الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


البلهاء

رائدة زقوت

2010 / 11 / 17
الادب والفن



رأيت طيفاً قادما من بعيد أنها " نهى " تلك الفتاة البلهاء البالغة من العمر ستة عشر عاما ، "نهى " تمتلك جسد أنثوي مسكوب بعناية فائقة ، جسد يدفعك لتقول سبحان الخالق " رغم محاولات والدتها إخفاء معالم هذا الجسد بالملابس الفضفاضة غير المرتبة " أصبحت " نهى" على مقربة مني ، رفعت نظري صوبها وأنا خائفة نوعا ما ، فقد كانت معروفة بالقوة والشراسة في حال لم يعجبها أحد من الذين تجالسهم عنوة ، أقصد بالأحد إناث طبعاً فقد كانت لطيفة المعشر حلوة اللسان عندما يكون الحضور من الذكور ، ربما هي الغريزة الفطرية ..!!
جلست بجانبي ونظرت في عيني بعمق كأنها تأمرني بالتركيز معها والإنصات لها ، نظرت في عينيها ولأول مرة أفعلها رغم جلوسي معها عدة مرات سابقاً ، كانت عيناها تعج برغبات محمومة ، أمسكت يدي بيدها المرتجفة المتعرقة وقالت :
- أريد أن أخبرك عما فعلته وزوجي يوم أمس
- بدأت أتمتم بطلب العقل من الله ....أنت وزوجك ؟؟؟
نظرت إلي نظرة مرعبة كادت أن توقف قلبي عن الخفقان ، فقد كانت معروفة بشراستها في حال لم يصدقها أحد من المستمعين يقال " أن من فقد نعمة العقل تتضاعف عنده القوة البدنية أضعاف مضاعفة" ، وقد كنت أعرف مسبقاً بأن " نهى " قد قطعت شعر إحدى النسوة لأنها ضحكت عليها وعضت أخرى وقطعت لها جزء من جلدة يدها ، أعدت التفكير السريع وقلت لها بصوت يفتعل الرغبة في الاستماع لقصتها .
- ماذا فعلتِ ؟؟ هات ما عندك كلي آذان صاغية
عدلت جلستها وبرزت على وجهها ابتسامة لا أعرف لها تصنيفاً وبدأت في السرد :
- أمس بعد صلاة العصر حضر زوجي من العمل، كنت في غرفة النوم ارتدي قميص نوم قصير لونه أحمر " كنت أركز معها وأدعو الله أن يثبت عليَ عقلي الذي كادت هذه البلهاء الصغيرة أن تضيعه " دخل الغرفة وعندما شاهدني لم يتمالك نفسه ، حضنني ورماني بلطف على السرير ، وأخذ بتقبيلي على وجهي ويدي ..!!
يا رب أنقذني من هذه الورطة المسائية من هذا الذي دفع بنهى لتكون مؤنستي في هذا الوقت ؟؟!! بدأ صوتها يتفاعل مع سردها للأحداث ويزداد غنج رغم أن مخارج الحروف عندها أصلاً مصابة بعلة ، إلا أنها بدأت كما قالب من الثلج وضع على نارٍ حامية ، تذوب رويداً ...رويدا .
وبشكل مفاجئ أطلقت ضحكة هستيرية وكأنها ضحكت فتاة ليل خرجت من ليلها غانمة !! عادت لتنظر لي وتقول بغنج ودلال
– مد يده تحت قميص النوم ...
يا إلهي أنقذني ..
بدأت تتعرق وتهتز وهي تحاول بين الفينة والأخرى أن تعود من عالمها لتكمل سردها .. تقربت مني أكثر ، أصبح صوت خفقان قلبي يسمع من مسافة بعيدة ، جف حلقي ، وبدأت أنا الأخرى أتعرق " وشتان ما بين تعرقي وتعرقها " !! مدت يدها لتضعها على ساقي ... ياللطامة الكبرى توقفت كل شعرة في جسدي مستنفرة ، تبحث عن مخرج ، قالت بصوت بدأ كقطعة زبد على نار – ثم مد يده صوب الجزء الأعلى من جسدي
هنا لم أعد أحتمل ، خشيت من تمد يدها الأخرى على جسدي فأسقط فريسة بلهاء محمومة ، انتفضت أحاول الوقوف ولكنها بقوة لم أعهدها سابقاً في أنثى أعادتني لمكاني .
كانت ترفع يدها صوب الجزء الأعلى من جسدي عندما حضرت والدتها لأخذها للمنزل ، قالت لها الوالدة وهي ترتجف خوفا عليها :
- كيف خرجتِ من المنزل والباب مقفل ؟؟
- أنت غبية ...حمارة ....يلعن أبوك ِ ، هذا كان جوابها لأمها الخائفة
أخذتها أمها تجرها جراً للمنزل وأنا لملمت شتاتا نفسي ، محاولة أن أستعيد توازني وأطرد ما خلفته تلك البلهاء خلفها من رعب وخوف وأسى عليها .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - ومضة
علي الطيب ( 2010 / 11 / 17 - 10:52 )
وأنت تقرأ للأستاذة رائدة ، لا تملك أن تتوقف ما إن تبدأ
سرد عذب ، سهل ممتنع ، وصف ساحر للحظة ، واستحضار للمشاعر الغائبة بفن.


البلهاء، قصة لفتاة ، هي فقط جسد ينضح أنوثة ، وروح غير حاضرة .
المقارنة بين البلهاء و تلك المنصة لها ، هي العمود الفقري للقصة ، وهي تبحر في المشاعر السوية وغير السوية ، لتسبر ردود الفعل ، ورؤيتنا القاصرة للجنون.

حتى البلهاء بحاجة إلى لمسة حنان
كما أنت ، رائدة ، تكتبين الجمال
تأملات فحسب
وكل عام وأنتم بخير


اخر الافلام

.. الفلسطينيين بيستعملوا المياه خمس مرات ! فيلم حقيقي -إعادة تد


.. تفتح الشباك ترجع 100 سنة لورا?? فيلم قرابين من مشروع رشيد مش




.. 22 فيلم من داخل غزة?? بالفن رشيد مشهراوي وصل الصوت??


.. فيلم كارتون لأطفال غزة معجزة صنعت تحت القصف??




.. فنانة تشكيلية فلسطينية قصفولها المرسم??