الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


ماذا يريد المفاوض الفلسطيني؟

محمد السهلي

2010 / 11 / 15
القضية الفلسطينية


استحضر الرئيس الأميركي أوباما بعضا من تعابير خطابه الشهير في القاهرة العام الماضي، فاعتبر خلال زيارته إلى اندونيسيا أن القرار الإسرائيلي ببناء وحدات استيطانية جديدة في القدس الشرقية إجراء لا «يساعد» على تحقيق السلام. وكان واضحا للمتابعين أن هذه العبارة مدفوعة الثمن بشكل مسبق من الجعبة الفلسطينية ـ العربية لأنها تأتي بعد أن أبلغت لجنة المتابعة العربية إدارة أوباما بأنها في معرض تمديد مهلة الشهر (التي انتهت) بإضافة ثلاثة أسابيع أخرى ضمن مسلسل إعطاء الفرصة للجهود الأميركية كي تقنع نتنياهو بالتجميد المؤقت للاستيطان مقابل استئناف المفاوضات.
في السياق، حاول بعض المحللين السياسيين الإيحاء بأن موجة التجاذبات الأميركية ـ الإسرائيلية التي شهدناها بشأن تجميد الاستيطان في آذار / مارس المنصرم، ستتجدد فصولا وبأن هذه الموجة قد تؤدي إلى نتائج أفضل للفلسطينيين من تلك التي انتهت إليها الموجة السابقة.
من الصعب أن يقبل أي متابع فكرة أن فترة الثلاثة أسابيع الإضافية ستمكن الإدارة الأميركية من إنجاز ما لم تستطعه منذ بدأت تحركها على خط التسوية السياسية، مع أن هذا الأمر كان مرهونا ولا يزال بتوافر الإرادة السياسية لدى إدارة أوباما في ممارسة ضغط فعلي على حكومة نتنياهو بشأن مسألة تجميد الاستيطان. ولا يوجد ما يؤشر أن مثل هذه الإرادة قد توافرت في ظل إعلان نتائج الانتخابات الأميركية النصفية لأن مثل هذا المنطق يفترض أن أوباما مصمم على خوض مواجهة مع حكومة نتنياهو في الوقت الذي تتزايد فيه الأصوات الأميركية الداعية إلى تفهم اعتبارات نتنياهو وهي أصوات موجودة حتى داخل الحزب الديمقراطي.
ترجح صحة هذا الاستخلاص المؤشرات السياسية التي ظهرت في سياق زيارة بنيامين نتنياهو إلى الولايات المتحدة مؤخرا فقد واصل إعلان الشروط الإسرائيلية بشأن استئناف المفاوضات معتبرا أن إدارة أوباما تبالغ كثيرا بشأن الموقف من العطاءات الاستيطانية الأخيرة في القدس الشرقية. ولهذا السبب ركز في محادثاته مع أركان الإدارة الأميركية على ضرورة أن تشمل الضمانات الأمنية إقرارا أميركيا بحق الجيش الإسرائيلي في البقاء على طول الحدود الشرقية للضفة الفلسطينية إضافة إلى مواقع أخرى في أنحاء الضفة وهو يراهن على تنفيذ ما أشارت له مصادر أميركية متعددة من أن أدارة أوباما ربما توافق على هذا المطلب تحت عنوان استئجار أراض فلسطينية لمدة يمكن أن تصل إلى 99 عاما. كما لاحظت مصادر أميركية وإسرائيلية أن مسؤولين في الوفد الذي رافق نتنياهو تعمدوا انتقاد المواقف الأميركية على خلفية الاستيطان في القدس مما وضع نائب الرئيس الأميركي جو بايدن أمام موقف مشابه للذي وجد نفسه فيه في شهر آذار / مارس الماضي عندما كان في زيارة إلى إسرائيل وتعمدت حينها الحكومة الإسرائيلية إطلاق عطاءات استيطانية واسعة في القدس الشرقية خلال تلك الزيارة واعتبر ذلك في حينها إهانة مقصودة للإدارة الأميركية بشخص نائب الرئيس.
وفيما كانت حكومة نتنياهو تستعد لخوض جولة أخرى من التجاذبات مع واشنطن، أعلنت وسائل إعلام إسرائيلية أن هناك حديثا يجري عن مبادرة من بعض الأطراف العربية تبحث في إيجاد معادلة بديلة عن تلك المعادلة التي تربط استئناف المفاوضات بتجميد الاستيطان. وبدلا من ذلك يتم تجاوز مسألة التجميد والقفز عنها باتجاه محاولة أقناع حكومة نتنياهو بأن تقدم للسلطة الفلسطينية ما من شأنه أن يقنعها بالعودة إلى المفاوضات من نمط إعادة انتشار الجيش الإسرائيلي وتسليم السلطة بعض مناطق الضفة ومنحها الولاية الأمنية عليها. يضاف إلى ذلك ـ بحسب المصادر الإسرائيلية ـ بعض ما كان قد وصف بـ «بوادر زرع الثقة» مثل إلغاء حواجز وإطلاق سراح أسرى وربما إعادة بعض المؤسسات الفلسطينية التي تمت مصادرتها في القدس الشرقية في العام 2002.
