الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


تأثيرات الليبرالية الجديدة على السيادة الوطنية

فاخر جاسم

2010 / 11 / 16
العولمة وتطورات العالم المعاصر


في كتابه الجديد، يواصل الدكتور لطفي حاتم ابحاثه عن افكار الليبرالية الجديدة ومرتكزاتها الفكرية والسياسية، محاولا تفكيك العلاقة بين الروح العدوانية التي تتميز بها السياسية الخارجية للولايات المتحدة الأمريكية وتنبني النخبة الحاكمة فيها لأفكار الليبرالية الجديدة، باعتبارها الاداة الأيديولوجية التي ترتكز عليها. مشيرا بهذا الصدد إلى توظيف الليبرالية الجديدة إلى جهود العلماء والباحثين في الولايات المتحدة وغيرها من البلدان، للترويج لوصفات الليبرالية الجديدة ، السياسية والفكرية، على الصعدين الداخلي والخارجي، فقامت بتأسيس معاهد الابحاث لتنظيم النشاط الفكري للباحثين، بهدف اعطاء مسحة علمية لأفكار اليبرالية الجديدة. وقد بدأت هذه المعاهد منذ بداية التسعينيات الترويج للمفاهيم الاساسية لليبرالية الجديدة المتمثلة في حرية التجارة والأسواق والمعلومات باعتبارها النهج الوحيدة للتطور الاجتماعي والاقتصادي على الصعيد العالمي.

ومن أجل حل التناقض بين وصفات الليبرالية الجديدة لتطور البلدان الوطنية ومبدأ السيادة الوطنية جرى تعويم هذا المبدأ لصالح حرية التدخل بالشؤون الداخلية للبلدان الاخرى من خلال الترويج لمفهوم التدخل الإنساني، فشير الباحث بهذا الصدد إلى" استبدال مبدأ عدم التدخل في الشؤون الداخلية بمبدأ التدخلات العسكرية لحسم النزاعات والحروب الداخلية، استخدام القوة بهدف استبدال انظمة سياسية استبدادية بأخرى ( ديمقراطية) ص 100. اضافة إلى استخدام الضغط الاقتصادي من خلال الوصفات الاقتصادية للمؤسسات المالية الدولية. ولاعطاء ملموسية لافكاره يشير الباحث إلى فشل محولات مفكري الليبرالية الجديدة في التغطية على النتائج الاجتماعية السلبية عند تطبيق وصفات الليبرالية الجديدة في العديد من الدول الوطنية خارج العالم الرأسمالي، حيث تشهد هذه البلدان تخلخل نسيجها الاجتماعي وعدم استقرار بنيتها السياسية.

لقد تناول الدكتور لطفي حاتم الموضوعات السابقة، من خلال فصول الكتاب التي حملت العديد من العناوين منها ، الليبرالية الجديدة وتطور العلاقات الدولية، الليبرالية الجديدة ومرتكزاتها السياسية والفكرية، مراجعة التاريخ وإدانة الروح الوطنية، الليبرالية العربية والمراجعة التاريخية والروح الإنقلابية، خطاب الرأسمالية وأزمة الفكر الاشتراكي، التوسع الرأسمالي وتغييرات وظائف الدولة الرأسمالية، التحالف الأطلسي وتدويل وظائفة الهجومية، كما ورد في الفصل الثاني. وتناول الفصل الثاني الذي حمل عنوان العولمة الرأسمالية والقضية القومية تحليل العديد من الموضوعات منها: التوسع الرأسمالي والدول القومية الناهضة، العولمة الرأسمالية والموجة القومية الثالثة، التغييرات الدولية والنزاعات الوطنية / الإقليمية، الدولة الوطنية بين التهميش والالحاق، بين التبعية والاندماج، آليات السيطرة والضبط الاجتماعي في الدولة الاستبدادية.

في ختام الكتاب، حاول الباحث تناول الاشكالات التي أثارها الاحتلال الأمريكي للعراق من خلال الاجابة على بعض الأسئلة منها: ما علاقة الاحتلال الأمريكي للعراق على تطور التكتلات الاقتصادية الدولية؟ ماهي طبيعة المرحلة الانتقالية التي تعيشها الدولة الوطنية في الطور المعاصر من العولمة الرأسمالية؟ كيفية الربط بين التنمية الوطنية وتوجهات الليبرالية الجديدة؟ ما هي طبيعة الأمن الأقليمي الذي تسعى الإدارة الأمريكية إلى بنائه؟
بخصوص تأثير الاحتلال الأمريكي للعراق، يشير الباحث إلى تعزز دور المراكز الرأسمالية الأقليمية مثل الصين والهند والنمور الأسيوية، الأمر الذي هيأ لظهور تكتل أقليمي جديد، يمتاز بتحقيق نسب نمو اجتماعية اقتصادية عالية. كما أن تطور القوة الاقتصادية والسياسية للاتحاد الاوربي وتعزيز التعاون ضمن دول اتفاقية النافتا ، يشير إلى ظهور أشكال جديدة من التكتلات الاقتصادية يطلق عليها الباحث ب " التكتلات الاقتصادية القارية الكبرى".
لا يخلو الكتاب من العديد من الاستنتاجات التي تدعوا الباحثين والمفكريين إلى مواصلة التعمق بدراستها في المستقبل نشير إلى بعضها :ـ
1ـ تحول موضوع صراع الحضارات التي بشرت بها الليبرالية الجديدة، كغطاء أيديولوجي للاندفاعة العسكرية الأمريكية إلى حوار بين الحضارات تشترطه وحدة وتنوع المصالح المشتركة بين التكتلات الاقتصادية القارية الكبرى.
2ـ تضاءل دور الدولة الوطنية في السياسة الدولية وترحيل مبادئ الاستقلال والسيادة الوطنية إلى فعاليات وقوى خارجية، حيث ينعكس هذا التغيير على المنظومة السياسية للدولة الوطنية وسلطتها السياسية.
3ـ تبلور ملامح مرحلة انتقالية يمكن تسميتها بازدواجية السلطة بين المركز الرأسمالي وبين الحليف الحاكم في الدولة الوطنية تمهيدا لبناء المستلزمات الضرورية لتشكيل التكتلات الاقليمية التابعة.

