الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


القاضي هو الجلاد والوسيط هو المنحاز

فاطمه قاسم

2010 / 11 / 18
مواضيع وابحاث سياسية


ربما يكون التقاء الرئيس أبو مازن مع المبعوث الأمريكي ديفيد هل , هو الفرصة الأخيرة , للإطلاع على تفاصيل الموقف الأمريكي من قضية الاستيطان , و من الصيغة أو الاتفاق الذي يجري إنضاجه في الفترة الأخيرة , بخصوص قرار إسرائيلي بتجميد مرة واحدة و لمدة ثلاثة أشهر فقط , مقابل تعهدات أمريكية تفوق الوصف لضمان أمن إسرائيل , و تقديم مغريات كبيرة لها , ليتم استئناف المفاوضات .
على نحو ما يشبه الكرة , كرة النار , كرة الثمن الباهظ , تتدحرج بسبب التعنت الإسرائيلي , و بسبب هلامية الموقف الأمريكي , الهلامية التي تصل إلى حد الانحياز الكبير , و الكرة تتدحرج في الملعب الفلسطيني لتزداد الأمور تعقيدا, و هذه الصفة التي يتفاوض بشأنها الأمريكيون و الإسرائيليون تجعل من فكرة الذهاب إلى مجلس الأمن أو الجمعية العمومية فكرة صعبة سلفا , لأن أمريكا تقول علنا أنها ستستخدم حق الفيتو .
لا نريد أن نفتح الباب لمناقشة حقيقية الموقف الأمريكي , هل هو بسبب الرئيس أوباما الذي يخوض خلال العامين القادمين معركة البقاء , و خاصة بعد ظهور نتائج الانتخابات النصفية ،أم أن الموقف المنحاز لإسرائيل في أمريكا أكبر من الرؤساء الأمريكيين سواء كانوا أقوياء أم ضعفاء ، أم أنه في صراع القوى , فإن ميزان القوى هو الحكم الحاسم , و الفلسطينيون و معهم النظام الإقليمي العربي , يطرحون , مواقف إيجابية و مغرية , مثل مبادرة السلام العربية , و خيار المفاوضات الإستراتيجي , و قبول التعايش مع إسرائيل في دولة فلسطينية صغيرة لا تتجاوز 22% من مساحة فلسطين التاريخية مقابل صلح تاريخي ، و لكن في النهاية , كل هذه المبادرات الإيجابية يمكن تجاهلها من وجهة نظر التطرف الإسرائيلي , ما دام الفلسطينيون ضعفاء بانقسامهم , و ضعفاء بإمكانياتهم و ضعفاء بحلفهم العربي الذي يكاد يكون في كثير من الأحيان عبئ عليهم أكثر من ما هو عون لهم ،و خاصة أن إسرائيل التي ليست في أحسن أحوالها تتجدد لديها الثقة في ذاتها من خلال قراءة الخارطة الحالية لهذه المنطقة المأزومة , و المحقونة بملفاتها السلبية .
القرار الفلسطيني في هذه الحالة الراهنة ليس قرارا سهلا , بل هو في غاية الصعوبة , بل يصل إلى حد المأزق الحقيقي , و أية محاولة من بعض الفرقاء في المنطقة لتبسيط القرار و الخيار , هي نوع من التضليل السطحي و خداع النفس .
النظام الإقليمي العربي الذي تحاول القيادة الفلسطينية أن تكون جزءا عضويا منه , و أن تستفيد من دعمه و ثقله الحقيقي في إدارة هذا الصراع الطويل العميق , هذا النظام الإقليمي العربي عاجز حتى الآن بسبب خلافاته و سلبيات تكوينه الأولى , من التوصل لرؤية موحدة حول عنصر القوة الرئيسي للشعب الفلسطيني و المتمثل بوجوده فوق أرضه , أكثر من خمسة ملاين فلسطيني فوق أرض فلسطين التاريخية , و أن مركز الدعم و الاهتمام عربيا يجب أن يتمحور حول هذه الحقيقة , حول الوجود الفلسطيني نفسه فوق الأرض الفلسطينية , حيث لا يوجد هناك بالأفق و لا حتى بالواقع الموضوعي عند النظام الإقليمي العربي بكل مفرداته مشروع كفاحي حقيقي بعيد المدى و عميق الجذور أهم من الوجود الفلسطيني نفسه فوق الأرض الفلسطينية ، فهؤلاء هم الذين يشكلون موضوع الصراع و أداة الصراع و هدف الصراع , إنهم الحاجز الرئيسي أمام المشروع الصهيوني الذي بعد أكثر من مئة سنة لم يستقر بعد بشكل نهائي .
إسرائيل و حتى قبل إعلانها كانت تعتمد في وجودها في المنطقة على فكرة مفادها أنها هي ستكون زعيمة الطوائف , و لكن و بسبب تطور التاريخ نفسه فإن أفق المشاريع الطائفية في المنطقة التي تعتمد عليها إسرائيل , يتراجع إلى الخلف بشدة بعد أن أيقنت النخب المسيحية و الشيعية و العلوية و الدرزية و غيرها , أنها لا تملك حلولا لاستمرار بقائها من خلال انكفائها الطائفي , و أن اعتمادها الخفي و المتعدد الأشكال على إسرائيل كدولة طائفية , لم يعد مضمونا بعد أن أصبحت إسرائيل تعاني , و تعتمد في وجودها أكثر فأكثر على القوى الدولية الكبرى و على رأسها الولايات المتحدة ,و أن الحل في وجود و بقاء هذه الطوائف هو في بناء الدولة العلمانية , المدنية , الديمقراطية القوية , و ليس دول الطوائف و لا دول التقاسم الطائفي .
مع الأسف الشديد ,إن النظام العربي الإقليمي المختل لا يرى الحقائق بمنظور سياقها التاريخي , و حتى حين يراها في هذا السياق بشكل عارض فإنه يكتشف أنه غير مؤهل حتى الآن بنوايا للاتفاق على إستراتيجيات جديدة ، و لو أستطاع النظام الإقليمي العربي رؤية هذه الحقائق في هذا السياق , فإنه حين إذ لن يترك أكثر من خمسة ملاين فلسطيني فوق الأرض الفلسطينية يعتمدون في بناء تفاصيل حياتهم و مستقبلهم من مانحين أجانب من أمريكيين و أوربيين و غيرهم , و لكان وفر على الهياكل الشرعية الفلسطينية –المنظمة و السلطة – أن تستنزف جهدها في حسابات دقيقة و موجعة أحيانا حين يتعلق الأمر بدعم وجود الشعب الفلسطيني و بناء مؤسساته ، و ما كان ليترك الميدان خاليا أمام قوى إقليمية مثل إيران و غيرها لملأ الفراغ و تقديم الدعم الذي لا غنى عنه لبعض الفصائل الإسلامية .
الوضع صعب و دقيق جدا , و الحسابات ليست عادية , و كل قرار فلسطيني يجب أن ينبع من خيارات و رهانات حقيقية و جذرية , و هذا ما سوف نراه قريبا جدا .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. اجتهاد الألمان في العمل.. حقيقة أم صورة نمطية؟ | يوروماكس


.. كاميرا CNN داخل قاعات مخبّأة منذ فترة طويلة في -القصر الكبير




.. ما معنى الانتقال الطاقي العادل وكيف تختلف فرص الدول العربية


.. إسرائيل .. استمرار سياسة الاغتيالات في لبنان




.. تفاؤل أميركي بـ-زخم جديد- في مفاوضات غزة.. و-حماس- تدرس رد ت