الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


هل يتحول الإتحاد الأوربي / الى نادٍ للكبار فقط ..؟

سيمون خوري

2010 / 11 / 16
مواضيع وابحاث سياسية


مساء الأحد الماضي كما هو مقرر ، إنتهت الجولة الثانية من الإنتخابات البلدية . وأسفرت عن فوز حزب الباسوك الحاكم برئاسة ثمان محافظات من أصل ثلاثة عشرة محافظة أو مقاطعة . فيما فاز حزب اليمين المحافظ " الديمقراطية الجديدة " بخمس محافظات . بمساعدة أصوات أقصى اليمين . وفاز مرشح تحالف اليسار برئاسة بلدية مدينة " بترا " الى جانب عدد أخر كأعضاء في مجالس بلديتها . وهي نتائج يعتبرها البعض إيجابية . وبطبيعة الحال من المتوقع حدوث تطورات داخل تلك الأحزاب التي شهدت تراجعاً . منها إحتمال تشكيل السيدة " دورا باكويان " وزيرة الخارجية السابقة في حكومة اليمين لحزب جديد . وهذا في حال حدوثة سيساهم بلا شك في تراجع يمين الوسط . لكنة سيقوى من مركز اليمين المتطرف الذي قد يطرح صيغة إنقاذ ليمين الوسط عبر تحالف جديد . بينما من المحتمل تحالف السيدة دورا مع حزب الباسوك الى جانب بعض القوى اليسارية الصغيرة الأخرى .الساحة السياسية اليونانية إنعكاس للمواطن دائماً قلق يبحث عن الجديد ربما هي علامة إيجابية وربما هي العكس . لكنه في مطلق الأحوال هو مواطن يعشق الحياة بكافة تلاوينها .
الملاحظة الرئيسية حول الإنتخابات ، يبدو أن تحالف اليسار على الأغلب إستفاد وربما إستوعب الدرس الذي قدمته له الجماهير في الجولة السابقة . ففي الجولة الحالية شهدت الساحة السياسية تحالفات جديدة على قاعدة مواجهة اليمين السياسي . على سبيل المثال في مناطق " ثراكيس " ذات الأغلبية من المواطنين المسلمين فاز مرشح الباسوك الإشتراكي بدعم من أصوات اليسار . وهي ظاهرة ملفته للنظر . بل ومشجعة أيضاً . البعض يعتبرها أنها تعكس تنامي اليسار في أوساط المسلمين اليونانيين . وهؤلاء من أصول " تركية " .من ناحية اخرى أيضاً بلغت نسبة الممتنعين عن التصويت 48 % من مجموع السكان . وإرتفاع هذه النسبة من 40 % الى 48 % سببه هو أن مؤيدي المرشحين الذي خسروا الجولة الأولى لم يعد لهم سبب للتصويت في الجولة الثانية . طالما أن مرشحيهم خارج اللعبة السياسية .
في مناقشات الأندية السياسية اليونانية ، وهي كما هي الحال في مناقشات الأندية الرياضية ، عادة تشهد سجالات وحوارات ديمقراطية كجزء من تقاليد عريقة في الحوار الذي لا يعرف معنى " التابو " سواء في تعبيراته الدينية أو السياسية والإجتماعية . المهم ، معظم المناقشات إعتبرت أن نتائج الإنتخابات تعكس مزاجاً شعبياً معارضاً للإجراءات الإقتصادية التي تحاول الترويكة الأوربية فرضها على البلاد في إطار إصلاح الخلل في الإقتصاد اليوناني والحد من مديونيته العالية جداً . وهذا يعني أن وراء إمتناع الناخب اليوناني عن التصويت ليس سبباً أيديولوجياً بل إقتصادياً . البعض الأخر إعتبر ذلك نوع من العقاب الشعبي وكرسالة لهذه الأحزاب إحتجاجاً على أدائها السياسي . وربما هذا ما يفسر أيضاً تلك التظاهرة الحاشدة التي خرجت في اليوم التالي " الأثنين " نحو ساحة " السيندغما " الدستور معلنة رفضها للإجراءات التقشفية التي طالت كافة الفئات الإجتماعية الفقيرة . ورفضها لتدخل مجموعة الأربعة الأوربية في الشأن الإقتصادي الداخلي اليوناني .