إن الحديث عن مثل هكذا مبادرة يضع مهلة الثلاثة أسابيع المضافة في سياق يختلف تماما عن ما حاولت لجنة المتابعة العربية أن تقوله بخصوص تمديد فترة الشهر المنتهية. ومما يجعلنا نحذر من محاولة تكريس الفترة المذكورة من أجل شطب مطلب تجميد الاستيطان كمقدمة لازمة لاستئناف المفاوضات وهذا يعيدنا إلى قرار أسبق للجنة المتابعة عندما منحت المفاوض الفلسطيني الموافقة على الدخول في المفاوضات من دون تجميد الاستيطان. وبالتالي سيجد نتنياهو نفسه معفيا من استحقاقات أية تجاذبات متوقعة مع الإدارة الأميركية وبتسهيل مباشر من لجنة المتابعة العربية.
على المقلب الفلسطيني، يلفت الانتباه ما ذكرته وكالة الأنباء الفلسطينية «وفا» يوم 10/11 الجاري على لسان الناطق الرسمي باسم الرئاسة الفلسطينية نبيل أبو ردينة الذي قال «إن الرئيس محمود عباس أصدر تعليماته لمراقب فلسطين في الأمم المتحدة لطلب جلسة عاجلة لمجلس الأمن الدولي، من أجل بحث موضوع الاستيطان المستشري في القدس والضفة الغربية». يأتي ذلك على خلفية المخططات التي أعلنتها الحكومة الإسرائيلية من أجل توسيع المستوطنات المقامة في محيط مدينة القدس ومختلف أنحاء الضفة الفلسطينية. وهذا يفترض من حيث المبدأ أن تنضم الجهود العربية للتحرك الفوري والتنسيق مع المجموعات المكونة لعضوية الأمم المتحدة حتى يتم ضمان جلسة طارئة لمجلس الأمن. وعلى أهمية مضمون التصريح السابق إلا أن هذا يجب أن يقطع تماما مع محاولات طرح أفكار لاستئناف المفاوضات تتجاوز مسألة تجميد الاستيطان، ففي ذلك تناقض لا يمكن تفسيره في إطار الحديث عن توجهات متعارضة على المستويين الفلسطيني والعربي.
وفي حال صحة هذا التوجه فإن هذا يشكل امتحانا إضافيا لجدية الإدارة الأميركية ورئيسها على وجه الخصوص عندما يعيدون الحديث مجددا عن ضرورة تجميد الاستيطان والمقصود هنا ليس تكرار التصريحات عن إعادة الاعتبار للجهود الأميركية لإقناع نتنياهو بل إن الأمر يتعلق بدعوة الإدارة الأميركية إلى تبني هذا التوجه والمساعدة ليس فقط على التئام جلسة طارئة لمجلس الأمن بل والمساعدة أيضا على اتخاذ قرارات تعيد الاعتبار لمؤسسات الأمم المتحدة وقراراتها ذات الصلة بالقضية الفلسطينية، وهذا يشكل بحد ذاته اختبارا موضوعيا لنوايا الإدارة الأميركية بعيدا عن معزوفة المواقف الإعلامية «المكرورة».
لقد قررت اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير في وقت سابق عدم استئناف المفاوضات في ظل استمرار الاستيطان والتهويد، ويتحدث الآن الناطق باسم الرئاسة عن طلب دعوة مجلس الأمن إلى جلسة طارئة، وهذا يفترض أن تكتمل الدائرة الفلسطينية أولا بانعقاد المجلس الفلسطيني المركزي من أجل أن يجد أي تحرك سياسي ودبلوماسي فلسطيني مكانه الطبيعي في إطار إستراتيجية وطنية لا تبحث فقط في البدائل الوطنية المتاحة بل وتجهد أيضا في البحث عن آليات تطبيقها ووضعها أمام الأطراف ذات الصلة، كموقف فلسطيني موحد غير خاضع للتراجع تحت أية ضغوط.. وإن عظمت!.
ترى هل يحسم المفاوض الفلسطيني أمره ويعرف ماذا يريد ربطا بالحقوق الفلسطينية المشروعة؟








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. شيرو وشهد مع فراس وراند.. مين بيحب التاني أكتر؟ | خلينا نحكي


.. الصين تستضيف محادثات بين فتح وحماس...لماذا؟ • فرانس 24 / FRA




.. تكثيف الضغوط على حماس وإسرائيل للتوصل لاتفاق لوقف إطلاق النا


.. اجتماع تشاوري في الرياض لبحث جهود وقف إطلاق النار في قطاع غز




.. هل يقترب إعلان نهاية الحرب في غزة مع عودة المفاوضات في القاه