الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


كيف السبيل لنشر ثقافة حقوق الإنسان وتعزيزها واستعادتها في العراق

بهزاد علي ادم
محامي وناشط في مجال المجتمع المدني وحقوق الانسان

(Behzad Ali Adam)

2004 / 9 / 16
حقوق الانسان


لابد بادئ ذي بدء أن نقر بضحالة فهمنا في العراق بصورة خاصة وفي الشرقيين الأدنى و الأقصى أو بعبارة اصح في العالم الثالث, لثقافة حقوق الإنسان, بل إنها غائبة في هذه المجتمعات.
ولكن ما يهمنا كيف يتم معالجة الدفاع حقوق الإنسان ودعمها في العراق ونشر هذه الثقافة ولا سيما بعد أن تحرر الشعب العراقي من نير وظلم اعتى الدكتاتوريات في العالم, وعانى الكثير في ظل غياب القانون وهدر حقوق الإنسان خلال العقود الماضية ولم تتوفر لديه ابسط الحقوق التي تنص عليها الشرائع السماوية وكافة الأديان الأخرى, والمواثيق الدولية لحقوق الإنسان بما فيها الإعلان العالمي لحقوق الإنسان والعهدين الدوليين,العهد الدولي للحقوق المدنية والسياسية والعهد الدولي للحقوق الاقتصادية و الاجتماعية الثقافية, بل وحتى الأعراف والقيم الإنسانية, المعروفة عرفا بين الشعوب, مع العلم بان العراق قد صادق على المعاهدتين المذكورتين في 25/11/1971.
وليس هذا فقط بل إن النظام ألصدامي ألبعثي مسخ الإنسان العراقي و ثقفة ثقافة العنف, هذا الشعب المسالم شعب حضارة الرافدين و شعب عاش في موطن ظهر فيه لأول مرة القانون, مسلة حمورابي.
انه ليس بالأمر السهل واليسير ولكن مسافة الألف ميل تبدأ بخطوة, عليه يقع على عاتق كافة العراقيين وخاصة المعنيين بحقوق الإنسان أفرادا ومؤسسات ولا سيما الحقوقيين منهم أعباء كبيرة و مهام جسيمة وشاقة, ويجب علينا العمل ليلا نهارا لاستعادة حقوقنا المهظومة منذ تأسيس الدولة العراقية ولحد الآن, لان الكثير منا يسمع لأول مرة بهذه المصطلحات وحتى الحقوقيون منا, ففي خلال السنوات الأربع التي درسناها في الكلية لمختلف مواد القانون لم يكن هناك مادة اسمه حقوق الإنسان, وحتى لم نقراء من بين السطور شئ اسمه الإعلان العالمي لحقوق الإنسان . ولكن كان هناك درس للثقافة القومية البعثية و تقارير مؤتمرات البعث, فما بالك لأهالينا ألاميين أو حتى أخوتنا الآخرين.
وقد ثبت من خلال الدراسات والبحوث التي آجرتها الأمم المتحدة و المؤسسات المختصة بان البلاد التي تنتشر فيها حقوق الإنسان و تكون فيها كرامة الإنسان مصونة تزدهر فيها التنمية ويكون الإنسان مبدعا, بعكس الدول التي تكون فيها حقوق الإنسان مهدورة.
وذلك لأن احترام حقوق الإنسان وتعزيزها جوانب إيجابية بالقضاء على الفقر, فكلما توافرت حقوق الإنسان بالمعنى السياسي والمدني و الاجتماعي والثقافي انخفضت معدلات الفقر و البطالة.
لذا فان قضايا حقوق الإنسان ليس مسألة ثانوية تهم رجال القانون وحدهم وإنما مسألة مدنية،حضارية،وقضية عامة اجتماعية، قومية،أخلاقية.
و لا يمكن التخيل بتطبيق هذه المبادئ و احترامها في غياب سيادة القانون و الديمقراطية .فبدون سيادة القانون والديمقراطية ومبدأ تداول السلطة سلميا وإرساء المؤسسات الدستورية و نظام تعددي برلماني و احترام حقوق الإنسان, لا جود للسلام و الأمن والتطور وتنمية الإنسان و احترام الأخر. فالدول التي تغيب عنها هذه المبادئ نجد يسودها الفوضى و اضطهاد الإنسان لأخيه والتخلف حيث لا يستطيع الإنسان الإبداع و التطور, وكما يسودها الفساد و الارتشاء و المحسوبية و فقدان الثقة بمؤسسات الدولة الإدارية والقانونية,وكذلك يكون القضاء فيها غير مستقل.
وهناك الكثير من يقول بان ثقافة حقوق الإنسان ثقافة غربية دخيلة علينا, ولماذا لا إذا كانت هذه الثقافة تحمينا من الظلم والعبودية و تصون كرامتنا, ويجب أن لا يغيب علينا بأننا جزء من هذا العالم ويجب أن لا ننعزل عن هذا العالم لان هذه العزلة لم تعد ممكنة ولا جائزة ولا نافعة، نحن أردنا أو لم نرد جزء من السياق التاريخي الذي يلف البشرية كلها. والاهتمام بهذه الحقوق ان كانت عالمية ولكن هناك اهتمام اخر بها وهي على الساحة المحلية لذا أرى بأنه لا يمكن القفز عليها و يعاني أجيالنا اللاحقة ما عانيناه على أيدي جلاوزة البعث. ولكون العراق مقبل على مرحلة جديدة بعد التخلص من الفاشية والعنصرية, مرحلة سيادة القانون والديمقراطية والتسامح

