الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


القرد كثيف الشعر بين حيوانية البدائية وفجاجة الحضارة الحديثة.

إبراهيم حجاج

2010 / 11 / 16
الادب والفن


القرد كثيف الشعر بين حيوانية البدائية وفجاجة الحضارة الحديثة. بقلم:ابراهيم حجاج ـ مدرس مساعد بقسم الدراسات المسرحية ـ كلية الآداب جامعة الاسكندرية
تدور مسرحية القرد كثيف الشعر للكاتب الأمريكى" يوجين أونيل" حول فكرة الانتماء، ومع ذلك ، فهناك من فسرها تفسيرا اجتماعيا على أنها الصراع بين طبقة الرأسماليين المسيطرة التى تمثلها الفتاة ميلدرد ووالدها صاحب مصانع الصلب وطبقة العمال الفقيرة الكادحة التى يمثلها يانك ومجموعة الوقادين، وهناك من فسرها على انها الصراع بين القديم الجميل الذى يمثله بادى والحاضر المتوحش الذى يمثله يانك ، وكلها تفاسير يحتملها النص وتدخل فى إطار فكرته الرئيسية وهى قضية الانتماء ، والسؤال الذى يطرح نفسه هنا ما معنى الانتماء الذى يعنيه "أونيل" هل هو انتماء يانك إلى طبقته ، أم انتمائه إلى بدائيته، أم انتمائه إلى مظاهر القوة فى الحضارة الجديدة، والاجابة عن هذا السؤال تأتى مع كلمات اونيل نفسه التى أوردها فى خطابه إلى احد اصدقائه مفسرا مقصده من كتابة هذا النص حيث قال:"القرد كثيف الشعر هو رمز للانسان الذى فقد شعوره بالانتماء مع الطبيعة، هذا الانتماء الذى كان يتمتع به قديما كحيوان والذى لم يستطع اكتسابه فى ظل الحضارة المادية الجديدة" لقد فسر اونيل بكلماته تلك معنى المسرحية. فالمسرحية تكشف المواجهة بين الطبيعة البكرالتى يمثلها بادى ويدافع عنها فى حواره الطويل مع يانك وبين الحضارة الجديدة بكل ما تحمله من تشويه على مستوى الشكل والمضمون وهو ما ظهر بوضوح فى المشهد الخامس الذى تجرى أحداثه فى شارع الخامس من نيويورك، فعلى مستوى الشكل، التناقض واضح بين الطبيعة الجميلة والمادية القبيحة ، بين جو يوم الأحد الجميل وجماعات الذاهبين إلى الكنيسة وبين حركاتهم الآلية وكأنهم تحولوا فى ظل الحضارة المعاصرة إلى تروس فى آلة الحياة.أما بطل المسرحية يانك فهو لا يؤمن بالطبيعة الجميلة التى ينادى بها بادى ويشعر بانسجام مع عالم الآلات التى يمثل القوة التى تسير السفن ، بدخانها الأسود الدى يلطخ السماء وقاطراتها الملعونة التى تهز وترج وتخنق الصدور بتراب الفحم ثم تأتى إهانة ميلدرد فتصيبه فى الصميم وتفقده ايمانه ، فيبدأ صراع شخصى ضد هذه الفتاة التى اهانته ، ثم ما يلبث أن يتحول إلى صراع عام ضد طبقتها ، وعندما يفشل فى الانتقام من هؤلاء الذين ينكرون عليه انتمائه الى عالم الآلات ، عالم الحضارة الحديثة ،يذهب الى حديقة الحيوان ليبحث فى أوجه الشبه بينه وبين القرد الذى شبهته به ميلدرد، لعله يجد عنده انتمائه الأصيل وهناك يلقى مصرعه حيث يضمه القرد إلى صدره ضمة قوية تودى بحياته ، ليؤكد الكاتب فشل الانسان فى شعوره بالانتماء مع الطبيعة فى ظل الحضارة المادية الجديدة التى شوهت جمالها بمظاهرها الفجة ، ومن هنا أنكر على بعض المخرجين الذين تصدوا لاخراج هذا العمل تغيير النهاية بأضافة حالة من التوحد والانسجام بين يانك والقرد تنتهى بها المسرحية مما يخالف الفكرة الرئيسية للمسرحية والتى تؤكد صراع الانسان من أجل قضية الانتماء، فبهذا الانسجام قد شعر يانك بانتماءه الى البدائية الأولى بحيوانيتها المتوحشة، وانتهى صراعه نهاية مغايرة للواقع والمنطق من ناحية ولفكر الكاتب من ناحية أخرى.
ابراهيم حجاج
مدرس مساعد بقسم الدراسات المسرحية
كلية الآداب جامعة الاسكندرية








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. فرحة للأطفال.. مبادرة شاب فلسطيني لعمل سينما في رفح


.. دياب في ندوة اليوم السابع :دوري في فيلم السرب من أكثر الشخص




.. مليون و600 ألف جنيه يحققها فيلم السرب فى اول يوم عرض


.. أفقد السقا السمع 3 أيام.. أخطر مشهد فى فيلم السرب




.. في ذكرى رحيله.. أهم أعمال الفنان الراحل وائل نور رحمة الله ع