وفي الوقت الذي يعبر فيه العديد من الموطنين عن قناعتهم أنه كان من الخطأ الإنضمام الى حزام اليورو النقدي ، والإكتفاء فقط بعضوية السوق على الطريقة البريطانية ، فإن الإجرءات الحكومية رغم أنها قاسية ، بعتقد البعض ، أنها تشكل المخرج الوحيد لليونان من ورطته أو أزمته الإقتصادية . هناك بطبيعة الحال وجه أخر للإزمة ، والتي تأتي في سياق تدعيم وجهة النظر هذه ، وهي أن هناك سبعة بلدان أوربية أخرى تعاني عجزاً شبيهاً بالحالة اليونانية . ربما ليس بمستوى و مقدار العجز المالي اليوناني ، لكنه يشكل ويطرح علامة إستفهام كبيرة حول الى أين ستقود الرياح سفينة الإتحاد ، طالما أن القبطان الألماني والنوتي الفرنسي ، يسعيان الى تشكيل نادٍ خاص للإغنياء فقط في ساحة الإتحاد . .؟ إيرلندا تعاني عجزاً مماثلاً .. وإيسلندا على صفيح ساخن ، والتشيك تعاني أزمة صامتة متنامية ، فيما تطرح البرتغال فكرة إحتمال خروجها من حزام اليورو . هنا يطرح السؤال نفسه هل نحن أمام إعادة صياغة جديدة لفكرة الإتحاد أم أمام تجمعات إقليمية من نوع أخر ..؟ مثلما حاول الرئيس ساركوزي في وقت سابق اللعب على حبال فكرة الأتحاد المتوسطي ، بيد أن غريمة الإيطالي إلتقط الفكرة وقاسمه الغنيمة من البترول والغاز ، وليست مشكلة إذا كان رأسمال هذا الموضوع بضعة عارضات أزياء . وإنتهى مهرجان الرئيس ساركوزي بعد توقيع العقود . الأن الموضوع مختلف ومعقد وجدي .
الزعيمة الألمانية السيدة مركيل ، كشفت قبل أيام إحدى ورقاتها السياسية ، فيما لا زالت بقية الأوراق بإنتظار شريكها الفرنسي في البوكر الأوربي .. فهل يفهم أن هناك إتجاهاً ألمانياً – فرنسياً يدعوا الى خروج البلدان الأوربية الفقيرة من حزام اليورو الإقتصادي وليس من عضوية الإتحاد . .؟
على كلا الحالات طرح ووجهة نظر من هذا النوع ، تشير الى فشل مشروع الإتحاد الإندماجي سواء على الصعيد الإقتصادي أم الإجتماعي . وبالتالي تداعياته الثقافية . في وقت برزت فيه في السابق دعوات وأصوات تدعي وجود ثقافة أوربية موحدة ..؟! خاصة في الفترة التي أعقبت إنهيار مجموعة البلدان الشيوعية سابقاً . ربما نحن أمام نتيجة واقعية وهي تزايد الفجوة بين البلدان الغنية والبلدان الفقيرة . وهذه حقيقة الوضع . فلم تستطع الدعاية التجميلية من إخفاء شيخوخة سواء النظام الرأسمالي ونموذجه الأوربي ولا تلك الأحزاب التي تحولت الى أداة في يد أسواق النقد الدولي ، إن لم تكن هذه الأحزاب مجرد سماسرة بين حركة النقد وبين حركة التجارة العالمية . بحيث أصبحت التحويلات النقدية نتيجة المضاربة النقدية تفوق كمية السلع والخدمات المقدمة أو المطروحة في سوق العرض والطلب بمئات المرات . إضافة الى توسع الشركات الكبيرة المعروفة باسم الكارتلات الدولية أو العابرة للقارات ، أصبح التعامل يجري هنا على قاعدة إسم الشركة وليس جنسية الشركة أو الدولة المنتجة .
إختصاراً للموضوع هناك أنماط جديدة من التفكير بدأت تطرق أبواب الإتحاد سلباً أو إيجاباً ، ربما من الصعب تناولها في مقال عام ، ولست مختصاً في الشأن الإقتصادي ،لكني أعتقد أن هناك تآكلاً في مصداقية ونظام عمل الإتحاد . فيما على الجانب الأخر من جنوب شرق أسيا يشهد ولادة تكتلات إقتصادية وسياسية وإجتماعية متجانسة ، تبحث لها عن مكان عبر إزاحة ما كان يعتبر فيما مضى قوة عظمى ، هذا منطق التطور ..
ترى ألا يعني إدخال اللغة الصينية كمادة مقررة في مناهج العديد من الجامعات ومركز البحث العلمي ، شيئاً ما للوسادة الخالية في أقطارنا ..؟








