الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


المسلسلات الرمضانية لهذا العام.. الدراما العراقية لم تعد عراقية.. لماذا..؟

قاسم علوان

2010 / 11 / 15
الادب والفن


آخر الملوك.. واول النجوم

في بداية المسلسل ومع ظهور التايتل قدم مخرج هذه الدراما الفنان حسن حسني اعتذاره عن تصوير احداث هذه العمل التاريخي في نفس اماكن حدوثها.. بل تم ذلك في اماكن اخرى مفترضة.. صحيح ان القصر الذي تم اختياره لتصوير احداث هذا المسلسل مقارب جدا للقصور الملكية في العراق والتي اندثرت تماما في الوقت الحاضر.. ولكن للأسف الكبير تكرر ظهور هذا القصر وبلقطات تكاد تكون نفسها في المسلسلات الأخرى التي تزامن عرضها يوميا مع (آخر الملوك) خلال شهر رمضان المبارك.. المسلسل الذي كتبه الكاتب العراقي المعروف فلاح شاكر، ولا نعتقد بان هذا الأمر في صالح هذه الدراما او المسلسلات الأخرى.. ولا بد من ان الجهة المسؤولة عن ذلك هي الجهات المنتجة الاخرى التي كما يبدو تتوخى الاقتصاد في المصاريف..
لقد هيمنت بشكل واضح على العمل فكرة التعاطف المفرط مع الأسرة الهاشمية المالكة في العراق ومع مصيرها المأساوي.. ويشكل خاص مع شخصية الملك الفتي فيصل.. ولانية لدينا للنقاش في ذلك مع الكاتب بهدف دحض وجهة نظره في الاحداث التاريخية وكذلك مصائر ابطاله.. لكن المصادر التاريخية والسياسية لتلك الفترة والتي اعتمدها الكاتب في تركيب وصياغة تلك المصائر والاحداث تبدو غير كافية من خلال متابعتنا لما جاء في المسلسل.. لا بل انها قاصرة بعض الشيء.. فلقد هيمنت نظرة التعاطف فقط كما ذكرنا وغيبت جوانب سياسية مهمة في حياة تلك الأسرة التي حكمت العراق قرابة خمسة عقود وكذلك من تاريخ العراق في تلك السنوات.. انها فترة قيام بل صناعة الدولة العراقية الحديثة بعد انهيار دولة الخلافة العثمانية ودخول قوات الاحتلال البريطاني.. فظهرت اشكال من التمرد والعصيانات المسلحة ولاسباب مختلفة، وتلبس بعضها بمظاهر الوطنية ومعاداة الاحتلال الاجنبي في معظم الحالات.. هذه هي الخلفية السياسية لتلك الفترة التي تناولتها الدراما والتي بدأت بوصاية عبد الآله على عرش العراق.. رغم ان المسلسل حاول تقديمه على انه شخصية معتدلة لكنه كان كما هو معروف عنه مراوغا في علاقاته السياسية مع الآخرين ومكروها جدا من قبل الشارع العراقي.. كما تشير الى ذلك المصادر التاريخية..
اما شخصية الباشا نوري سعيد فهو صاحب اليد اليمنى ان لم تكن الوحيد في بناء المملكة الهاشمية منذ نشأتها وحتى لحظة انهيارها المأساوي.. لكنه لم يظهر بهذا الدور في هذه الدراما إلا في الحلقات ما قبل الأخيرة.. كما ان هناك شخصيات أخرى مهمة سواء في الحكومة أو في القصر لم تظهر في المسلسل سوى في إشارات مبتسرة خلال بعض الحوارات.. فقط سلط الضوء على بعض الشخصيات الهامشية التي لم تكن مؤثرة مطلقا.. مالذي تعنيه هذه المساحة الواسعة الي شغلها المتعهد الذي يتبضع للقصر وكذلك افراد عائلته..؟ هل اغنت تلك المساحة الحكاية الدرامية التي اهتمت بحياة آخر الملوك..؟ فعلا فيضان بغداد حدث مهم في تاريخ العراق ولكن هناك شخصيات مهمة اسهمت بشكل فاعل في التصدي للفيضان وتجنيد الحشود له مثل امين العاصمة الذي لم يذكر ابدا وكذلك قادة الجبش الذين ذكر بعظهم بشكل عابر.. لم يوقف الفيضان ذلك المتعهد وعائلته.. ثم تسليط الضوء بذلك الشكل المتكلف على ثلاثة افراد من مجتمع (الحضيض) احدهم على انه شيوعي وصديق لأبن ذلك المتعهد فيطلب من هذا الأخير في البداية ان يؤثر في مواقف ابيه وبغبره...!! متى طلب الحزب الشيوعي من اعضاءه او اصدقائه مثل هذا الطلب...؟ ثم يطلب منه ان يعمل في القصر ليكون عينا لـ (الحزب) في البلاط..!! من اين جاء الكاتب بهذه (البدعة) الغير مبررة تماما كما انها غير موضوعية وغير ذات اهمية في مسار الاحداث...؟ هل يريد ان يثبت انه متعاطفا مع الحزب ام الإسائة له..؟ بصراحة انها غير مفهومة ابدا..
رغم كل ذلك فان عمل (آخر الملوك) هو من افضل الاعمال التي ظهرت هذا العام فهو كما يبدو عمل مخرج عراقي قياسا الى الاعمال الاخرى التي شاهدناها.. فتظهر فيه شخصية حسن حسني المهنية في إدارة تلك الاحداث وذلك العدد الكبير من الممثلين، ومع جل احترامنا لأغلبهم وتاريخهم الفني في حقل العمل التلفزيوني إلا ان تكرار ظهورهم في مسلسلات أخرى في الوقت نفسه سلبهم هدف النجومية الذي سعى الجميع من اجله.. فقط الممثل الشاب خليل فاضل خليل الذي برع العام الماضي عندما شاهدناه في مسلسل (هدوء نسبي) والذي سنقف عنده لاحقا.. نعتقد انه كان هو النجم الاول في دراما آخر الملوك.. لقد اشتغل خليل بتوتر داخلي واضح، فهو يقف امام ممثلين وممثلات كبار لهم تاريخهم الفني فلماذا لايعمل بذلك التوتر رغم عفويته وتلقائيته..؟ وهو صاحب تجربة سابقة في المسلسل المذكور آنفا فكان يقف ايضا امام ممثلين كبار.. وكذلك لاننسى إدارة المخرج واهتمامه بهذه الشخصية..

