الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


مرة أخرى.. عن الشعب الكردي وقضيته

كريم كطافة

2004 / 9 / 17
اخر الاخبار, المقالات والبيانات


لم أقرأ لمؤرخ أدعى يوماً أن أكراد العراق هاجروا إليه من الجزيرة العربية، أو من وادي الأناضول أو من بلاد فارس.. على الرغم من أن العراق تاريخياً كان ممراً لهجرات وغزوات تواصلت ولم تنقطع، كان آخرها الاجتياح العربي.. لكني قرأت لمؤرخين قالوا أن الإسكندر لما وصل جبال الأكراد قد توقف بعد مقاومة عنيفة خاضها السكان الجبليون.. والاسكندر وتأريخه كله يقع خلف الروزنامة الميلادية. لم أسمع قصة أو رواية حتى في ألف ليلة وليلة عن إمبراطور كردي فعل كذا وكذا.. لكني سمعت عن شخص أسمه كاوه الحداد قاد مقاومة شعبه ضد الضحاك وهو ملك فارسي.. لم تخبرني حتى العصفورة عن أسطورة هبوط شعب من كوكب بعيد يعتقد أنه يقع خلف السماوات السبعة واستوطن في ما يدعى كردستان اليوم.. لكن أخبرتني ملامح وجوه شيوخ الأكراد أن تلك الملامح لا تقدها وتنحتها على هذا الشكل غير قساوة تضاريس الجبال التي تناطح السماء.. أنهم في أرضهم قبل أن تطأها أقدامنا، وصمدوا على أرضهم رغم كل الإبادات المتوالية على مر تاريخهم أتمنى أن تكون آخرها إبادة أبو السموم علي كيمياوي..
بعد كل هذا وذاك كيف نسمح لأنفسنا نحن الغزاة الفاتحين أن نشكك بهؤلاء المواطنين الأصليين، ونحاول بكل الحيل والدسائس والوساوس أن نحرمهم حلماً طالما حلموا به على مر الألوف من السنين، أن يحكموا أنفسهم بأنفسهم.. أن يشعروا بانتمائهم إلى أرضهم، أن يطلقوا العنان لغنائهم تردده الوديان والسهول وقمم الجبال.. أن يتباهوا بأنفسهم كأي شعب على هذه الأرض له خصوصية وأرث وأحلام..
رغم كل هذا وذاك هم لم يرفعوا هدف الانفصال عن العراق، بل كل ما قالوه هو الفيدرالية وهذه ستكون لهم مثلما ستكون لغيرهم. ألا نسمع همس ولمز يقال اليوم عن شيء اسمه الأقليم الجنوبي ومثله عن اقليم المثلث والفرات الأوسط وشيء يشبه هذا وذاك عن بغداد الكبرى.. بمعنى أنهم سوف لن يتميزوا كثيراً عن باقي الاقاليم التي سيعاملها القانون كأقاليم فيدرالية. صحيح هم أصروا وألحفوا وواظبوا إصراراً وإلحافاً على تثبيت فقرة في قانون إدارة الدولة العراقية تبيح حق الفيتو لكل ثلاث محافظات متجاورة، ترفض تعديلاً أو حذفاً يضاف على هذا القانون. نعم كانوا يقصدون حماية أنفسهم.. وهو كذلك كما أراه حماية لأحلام وتطلعات الشعب العراقي في النظام العلماني الديمقراطي الفيدرالي المنفتح على تكويناته وعلى الخارج كذلك. لكنهم نسوا أن هذا الفيتو من الممكن أن تستخدمه غداً السيدة رغد صدام حسين مثلاً بعد أن تحشد حولها ثلثي ناخبي المثلث العتيد لتخرج علينا بفيتو ضد قانون محاكمة أبيها وشلته.. ألا يكون هذا وارداً..؟ لِمَ لا.. القانون هو القانون يا سادة وليس جرة قلم من صدام يلعب بها حسب أهواءه.. ما يصلح هنا يصلح هناك كذلك. أقول كان عليهم بدل تلك الفقرة اللعينة البحث عن وسيلة أخرى تضمن لهم وللعراق كله حق عدم السقوط ثانية في فخ الاستبداد والعنجهيات الفارغة إن كانت دينية أو قومية.
هم يعتبرون كركوك قدس الأقداس.. ولا تنازل عن ضمها إلى الأقليم الكردي.. ونحن نعرف كذلك أن نسبة كبيرة من تركيبتها السكانية الحالية جاءت مفتعلة بفعل سياسات التعريب التي طبقتها الحكومة البعثية.. حدث ذلك ليس منذ زمن بعيد بحيث لا نتذكره. كذلك كلنا يتذكر عمليات التهجير القسري لحوالي نصف مليون كردي فيلي من بغداد وباقي المحافظات العراقية ورميهم خارج الحدود بذريعة تبعيتهم الإيرانية المزعومة. طيب إذا كنا نعرف كل هذا لماذا نغمض أعيننا ونغلق آذاننا عن حقوق طبيعية لعوائل هجرت قسراً وهي ما زالت تحن إلى موطنها الأصلي.. لماذا لا نستطيع أن نجد حلاً يرضي كل الأطراف وهي كلها أطراف عراقية. أما قضية ضم مدينة كركوك من عدمه إلى الاقليم الكردي فليس بالمشكلة العويصة إلا إذا كانت هناك نوايا غير وطنية في الأمر، هناك عشرات الاقتراحات أو الحلول التي من الممكن أن ترضي الجميع، بل حتى ممثلي الأكراد أنفسهم مدفوعون بالدافع الوطني العراقي ذاته، اتفقوا على تأجيل أمر بحث قضية كركوك إلى ما بعد استقرار الوضع السياسي العراقي برمته.. إذن لمصلحة من تثار بين الحين والآخر تلك الزوبعة القومجانية من كل الأطراف العربية والتركمانية والكردية في وقت يواجه الشعب الكردي مع العربي والتركماني ذات الأعداء وذات التحديات، ويقاتل في الحرس الوطني والشرطة العراقية الكردي إلى جانب العربي والتركماني والاشوري والكلداني، ناهيك عن الطيف الديني المتنوع.
ليس خطأ أن تناقش على الملأ نقاط الخلاف والتجاذب بين تلاوين الشعب العراقي.. هذا أمر طبيعي، لأنه شعب متنوع الأعراق والأطياف وبالتالي مؤكد حصول التجاذبات، لكن غير الطبيعي هو أن نخلق من كل خلاف قضية مركزية. رغم أني أحسب أن نظرية (القضية المركزية) قد ماتت مع (نظرية المؤامرة) القومية ـ الإسلامية.. هل هذا صحيح..؟؟ أتمنى ذلك.
16/9/2004








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. تسارع وتيرة الترشح للرئاسة في إيران، انتظار لترشح الرئيس الا


.. نبض أوروبا: ما أسباب صعود اليمين المتشدد وما حظوظه في الانتخ




.. سبعة عشر مرشحا لانتخابات الرئاسة في إيران والحسم لمجلس الصيا


.. المغرب.. مظاهرة في مدينة الدار البيضاء دعما لغزة




.. مظاهرات في تل أبيب ومدن أخرى تطالب بالإطاحة بنتنياهو