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - الاتحاد الأوربي
فارس اردوان ميشو ( 2010 / 11 / 17 - 00:27 )
الصديق العزيز والكبير سيمون خوري
الاتحاد الاوربي تجمع فضاض ، يضم دولاً مختلفة الثقافات والاديان والقوميات ، دولاً متباينة من ناحية التقدم الاقتصادي والاجتماعي والسياسي ، دولاً غنية واخرى فقيرة ، دولاً عريقة في الديمقراطية والنظام الاقتصادي الحر ، ودولاً خرجت للتو من نظام موجه في جميع المجالات وتبنت حديثاً سياقات النظام الرأسمالي ، بالطبع كل ذلك سيؤدي الى هيمنة الدول الغنية وسيطرتها على الدول الفقيرة وجعلها سوق لمنتجاتها ، مما ادى وسيؤدي الى ازمات جديدة ، اضافة ان العملة الموحدة اليورو اضعفت اقتصاديات الدول الفقيرة ، ولم تساعدها في الخروج من مشاكلها ، اضافة الى الاعباء المالية الكبيرة التي تتحملها هذه الدول نتيجة الخدمات الاجتماعية التي تقدمها لشعوبها ، بدون ان توجد موارد تدعم هذا الانفاق ، او انتاج موازي للخدمات التي تقدم ، اعتقد ان الاتحاد سيتحول مستقبلاً الى تجمع سياسي وليس اقتصادي حيث ستخرج عدد من الدول من منظومة اليورو ، وستتبنى برامج اقتصادية تقشفية حداً للنفقات ، مما سيؤدي الى اضطرابات اجتماعية على المدى القصير ، ولكن على المدى البعيد ستعطي النتائج الجيدة
تحياتي


2 - أخي فارس
سيمون خوري ( 2010 / 11 / 17 - 07:25 )
أخي فارس المحترم تحية لك وصباح الخير ، أشكرك على هذه الإضافة الهامة على الموضوع .ربما ما أشرت أنت اليه هو جزء من التفكير الذي يدور في أوساط ونخب سياسية عديدة ليس فقط على الساحة اليونانية بل والأوربية أيضاً . حتى أن هناك أصوات تطالب بمحاسبة المسؤلين عن إنضمام اليونان الى العملة النقدية الموحدة - اليورو- في وقت كانت فيه اليونان إقتصادياً في غنى عن هذا الإنضمام الذي أضعف صادراتها وحولها الى سوق مفتوحة للمنتجات القادمة من بلدان السوق القوية الأخرى. وهي الى حد ما تتشابه الأن الحالة مع بلغاريا وعدد أخر من البلدان التي خرجت من عباءة الحكم الشمولي . فهي لم تستطع الحفاظ على المكتسبات الإجتماعية السابقة ، ولن تتمكن من اللحاق بركب البلدان الغنية على ضوء السياسات الإقتصادية الجارية وتحولت الى مجرد أسواق للصناعات الغربية . أعتقد أن الإتحاد معني بإعادة قراءة تجربته مرة أخرى لتصحيح الخلل القائم .أو الحد من حالة التأكل لاسيما في نظر الفئات الشابة . أخي فارس شكراً لك