(هدوء نسبي) وكذبة المقاومة العراقية
نعود متأخرين الى مسلسل (هدوء نسبي) فهو بلاشك عمل تلفزيوني كبير عن العراق ولكنه غير عراقي بالمرة.. فقط عدد من الممثلين العراقيين الذين شاركوا به.. فهو من انتاج مجموعة شركات عربية واخرى اجنبية ومخرج تونسي هو شوقي الماجري وعدد آخر من الممثلين العرب، غير اننا نختلف مع وجهة النظر التي طرح بها المسلسل الأحداث التي مرت بالعراق مع دخول قوات الاحتلال عام 2003.. فقد تبنى هذا العمل الدرامي وجهة نظر القوميين من العروبيين والاسلاميين المتشددين الذين تبنوا نظرية مقاومة الاحتلال الاجنبي للعراق.. ونقولها للامانة وبالتأكيد سيؤيد كلامنا هذا حتى من اشتغل في ذلك العمل من العراقيين.. بانه لم تكن لا في بغداد ولا في أية مدينة أخرى مقاومة تذكر للقوات الاجنبية في الايام الاولى للاحتلال ولا حتى الاسابيع التي تلتها.. فقد انشغلت قطاعات واسعة من الشعب العراقي الذي دمرته سنوات الحصار بنهب ممتلكات الدولة وتدميرها ربما بدافع الانتقام من النظام السابق.. وكان ذلك بغطاء من قوات الاحتلال وموافقتهم الضمنية، ربما كانت هناك خلايا نائمة للمقاومة فعلا من بعض (المجاهدين العرب) الذين دخلوا الى العراق قبل الحرب بمساعدة المخابرات العراقية.. لكن هذه الخلايا لم ترفع رأسها ولم تطلق طلقة واحدة بوجه تلك القوات في الايام الأولى.. فلم يكن لاحد ان يتصور ان تدخل القوات الأمريكية الى بغداد بتلك الصورة المذهلة والتي فاجئت الجميع.. نعم ازدهرت في بداية الأمر انواع كثيرة من التجارة بالمنهوبات بما في ذلك تجارة السلاح التي اهتم بها المسلسل حيث كان خليل فاضل بطلها.. وهذا لايعني نشاطا مسلحا لـ (المقاومة) العراقية..
الأمر الذي يسجل لهذا المسلسل ويمنحه قدر من الاهمية هو امانته في نقل البيئة المحلية العراقية بكل تفاصيلها ومفرداتها بشكل يكاد يكون وثائقيا وطريا.. ابتداءا من فندق الصحفيين الذي يكاد يماثل من الداخل فندق (فلسطين ميرديان) الى المناظر الخارجية الأخرى والشوارع العامة وحتى الأزقة الى ملابس الممثلين وكذلك المناظر الداخلية وهذا ما لم نجده في جميع المسلسلات العراقية التي انتجت هذا العام.. الأمر الآخر هو اننا كنا امام عمل درامي تلفزيوني غاية في المهنية والاحتراف من ناحية النص ووحدة ثيماته المتنوعة التي اشتغل عليها، وكذلك إدارة الحوار بين الشخصيات بشكل دقيق فلم تكن هناك جمل او كلمات زائدة عن الحاجة في التداول، فهو مكثف بالشكل الذي تتطلبه الدراما وشروطها.. وكذلك عملية الاخراج وإدارة الممثلين فكانت في سياقاتها الدقيقة الى حد ضبط كل حركة او التفاتة او حتى رمشة عين من الممثل او محاكمة اي إشارة زائدة في المنظر او اللقطة الواحدة لإبقائها او التخلص منها.. وهذا ما لم تألفه عملية اخراج الدراما العراقية في معظم اعمالها التلفزيونية..

