الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


زوج من الجوارب

عادل حبه

2010 / 11 / 14
كتابات ساخرة


زوج من الجوارب
قصة حياة عاصم أبو الجواريب
بقلم الكاتب التركي الساخر عزيز نسين
تعريب عادل حبه
انتابني هوس الزواج. كنت أطمح أن يكون الوضع المادي لزوجتي أدنى من وضع عائلتي كي يتسنى لي أن أوفر لها حياة أفضل. واختارت والدتي لي زوجة المستقبل. لا أدري كيف تسرب هذا الهوس إلى آذان رئيسي، حيث بادر إلى دعوتي للغذاء كي يسدي لي بعض النصائح. كان أسم رئيسي عاصم ولكن الموظفين كانوا يلقبونه بعاصم أبو الجوارب.
توجهت إلى المطعم في الوقت المحدد. وما أن لمحني رئيسي حتى بادر إلى الحديث: بما أنك شاب نجيب وجيد ومستقيم فقد أردت أن أسدي لك بعض النصائح. واستطرد في حديثه قائلاً: أحذر من توفير ظروف أفضل لزوجتك. ثم التقط أنفاسه ليعاود الحديث قائلاً: هذا ما فعلته بحيث أخذ الجميع ينادوني بعاصم أبو الجواريب!!.
سألته: جناب الرئيس، لماذا ينادونك بعاصم أبو الجوارب؟ وأجاب على الفور لأن مصيبتي بدأت من زوج من الجوارب، وأخذ عاصم يروي حكايته.
عندما قررت الزواج قلت لابد من الاقتران بفتاة من الطبقات الدنيا كي تقتنع بما أملكه ولا تبالغ في توقعاتها. ولهذ السبب اخترت فتاة في الحادية والعشرين من العمر واسمها صباحت. لم يكن لديها جهاز زواج، وكان والدها يعمل كموظف عادي في أحدn دوائر الدولة. ولم يكن و[هها جذاب، ولكنني كنت مرتاحاً لهذا الاختيار. فصباحت كانت أمرأة يمكن العيش معها. قلت لها سنذهب اليوم إلى المطعم لتناول العشاء. ولكنها أجابت لماذا هذا الهدر بالمال؟ وقلت لها حبيبتي صباحت هل أشتري لك فستاناً؟ ولكنها انبرت بالاجابة هل أن شخصية الأنسان بلباسه.
وذات يوم اشتريت لها زوج جوارب جميلة رغماً عنها. ولكن انقضى شهران ولم تلبس زوجتي جواربها الجديدة. وسألتها في أحد الأيام: عزيزتي لماذا لا تلبسي الجوارب الجديدة؟ وأجابتني بخجل : إن هذه الجوارب لا تتناسق مع حذائي القديم. عندها رافقتها وبالاكراه واشتريت لها زوج حذاء جديد. وفي اليوم التالي قررنا تلبية دعوة أحد الأصدقاء ولكنها لم تلبس الجوارب ولم تحتذي الحذاء الجديد. سألتها لماذا وضعت الجوارب والحذاء في الصندوق ولم تستخدميهما؟ وأجابت على الفور إن ملابسي لا تتلاءم مع الحذاء والجوارب. ولذا اشتريت لها في نفس اليوم طاقم من الملابس. ولكنها لم تلبسه. وقالت أن هذا الطاقم لا ينسجم مع بلوزتها القديم!. لذا ذهبت واشتريت لها بلوزتان جميلتان، وعندها طلبت مني شراء وشاح للرأس واشتريته على الفور.
وهكذا وفرت لها كل شئ، ولكن كل ذلك كانت البداية. وبما أن الجوارب أصابها القدم وأضحى الفستان خارج الموضة الدارجة، فقد أعدت الكرة من جديد وأشتريت ما تحتاجه. في أحد الأيام لاحظت زوجتي عابسة الوجه ومتجهمة وسألتها عن السبب؟ أجابت أن شعرها لا ينسجم مع ملابسها. وتقرر أن تذهب كل أسبوع إلى الحلاق. وبعد فترة لاحظت أن صباحت غارقة في التفكير. قالت: أن أثاث البيت أصبح قديماً ولا يتلاءم مع مكانتنا الاجتماعية. ولم يكن من اليسير تبديل الأثاث، ولكن من أجل خاطر زوجتي القنوعة غيّرنا الأثاث. اشترينا الأثاث والستائر وطاقم المائدة واستبدلنا كل أثاث البيت. لم تر صباحت في بيت أبيها الراديو ولكنها الآن مسمرة عند شاشة التلفزيون.