3 - ممكن جدا
مازن البلداوي ( 2010 / 11 / 17 - 16:32 )
عزيزي سيمون
كما تكلمنا عن خطأ اليونان بالأنضمام الى حزام اليورو،فأننا نرى اليوم ايرلندا تعاني مثل سابقتها.
لاأدري ان كنت تذكر بدايات تشكيل السوق الأوروبية المشتركة ومن بعدها العملة الموحدة-اليورو،وكيف كان رد الفعل الأمريكي الحانق داخليا بوجه مبتسم واليوم انت ترى الصعوبات التي يمر بها اليورو والين واليوان وهذا طبعا أثّر بشكل كبير على كفة صادرات بلدان تلك العملات وادخلها في احراجات السوق الى حد كبير مما حدا بها الى اعادة رسم استراتيجياتها الأقتصادية لأحاطة الموضوع وتكتيفه من بدايته الا ان الأمر لازال منزلقا.
نعم فأن اوروبا ستكون ناد للكبار الأوروبيين فقط في غضون السنوات الخمس المقبلة واساس النادي هو الدولة الألمانية التي لازالت تدير وتسيطر على تطور عجلة المكننة الصينية كما كنت قريبا منها وبعدها تأت ايطاليا
الكارتلات هو احد الحلول التي سيضطر ان يجربها البعض،الا ان النقطة الأهم الآن هي ايجاد عملة جديدة عالمية لتحل محل الدولار،وقد تلجأ الكارتلات الجديدة لأستحداث مثل هكذا عملة
ومن الأحتمالات الكبرى للفترة الزمنية العشرية القادمة هي مشاريع الطاقة البديلة عن النفط
والموضوع يطول
تحياتي


4 - تعليق
سيمون خوري ( 2010 / 11 / 17 - 20:20 )
أخي مازن تحية لك ما ذكرته في تعليقك أيضاً يكمل الجزء الذي عرضه أخي فارس ويغني الموضوع . أحد الإحتمالات هي إيجاد عملة جديدة وخروج عدد من البلدان الفقيرة ,هذا يعني سيناريو قد يؤدي الى نتائج كارثية . وحتى الأن رغم الإشارات حول هذا الموضوع هناك صعوبة في تقبل الأمر . أخي مازن شكراً لك إضافتك الهامة والتي تستحق التقدير


5 - sure
salfix mardin ( 2010 / 11 / 17 - 20:23 )
not too bad


6 - رد
سيمون خوري ( 2010 / 11 / 18 - 02:48 )
أخي الكريم - ماردين - شكراً على مرورك ومرحباً بك ، مع التحية


7 - يونان العراقة و الانسانية و الحكمة و الفلسفة
آمال صقر مدني ( 2010 / 11 / 18 - 18:44 )
الاستاذ الفاضل : مقال رائع و تحليل منطقي ، لكن نحن كعائلة نتمنى لليونان ، بكل أحزابها و شعبها الحبيب أن يحفظها و يحميها و أن تنجح باجتياز معضلتها الاقتصادية ، وذلك لحب والدي لهذا البلد الجميل ، في طبيعتة و شعبة الودود ...حيث أنه عاش بها أجمل سنين عمره ، و دائما يدعوا لليونان و شعبها بالخير ، و أتمنى لكم الصحة و السعادة في ربوعها ، و دمتم مع كل الاحترام و التقدير مع الشكر الجزيل


8 - الى أختي آمال
سيمون خوري ( 2010 / 11 / 19 - 06:19 )
أختي أمال المحترمة شكراً لك على مرورك ، وعلى مشاعرك الجميلة إتجاه بلد إحتضننا كمهاجرين منذ اللحظات الأولى ومعلناً تضامنه الدائم مع كافة قضايا الإنسان في العالم . لا سيما المنطقة العربية . أختي آمال شكراً لك وأسعدني حضورك

اخر الافلام

.. الجيش الأمريكي يعلن إسقاط صاروخين باليستيين من اليمن استهدفا


.. وفا: قصف إسرائيلي مكثف على رفح ودير البلح ومخيم البريج والنص




.. حزب الله يقول إنه استهدف ثكنة إسرائيلية في الجولان بمسيرات


.. الحوثيون يعلنون تنفيذ 6 عمليات بالمسيرات والصواريخ والقوات ا




.. أمر أميري بتزكية الشيخ صباح خالد الحمد المبارك الصباح ولياً