لذا علينا أن نعمل ونناضل من اجل:-

أولا: إدخال حقوق الإنسان في التشريعات الوطنية
إدخال حقوق الإنسان في التشريعات الوطنية وخاصة الدستور والقوانين العقابية. لجعلها قاعدة قانونية في الدستور لكي لا يمكن مخالفتها من أية جهة تنفيذية او تشريعية,لان في حالة مخالفة ذلك يعتبر مخالفة دستورية ستلغى من قبل المحكمة الدستورية الفدرالية, التي ستشكل حتما لاحقا. أما في القوانين العقابية فمثلا النص على ممارسة التعذيب بكل أشكاله المادية والمعنوية كجريمة يعاقب عليها قانونا ليس من قبل من يمارسها وإنما من يتستر عليها أيضا, ففي حالة قيام شرطي أو مفوض بتعذيب احد المتهمين لا يعاقبا فقط إنما الضابط المسئول المباشر أيضا وان علا.




ثانيا: جعل ثقافة حقوق الإنسان ثقافة وطنية
جعل ثقافة حقوق الإنسان ثقافة وطنية ونشر مبادئها بدلا من ثقافة العنف والفكر الشوفيني الأحادي, وعلى وزارة الثقافة طبع كراسات مجانية أو زهيدة الثمن في هذا المجال, و إلزام كافة القنوات التلفزيونية و الإذاعات ببث برامج في هذا المجال. لكي يعرف المواطن حقوقه, حيث لا يمكننا الدفاع عنها ما لم يكن لنا إلمام بها, أي لكي يعرف المواطن بان حقوقه ليست هبة من السلطان وإنما هي حقوق مثبتة في الدستور والتشريعات, يجب أن يطالب بها وعندما يطالب يكون مرفوع الرأس وليس منكس الرأس كما كان سابقا, حيث سيطالب بها على انه حق دستوري وقانوني, وليس لأحد منة عليه.

ثالثا: تعليم حقوق الإنسان
تعليم حقوق الإنسان و جعلها من مقررات المنهاج الدراسي في كافة المراحل الدراسية, وحث طلبة كليات الحقوق بكتابة البحوث و رسائل الماجستير والدكتوراه, فتعليم الطفل بصورة مبسطة وتدريجية ثقافة حقوق الإنسان و سيادة القانون والديمقراطية لحين تخرجه وبذلك ستنشر ثقافة حقوق الإنسان بدلا من غيابها, و سيتعلم المواطن ويتعود بالدفاع عنها بدلا من التفريط بها, كما هو الحال الآن, وبذلك يعرف كل طفل بان من حقه أن يتعلم وان يوفر كافة مستلزمات الدراسية وان يعيش بكرامة و من حقه أن يأوي في مسكن وان يعيش في بيئة نظيفة وبأنها ليست منح من السلطان أو الحاكم وان الحكم ليست إلا وظيفة وخدمة من أناس لخدمة شعبهم وعليهم عدم استخدام القانون وسلطاتهم للتجاوز على الرعية , وحال خلاف ذلك أن يطالب بتنحيته, وهكذا تعرف المرآة والمسن والكهل وكل فرد من أفراد المجتمع حقوقه ولا يتنازل عنها ولا يهاب بالدفاع عنها.

رابعا: تدريب الموظفين المكلفين بتنفيذ القوانين
فتح معاهد تعليم حقوق الإنسان لتخريج متخصصين في هذا المجال, و لتدريب الموظفين المكلفين بتنفيذ القوانين خاصة من أفراد الشرطة و السلك القضائي. وعدم تعيين الموظفين المكلفين بتنفيذ القوانين إلا بعد اجتياز هذه الدورات بنجاح.

خامسا: الحفاظ على كرامة المسجونين
إلزام مراكز الشرطة والسجون بتعليق لوائح تتضمن حقوق المتهمين و الموقفين والسجناء. فإذا كان القانون لا يجامل أحدا ولكن يجب أن لا يتجاوز على احد, فمثلا المعاقب عليه بعقوبة الإعدام أن يذهب إلى المشنقة بدون إذلال وان لا يهان كرامته حيث لا توجد في كافة النصوص العقابية في العالم مادة تجيز بإذلال البشر سواء ماديا أو معنويا, بل كافة القوانين تعاقب ذلك, وكذلك المحكوم بالسجن يجب أن يحافظ على كرامته و توفر له أدنى الحقوق بموجب المعاهدات الدولية. وكذلك السماح لمنظمات و ناشطي الدفاع عن حقوق الإنسان بزيارة المواقف والسجون.

