الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الأرصفة ( 2 )

محمد بقوح

2010 / 11 / 14
الادب والفن


.. تركته ، فوجدت نفسي أمشي صوب أشياء متحركة أمامي . وقت الغروب في هذه المدينة المنسية ، حال دون أن أميز جيدا ملامح كائنات تبدو لي في الأفق . يوجد المكان على بعد عدة أمتار. لكن شعرت أنني كلما تحركت إلى الأمام كلما سار جسدي المثقل إلى الخلف . جسدي لم يعد جسدي . تيبست الأعضاء و رأسي أحمله بين كتفي كما لو أنني أحمل صخرة سيزيف . أسئلة بحجم الرمل تتصارع في داخلي . نبضات قلبي لا أسمعها بالمرة . حتى خيل إلي أنني فقدته ربما مع خطواتي الأولى في هذا المكان الغريب . لكني مع ذلك أحس بما يشبه فورة كبيرة لتدفق دمي في شراييني . الرغبة الملحة في مواصلة المشي هي قوتي . إنها إرادة من طبيعة لم أعشها من قبل . ظننت في وقت ما أن الأرض تحت أقدامي هي التي تتحرك ، و ترجعني عنوة إلى صاحب العين الوحيدة . أنا الذي أكره أن أنظر طيلة حياتي الماضية و لا الآتية إلى الوراء . الأشجار في جانبي الشارع العام و المهجور تبدو لي و كأنها في سباق بشري . توقفت لحظة لأسترجع أنفاسي . دققت نظري في قامات الأشجار ، فبدت لي أجساد حيوانية بأجنحة و زعانف طويلة و قصيرة . قلت ، يجب أن أفهم ماذا يجري في هذه المدينة العجيبة ؟ و ما علاقتي بكل هذه الأشياء المحيطة بي ؟ و من المتحكم فيها و لماذا أن موجود هنا و الآن ضمنها ؟ جلست على الرصيف . بدلت جهدا كبيرا للبحث عن الهدوء أولا ، ثم لأموقع نفسي و أركز تفكيري حول جوهر الإشكال الذي يواجهني الآن قبل أي وقت آخر . تفاجأت بالنتيجة . لا قدرتي على التفكير . لقد شل عقلي . ثمة صور تتطاير في ذهني . تأكدت من حقيقتها . هي عبارة عن صور تدل عن شريط لذكريات معارفي . إذن مازلت إنسانا . لقد سعدت بهذه الحقيقة . لكن حين حاولت وضع يدي اليسرى داخل جيب قميصي الأسود ، لم أستطع تحريك يدي . بل لم أجد هناك أية يد تذكر . مكان يدي كان بلا يد ، و كأنها تم بترها من جدرها . فقط يد قميصي المتدلية من أعلى كتفي هي المعلقة في الهواء . امتدت يدي اليمنى المتبقية بأصابع مرتعشة لأتأكد من يدي المفقودة . جحظت عيوني حتى سقطت في حضني على ركبتي الصلبتين . أصبحت بلا عيون الآن . لكن مازلت أرى ما يجري أمامي . بل ازداد نظري اتساعا و عمقا . الدليل على ذلك أنني تمكنت ببساطة متناهية ، من تمييز ملامح الكائنات هناك .. كائنات متحلقة حول عمود شبه كهربائي ، برأس كبيرة صلعاء ، ذي عين واحدة تنفث منها شرارة عندما يتحدث صاحبها إلى مخاطبيه . هو ذا وجهي الآن بثلاث أبار عين .. لكن ليس للمياه العذبة ، ولكنها عين لحصد المزيد من أسئلة المعرفة و الغرابة في تربة هذه المدينة المسيجة بنا .. بأحلامنا و صراعاتنا اليومية .. طلبا للخروج من سلطة النص الآثمة ، و معانقة موج الكتابة المحررة للتفاهة و الأشياء و بينهما الكلمات التي لم نقلها بعد ..








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. ربنا سترها.. إصابة المخرج ماندو العدل بـ-جلطة فى القلب-


.. فعاليات المهرجان الدولي للموسيقى السيمفونية في الجزاي?ر




.. سامر أبو طالب: خايف من تجربة الغناء حاليا.. ولحنت لعمرو دياب


.. فيديو يوثق اعتداء مغني الراب الأميركي ديدي على صديقته في فند




.. فيديو يُظهر اعتداء مغني الراب شون كومز جسديًا على صديقته في