بعد عدة أيام بدأت صباحت تتحدث عن قدم البيت وقذارة المحلة. عندها اشتريت شقة عصرية في أحد الشوارع شمال المدينة. ومن جديد غيّرنا الأثاث. ولكن بعد شهر أو شهرين علا الوجوم على محيا صباحت. سألتها ما سبب ذلك؟ لم تفصح صراحة عن السبب ولكنها عبرت بأسلوب معين عن طلبها بشراء سيارة!. عندها قدمت طلباً لقرض من البنك كي أشتري سيارة للمدام. والآن لم يعد بالأمكان الحديث مع هذه السيدة المثالية. أصبحت أجمل من الأخريات، وراحت تقضي جل وقتها في حوض السباحة والسينما وصالون الحلاقة والقبولات. فهذه الفتاة التي لم تكن تتناول الماء البارد في بيت أبيها، أصبحت الآن لا تتعامل إلاّ مع الويسكي.
ذات يوم رأيتها تتذمر وتقول: يجب على الإنسان أن يسعى للتناسق في كل شئ.
في البداية لم أفهم قصدها، فقد وفرت لها كل شئ....البيت والعيش الرغيد والسيارة والأثاث وكل الملحقات. ولكنني أدركت بعد فترة إن حياة صباحت أضحت قديمة، ولم يعد من المناسب أن تبقى معي. ولذا أجبرت على الطلاق واستولت صباحت على البيت والسيارة والأثاث وكل ما أملك. الشئ الوحيد الذي بقي لدي هو لقبي عاصم أبو الجوارب! لقد هدم زوج جوراب كل شئ في حياتي. تمنيت لو انكسرت يداي آنذاك ولم أقدم على شراء زوج جوارب.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - العزيز المناضل عادل حبة
ناصر عجمايا ( 2010 / 11 / 14 - 14:36 )
تحية لك من القلب
قصة حلوة تستحق القرائة ، فعلا هناك نموذج من هذا النوع من البشر
لكنني انسب كل الامور واربطها بشكل منطقي ، وهو الوعي الفكري والثقافة الرائدة التي يقتنيها الانسان ، ذكرا كان ام انثى ، والناس بطبيعة احوالهم وذاتياتهم تختلف من انسان الى آخر ، كما هناك ضروف موضوعية تحيط بالانسان نفسه ، ومدى تأثير تلك الظروف عليه ، عاجلا ام آجلا ، انها قصة ذات مدلولات كبيرة ومؤلمة في الوقت نفسه ،ولكنني اعتقد الجواريب ليست هي سبب الكارثة الاجتماعية التي مرت بها العائلة (عصام +صباحت) القصور بالوعي الفكري والتربية النزيهة والاخلاق العفيفة ، وما يكسبه الانسان من محيطه الخارجي والداخلي وما يحمله من ذاتيات ووراثة اهله.. مع المودة والتقدير والاحترام


2 - شكرا اخي ابو سلام هاي خوش عيديه
د صادق الكحلاوي ( 2010 / 11 / 14 - 17:32 )
تحيه طيبه للطيب ابو سلام الورد القصه مناسبه جدا لايامنا هذه
ليس فقط قرب عيد الاضحى وحاجتنا لشئ من الفرفشه
بل والصراع الحاد العميق الى اتجاه بناء الدوله في عراقنا الجريح
الاتعتقد ان زوج جواريب عمو عاصم شبيهة بمسمار جحا
والمجلس الستراتيجي العفلقي شبيه بهما - الله يستر كما يقال
كل عام وانتم وشعبنا العراقي الجريح بخير وموفقيه
اخوكم ابو حيدر

اخر الافلام

.. غادة عبد الرازق: ليس لي منافس على الساحة الفنية ولا يوجد من


.. غادة عبد الرازق: الساحة الفنية المصرية لم تعد بنفس قوة الماض




.. الفنان درويش صيرفي.. ضيف صباح العربية


.. -بحب الاستعراض من صغري-.. غادة عبد الرازق تتحدث عن تجربتها ف




.. أمسيات شعرية - الشاعرة سنية مدوري- مع السيد التوي والشاذلي ف