سادسا: قيام نقابة المحامين وجمعية الحقوقيين بنشر ثقافة حقوق الإنسان
قيام نقابة المحامين وجمعية الحقوقيين تشكيل لجان لمراقبة عدم خرق هذه الحقوق و كذلك نشرها وتعزيزها و فتح دورات مستمرة لدراستها لأعضائها وخاصة دراسة 1- ضمانات تكفل حماية حقوق الذين يواجهون عقوبة الإعدام . 2- مدونة لقواعد سلوك الموظفين المكلفين بإنقاذ القوانين.
3- مبادئ أساسية بشأن استقلال السلطة القضائية. 4- إعلان بشأن المبادئ الأساسية لتوفير العدالة لضحايا الجريمة وإساءة استعمال السلطة
5- مبادئ توجيهية بشأن دور أعضاء النيابة العامة. 6- مبادئ أساسية بشأن دور المحامين. 7- مبادئ حماية الأشخاص المصابين بمرض عقلي وتحسين العناية بالصحة العقلية.
8- اتفاقية عدم تقادم جرائم الحرب والجرائم المرتكبة ضد الإنسانية. 9-مبادئ التعاون الدولي في تعقب و اعتقال وتسليم ومعاقبة الأشخاص المذنبين بارتكاب جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية. 10-القواعد النموذجية الدنيا لمعاملة السجناء.11-المبادئ الأساسية لمعاملة السجناء.
12مبادئ المنع والتقصي الفعالين لعمليات الإعدام خارج نطاق القانون,الإعدام التعسفي,والإعدام دون محاكمة.
13 معاهدة نموذجية بشأن نقل الإجراءات في المسائل الجنائية.14 -- معاهدة نموذجية بشأن نقل الإشراف على المجرمين المحكوم عليهم بأحكام مشروطة أو المفرج عنهم إفراجا شرطيا.15 -إعلان فيينا بشأن الجريمة والعدالة ومواجهة تحديات القرن الحادي والعشرين.
وإلزام أعضائها باجتياز هذه الدورات بنجاح وجعلها شرطا لممارسة المهنة.


سابعا: قيام وزارة حقوق الإنسان بفتح دورات خاصة في كافة الوزرات
حث مجلس الوزراء بإلزام وزارة حقوق الإنسان بفتح دورات خاصة لكافة الوزراء و وكلاء الوزارات والمدراء العامين, حيث تنتشر في الشرق ثقافة بان السلطة امتياز وهبها له الله و ليست وظيفة وخدمة عامة عليه أن يتصدق براحته من اجل خدمة الشعب وليس العكس. حيث جاء في الحديث الشريف " صنفان من أمتي إذا صلح, صلح سائر الناس وإذا فسد فسدوا, الأمراء والعلماء"



ثامنا: تصديق كافة الاتفاقيات والمواثيق الدولية
العمل من اجل حث الحكومة العراقية بتصديق كافة الاتفاقيات والمواثيق الدولية التي لم يتم التصديق عليها لحد الآن, كالاتفاقية الدولية لمناهضة التعذيب,والبروتوكول الاختياري الأول الملحق بالعهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية, واتفاقية بشأن الحقوق السياسية للمرآة والنظام الأساسي للمحكمة الجنائية الدولية.


تاسعا: إنشاء معهد رسمي يسمى ( معهد الديمقراطية وحقوق الإنسان و المجتمع المدني)
إنشاء معهد يسمى ( معهد الديمقراطية وحقوق الإنسان و المجتمع المدني) أو اسم أخر ترتأيه الجهات المعنية أي وزارة حقوق الإنسان ووزارة الدولة لشؤون المجتمع المدني والوزارات ذات العلاقة كوزارة العدل, لتدريب كوادر المنظمات المجتمع المدني و ناشطي حقوق الإنسان, و إدخالهم دورات مكثفة لتعليمهم المهام المرتبة على عاتقهم, حيث لوحظ الكم الهائل من المنظمات التي تزعم العمل في هذا المجال, وبذلك تكون سلبية وجودها أكثر من إيجابياتها, ودلك لغياب ثقافة حقوق الإنسان كما أسلفنا سابقا, وهناك الكثير من الأشخاص قد شكلوها جريا وراء العادة المتبعة حاليا في العراق, أو بإيعاز من الأحزاب, والتي يعتقد مؤسسيها و كوادرها بوجوب أن يكون لكل حزب منظمة لحقوق الإنسان أو منظمة للمجتمع المدني وهذا بعيد عن الواقع أي بوجوب استقلالية منظمات المجتمع المدني سياسيا لكي تقوم بدورها على أكمل وجه, و من المستحسن إصدار قانون ينظم عمل هذه المنظمات والابتعاد عن العمل السياسي.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. ما آخر التطورات بملف التفاوض على صفقة تبادل الأسرى ووقف إطلا


.. أبرز 3 مسارات لحل أزمة اللاجئين السوريين في لبنان هل تنجح؟




.. جامعة فيرمونت تعلن إلغاء خطاب للسفيرة الأميركية بالأمم المتح


.. مسيرة إسرائيلية توثق عمليات اعتقال وتنكيل بفلسطينيين في مدين




.. لحظة استهداف الاحتلال الإسرائيلي خيام النازحين في رفح بقطاع