الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


دمتم سالمين لنا معشر الرجال الطيبين

زينب محمد رضا الخفاجي

2010 / 11 / 15
الادب والفن


(ايامكم سعيدة)


تجلس الجدة قرب موقد الفحم تعد الشاي المهيل للجد الذي اعتاد وجودها...تراقبهما وردية بكل الحب ،و تستغرب استمرار محبتهما رغم كل خطوط الزمن المرسومة في وجهيهما... تتسائل دوما الا يعرف هذا الجد الملل.؟!!!. وكيف تستحمل هي الاخرى كل هذه السنوات نفس المشاهد تتكرر في حياتها كل يوم دون أي تغيير تجديد او توقد.
أشياء صغيرة من الممكن ان تجعلها سعيدة.. يوم تأتيها هدية من أحدهم كانت وردية تطير فرحا ...فلكل جديد عندها توقد وشعور بسعادة غامرة.. تبقي اللعبة طوال الوقت بين يديها، تطعمها ..تغني لها ، الفرح متبادل بينهما دون النظر لجنس الهدية...مراقبتها المستمرة لوفاء جديها وحبهما جعلاها تتوحد مع كل ماحولها وحتى الجماد..صارت تتعلق بكل ادواتها...مثلما تفرح للجديد فهي تحزن بل تبكي لموت لعبة او ضياع حاجة من أغراضها .. وتندهش امام ثنائية الانسان الجماد .. تستغرب حين ترى بشرا يخون ويحقد ويغتال بداخله الرقة والحنين ،بينما الجماد لايعرف سوى الحب فعلاقتها بكل حاجة من حاجات البيت كنت عامرة بالود وتنظر لها باحترام وتشعربان تلك الاشياء تبادلها الحب... فهي تنظر للسكين كانت تستهويها.. فبها تقشر البرتقال الذي تعشقه بجنون وتقطع به (جبن العرب) الذي صار قريبا جدا منها وتحبه حد الهوس..كان يمكنها ان تقتسم النهار معه على ثلاث وجبات وياسلام لو كان مع شاي جدتها المهيل وبعض النعناع...تعلمت من جدتها ان تحب الجميع وحتى السلع الجامدة كالسكين هي بيديك وبامرك ان امرتيها بالشر قامت باقسى الاعمال كالذبح وان منحتها الخير قدمت فروض الطاعة وتقوم بواجبها طائعة ...
صارت تتسائل في نفسها .. لم يتناول جدها طعامه قبل الجميع ولا .. يشاركه احد ؟ اين المتعة في طعام دون وجه محبب تطالعه كل حين وكلمة وضحكة وخناق على قطعة خيار واحدة؟!!!!!!
في يوم.. وهي الحفيدة المدللة كأميرة صبح وردي...تسللت تحبو حتى وصلت قربه..كانت تعرف انه لن يرد لها طلب مدت يدها الصغيرة نحو صحن السلطة وقالت اريد هذه الخيارة..وبابتسامته المحببة حمل بيده قطعة الخيار ومعها اخرى واعطاها لها...وثب عليها العم ليبعدها عن الجد المنهمك بتناول طعامه بامرمن الجدة التي بقت ترتجف وتضرب كفا بكف...نظرت لجدها ،نزلت دمعة حرقت وجنتها الصغيرة..انا اشتهي الطعام معك..امسك حنانة المفرط بيدها وقال لابنه دعها...وردية تفعل ماتريد...جلست قربه بفرح ونظرت لجدتها وابتسمت ابتسامة الفاتحين المنتصرين...
صار يعطي لها اللحم لتاكل..ولكنها اشارت له بيديها ان انزل راسك تلفتت يمنة ويسرة كمن يراقب لسطو مسلح على مصرف واغمضت عينيها حتى لا يراها احد وهمست باذنه.. اريد ان اكل بنفسي ممكن؟ لم يستغرب ابدا يعرف ان هذه الشيطانة تحمل في سرها امر ما...يتسارع كل من في القصر لاطعامها بيديه وبذلك حرمت لذة لمس الطعام .
حملت قطعة الطماطة بيدها ارتعشت قليلا كادت تسقطها لكنها تمسكت بها اخيرا...وسط حرجها قالت للجد(انا اضوج آكل وحدي)... ثم قربت هذه الحمراء الشهية من انفها...تنفست رائحتها الذي قرنته بعطر الحرية في التصرف...ابتسمت بخبث وهي تنظر لمن حولها..انه النصر عليكم جميعا...كانت القطعة كبيرة على فمها لانها اصلا كانت معدة خصيصا للجد الحاكم بالحب والناهي عن الشر...اخذت تعض بها وعصير الطماطة يسيل على فمها وذقنها ورقبتها ويصل حد حافة ثوبها السماوي..مرت باناملها الصغيرة عليه محاولة استرجاع ماضاع من العصير الى فمها..ضحك الجد وقال دعيه لاباس..لكنها همست باذنه وقالت جدتي تقول يجب ان لاتهدر المراة ولو ذرة من كد زوجها.
كلامها جعله ينظر طويلا لشريكة دربه التي تحاول كتم غضبها من وردية التي كسرت الاوامر واقتحمت بدلال مملكة زوجها التي لم يجرا احد منذ عشرين ونيف على الاقتراب منها...زاد الحب في قلبه الكبير لتلك الرائعة التي اعطته حياتها كلها ومنحته الحب والاولاد والحرص على ماله وصحته.
وحين افاق من غيبوبته الصغيرة انتبه الى ان تلك المشاغبة قضت على صحن السلطة وحملت الباقي في ثوبها لتذهب به لعمتها التي كانت تعشقها ...امسك بها وسالها الى اين؟اجابت بحدة وعصبية الى عمتي هي تعبت كثيرا اليوم نظفت وصنعت الغذاء وانت تاكل وهي تنتظر دورها... هذا طبعا بعد ان تحمل لك الابريق لتغسل يديك وانت جالس..
صار الجو حولها ملبد بغيوم الغضب، عدا الجد الذي ضحك من قلبه وقال اذهبي لها وكلا معا ولكنها لم تذهب وبقيت واقفة امامه كان في جعبتها امر اخر لم تبح به لترتاح نهائيا..
نظرت له وراحت تلمس رجليه باصابعها الملطخة بماء السلطة مما جعله يسحبها بقوة ...ارتبكت الصغيرة..ارتعشت قليلا (حبيبي جدو) عندي سؤال...هل تستطيع المشي على قدميك ام لا؟ ضحك طويلا وسالها..لماذا ؟ هل تريدين ان اخذك لبائع الحلوى...ولكنها تحضرت للهرب امسكت بطرف ثوبها الذي تحول الى سماء بلون الغروب بسبب نقاط عصير الطماطة...وقالت لا.. حتى تقوم لتغسل يديك بنفسك...وركضت نحو حضن العمة وهي تبتسم بشقاوة.
ضحك كل من حولها...واعجب الجد بحفيدته التي حاولت ان تعطيه مافي قلبها من حب بشكل درس سهل الفهم .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. أمسيات شعرية- الشاعر فتحي النصري


.. فيلم السرب يقترب من حصد 7 ملايين جنيه خلال 3 أيام عرض




.. تقنيات الرواية- العتبات


.. نون النضال | جنان شحادة ودانا الشاعر وسنين أبو زيد | 2024-05




.. علي بن تميم: لجنة جائزة -البوكر- مستقلة...وللذكاء الاصطناعي