أين تقع (بيوت الصفيح)..؟
نعود الى المسلسلات العراقية التي عرضت هذا العام.. ومنها (بيوت الصفيح) قصة وسيناريو وحوار ماجد الفهدي واخراج السوري بسام سعد..
من البديهي ان نقول ان المشاعر الوطنية وحدها لاتكفي لإنجاز عمل فني.. صحيح ان الكاتب يريد ان يوفي لمدينته الناصرية وناحية الفهود منها حقها من الوفاء على ما عانته على ايدي جلادي النظام السابق بالكتابة عنها بهذا الشكل.. ولكن النوايا الحسنة وحدها لاتكفي لإنجاز هذا الوعد بالوفاء...!!
بكل تأكيد ان المخرج السوري لم ير مدينة الناصرية ونواحيها البعيدة التي تقع على ضفاف الهور كما انه لم يشاهد (حي التنك) في مدينة الناصرية، لذا فانه غير معني بنقل البيئة العراقية المحلية في جنوب العراق في هذا النص المتواضع وكذلك وكما يبدو انتاجيته المتواضعة ايضا.. فاكتفى بالتصوير في احد مخيمات الاجئين في الشام وتصوير المشاهد الداخلية في بيوت تلك المخيمات التي تختلف كثيرا عن بيوت الصفيح في الناصرية وغيرها من مدن العراق.. إذ لم نشاهد في هذا المسلسل أي إيحاء بالبيئة العراقية مطلقا ولا أية محاولة بصنع منظر او مشهد واحد يعود بنا الى مدينة الناصرية أو بغداد كما تدور بعض الاحداث.. فقط المنظر الداخلي للمقهى يحتوي على إشارات فيها بعض الإيحاء بعراقيته رغم انه منظر مجتزأ وغير متنوع لم تأخذ منه الكاميرا غير زاويتين او ثلاث طيلة حلقات المسلسل الثلاثون..
شغلت مساحة كبيرة من المسلسل حياة وفاعلية مجموعة مسلحة معارضة للنظام السابق في منطقة نائية على انها من اهوار العراق الجنوبية وقريبة من مدينة الناصرية او على اطرافها، ويبدو انها على تواصل مع الجانب الإيراني..!! إذ يدخل بعض المتسللين العراقيين من إيران ليلتحق بهؤلاء المقاومين.. كل من يعرف الواقع السياسي العراقي من الداخل وبشكل خاص بعد عام 1991 يعرف مدى تشدد قبضة النظام وقسوتها في المناطق الجنوبية من العراق، فكان تشن حملات دورية مشتركة من الجيش والفرق الحزبية لتمشيط جميع مناطق الأهوار وحرق القصب والبردي واعتقال كل من فيها.. وحتى احيانا يتم قتل جواميسهم ومن ثم ترحيلهم القسري الى مناطق قريبة من المدن، فلم تسلم من هذه العملية لا اهوار البصرة ولا الناصرية ولا العمارة.. ربما ألتجأ الى تلك المناطق لفترة محدودة من الزمن بعض الهاربين من الخدمة في الجيش السابق، وغير معروف عن هؤلاء القيام بأي عمل او نشاط عسكري فقط الاختباء عن انظار السلطة.. للامانة نقول كانت هناك بعض التنظيمات الهشة من المعارضة المسلحة للنظام في الاهوار القريبة من الحدود الإيرانية وذلك لسهولة الهرب الى ما وراء الحدود المجاورة عند