التدخلات الاجنبیة امریکیة کانت ام عربیة. مهما کانت تسمیة هذا المجلس فانه لا یمکن ان یکون الا نوعا من انواع المجالس المتشابهة توجد فی اکثر من عشرون دولة فی العالم تحت تسمیات مختلفة کمجلس الامن القومی فی امریکا و بریطانیا و ترکیا، او مجلس الدفاع القومی فی البرازیل والمجلس الاعلی للامن القومی فی الجمهوریة الاسلامیة الایرانیة، و هی کلها تشترک فی بعض الخصائص ککونها فی اکثر الاحوال هیئات استشاریة تکون فرعا من الحکومة مسؤولیاتها الرئیسیة تکون استشارة الحکومة فی الشؤون المتعلقة بالامن القومی و التنسیق بین الاجهزة الحکومیة المختلفة المعنیة بالامن القومی کالجیش و المخابرات و الشرطة و الطاقة و السیاسة الخارجیة بهدف ضمان اکبر قدر ممکن من الامان و الرفاهیة للمواطنین.
تأسیس هذه المجالس یکون اما عن طریق الدستور مباشرة مثل ترکیا و ایران الاسلامیة، او بقرار حکومی کبریطانیا و روسیا، او سن قانون خاص کامریکا و رومانیا مثلا. و فیما یتعلق بالشخصیة القانونیة لهذه المجالس فهی تکون فی الغالب تابعة للحکومة او احد فروعها کما هو الحال فی ایران و ترکیا و امریکا و بریطانیا، او تکون هیئة مستقلة کحالة رومانیا مثلا. و فیما یخص رئاسة هذه المجالس فان الحالة تختلف من دولة الی دولة و حسب نظام الحکم فیها. فی ایران و ترکیا و امریکا و روسیا یکون رئیس الدولة فی نفس الوقت رئیس مجلس الامن القومی، بینما فی بریطانیا تکون رئاسة المجلس من صلاحیات رئیس الحکومة، و لکن یتم فی اکثر الاحیان و لاغراض عملیة تعین سکرتیر عام او مستشار للامن القومی کالرئیس الفعلی للمجلس کما هو الحال فی روسیا مثلا حیث یرأس مجلس الامن القومی احدی الشخصیات العامة کرئیس المخابرات سابقا و الذی یرأس المجلس الامن القومی الروسی حالیا کسکرتیر العام للمجلس، او الهند حیث یقلد مستشار الامن القومی هذا المنصب.
و فیما یتعلق بالرقابة العامة علی هذه المجالس فان الامر یتعلق بالوضع القانونی للمجلس زمن استحداثه، اذا کان استحداث المجلس بقرار حکومی و کفرع للسلطة التنفیذیة فان اعماله یقع مباشرة تحت مراقبة رئیس الحکومة بالدرجة الاولی و البرلمان بالدرجة الثانیة کجزء من رقابة اعمال الحکومة بصورة عامة، و اذا کان المجلس هیئة مستقلة تم استحداثها بقانون کحالة رومانیا مثلا فانها تقع تحت الرقابة البرلمانیة مباشرة کهیئة تنفیذیة مستقلة. و الرقابة البرلمانیة علی هذه المجالس لها فی کل الاحوال الاهمیة القصوی نظرا لحساسیة مجالس من هذا النوع و الخطورة القصوی التی یمکن ان تأتی منها علی الدیمقراطیة و الحریات الدستوریة فی حالة سوء استخدامها لاغراض سیاسیة کما کان الحال بین اعوام 1961- 2003 فی ترکیا حیث شکل مجلس الامن القومی الترکی دولة داخل دولة لها سلطات تشریعیة و تنفیذیة و قضائیة حولت ترکیا الی دولة العسکر الی ان اصلاحات عام 2003 اتت ببعض التحسنات اذ ان هناک الآن اکثریة مدنیة داخل المجلس و قراراتها تأخذ صفة استشاریة بدل الالزامیة کما کانت فی السابق.

اعضاء مجالس الامن القومی یکونوا عادة رئیس الدولة او الحکومة، وزراء الدفاع و الداخلیة و الخارجیة والمالیة و الطاقة و رؤساء اجهزة المخابرات و هیئات الارکان للقوات المختلفة و کذلک عدد من الخبراء المعروفین فی مجال الامن القومی. بالاضافة الی الاعضاء فان قائمة العاملین او المساهمین فیها هی اطول و یمکن ان تشمل خبراء تکنوقراط و الباحثین فی الشتی المجالات المتعلقة بالامن القومی.

المجلس الوطنی العراقی للسیاسات الاستراتیجیة المزمع استحداثه لا یکمنه الا ان یتحرک فی هذا الاطار العام الذی تم تعریفه اعلاه. فمن حیث التأسیس، بما ان الدستور العراقی لا یحتوی علی فقرة خاصة حول مجلس من هذا النوع، یجب ان یکون استحداثه اما بقرار حکومی کالحالة البریطانیة مثلا و بهذا سیکون فرعا من الحکومة، او یکون الاستحداث عن طریق سن قانون خاص کهیئة تنفیذیة مستقلة کالحالة الرومانیة و بالاعتماد علی المادة 108 من الدستور العراقی الدائم. و من حیث المراقبة العامة علی نشاطات المجلس فان الامر هو مهم الی اقصی حد بسبب خصوصیات العراق الحالیة و امکانیة سوء استخدامه لاغراض سیاسیة. فاذا کان المجلس فرعا من الحکومة سیکون رئیس الحکومة هو المسؤول الاول لمراقبة نشاطاته و ثم البرلمان العراقی بالدرجة الثانیة کجزء من واجباته لمراقبة اعمال الحکومة، و اذا استحدث المجلس بقانون خاص کهیئة مستقلة کالحالة الرومانیة فان المراقبة تتم مباشرة من قبل لجنة برلمانیة خاصة مع مراعات خصوصیات الامن القومی.

و فیما یتعلق بصلاحیات و درجة الزامیة قرارات المجلس فان هذ‌ه الامور تنظم عادة عن طریق قانون خاص او قرار حکومی مع استحداثه و هی تکون فی اغلب الاحیان استشاریة و الا فان هناک خطورة تکرار التجربة الترکیة فی العراق مستقبلا لان فی حالة توسع صلاحیات المجلس و الزامیة قراراته یجب ان تکون للمجلس ادات قضائیة و تنفیذیة خاصة بها کما کان الحال مع المجلس الامن القومی الترکی سابقا، او تکون الحکومة هی الملزمة بتنفیذ قرارات المجلس مع حق المجلس باللجوء الی المحاکم المختصة فی حالة تخلی الحکومة عن التزاماتها اتجاه المجلس. و فی کل الاحوال فان هذا الموضوع هو حساس جدا لذا یجب تحدید صلاحیات المجلس منذ البدایة بدقة تامة حیث لا تدع مجالا لتفسیرات مختلفة تخلق حکومة موازیة للحکومة البرلمانیة.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. لحظة اعتقال الشرطة الأمريكية طلابا مؤيدين للفلسطينيين في جام


.. مراسل الجزيرة يرصد معاناة النازحين مع ارتفاع درجات الحرارة ف




.. اعتقال مرشحة رئاسية في أميركا لمشاركتها في تظاهرة مؤيدة لغزة


.. بالحبر الجديد | نتنياهو يخشى مذكرة اعتقال بحقه من المحكمة ال




.. فعالية للترفيه عن الأطفال النازحين في رفح