وعلى ضوء الاستناتجات السابقة يشير الباحث إلى أن العقول الاستراتجية الامريكية بدات تميل إلى مجاراة التطور العالمي ونبذ التفرد الامريكي في معالجة القضايا النتائجة عن تعقد العلاقات الدولية.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - شكرا لكم
samir shabilla ( 2010 / 11 / 16 - 11:24 )
شكرا لكم اساتذتنا على تواصلكم مع الطلبة والمجتمع والثقافة وسوف ننشر ذلك في موقع الهيئة للافادة العامة
www.icrim1.com
]ljl ggpr


2 - شكرا للدكتور لطفى حاتم
وليد حنا بيداويد ( 2010 / 11 / 17 - 16:57 )
الغت الليبرالية دور السيادة الوطنية وذلك من خلال العولمة الاقتصادية والتكنولوجيا الحديثة ووسائل الاعلام المتطورة والفائقة القدرة وبهذا الغت الاعلام المحلى ومجال السيطرة عليه ومن خلاله الغت كليا دور الفكر الوطنى فى اعداد جيل يمكن تنشئته وطنيا وفق مبادئ معينة مؤمنا بالوطن، ليس هذا فحسب وانما الغت الليبرالية المصداقية بين الافراد والمؤسساات وابرزت جيلا من اللصوص الجدد اللذين لم يكن بوسعهم السرقة من المؤسسات الوطنية لضعف ادوارهم او يمكن القول لعدم الثقة بهم من قبل الحكام ومن قبل اصحاب القرار وبقوا يعانون وصولا الى التاثيرات النفسية التى تركتها الظروف فى انفس اولئك الضعفاء من البشر وهم بلا شك قلة منبوذه ومرفوضة اجتماعيا
كانت الليبرالية ضربة للحكام وسقوطا اخر لاولئك الضعفاء النفس اللذين كانوا اصلا لم يتمكنوا من الخروج من المستنقع الذى كان المجتمع قد وضعهم فيه فلم يتمكنوا من السباحة والخروج بموقف مشرف فقد غمرت الليبرالية رؤسهم فى الاوحال عندما حاولوا التصيد فى المياه العكره فلفضهم المجتمع الواعى
من امثال هؤلاء موجودون حولنا ينتظرون القصاص من المجتمع ولذلك يجب عدم الرحمة بهم ومحاسبتهم قانو


3 - متابعة الشكر للدكتور لطفى حاتم
وليد حنا بيداويد ( 2010 / 11 / 17 - 17:22 )
تكلمة، انت محق جدا فانه هناك صراع حضارى وفكرى بين اللذين استوعبوا الدروس جيدا وواكبوا التطور والزمن وبين اللذين لايزالون يسبحون فى افكار الزمن الماضى غير قادرين على النهوض بانفسهم قبل ان يكون لهم اى تاثير يذكر على الاخرين الا الكلام الفارغ والهزلى، فؤلاء يتصورون انهم يمثلون قوة اقتصادية او قوة ثقافية ولكنه عند البحث تراهم فارغين من اى مؤهل يمكن ان يكون له اى تاثير خارجى ومن حوله ولذلك يبقون متقوقعون يعانون الامراض النفسية والانفصام فى الشخصية فلم يتمكنوا من تحقيق اى من الاهداف لا فى الماضى ولا فى الحاضر فلا يمكن ان يحققوا اية استقلالية للذات وانما يبقون اسرى الماضى وقد يطلب البعض الرحمة بهم لانهم يعانون عدم رحمة الزمن بهم ولكننى اقول يجب عدم الرحمة بهم وانما يجب اجتثاثهم ورميهم فى مزابل التاريخ لانهم خونة ومنبوذين
فالليبرالية لم تتجاوز الاخلاق وانما واكبت الاخلاق والدين والظمير وهى مطلب حياتى عصرى مثلما هى الديمقراطية التى كانت ولاتزال مطلبا بشريا تواكب تطور العقل البشرى وليس مناقضا له
اتمنى ان ارى الكتاب على صفحات الانترنت او شراءه من اقرب مكتبة عربية ولابد ساكون اول المشترين بكل فخ

اخر الافلام

.. قصة قتل مو?لمة والضحية الشاب باتريك.. ???? من القاتل؟ وما ال


.. لا عيد في غزة.. القصف الإسرائيلي يحول القطاع إلى -جحيم على ا




.. أغنام هزيلة في المغرب ومواشي بأسعار خيالية في تونس.. ما علاق


.. رغم تشريعه في هولندا.. الجدل حول الموت الرحيم لا يزال محتدما




.. لحظات مؤلمة.. مستشفيات وسط وجنوب غزة تئن تحت وطأة الغارات ال