مهاجمتها من قبل قوات صدام.. وحتى هذه النشاطات استطاع ذلك النظام اختراقها وجند بعض عناصرها للعمل معه أي (عملاء مزدوجين) وهذه الحقيقة معروفة للمهتمين بهذا الشأن من سكان المنطقة نفسها.. ربما تنشط تلك المجاميع احيانا عندما ترخى قبضة النظام شدتها فتقوم ببعض العمليات الغير مهمة مطلقا مثل تسليب المسافرين على طريق بغداد ـ عمارة ـ بصرة..!!
الشخصية الرئيسية في المسلسل والتي أريد لها ان يكون البطل الدرامي هو ابو فاهم.. مثله الفنان العراقي عبد المطلب السنيد.. وابو فاهم رجل بسيط للغاية يبيع اللفات (الساندويج) بعربة يدوية في كراج الناصرية.. يعتقل صدفة من قبل الاجهزة الامنية ويعاني من التعذيب خلال التحقيق ويحكم عليه بالاعدام ثم يستثنى.. وخلال عملية نقله الى بغداد تهاجم تلك المجموعة المسلحة السيارات الحكومية التي ينقل فيها بعض السجناء ومنهم ابو فاهم ويحررونهم ليلتحقوا بتلك المجموعة المسلحة.. ولا اعتراض على هذه الدورة الحياتية في مثل هذه الدراما.. يلتحق ابو فاهم بهذه المجموعة المقاتلة، ويذهب الى عائلته سرا في الناصرية ليعطيهم بعض المال..!! ويصبح قائدا مهما في تلك المجموعة.. ولا يفوتنا ان نذكر ان هذه المجموعة تملك في تلك المنطقة النائية من الاهوار اجهزة لتزوير الوثائق والمستندات...!!! لانعلم اذا كان لهذه المجموعة علاقة بتنظيم بادرـ ما ينهوف ام بالجيش الأحمر الياباني..؟ يلتحق ابو فاهم بالتنظيم السري لتلك الجماعة في بغداد بشخصية جديدة تختلف جذريا عن شخصية بائع الفلافل في الناصرية..!! ليتولى تنفيذ عمليات عسكرية مهمة قبل سقوط النظام..!! وعندما يسقط النظام بعد الاحتلال يتبوء منصبا مهما في احد مؤسسات الدولة.. وبعد فترة قصيرة يسقط بعض من اتباعه او حاشيته في مستنقع الفساد الإداري والرشوة، فتتلبسه التهمة ويسجن ويحال للمحكمة.. ويدفع حزبه عنه الرشاوي ليخرج من السجن..!!
لقد أريد لهذا المسلسل ان يكون واقعيا .. فلماذا هذا الترقيع والتلفيق على واقعنا الذي نعرفه جيدا..؟ لماذا هذا التسرع في عملية التسقيط السياسي..؟ ترى بهذه الصفات هل يستحق ابو فاهم شخصية البطل الدرامي في هذا العمل..؟










التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. بل: برامج تعليم اللغة الإنكليزية موجودة بدول شمال أفريقيا


.. أغنية خاصة من ثلاثي البهجة الفنانة فاطمة محمد علي وبناتها لـ




.. اللعبة قلبت بسلطنة بين الأم وبناتها.. شوية طَرَب???? مع ثلاث


.. لعبة مليانة ضحك وبهجة وغنا مع ثلاثي البهجة الفنانة فاطمة محم




.. الفنانة فاطمة محمد علي ممثلة موهوبة بدرجة امتياز.. تعالوا نع